تقرير خاص

لا يكاد معتقل دخل سجون النظام السعودي إلا وقد مر بتجربة “الاختفاء القسري” المريرة، فهي طريقة استقبال السلطات السعودية للعديد منهم، ما يؤكد أنها سياسة “ممنهجة” وليست عارضًا يقوم به بعض الأفراد.

والاختفاء القسري؛ وفقًا لتعريف الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بأنه “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون”.

وثقت منظمة “القسط”، في تقرير لها بداية العام الماضي 2019 خمس حالات من الاختفاء القسري في السعودية. إضافة إلى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان التي تحدثت في أكثر من تقرير عن الإخفاء القسري في السعودية والمخاوف على مصير هؤلاء المخفيين، فيما قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في أحد تقاريرها أن الاحتجاز التعسفي يطاول الآلاف في السعودية.

– تعامل المجتمع الدولي مع الاختفاء القسري في السعودية:

ورغم ضخامة موضوع “الاختفاء القسري” داخل المملكة، إلا أنها لم تأخذ حيزًا كبيرًا مقارنة بحجمها لدى المجتمع الدولي، فالفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي التابع لمجلس حقوق الإنسان لم يرسل للسعودية منذ 2011 حتى اليوم سوى 7 قضايا يسائل فيها السلطات السعودية عن مصير أفراد تعرضوا للإخفاء القسري، كذلك إلى جانب مسائلات حول استخدام قانون مكافحة الإرهاب لتبرير عمليات الإخفاء القسري.

من بين الشكاوى التي أرسلت إلى السعودية، قضايا 17 مواطنا يواجهون عقوبة الإعدام على الرغم من عدة إنتهاكات تعرضوا لها، منها ما يتعلق بتعرضهم للإخفاء القسري.

إضافة إلى ذلك أشارت إحدى الرسائل إلى قضية مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان تعرضوا للإعتقال والإخفاء القسري وهم إيمان النفجان ولجين الهذلول ومحمد البجادي، كما أرسلت إلى الحكومة السعودية شكوى حول المدافع عن حقوق الإنسان خالد العمير.

إضافة إلى ذلك شارك الفريق العامل في شكاوى أرسلت إلى السعودية حول كل من الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وشكوى أخرى حول 5 معتقلين في قضية قتله، إلى جانب شكوى حول الإخفاء القسري للصحفي اليمني مروان علي ناجي المريسي.

إضافة إلى ذلك ظهرت ممارسة السعودية في تقارير الفريق العامل الدورية، كما تبين تجاهل الحكومة للرد على هذه الشكاوى والأسئلة.

ومن بين القضايا التي تعامل معها الفريق العامل قضية الداعية سليمان الدويش، الذي لا زال مصيره مجهولا على الرغم من مرور 3 سنوات على إختفائه. في يوليو 2017 راسل الفريق العامل الحكومة السعودية حول حالة الدويش، غير أن السعودية لاتزال تتجاهل بشكل مثير للريبة، في ظل معلومات تم تداولها في الشبكات الإجتماعية قالت أنه قتل تحت التعذيب، دون ورود نفي أو تأكيد رسمي، بحسب تقرير للمنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان.

كذلك حالات الاختفاء القسري لمواطنين قطريين عقب اندلاع الأزمة الخليجية بين البلدين، فقد قالت اللجنة القَطَرية لحقوق الإنسان، في أغسطس الماضي، في بيان، إنها تلقت “معلومات مؤكدة من مصادر موثوقة بشأن الاختفاء القسري للمواطن القطري، علي ناصر علي جار الله (70 عامًا) وابنه عبد الهادي (17 عامًا) في السعودية”، واللذين دخلا السعودية، بموجب تصريح عائلي، الخميس الماضي”.

وذكرت اللجنة أن جار الله وابنه “اختفيا قسريًا الأحد الماضي، الساعة الواحدة ظهرًا (بالتوقيت المحلي)، في المنطقة الشرقية بالسعودية، حيث تم إلقاء القبض عليهما من قبل السلطات السعودية، وإخفاؤهما بمكان غير معلوم”، بحسب ما أفادت وكالة “الأناضول” للأنباء.

وقالت إن “السلطات السعودية انتهجت في الفترة الأخيرة سياسة الإخفاء القسري لمواطنين قطريين؛ بسبب الأزمة السياسية”، وهو ما “يخالف كافة المواثيق الدولية والإقليمية”.

ولا تزال سلطات المملكة تتعسف مع مواطنيها والعديد من المقمين فيها باستخدام أسلوب الأختفاء القسري من أجل إرهاب المعارضين وذويهم، وسط تخاذل دولي ودعوات حقوقية لمزيد من الضغط على النظام السعودي للكشف عن مصير العديد من المختفين قسريًا.