خاص: أفرد موقع “إير أسيا ريفيو” لمسألة تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني مساحة كبيرة في تقرير نشره حول مدى قرب المملكة من تحقيق التطبيع العلني والسياسي مع الصهاينة، وهل أصبحت هناك مساحات مشتركة بين البلدين تسمح بتلك الخطوة التي قامت بها دول عربية أخرى مؤخرًا.
وفي معرض تقريره استشهد الموقع بما ذكرته صحيفة “جيروزاليم بوست” بأن “بعض المستويات العليا في الكيان الصهيوني توقعت حدوث تطبيع بينه وبين المملكة العربية السعودية بحلول نهاية عام 2021″، مشيرة إلى أن السعودية ستنتظر حتى تعرف نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 3 نوفمبر، لكن التبادلات والزيارات السرية من قبل شخصيات أمريكية وصهيونية وسعودية بارزة خلال الأشهر القليلة الماضية تشير إلى أن التطبيع السعودي الصهيوني بات وشيكًا.
حتى إن هذا التحليل من قبل الموقع العبري دعمه تصريح لمدير الموساد آنذاك، يوسي كوهين، متحدثًا قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مؤكدًا إنه إذا فاز “ترامب” فقد يكون هناك إعلان شبه فوري للتطبيع بين الطرفين، لكن إدارة “بايدن” قد ترغب في ربط التطبيع الصهيوني السعودي بالتقدم في المفاوضات الصهيونية الفلسطينية.
تدخل الملك “سلمان” لكبح جماح ولي عهده:
ذكرت تقارير مسربة رواية حول تدخل الملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز” لكبح جماح ولي عهده في التوجه نحو إعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما أكده تصريحات الملك نفسه حول ربط التقدم في العلاقات مع الكيان الصهيوني بتقدم مفاوضات السلام بين الكيان والفلسطينيين.
وتوالت تصريحات المسؤولين السعوديين حول ذلك الأمر، فبحسب موقع “إير أسيا ريفيو” نفى مسؤولون كبار من المملكة العربية السعودية وقطر على الفور أنهم يفكرون في التطبيع، بينما أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن بلاده لن تقيم علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني حتى يتم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين.
وأضاف الموقع: “تم تعزيز هذا الموقف قبل يوم واحد من توجه إسرائيل إلى صناديق الاقتراع. قال نواف عبيد، المستشار الكبير السابق للحكومة السعودية، في افتتاحية نشرتها صحيفة القدس الفلسطينية، إن المملكة لن تطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وزعم عبيد أنه يستشهد بآراء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (MBS) الحاكم الفعلي للمملكة”.
وتابع الموقع بأنه تم “التأكيد على هذا الموقف السعودي الرسمي مؤخرًا في 3 أغسطس في منتدى آسبن الأمني ، وهو مؤتمر سنوي مقره الولايات المتحدة يناقش فيه قادة العالم أكثر قضايا السياسة الخارجية والأمن إلحاحًا اليوم. كانت مناسبة عام 2021 حدثًا افتراضيًا أقيم في 3 و 4 أغسطس ، وحضره وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. فيما يتعلق بمسألة اتفاقات إبراهيم، كان الأمير فيصل واضحًا لا لبس فيه. وأكد مجددًا موقف المملكة بأن الدولة الفلسطينية هي أفضل طريقة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وقال إن المملكة العربية السعودية ليس لديها أي نية حاليًا للانضمام إلى الاتفاقات.
يبقى الوضع على ما هو عليه مع التطور المستمر:
وهكذا -وفقًا لهذه الرواية- رضخ “ابن سلمان” لرغبة أبيه ليس اقتناعًا ولا حتى احترامًا له، فالواقع يقول بأن “ابن سلمان” هو الحاكم الفعلي للمملكة، ولكن خوفًا من ردة الفعل الشعبية التي هابها الملك “سلمان” ذاته، فالمملكة رغم كل ما فعله “ابن سلمان” لا زالت لديها مكانة فريدة وسط العالم الإسلامي، بسبب وجود الحرمين الشريفين فيها.
ولكن موقع “إير أسيا ريفيو” أكد أنه “على الرغم من هذه الرسالة الصريحة والمتكررة -الخاصة برفض التطبيع بدون اتفاقية سلام مع الفلسطينيين-، يدرك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالتأكيد دور المملكة كعضو رئيسي في مجموعة دول الخليج التي تسعى إلى تحقيق أهداف منسقة للسياسة الخارجية، وأن الاعتبارات التي أدت إلى صفقات التطبيع بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل تنطبق بالتساوي مع المملكة العربية السعودية. ويجب أن يضع في اعتباره أيضًا أن السعودية وإسرائيل قد تعاونتا سراً لسنوات، في الغالب حول القضايا الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وأن احتمالات النمو الهائل في التكنولوجيا الفائقة والتجارة مغرية للغاية”.
وهو ما فعله “ابن سلمان” بالفعل واتجه له فقد كثف من التعاون الأمني، ولنا في فضيحة بيغاسوس الأخيرة خير دليل، حيث استخدمت السعودية خبرات الصهاينة في التجسس على معارضيها وكل من يخالفها، وحتى ضد حلفاؤها خوفًا من انقلابهم.
كما زادت الزيارات بين المثقفين والكتاب السعوديين الذين يرغبون في التطبيع ويدعون له علنًا وقرنائهم من الصهاينة، وكذلك أفرجت السلطات السعودية عن مثقفين كانوا يدعون للتطبيع وتم إلقاء القبض عليهم بسبب تلك الدعوات؛ منهم الكاتب السعودي “عبد الحميد الغبن”.
ويبقى الوضع كما هو عليه حتى إشعار آخر، ولكن الخطوات السرية تمشي قدمًا نحو التطبيع العلني، ولكن بصورة أبطأ عن عهد “ترامب”، ويبقى الرهان على الوعي الشعبي ودوره في حسم الأمر، هل ستطبع المملكة العربية السعودية مع الكيان الصهيوني، أم ستكتفي بما هو موجود؟!