خاص: تدوي سماء الرياض بين فينة وأخرى بأصوات أبواق الإنذار، معلنة قدوم صاروخ حوثي جديد إلى قلب الرياض وسط عجز شديد من أنظمة الدفاع السعودية على التصدي لتلك الصواريخ الباليستية الخفيفة، والتي رغم ذلك ألحقت أضرارا بالغة ليس فقط في الرياض، ولكن في المنشآت النفطية، وأدت إلى توقف إنتاج عملاق النفط السعودي “أرامكو” عدة مرات.
وأمام ذلك التهديد الوجودي للمملكة، سارع ولي العهد “محمد بن سلمان” لإيجاد حلول لتلك الأزمة، ولكن بدلاً من تقوية دفاعات المملكة، ومنح الأولوية لذلك، طلب “ابن سلمان” من جهات خارجية حمايته، وحماية آبار النفط.
بطاريات “باتريوت” الأمريكية:
وكان أول من لجأ لهم “ابن سلمان” لحماية مؤخرته – كعادته – حليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل في سبتمبر/ أيلول 2019، أرسلت الولايات المتحدة بعد الهجوم الحوثي على منشآت أرامكو بطارية صواريخ باتريوت إضافية، وأربعة أنظمة رادار، و200 فرد إلى المملكة العربية السعودية، واصفة هذه الخطوة بأنها مؤقتة مالم تتطور الأمور.
ولكن الولايات المتحدة عادت في سبتمبر/ أيلول 2020، لتسحب أنظمة “باتريوت” الدفاعية من المملكة العربية السعودية، وتقليص قدراتها العسكرية في البلاد، عقب إعلان “ابن سلمان” ما يُعرف بحرب النفط ضد روسيا، والتي تأثرت بها بشدة صناعة النفط في أمريكا.
ورغم تأكيد واشنطن على لسان وزير خارجيتها آنذاك، مايك بومبيو، على أن تلك الخطوة ليست وسيلة “للضغط على المملكة العربية السعودية بشأن قضايا النفط”، مضيفًا: “أود أن أوضح ذلك… بطاريات “باتريوت” هذه كانت منتشرة منذ فترة والقوات يجب أن تعود، وهي بحاجة إلى إعادة انتشار”.
تغير تكتيكي لبريطانيا:
على الفور، انتقل “ابن سلمان” من الولايات المتحدة لبريطانيا، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، نقلت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن وزارة الدفاع هناك تأكيدها وجود قوات بريطانية لحماية حقول النفط في السعودية، مشيرة إلى أن نشر القوات البريطانية في السعودية تم دون إبلاغ البرلمان.
ونقلت الصحيفة عن وزارة الدفاع البريطانية قولها، إن “قواتنا التي تم نشرها بالسعودية تضم وحدة رصد متطورة للطائرات المسيرة”.
وردًا على تلك الخطوة، سعدت المعارضة البريطانية من هجومها ضد الحكومة هناك بسبب الدعم اللامحدود للسعودية رغم سجلها الحقوقي السيء وحريها على اليمن.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن أحزاب المعارضة اتَّهَمَت الحكومة بالافتقار إلى “البوصلة الأخلاقية” والتهرُّب من الخضوع للتدقيق، في حين قال نشطاء إن الأمر جاء في سياق “العلاقة السامة” بين حكومة المملكة المتحدة ونظام الحكم المُطلَق الغني بالنفط في السعودية.
وتقول وزارة الدفاع، إن حقول النفط السعودية “بنية تحتية اقتصادية حيوية”، وإن هناك حاجةً لمدافع من الفوج 16 للمدفعية الملكية، للمساعدة في الدفاع عن الحقول ضد ضربات الطائرات المُسيَّرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية العسكرية، التي انطلقت في فبراير من العام الجاري، تناقضت بشكلٍ لا يُصدَّق مع حظر تصدير المعدَّات العسكرية للمملكة السعودية.
بعد بوادر التطبيع الصهاينة هم الحل الأخير:
ونتيجة لتخوف “ابن سلمان” من سحب بريطانيا لقواتها وبطاريات دفاعها الصاروخي هي الأخرى كما فعلت الولايات المتحدة من قبلها، لجأ “ابن سلمان” لحلفاء اليوم، أعداء الأمس، الكيان الصهيوني، لحمايته من صواريخ الحوثي.
فقد نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية، الأحد، عن مصادر عسكرية صهيونية تأكيدها أن كبار المسؤولين في الدولة العبرية وافقوا وراء الأبواب المغلقة على نشر “القبة الحديدية” في قواعد للجيش الأمريكي في عدد من الدول في الشرق الأوسط وشرق أوروبا والشرق الأقصى.
وقال مسؤولون صهاينة للصحيفة إن الحديث يدور عن “الموافقة التكنيكية على نشر الأمريكيين البطاريات بهدف حماية قواتهم من هجمات محتملة من قبل إيران وحلفائها”.
ورفض المسؤولون الكشف عن الدول الخليجية التي ستنشر فيها “القبة الحديدية”.
وفي الوقت ذاته، لفت المسؤولون إلى تزايد اهتمام السعودية ودول أخرى باقتناء “القبة الحديدية” في مواجهة “الخطر الإيراني” بعد الهجوم على منشآت لشركة “أرامكو” في سبتمبر 2019، لكنهم نفوا أن يأتي نشر المنظومة الصاروخية الصهيونية في الخليج كجزء من “اتفاقات أبراهام” الخاصة بتطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني ودول عربية.
وذكّرت “هآرتس” بتقرير صحفي سعودي أفاد في سبتمبر الماضي بأن المملكة أبرمت اتفاقية على شراء “القبة الحديدية” من الكيان بوساطة واشنطن، ونفت وزارة الدفاع الصهيونية صحة هذا الخبر حينئذ، وهو ما ثبت عكسه الآن.
ويبقى الآن السؤال الصادم: ماذا لو تخلى حلفاء “ابن سلمان” هؤلاء عنه؟! من سيحمي المملكة وأرضها ومواطنيها من صواريخ الحوثي، والتي كان “ابن سلمان” هو السبب في انهمارها على رؤوس السعوديين بسبب سياسته الفاشلة في اليمن؟!
والسؤال الأهم: لماذا لم تبنِ السعودية، رغم حجم الأموال المهول التي خصصته لصفقات أسلحة وهمية، استراتيجية دفاع صاروخية لها، حتى لا تعتمد على الآخرين لحماية أمنها الاستراتيجي؟!
وحتى متى ستبقى التبعية العسكرية للولايات المتحدة، ثم بريطانيا، والآن إلى الكيان الصهيوني؟! كلها أسئلة لا يملك إجابتها سوى “ابن سلمان” نفسه، إن كان حقًا يعرف إجابة لتلك التساؤلات، والتي لن تؤدي إجابتها الحقيقة سوى لنتيجة واحدة، مزيد من الانبطاح والتبعية للآخرين على حساب اقتصاد المملكة الذي ينزف بسبب تصرفات “ابن سلمان” الطائشة!