خاص: بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي تحتفل به الأمم المتحدة في الـ25 من نوفمبر من كل عام، تبرز قضية العنف ضد المرأة في المملكة العربية السعودية، بين ما طرحه وبي العهد “محمد بن سلمان” في رؤيته الوهمية، رؤية 2030، والواقع المعاش في المجتمع وداخل السجون.

 

رؤية 2030.. والمرأة السعودية:

بحسب ما هو مكتوب في الرؤية التي طرحها “ابن سلمان”، فإنه انطلاقًا من رؤية المملكة 2030 وبرامجها حظي ملف المرأة باهتمام كبير من حكومة المملكة العربية السعودية، وذلك بتخصيص أحد أهداف الرؤية لضمان زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتشجيع التطور الوظيفي للمرأة، وتطوير التشريعات التنظيمية التي تدعم عمل المرأة في سوق العمل.

كما ذكرت وثيقة برنامج التحول الوطني من ضمن أبرز التحديات “محدودية الوعي بدور المرأة الإيجابي في سوق العمل ومساهمتها في التنمية الاقتصادية وزيادة الناتج المحلي”، و”محدودية برامج التدريب والتطوير لرفع كفاءة المرأة”، و”ضعف تمثيل المرأة في المناصب القيادية”.

لذا نص البرنامج على “زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل”، وقياس ذلك بمؤشرات أحدها “رفع معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات من 17% إلى 25%” بحلول عام 2020، كما وضع البرنامج مستهدفات، منها: “زيادة حصة المرأة في المناصب الإدارية”، و”تعزيز ثقافة العمل وتطوير المهارات (شخصية وفنية) لدى النساء”، و”تطوير ممكِّنات الدعم لعمل المرأة”.

وقدم البرنامج قائمة من المبادرات لرفع جاذبية سوق العمل، كرفع الوعي بأهمية مشاركة المرأة في سوق العمل، وتشجيع العمل المرن، والعمل عن بعد، والتوطين النسائي، وتوفير خدمات رعاية الأطفال للنساء العاملات، والتدريب والتوجيه القيادي للكوادر النسائية، ودعم وتسهيل نقل المرأة، والتدريب الموازي لمتطلبات سوق العمل، وتحسين آليات التوظيف، وتمكين المرأة في الخدمة المدنية، وتعزيز دورها القيادي.

 

– واقع المرأة مجتمعيًا:

يعد العنف ضد المرأة في المملكة العربية السعودية داءً بلا دواء فعلي في الحياة العامة أو الخاصة بفعل انتهاكات النظام السعودي، وسكوته عن العنف ضد المرأة.

فعلى الرغم من انعدام الشفافية في التعاطي مع أرقام النساء المعنفات، فإن المعطيات تشير إلى أن العنف متفشٍّ وهو أحد أوجه معاناة شرائح واسعة من النساء في السعودية.

وبحسب تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة، في إعلانها الصادر في 1993 للقضاء على العنف ضد المرأة، فإنه يعرف بأنه “أي فعل عنيف تدفع اليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.

تمارس السعودية بشكل رسمي أنواع مختلفة من العنف ضد النساء على صعيد الحياة العامة، رغم الوعود التي أطلقت وخاصة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان فيما يتعلق بحقوق النساء وتمكينهن.

كما لا زالت الحكومة السعودية قاصرة عن حمايتهن على صعيد الحياة الخاصة على الرغم من القوانين التي قالت الحكومة أنها ستعمل على ذلك.

انعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية مع القضايا الحقوقية، إلى جانب تغييب أي دور للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مع اعتقال وتهديد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، يصعّب الوصول إلى أرقام رسمية للنساء اللواتي تعرضن ويتعرضن للعنف.

هناك الكثير من العوائق التي تمنع النساء في السعودية من التحدث عن العنف الأسري الذي تتعرضن له، فإلى جانب انعدام الثقة بالأجهزة الرسمية المنوط بها حمايتهن، وعدم نجاح القوانين في تحقيق ذلك أيضا، فإن العادات والتقاليد والمخاوف المجتمعية تمنع النساء في الكثير من الحالات من التبليغ.

يمنع ذلك الوصول إلى الأرقام الواقعية فيما يتعلق بالعنف ضد النساء، إلا أنه وبحسب الأرقام الرسمية التي صرح عنها المتحدث باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عام 2019، تقدمت 13 ألف امرأة بشكوى تعنف.

إلى جانب الآثار النفسية والجسدية للعنف على النساء وعلى المجتمع، فإن له تأثيرات مباشرة كبيرة، ففي بعض القضايا التي تمكنت المنظمة الأوروبية السعودية من تتبعها، أدى العنف إلى وفاة الضحية، وهذه آثار لا يمكن تعويضها.

إضافة إلى ذلك، فإن انعدام الثقة في القوانين، إلى جانب العادات والتقاليد المحلية التي تزيد المخاوف وتمنع بعض الضحايا من التحرك، دفع العديد من الفتيات إلى الهروب من البلاد بشكل نهائي بما في ذلك ما له من تأثير.

 

– عنف رسمي ضد الناشطات:

والناشطات هن نساء حقوقيات اشتهرن بالدفاع عن حق المرأة السعودية والحريات، واتخذن من وسائل التواصل الاجتماعي منصة للتذكير بوضعية المرأة ويطالبن بتحسينها.

من ناحيتها، اعتبرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” كون”حملة الإصلاح” التي أعلنتها السعودية، ومنحت عبرها حقوقا جديدة لمواطناتها، لا تعفيها من ضرورة الإفراج عن نسوة كن مدافعات بشكل سلمي عن هذه الحقوق، مؤكدة أنه “لا يمكن اعتبار ‘حملة الإصلاح’ في المملكة العربية السعودية ذات مصداقية طالما أن هؤلاء النسوة وغيرهن من الناشطات السلميات ما زلن مستهدفات بسبب عملهن”.

وقد تم منذ الخامس عشر من ماي/أيار 2018، اعتقال الناشطات السعوديات اللواتي لا تزال 13 منهن يحاكمن على نشاطهن الحقوقي، وخمسة منهن لا زلن رهن الاحتجاز، هن:لجين الهذلول، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، ونوف عبد العزيز، ومياء الزهراني.

وبينما تم الإفراج مؤقتًا عن الناشطات الثماني الأخريات، إلا أنهن ما زلن عرضة لخطر الحكم عليهم بالسجن بموجب تشريع مكافحة جرائم الإنترنت. كما تعرضت منهن 10 ناشطات على الأقل لمجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان أثناء وجودهن في السجن، بما في ذلك “التعذيب والاعتداء الجنسي”، حسب منظمة أمنستي.

كذلك ما ذكرته صحيفة الإندبندنت وتقرير لمايا أوبنهايم، مراسلة شؤون المرأة بعنوان “ناشطات وسجينات سياسيات تعرضن للاعتداء الجنسي والتعذيب والإعدام في سجون السعودية”.

وتقول الكاتبة إن تقريرا لجماعة حقوقية أشار إلى أن ناشطات حقوق المرأة والسجناء السياسيين تعرضوا للاعتداء الجنسي والتعذيب ولقوا حتفهم في سجون المملكة العربية السعودية.

ويقول التقرير، الذي تم مشاركته حصريا مع الإندبندنت، أن 309 من السجناء السياسيين عانوا من انتهاكات حقوق الإنسان منذ أن أصبح الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد في المملكة في عام 2017.

وقالت مؤسسة غرانت ليبرتي الخيرية لحقوق الإنسان التي أعدت التقرير إن بعض السجناء واجهوا الموت بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا في سن التاسعة.

 

ورغم كل الوعود والإصلاحات فإنها تبقى كلمات في الهواء، أو حبرًا على ورق، طالما أن النظام السعودي استباح أعراض وحريات الناشطات فقط لأنهن كن يردن الأفضل للمرأة السعودية والحريات في المملكة، والحل لتمكين المرأة فعليًا في السعودية يكون بوقف العنف ضدها، والعمل على إطلاق سراح الناشطات المعتقلات.