خاص: تناقلت العديد من المصادر الحقوقية السعودية أنباء حول نية سلطات المملكة تنفيذ حملة إعدام ضد معتقلي رأي من القاصرين المهددين بالإعدام رغم أن قوانين المملكة تمنع إعدام القاصرين إلا في حالات معينة، ومع تواتر تلك الأنباء، أصبح هناك حالة من اليقين بأن النظام السعودي مستمر في سياسته القائمة على قمع كافة الأصوات المعارضة من خلال الإعدامات والاعتقال التعسفي لكل من يخالفه.

وكانت المنظمة الأوربية – السعودية لحقوق الإنسان قد قالت في تغريدة لها عبر حسابها الموثق بـ”تويتر” إنه ورد إليها معلوماتٌ عن أن السعودية تعدّ لقتل بعض القاصرين المهددين بالإعدام، متهمًا رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، هلا التويجري، ووزارة العدل السعودية كذلك، ورئاسة أمن الدولة، بالتستر على تلك الجريمة الحقوقية.

 

– أمر ملكي لم ينفذ!

جاء إعلان هيئة حقوق الإنسان السعودية، في أبريل 2020، عن صدور أمر ملكي يقضي بإلغاء إعدام القصّر، كبادرة أمل لهؤلاء المظلومين المهددين بالإعدام بسبب اتهامات سياسية، حيث رحّبت الهيئة بقرار المحكمة العليا المتضمن إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير، وذلك بتوجيه المحاكم بالاكتفاء بعقوبتي السجن أو الغرامة أو بهما معاً أو بأي عقوبة بديلة.

وقالت الهيئة في بيان لها: إن الأمر الملكي القاضي بإيقاف تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة بعقوبة القتل (الإعدام) تعزيراً على الأحداث، يشمل جميع الأشخاص الذين لم يتموا سن (الثامنة عشرة) وقت ارتكابهم الجريمة، بمن فيهم المحكوم عليهم بالقتل (الإعدام) في الجرائم الإرهابية.

ووفقاً للأمر الملكي، فإن نظام الأحداث الصادر في العام 2018، يُطبّق على الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية بالقتل (الإعدام) قبل صدوره، وقد تضمن النظام أنه: إذا كان الحدث ما بين الـ15 والـ18 من العمر، ارتكب جريمة يعاقب عليها بالقتل، فيكتفى بإيداعه في دار مخصصة للأحداث مدة لا تتجاوز عشر سنوات.

وأشارت الهيئة إلى أن الأمر الملكي نظّم جميع المسائل الإجرائية المتعلقة باستبدال عقوبة القتل على الأحداث بعقوبة الإيداع في الدور المخصصة لذلك، بمن في ذلك الأحداث المحكوم عليهم بعقوبة الإيداع لمدةٍ تتجاوز عشر سنوات، مؤكدة أنه ليس من بين تلك الإجراءات ما يمثل استثناءً من تطبيق هذا الأمر.

 

– حبر على ورق:

ذكرت ندوة إلكترونية عن عدم صحة مزاعم السعودية بشأن إلغاء الإعدام للقاصرين داخل سجونها، وأن الواقع حتى الآن يقول عكس هذا، وأنه لا يزال قاصرون معرضين لخطر الإعدام في المملكة وسط صمت للنظام هناك.

والندوة نظمتها المنظمة السعودية – الأوربية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع “ريبريف”، تحت عنوان “عقوبة الإعدام في السعودية”.

من جانبها، وجهت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد، اتهامات للنظام السعودي بتنفيذ عقوبة الإعدام من دون الالتفات إلى القوانين الدولية والمحاذير المفروضة على الدول المتمسكة بتطبيق هذه العقوبة الجرمية.

وأشارت “كالامارد” إلى أن المملكة تنفذ الإعدام على اتهامات ليست من الأشد خطورة والتي لا تستدعي هذه العقوبة، كالاتهامات المتعلقة بالمخدرات.

وبشأن إعدام القاصرين، أكدت “كالامارد” أن السلطات السعودية لا زالت تهدد المعتقلين القاصرين على الرغم من الوعود الأخيرة التي أطلقتها، وهي وعود شكلت خطوة صغيرة بعيدة كل البعد عن القانون.

بينما ذكر المستشار القانوني في المنظمة “الأوروبية – السعودية لحقوق الإنسان”، المحامي طه الحاجي، أن جميع الوعود التي أطلقتها السلطات السعودية حول حماية كافة القاصرين من الإعدام لم تطرق إلى الأطفال الذين يواجهون الإعدام بقضايا قصاص وحدود.

وأضاف “الحاجي” أن الرياض “تتوسع في استخدام عقوبة الإعدام، وأن عهد الملك سلمان وابنه شهد 800 حالة إعدام، وإعدامات جماعية لم تشهدها السنوات السابقة”.

وشدد على أن السلطة السعودية “تستخدم أفهام متطرفة للشريعة، خاصة ضد معتقلي الرأي، كما أنها تستخدم العقوبات التعزيرية التي يعود فيها الحكم لتقدير القاضي بشكل تعسفي”.

في حين تناول الباحث الأكاديمي، عبد الله العودة، قضية والده على خلفية تغريدات، وأكد أنه لا مبرر لتهديده بعقوبة الإعدام التي يواجها.

وأشار “العودة” إلى أن السلطات السعودية لم تغير طلب الاعدام بحق والده رغم كل الوعود التي سوقت لها.

كما تحدثت خلال الندوة، المديرة التنفيذية في منظمة “ريبريف”، مايا فاو، واتهمت الرياض أنها ضمن أكثر الدول تنفيذا لعقوبة الإعدام في العالم، وأنها تعدم من يواجه تهمًا بسبب التعبير عن الرأي، أو المشاركة في التعبير عن الرأي في تظاهرات سلمية، مستنكرة إطلاق الوعود من دون تنفيذها، خاصة ما يتعلق بقضية القاصرين.

 

– مطالبات أممية بوقف الإعدام بالمملكة:

وكان خبراء أمميون طالبوا السلطات السعودية بفرض حظر رسمي على جميع عمليات الإعدام؛ بهدف إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل، وتخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم المخدرات إلى السجن، بما يتفق مع أحكام حقوق الإنسان الدولية.

جاءت تلك المطالبات الأممية تعقيبًا على احتمالية تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضد مواطن أردني يُدعى حسن أبو الخير (57 عامًا)، بسبب جرائم مخدرات لا تفي بعتبة “الجرائم الأكثر خطورة”، على حد قول الخبراء.

وقال الخبراء أنه “بموجب القانون الدولي، فإن الدول التي لم تلغ عقوبة الإعدام بعد قد تفرضها فقط على أخطر الجرائم التي تنطوي على القتل العمد، وأن الجرائم المتعلقة بالمخدرات لا تلبي هذا الحد”.

كما أشار الخبراء إلى أنه في حالة إذا ما تم تنفيذ إعدام “أبو الخير”، فسيكون الشخص الحادي والعشرين الذي يتم إعدامه في المملكة العربية السعودية منذ بداية نوفمبر.

وأضاف الخبراء أنه أثناء احتجازه قبل المحاكمة، ورد أن “أبو الخير” تعرض للتعذيب، واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي، واختفى قسرًا، وأُجبر في نهاية المطاف على التوقيع على اعتراف كاذب، كما زُعم أنه حُرم بعد توقيفه من الحصول على المشورة القانونية ومن الوصول إلى المعلومات القنصلية، قائلين إن “استخدام الأدلة والاعترافات المنتزعة تحت التعذيب لإدانة الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام لا ينتهك حظر التعذيب فحسب، بل يتعارض أيضًا مع الحق في محاكمة عادلة بموجب القانون الدولي”.

وأبدى الخبراء قلقهم من أن عمليات الإعدام بالسعودية تحدث دون سابق إنذار، ولا يتم تأكيدها إلا بعد حدوثها، مضيفين أن “عدم تزويد الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام في الوقت المناسب بإخطار بتاريخ إعدامهم يشكل شكلاً من أشكال المعاملة السيئة”.

وجدد الخبراء دعوتهم إلى الحكومة السعودية للنظر في فرض حظر رسمي على جميع عمليات الإعدام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل وتخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم المخدرات إلى السجن بما يتفق مع أحكام حقوق الإنسان الدولية.

 

– ضغط حقوقي لوقف الإعدامات:

وجهت 35 منظمة حقوقية غير حكومية تحذيرًا شديد اللهجة من أن عشرات السجناء معرضين لخطر الإعدام الوشيك في السعودية، داعية جهات أممية إلى إدانة إعدامات المخدرات في المملكة والسعي لوقفها.

ودعت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للحد من الأضرار، إلى جانب 33 منظمة غير حكومية أخرى، كل من الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى العمل على إجراءات عاجلة ردا على سلسلة عمليات الإعدام المتعلقة بتهم مخدرات والتي نفذتها المملكة العربية السعودية منذ 10 نوفمبر 2022.

وطالبت المنظمات الجهتين إلى السعي للحصول على تأكيد من قبل الحكومة السعودية وضع عشرات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والمعرضون إلى خطر الإعدام الوشيك، ومطالبة الحكومة السعودية بالوقف الفوري لجميع عمليات الإعدام المتعلقة بالمخدرات.

الرسالة أوضحت أنه منذ يناير 2020، أوقفت السعودية عمليات الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات، وفي يناير 2021، أعلن رئيس هيئة حقوق الإنسان عواد العواد، أن تعليق هذه الأحكام يهدف إلى إعطاء فرصة ثانية للأفراد الذين لا يواجهون تهما عنيفة.

ولكن، في 10 نوفمبر 2022، استأنفت السعودية فجأة ودون سابق إنذار تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم تتعلق بالمخدرات، وحتى 24 نوفمبر أعلنت عن 20 إعدامًا في جرائم مخدرات. ووفق بيانات وزارة الداخلية السعودية، جميع الضحايا هم من الرجال ووزعوا على الجنسيات التالية: 8 سعوديين، 5 سوريين، 3 باكستانيين، 2 نيجيريين، 2 أردنيين.

وأكدت الرسالة أن تعامل الحكومة السعودية مع عقوبة الإعدام يكتنفه السرية حيث لا تنشر عدد الأفراد الذين يواجهون العقوبة أو أسمائهم أو وضعهم القانوني.

على الرغم من هذا، تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان يؤكد أن عشرات المعتقلين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في جرائم مخدرات، وخاصة من الرعاية الأجانب (بما في ذلك العمال المهاجرون) والأفراد من الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة.

وأوضحت المنظمات أن استئناف الإعدامات، يجعل العشرات معرضين لخطر الإعدام الوشيك، من بينهم المواطن الأردني حسين أبو الخير الذي اعتقل تعسفيا وحكم عليه بالإعدام ومن الممكن أن يتم إعدامه في أي لحظة من دون إنذار مسبق.

وكان الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة قد أكد ألا أساس قانوني لاعتقال أبو الخير ودعا إلى الإفراج الفوري عنه.