خاص: “تمكين المرأة” كلمة طالما ترددت على ألسنة الكثير من المسؤولين في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد “ابن سلمان”، الذي دومًا ما تغنى بما تم في هذا المجال في سنوات ولاية عهده، والتي بدأت بما يعرف برؤية 2030، والتي حظي محور “تمكين المرأة” فيه بالأهمية القصوى، وكأن “ابن سلمان” يحاول من خلال هذا المحور الترويج لنفسه في المحافل الغربية في صورة الحاكم المستنير الذي جاء ليخرج المرأة السعودية من غياهب كهوف الوهابية إلى التحضر والتمدن الغربي.

ولكن بقيت تلك الكلمات في رؤية 2030 مجرد حبر على ورق، مثل مثيلاتها في كل المجالات، فالواقع حمل للمرأة السعودية العديد من المعوقات التي لم تسمح لها بالتفاعل مع التطور التشريعي الذي حظيت به التشريعات الخاصة بالمرأة في المملكة.

فرغم ثورة التشريعات التي حظيت بها قوانين المرأة في المملكة، بدءًا من السماح لها بقيادة السيارات، مرورًا بتقييد حق الولاية عليها، ثم الحضانة وقوانينها، إلا أن الواقع يقول بأن التمكين الذي يروج له غير موجود على أرض الواقع.

 

– العنف والتمييز ضد المرأة السعودية:

أقرت السلطات السعودية عشرات القوانين والإجراءات الحكومية منذ إطلاق رؤية 2030؛ برعاية ولي العهد محمد بن سلمان، ورغم هذه القوانين والإجراءات الحكومية إلا أن السلطات السعودية لم تسمح بترخيص مؤسسات مدنية ونسائية في المملكة للدفاع عن حقوق المرأة السعودية.

ويتفق العديد من الحقوقيون في كون تلك السلسلة من القوانين والإجراءات الحكومية ذات طابع إعلامي “بروباجندا” دون إصلاحات حقوقية واقعية تمس المرأة السعودية التي عاشت ولا تزال عقود طويلة من الاضطهاد.

ويبرهن على ذلك؛ التساهل الحكومي وتغافل الجهات الأمنية مع شكاوى المرأة في المملكة، فالعديد من المنظمات الحقوقية رصدت أن المرأة السعودية تعاني من سلسلة انتهاكات حكومية واجتماعية، من أبرزها؛ انعدام وسائل الحماية والأمان من العنف المجتمعي والأسري، وكذلك إعاقة السلطات للمبادرات المجتمعية لمعالجة قضايا العنف الأسري.

وإلى جانب ذلك زيادة الانتهاكات من قبل النظام السعودي ضد النساء ومؤسسات المجتمع المدني في المملكة، حتى أن كل ذلك دفع المرأة السعودية إلى الهروب بحثًا عن الأمان في الخارج.

وتشير تقديرات “برنامج الأمان الأسري الوطني” السعودي أن 35% من النساء السعوديات تعرضن للعنف، بل أنه يلقى القبض على النساء اللواتي يحاولن الفرار من الزوج أو العائلة المسيئة وتتم إعادتهن إلى عائلاتهن.

 

ومن الأسباب أيضًا: التمييز في التوظيف بين الجنسين، والتمييز في الرعاية الصحية، وعدم المساواة في الطلاق، وحضانة الأطفال، والميراث، والقيود على ترك السجن والملاجئ.

ومن وجهة نظر حزب التجمع الوطني السعودي المعارض بالخارج، فإن التساهل الحكومي مع قضايا العنف ضد النساء في السعودية يفاقم الظاهرة ما يجعل السلطات مسئولة عن تعنيف النساء.

وأعرب الحزب عن استنكاره للظلم الواقع على النساء في السعودية وتساهل القوانين والجهات الأمنية بل وتجاهلها لقضايا العنف الممنهج ضد النساء.

وأبرز حزب التجمع الوطني انعدام وسائل الحماية والأمان المكافحة للعنف المجتمعي والأسري، وإعاقة السلطات للمبادرات المجتمعية لمعالجة قضايا العنف الأسري، وزيادة الانتهاكات تجاه النساء من قبل السلطة.

وجاء في بيان الحزب المعارض “ينشأ العنف ضد النساء من ممارسات التهميش والإضعاف والتمييز ضدهن، مما يجعلهن عرضة للعنف في المنزل والمجتمع والدولة”. وذلك تحت ثقافة أبوية تعطي الرجال الوصاية على النساء تحت مبررات حماية شرف الأسرة أو التأديب كمبرر للعنف.

وكذلك تحت قانون يتسامح مع هذه الثقافة أو يتجاهل كافة ممارسات العنف ضد النساء وأشكاله، وتحت سلطة تقمع أصوات النساء واجتماعهن وحراكهن لتغيير هذا الواقع.

وأكد الحزب أن ما يغذي العنف هو تقاعس السلطات عن سن وتفعيل الأنظمة والقوانين وتهيئة الموارد والآليات لتوفير الحماية اللازمة للنساء

وانتقد حزب التجمع عدم فرض أنظمة صارمة تردع المعتدين كأنظمة عدم اقتراب المعتدين من الضحايا أو توفير الملاجئ الفورية الآمنة والملائمة لكل الضحايا والأطفال من أي جنسية أو خلفية بلا تمييز، مع إمكانية حماية هوية المبلغين أو الضحايا.

ودعا الحزب السعوديين بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم الاجتماعية إلى نبذ العنف وجرائم القتل ضد النساء والتوقف عن تبرير مثل هذه الانتهاكات والجرائم او اعتبارها شأنا أسريًا.

كما دعاهم إلى الوقوف مع الضحايا ودعمهن، واعتبار المرأة مواطنة متساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات.

 

– اعتقالات وتعذيب وتحرش:

في 2018، امتد قمع السلطات السعودية إلى المدافعات والمدافعين البارزين عن حقوق المرأة في البلاد ممن دعوا إلى إنهاء نظام ولاية الرجل، وإجراء إصلاحات جوهرية تمنح تمكين المرأة وضع واقعي داخل المملكة.

ففي 15 مايو/أيار 2018، قبل أسابيع من رفع السلطات السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء في 24 يونيو/حزيران، بدأت السلطات باعتقال ناشطات حقوق المرأة البارزات، ووجهت السلطات السعودية للعديد منهن جرائم خطيرة، مثل؛ الخيانة، التي يبدو أنها مرتبطة مباشرة بنشاطهن وتعاونهن مع المنظمات الأممية والدولية.

فعشرات المعتقلات التي يصل عددهن لنحو 60 معتقلة، زُج بهن في السجون بسبب تعبيرهن عن الرأي أو نشاطهن الإصلاحي، وهو ما يفنّد مزاعم الحكومة في دعم المرأة وتمكينها.

وتعاني المعتقلات من التعذيب النفسي والجسدي والإخفاء القسري، فضلا عن الحرمان والانتهاكات المتعددة من قبل السجانين وأصحاب القرار في الدولة.

وتستخدم السلطات السعودية التضليل الإعلامي لغرض شرعنة قمع الناشطات والمعارضات والمعبرات عن الرأي، من خلال التشهير والتهم الكيدية ضدهن.

وتسعى السلطات لشرعنة جرائم القمع، لاسيما ضد النساء، عبر التضليل الإعلامي المزيف والاتهامات الكيدية والتشهير بهن بغير وجه حق.

ومن بين أبرز معتقلات الرأي الذين تعرضن للتشهير والاتهامات الكيدية من تخوين وغيرها، لجين الهذلول وعزيزة اليوسف وسمر بدوي وغيرهن.

ولا يزال نحو 60 ناشطة تعاني من الاحتجاز التعسفي في السجون الحكومية، في ظل الانتهاكات المتواصلة التي يتورط بها السجانين بحقهن، بعيدا عن الإعلام، وبتواطؤ صريح من قبل رجال الدولة.

وتزعّم السلطات السعودية أنها تمنح الحرية للمفرج عنهم، إلا أنها تجبر معظم المفرج عنهم، بما فيهم الناشطات؛ على التوقيع على جملة من الشروط الواجب اتباعها.

ويتعرض كثير من الناشطات المعتقلات لما يعرف بـ “الإفراج المشروط”، حيث تفرض السلطات جملة من القيود وتجبر المفرج عنها بالتوقيع عليها، وفي حال عدم الالتزام بها فإنها تتعرض للاحتجاز التعسفي مجددا. ومن بين أبرز المعتقلات الذين واجهن الإفراج المشروط، لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، وعبير نمنكاني، وشدن العنزي، وشيخة العرف، وعائشة المرزوق، وغيرهن الكثير.