تقرير خاص

جاء رالي داكار المقام على أرض السعودية لأول مرة في تاريخ الرالي، محاولة جديدة من النظام السعودي لتحسين صورته المتأزمة والقبيحة لدى المجتمع الدولي، فبعد مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” والتعامل الوقح مع حرية التعبير بالمملكة، والتعامل اللا إنساني مع معتقلي الرأي والناشطات المعتقلات، أزم ذلك من الوضع السعودي الداخلي لدى المجتمع الدولي.

فالكثير من دول العالم تنظر للسعودية على أنها مملكة “ابن سلمان” والتي تدار بعقليته، من خلال أذرعه ورجاله، ما قلل من شأن المملكة عالميًا، فبعد أن كانت راعية للإسلام ولو ظاهريًا، أصبحت محاربة لكثير من الحركات الإسلامية ذات الشأن العالمي، وتخلت عن دعمها لقضايا الإسلام ومن أهمها القضية الفلسطينية، بدعم “ابن سلمان” المباشر لصفقة القرن.

ويمكن إجمال العوامل التي أضعفت صورة السعودية عالميًا فيما يلي:

1- حرب اليمن:

لاشك أن صورة المملكة عالميًا اهتزت أكثر من بعد تولية “ابن سلمان”، حيث حرب اليمن التي اشتعلت على يديه وبمباركته وتخطيطه، والتي كان لها العامل الأسوأ على صورة المملكة باعتبارها دولة غاشمة تقتل المدنيين من أجل تنفيذ  طموح زعيمها الملهم!

وحرب اليمن ساهمت في إضعاف القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية للمملكة، فعلى المستوى الاقتصادي تأثر الوضع العالمي للمملكة من الناحية الاقتصادية، حيث أحجم الكثير من المستثمرين عن الاستثمار في المملكة، كما فشلت العديد من الشراكات بين المملكة وشركات كبرى، بسبب تخوفها من نظرة المجتمع الدولي لها بشراكتها مع دولة لا تراعي حقوق الإنسان أو تسببت في أسوء أزمة إنسانية على المستوى العالمي.

ومن الناحية السياسية ثبت للعالم أن رؤية “ابن سلمان” للمنطقة ومستقبلها، تنبأ بعدم مسئولية وتهور ورعونة في التعامل مع الأزمات، وعسكريًا ثبت ضعف المنظومة العسكرية السعودية النظامية في التعامل مع حروب الميليشيات، وكذلك ضعف المنظومة الدفاعية الصاروخية السعودية في التعامل مع أزمة صواريخ الحوثي البالستية.

2- حرية التعبير وحقوق الإنسان بالمملكة:

فكما ذكرنا كان مقتل “خاشقجي”، والتعامل اللا إنساني مع الناشطات والناشطين، حتى وصل الأمر لاعتقال حتى كل من ينتقد هيئة الترفيه! كل ذلك قلل من نظرة العالم للمملكة كدولة تعتمد معايير حقوق الإنسان السياسية وتحترمها، لهذا قامت الكثير من المنظمات الدولية بقطع صلاتها بالنظام السعودي وأذرعتها الإعلامية والثقافية حتى لا تتعرض لنقد من منظمات المجتمع المدني بدولها.

من أمثلة ذلك إلغاء مكتبة نيويورك العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، في سبتمبر 2019، فعالية كانت ترعاها مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية، المعروفة باسم “مسك”، التي يترأسها ولي العهد السعودي.

وقالت المكتبة، في بيان، نقلته منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية: “لن نستضيف ذلك الحدث بسبب المخاوف العامة”.

وأرجعت المكتبة قرارها، الذي اتخذته إلى المخاوف العامة النابعة من قلق منظمات حقوق الإنسان، التي انتقدت استضافة المكتبة للفعالية، بالتزامن مع الذكرى الأولى لمقتل الصحافي جمال خاشقجي.

3- رؤية المملكة (2030 أنموذجًا):

فلاشك أن الرؤية التي تتبناها أي دولة لتحديد مستقبلها تشكل طبيعة تعامل العالم معها، وفي السعودية وبعد تولية “ابن سلمان”، خرج علينا الفتى برؤيته لمستقبل المملكة؛ تحت مسمى “السعودية 2030″، وهو الشكل الذي يأمل “ابن سلمان” في أن تكون عليه المملكة في عام 2030.

ورؤية 2030 على الورق واعدة تأمل في تطوير المملكة وتقليل اعتمادها على الاقتصاد الريعي “النفطي منه بالتحديد”، والاعتماد على الطاقة المتجددة، وتمكين المرأة السعودية، ودعم حرية التعبير بالمملكة.

ولكن على أرض الواقع اصطدمت الرؤية بالتعامل الساذج مع المشكلات سواء الداخلية منها أو الخارجية، فلم تجد رؤية 2030 تطبيق لها سوى في مجالات الترفيه وإنشاء المنتجعات والفنادق، وإلغاء قانون الولاية، وبعض الإصلاحات الوهمية التي لا تأثير لها على المواطن السعودي.

وأضعف كل ذلك رؤية العالم للمملكة باعتبارها شريك سياسي أو اقتصادي، وقلل من اعتماد العالم على السعودية بسبب عدم وضوح سياستها وتذبذبها في التعامل مع أزمات المنطقة.