خاص: الطموحات النووية للسعودية ليست وليدة اللحظة، وإنما يعود تاريخها إلى وقت الكشف عن البرنامج النووي الإيراني، إلا أن هذه الطموحات تسارعت بسبب الدوافع المختلفة، ولكن يبدو أنَّ مستقبل البرنامج مرهون بمدى قدرة السعودية على التعامل مع هذه التحديات.

وحاولت المملكة بكل الطرق الممكنة السعي نحو امتلاك سلاح نووي رادع خوفًا من التقلبات الجيوسياسية في المنطقة، خصوصًا وبعد إعلان إيران رسميًا نيتها انتاج سلاح نووي وسعيها الحثيث نحو ذلك، وعدم جدية العالم في التعامل مع تلك الرغبة الإيرانية في امتلاك الطاقة النووية.

واستعانت المملكة بعدد من الخبراء والخبرات الدولية في هذا المضمار، وهنا سنورد بعد التفاصيل حول تلك المحاولات التي لم تسفر عن أي نجاح يذكر حتى الآن، إما لخوف حكام المملكة من ردة الفعل الغربية عن الاستعانة بدول محظور التعامل معها مثل العراق – أيام صدام – وكوريا الشمالية، أو لعدم جديدة القائمين على تلك التعاونات في إنجاز الأمر.

 

– التعاون مع الولايات المتحدة:

في عام 2008م، وقعت المملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لبناء برنامج نووي مدني في السعودية، ويكون جزءًا من برنامج «الذرة من أجل السلام»، ما أدّى إلى خوف الكثير من السياسيين لأن إيران بدأت برنامجها النووي كجزء من برنامج «الذرة من أجل السلام»، ثم تحول البرنامج إلى تخصيب اليورانيوم.

وفي العام 2010، أعلنت حكومة السعودية تأسيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، بهدف ضمان مستقبل مستدام للطاقة في المملكة، وإضافة الطاقة الذرية والمتجددة إلى مصادر الطاقة المعتمدة من قبل المملكة.

وفي العام 2011، أعلنت السعودية عزمها الاستثمار في بناء 16 مفاعلاً نووياً على مدار عقدين مقبلين بمبلغ قدره 80 مليار دولار.

ولكن السعودية كانت تدرك أن الولايات المتحدة لن تعطيها ما تتمناه من تكنولوجيا ومواد وأدوات لازمة لإنجاح مشروعها النووي، لرغبتها في حماية طفلها المدلل في المنطقة الكيان الصهيوني، ولكي يظل الصهاينة متفوقين على كل دول المنطقة في هذا المضمار.

 

– التعاون الباكستاني – السعودي:

ترتبط باكستان والمملكة العربية السعودية تاريخيًا علاقات ودّية للغاية، والتي تم وصفها في بعض الأحيان على أنها علاقة خاصة.

وصرح كثير من العلماء والمؤرخين السياسيين في باكستان أن الاهتمام السعودي بمجال التكنولوجيا النووية بدأ في السبعينات، بعد عقد رئيس الوزراء الباكستاني، ذو الفقار علي بوتو، اجتماع من الفيزيائيين الباكستانيين الذين ذهبوا إلى الانضمام في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وأشار رئيس الوزراء الباكستاني إلى التقدم النووي في الكيان الصهيوني والبرنامج النووي الهندي الذي وصفها بأنها محاولات لتخويف العالم الإسلامي.

وكانت السعودية المموّل الرئيسي للمشروع القنبلة الذرية الباكستانية منذ عام 1974م، وهو برنامج أسسه رئيس الوزراء السابق، الزلفي بوتو، في 1980م.

حتى أن الجنرال “ضياء الحق” زار المملكة العربية السعودية وقال بشكل غير رسمي على الملك أن: «إنجازاتنا هي لك»! وفي عام 1995م و1998م، أبلغ رئيس الوزراء، نواز شريف، المملكة العربية السعودية بشكل سري قبل البدء في اختبار الأسلحة النووية في تشاغاي، في إقليم بلوشستان في باكستان.

وفي يونيو 1998م، قام رئيس الوزراء بزيارة الملك “فهد”، وشكر علنًا الحكومة السعودية لدعم بلاده بعد نجاح الاختبارات النووية.

بعد فترة وجيزة ذهب وزير الدفاع السعودي السابق، الأمير سلطان، مع رئيس الوزراء، نواز شريف، في جولة في مختبرات خان للأبحاث، حيث اجتمع الأمير “سلطان”، ونواز شريف، والعالم عبد القدير خان، وتناقشوا عن الفيزياء النووية والمشاكل الحساسة في الصواريخ النووية.

ومنذ عام 1998، اعتقد الدبلوماسيين الغربيين ووكالات الاستخبارات أن باكستان ستبيع المملكة العربية السعودية الرؤوس الحربية النووية والتكنولوجيا النووية ونفى كلا البلدين بشدة وجود مثل هذا الاتفاق.

وفي عام 2003، ذكر موقع الأمن العالمي أن باكستان قد دخلت في اتفاق سري مع المملكة العربية السعودية بشأن التعاون النووي، حيث ستقدم باكستان الاسلحة النووية للمملكة العربية السعودية في مقابل الحصول على النفط الرخيص.

وفي مارس 2006 ذكرت مجلة ألمانية أن السعودية تلقّت الصواريخ النووية والرؤوس الحربية حيث عرضت المجلة صور للأقمار الصناعية تكشف عن مدينة تحت الأرض في مدينة السليل جنوبي العاصمة الرياض تحتوي على صواريخ نووية. ونفت السعودية وباكستان الأخبار، وحتى الآن لم يبرح التعاون الباكستاني السعودي حد الشائعات أو التقارير السرية التي لم يتم إثباتها على أرض الواقع.

 

– التعاون مع العراق:

في عام 1994م، طلب الدبلوماسي السعودي، محمد الخليوي، من أمريكا اللجوء السياسي، وأحضر معه مستندات تثبت دعم السعودية لبرنامج العراق النووي أثناء نظام صدام حسين في العراق، ثم نقل بعض الأسلحة النووية إلى السعودية.

لكن لم يتم تأكيد مزاعم محمد الخليوي من قبل أي مصدر آخر، وذكر مسؤولون أمريكيون أن ليس لديهم أي دليل على مساعدة السعودية لبرنامج العراق النووي، ونفى مسؤولون سعوديون مزاعم محمد الخليوي.

 

– الصين وروسيا ودعم حلم السعودية النووي:

في عام 1990م، اشترت السعودية من الصين 60 صاروخ باليستي متوسطة المدى قادر على حمل رؤوس نووية، وسط تكهنات بأن التعاون العسكري الاستراتيجي بين الصين والسعودية قد استمر في النمو.

ويعتقد الخبراء أن الصين قد ترسل أكثر من ألف من مستشاريها العسكريين إلى منشآت صواريخ سعودية. وتشير تقارير صحفية إلى أن الصين قدّمت للمملكة العربية السعودية عرضا لشراء أنظمة صواريخ حديثة. في يناير 2012، وقع الرئيس الصينى ون جيا باو اتفاق التعاون المشترك في مجال الطاقة النووية مع الملك عبد الله.

والهدف من ذلك تعزيز التعاون بين البلدين في مجال تطوير واستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والاتفاق يمهّد الطريق لتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي والاقتصادي بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية مع التركيز على مجالات مثل صيانة وتطوير محطات الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث وكذلك مكونات الوقود النووي.

وفي سنة 2020, تم الكشف عن مساعدة الصين للسعودية في بناء مرافق لاستخلاص كعكة اليورانيوم الصفراء (أكسيد اليورانيوم الغير صافي) من خام اليورانيوم في موقع صحراوي أقل كثافة من السكان بالقرب من العلا. يرى المسؤولون الأمريكيون والحلفاء الموقع ذا مخاطر مع مخاوف من مضي المملكة قدمًا ببرنامجها النووي وليد الساعة أو إبقاء الخيار مفتوحًا لتطوير الأسلحة النووية.

أما عن التعاون الروسي، ففي عام 2015، قام وزير الدفاع السعودي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بزيارة فلاديمير بوتين رئيس الاتحاد الروسي، وتم الاتفاق على بناء 16 مفاعل نووي للأغراض السلمية وسيكون لروسيا الدور الأبرز في تشغيل تلك المفاعلات. وقامت السعودية وروسيا، بتوقيع اتفاقية تعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ولكن لم يتم تنفيذ الأمر على أرض الواقع حتى الآن.

 

وحتى الآن لا يزال “ابن سلمان” يبحث عن مساعد لينقذه من ورطة المشروع النووي السعودي الفاشل، ولكن يبدو أن الجميع تخلى عنه، لذا هرول نحو الحل الدبلوماسي مع إيران، هروبًا من الواقع الفاشل الذي تعيشه المملكة بسبب سياسات “ابن سلمان” ومن قبله من حكام المملكة في المجال النووي.