خاص: جاء إعلان صحيفة “الميدان التعليمي” المحلية السعودية عن نية وزارة التعليم السعودية دمج مواد التربية الإسلامية لطلاب وطالبات التعليم العام في مقرر واحد تحت اسم “الدراسات الإسلامية”، ابتداءً من الفصل الدراسي القادم لعام 2021، كختام لعمليات التعديل والحذف والتشويه التي انتهجها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تجاه المناهج التعليمية في المملكة، منذ قدومه إلى سدة الحكم.

فمنذ تنصيبه وليًا للعهد بدأت معاول الهدم تجرف المناهج كلها في المملكة، سواء بإضافة أو بحذف، لتنتهي بدمج المناهج الإسلامية كلها في كتاب واحد، في اتجاه لتهميشها، كما يحدث في معظم البلاد العربية، مع تغييرات جوهرية بالمناهج تجاه كثير من القضايا المحورية.

تشويه تاريخي للمناهج:

من جانبها قالت صحيفة “الديلي تليغراف”: إن المملكة “غيرت أجزاءً كبيرة من مناهج التعليم، للتخلص من أفكار معاداة السامية، وأخرى مؤيدة للمتشددين الإسلاميين”، واصفة بأن ذلك يمثل “تحولا تاريخيا ملحوظا، في توجهات المملكة”.

ولفتت الصحيفة إلى أن “بحثًا أجراه معهد رقابة التسامح الديني والثقافي في التعليم المدرسي، وهو مركز دراسات إسرائيلي مختص بمتابعة الأنظمة التعليمية المختلفة والتغيرات التي تطرأ عليها”، مشيرة إلى أن الكتب المدرسية التي توزعها الرياض على أكثر من 30 ألف مدرسة في المملكة والخارج، خلت من نصوص كانت موجودة في السابق، وتتضمن الترويج لنظرية “المؤامرة”. وفقًا لـ عربي21.

وأوضحت أن هذه النظرية تقول إن “اليهود يسيطرون على العالم، ونصوص أخرى حذفت كانت تتضمن دعوات لقتل المثليين جنسيًا والمرتدين حسب الشرع”، مضيفة أن السعودية استبعدت أيضا نصوصا تتحدث عن معركة ملحمية في نهاية الزمان، والتي “يقتل فيها المسلمون اليهود، بعدما تتحدث الحجارة والأشجار”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التطورات تأتي وسط تقارير بوساطة أمريكية، لحث المملكة على تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، منوهة إلى أن المناهج السعودية خلت من نصوص الحض على وجوب “استعداد المسلمين للجهاد وأهمية الشهادة”.

وختمت الصحيفة بقولها: “رغم أن السعودية ليست بين الدول التي طبعت علاقاتها رسميا مع إسرائيل، إلا أن التغيير الذي جرى في المناهج هو جزء من تغيرات وتوجهات أعم في المملكة، تسمح بوجود مدخل لقبول علاقات دائمة مع اليهود والقبول بوجودهم في المنطقة”.

حذف معاداة اليهود وإدانة الشذوذ:

وفقًا لتقرير مطول نشرته مجلة “التايم” الأمريكية، فإن السعودية قررت إلغاء المواد والنصوص التي تحتوي على “لغة هجومية” ضد الأديان الأخرى والشذوذ الجنسي، بتوجيهات من ولي العهد “محمد بن سلمان”.

ونقلت المجلة تقريرًا لمعهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي، موضحة أن الرياض أقرت نصوصًا ومواد جديدة “أكثر اعتدالاً وتسامحًا”!!

وأشارت المجلة إلى أن التعديلات الجديدة شملت حذف ما أسمته “دروس الكراهية” سواء تجاه المسيحية أو اليهودية وحتى ضد الشواذ جنسيًا، إضافة إلى الإملاءات الإسلامية المتمثلة بالدفاع عن العقيدة باستخدام العنف. حسب قولها.

وتم حذف الأجزاء “الأكثر تعصبًا” في هذه المناهج حسب وصف المجلة، ومنها عقوبة الإعدام بكافة أشكاله على “الزنا وأفعال الشذوذ الجنسي وأعمال السحر”، بحسب توصيف هذه المناهج سابقًا.

ونقلت “التايم” عن مسؤولين بالخارجية الأمريكية قولهما إن “الفضل في التغيرات الجديدة يرجع لولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان”. وأردف أحدهما: “الإدارة تدعم الكتب المدرسية الخالية من التعصب والعنف، وتدعم أيضا تطوير برنامج تدريب المعلمين السعوديين”.

دمج المناهج الإسلامية:

لم يتم الاكتفاء بهذا القدر من التشويه الممنهج للمناهج التعليمية، بل من جانب آخر أكدت مصادر بوزارة التعليم السعودية أن دمج مواد التربية الإسلامية لطلاب وطالبات التعليم العام في مقرر واحد تحت اسم “الدراسات الإسلامية”، “يأتي ضمن تطوير المناهج ولن يمس الثوابت الدينية، ولن يؤثر هذا الدمج على الوظائف التعليمية”!

وتأتي عملية الدمج تلك في إطار خطة وزارة التعليم لتطوير مناهجها فيما يخص المحتوى، حيث سبق أن أقرت دمج مواد التربية الاجتماعية ومواد اللغة العربية، إضافة إلى قرار إدراج مادة الفلسفة والموسيقى واللغة الصينية ضمن المناهج.

وأشارت المصادر إلى أنه من المقرر أن تكون مادة “الدراسات الإسلامية” للصفوف من الأول الابتدائي حتى الثالث المتوسط.

احتفاء صهيوني:

من جانبها عبّرت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، عن تفاؤلها بقيام ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، بتعديل منهاج التعليم السعودي، وحذف المواد التي وصفتها بـ”المسيئة” لليهودية والصهيونية!!

وأعربت الصحيفة، عن سعادتها مما أسمته “الإصلاح الكبير” الذي شهدته الكتب المدرسية في نظام التعليم، حيث أزال بعض محتوى الكراهية لليهود والمسيحيين والمثليين جنسيًا وغيرهم.

ونقل التقرير عن المدير العام لمعهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي الصهيوني “ماركوس شيف” قوله: إن “العملية مدعاة للتفاؤل.. إننا نشهد تغييرًا كبيرًا”، مضيفًا: “هذا جهد مؤسسي حقيقي على أعلى المستويات لإجراء تغيير في تحديث المناهج”.

يبدو أن عملية التقارب السعودي الصهيوني لن تتوقف على الجانب السياسي أو التطبيعي فحسب، فيد التخريب باتت تمتد إلى المناهج التعليمية لتمحو منها كل إشارة للعداء مع الصهاينة أو مخططاتهم للسيطرة على العالم، وضرورة معاداتهم وتحرير الأراضي المغتصبة من قبلهم، يبدو أن ذلك خطوة واسعة جديدة في مسار التطبيع التذي ينتهجه الخليج ككل والسعودية على وجه الخصوص.

عملية تغيير وتغريب كبيرة تقع الآن، وصلت لحد التأثير في الناشئة وتربيتهم على مبادئ تقبل اليهود في بلادنا، معاول هدم تنخر في عقيدة الولاء والبراء التي تربى عليها أبناء هذا البلد، في محاولة لإيجاد جيل بلا ثوابت أو هوية وطنية، جيل يقبل الشاذين فكريًا وجنسيًا، ويرضى تغريبه للمجتمع، وتطبيعه مع الأعداء.