تقرير خاص:

بدأ عدد من عائلات “معتقلي الرأي” في المملكة العربية السعودية، عدة حملات بالخارج لفضح الانتهاكات ضد ذويهم داخل سجون ولي العهد “محمد بن سلمان”، في خطوة رأى مراقبون للشأن السعودي أنها “تحركات نوعية” تحدث لأول مرة في صفوف المعارضة السعودية.

ورأى مراقبون أن تلك التحركات أتت بعد فقدان تلك العائلات الأمل في النظام السعودي الحالي بقيادة “ابن سلمان”، في القيام بحركة تغيير في تعامله مع ملفات ذويهم السياسية، وذلك لرغبة الأخير في كتم الأفواه التي تعارضه، بل وامتدت حتى لبعض المؤيدين والمدافعين عنه!

فقد كان الأمر في البداية صمتا خوفًا على ذويك في المعتقل، أما الآن فسواء صمت أم لم تصمت، فالضرر واقع على المعتقلين وبلا هوادة، لذا لجأت تلك العائلات لفضح الانتهاكات دون مواربة وبالأسماء، للضغط من أجل إنقاذ ذويهم.

لوبيات وحملات بواشنطن:

خلال الأسابيع القليلة الماضية، تواصل ممثلو بعض من عائلات معتقلي الرأي وحلفاء لهم، مع محامين ومستشارين في العاصمة الأمريكية، بخصوص تنظيم “حملات” قانونية وأخرى للعلاقات العامة، من أجل وضع حد لما يقولون إنه اضطهاد سياسي تمارسه المملكة ضد ذويهم.

فوقع أحدهم (مساعد سابق للأمير “سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان آل سعود”)، يوم الجمعة 15 مايو 2020، اتفاقية بقيمة 2 مليون دولار للاستعانة بخدمات “روبرت سترايك”Robert   Stryk، وهي إحدى شركات الضغط في واشنطن ذات الصلة الوثيقة بدوائر السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، من أجل “مناصرة الإفراج” عن الأمير المعتقل، حسبما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز”.

وفي الإطار ذاته، يقرأ عديد من المحللين تلك الاستغاثات التي صدرت عن حسابات بعض الأمراء والأميرات المعتقلين، وعلى رأسهم الأميرة “بسمة بنت سعود”، ابنة ملك السعودية الثاني “سعود بن عبدالعزيز”، التي نشرت مناشدة للإفراج عنها عبر “تويتر”، بينما تواصل ممثلوها سراً مع محامين ومستشارين في واشنطن ولندن في مايو الماضي بهدف حشد الدعم لقضيتها.

ووصلت هذه الجهود، الأحد الماضي، إلى حد بعث عائلات المعتقلين رسالة جماعية إلى الرئيس التنفيذي للدوري الممتاز لكرة القدم “بريميرليج”، “ريتشارد ماسترز”، بضرورة عدم السماح لـ”صندوق الاستثمارات العامة” (حكومي ويشرف عليه ولي العهد بن سلمان) بالمضي قدما في عملية الاستحواذ على نادي نيوكاسل الإنجليزي، بينما يقبع ذووهم في سجون بالمملكة.

وذكرت الرسالة أنه لكون السعودية ملكية مطلقة فإن صندوق الاستثمار العام لا يمكن فصله عن تصرفات ولي العهد “محمد بن سلمان”، والدولة السعودية، مشيرة إلى أن عملية الاستحواذ تعرض قضية أخلاقية واضحة في محل رفض.

وجاء في الرسالة: “باختصار نرجو منك أن تفعل الصواب، لا يجب السماح للسعودية بشق طريقها إلى الدوري الممتاز في حين أن أحبابنا يقبعون في السجن في أسوأ الظروف”.

وأضافت: “لقد تعرضوا للضرب والتعذيب والتهديد بالقتل والاغتصاب، وتم وضعهم قيد الحجز الانفرادي، ونخشى أنهم قد يموتون على أيدي خاطفيهم مثلما مات قبلهم الكثير، بما في ذلك جمال خاشقجي”.

وذكرت: “لم يفت الأوان لفعل الصواب، كرة القدم هي اللعبة الأولى في العالم، وأنت تدير الدوري الأكثر شعبية، لديك فرصة فريدة للمطالبة بالتغيير”.

وشارك في التوقيع على الرسالة، عائلة كل من الناشطة الحقوقية “لجين الهذلول”، والتي تبلغ من العمر 30 عامًا ولا تزال قيد الاعتقال في السعودية منذ 2018، و”عبدالرحمن السدحان” ( 36 عامًا)، وهو عامل في مجال المساعدة الإنسانية وموظف في الهلال الأحمر، محتجز منذ 2018.

كما حملت أيضًا توقيع عائلة كل من “عايدة الغامدي”، وابنيها “سلطان” و”عادل”، وهما محتجزان منذ مارس 2018، والدكتور “سلمان العودة” (63 عامًا) ومن المحتمل أن يواجه عقوبة الإعدام بعد دعوته للسلام على “تويتر” في 2017.

كذلك لا ننسى الحملة التي تقودها الناشطة المعارضة وابنة قبيلة “الحويطات”، علياء الحويطي، لفضح انتهاكات “ابن سلمان” ضد أبناء قبيلتها، وتهجيرهم قسرًا من أجل إقامة مشروعه المزعوم “نيوم”، ما أدى لمقتل واعتقال أفراد من أبناء القبيلة، وسط دعوات لفتح تحقيق دولي في الوقائع التي سبق وتلت مقتل المواطن “عبد الرحيم الحويطي”.

ويبقى الرهان على إحداث أكبر أثر على رؤية المجتمع الدولي لـ”ابن سلمان” كمصلح ومجدد للدولة السعودية، وهو ما حاول ترويجه منذ اعتلائه عرش ولاية العهد، ولكنه فشل في العديد من الاختبارات الدولية أهما مقتل “خاشقجي”، وحرب اليمن، وملف المعتقلين الذي يرى المجتمع الدولي أنه مسمار ضخم دق في نعش حلم “ابن سلمان” في اعتلاء عرش السعودية.