تقرير خاص

نرصد في الجزء الثاني من حصاد انتهاكات 2019 داخل السجون السعودية، أهم حالات التعذيب، وحالات الوفاة بسبب الإهمال “الموت البطيء”؛ التي وقعت داخل السجون السعودية.

– التعذيب داخل السجون السعودية:

يمكن أن نطلق على عام 2019؛ عام المساواة بين النساء والرجال بالسعودية في “التعذيب والانتهاكات بحقهن”، فقد تعرضت الناشطات المعتقلات لسلسة من التعذيب الوحشي بأوامر من “ابن سلمان” شخصيًا – بحسب مصادر حقوقية موثقة -، ونفذها رجال مقربون منه؛ على رأسهم “سعود القحطاني” مستشاره وذراعه الأيمن في أعماله القذرة، وهنا سنحاول ذكر أهم حالات التعذيب التي أعلن عنها ووثقتها جهات حقوقية..

1 – فظائع تعذيب وحشية بحق الناشطة المعتقلة “إيمان النفجان”:

كشف حساب “معتقلات سعوديات”، في مارس الماضي، عن فظائع تعذيب تعرضت لها الناشطة المعتقلة، إيمان النفجان، ووثق الحساب احتجاز إيمان النفجان في العزل الانفرادي بسجن ذهبان منذ مايو ولغاية أغسطس (3 شهور كاملة)، من دون السماح لها برؤية أحد أو الاتصال به.

وأضاف الحساب أنه “خلال فترة احتجاز إيمان النفجان في العزل الانفرادي، كان يتم إخراجها مغمضة العينين مقيَّدة القدمين إلى مكان منعزل أشبه بقبو، للتحقيق معها وتعذيبها، ومن المرجح أنه المكان نفسه الذي قالت لُجين الهذلول لعائلتها إنها كانت تتعذب فيه”.

كما تضمنت جلسات تعذيب النفجان “تقييدها من اليدين والساقين وهي مستلقية على سرير حديدي، ثم يتم جلدها بالعقال على أجزاء مختلفة من جسمها، خاصة القدمين. ويتم في أيام أخرى صعقها بالكهرباء وهي مقيدة بالطريقة نفسها”.

ووفقًا للحساب؛ فقد تم تصويرها عارية ووضع صورتها أمامها خلال جميع جلسات التحقيق، وكانت تنادَى فقط باسم “عميلة قطر”، كما كان يُوجَّه إليها سؤال ساخر، وهو: “أتفضّلين أن تُسجني مدى الحياة أم يتم إعدامك؟”.

2 – بكاء الناشطة “عزيزة اليوسف” بجلسة محاكمتها بسبب التعذيب:

ففي نوفمبر 2019؛ كشفت شبكة CNN الأمريكية، عن بكاء الناشطة الدكتورة “عزيزة اليوسف” في إحدى جلسات محاكماتها المزعومة، بسبب تحدثها عن وقائع التعذيب التي تعرضت لها.

ونقلت الشبكة عن مصدرين أن “اليوسف” بكت خلال إحدى جلسات محاكمتها في مارس الماضي، وهي تحدّث القاضي عمّا تعرضت له من “اعتداء جنسي وبدني”، بالقول: إنّ السجّانين “لم يحترموا سنّها ومكانتها الاجتماعية”.

3- تدهور صحة الناشطة “نوف عبدالعزيز” بسبب التعذيب:

أكد حساب “معتقلي الرأي” على “تويتر”، مارس الماضي، أنباء التدهور الشديد في الحالة الصحية للناشطة المعتقلة داخل سجون النظام السعودي، نوف عبد العزيز، مشيرًا إلى أن التدهور بصحة “نوف” ناتج عما “تعرضت له من تعذيب جسدي وحشي”، مضيفًا أنها “خضعت لعملية جراحية قبل فترة قليلة، ولا تزال تعاني من آثار تلك العملية نتيجة منع جميع أنواع الأدوية المسكنة عنها”.

كما وثقت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان السعودية في تدوينة بحسابها على “تويتر”، تعرض “نوف” “للتعذيب الشديد، ..وضربت بـ”العقال” حتى سقطت على الأرض، وتعرضت لأنواع تعذيب أخرى”.

4 – تعذيب والدة الناشط “عبد الله الغامدي” وابنها:

كشفت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان بالسعودية، أكتوبر الماضي، عن تعرض السيدة “عايدة الغامدي”، وابنها “عادل الغامدي” للتعذيب الشديد، عقب اعتقالهما على يد السلطات السعودية في 28 مارس 2018 على خلفية قيامها بمعاملات مالية مع ابنها المقيم في لندن، الناشط السعودي عبد الله الغامدي.

وقالت المنظمة في بيان لها، إن “الغامدي” تعرضت لعدة انتهاكات؛ منها الاعتقال دون مذكرة توقيف، والحرمان من الخدمات الصحية الضرورية، والحبس الانفرادي، والحرمان من محاكمة عادلة ومستقلة وعلنية، كما تعرضت للضرب الشديد أمام ابنها عادل الذي تعرض للضرب هو الآخر، والجلد بالعقال، ويظهر على جسم عايدة الغامدي آثار حروق وأعقاب سجائر.

5 – تعذيب “لجين الهذلول”:

نشرت صحيفة “النيويورك تايمز”، يناير الماضي، شهادة “علياء” أخت الناشطة المعتقلة داخل سجون النظام السعودي، لجين الهذلول، حول فظائع لوقائع تعذيبها تحت إشراف المستشار الملكي المقال، سعود القحطاني.

وقالت “علياء” في شهادتها: “في منتصف أغسطس، تم نقل لجين إلى سجن دابان بجدة، وتم السماح لوالدي بزيارتها مرة واحدة في الشهر، رأى والداي أنها كانت تهتز دون سبب ولا يمكن السيطرة على نفسها، وأنها غير قادرة على الاحتفاظ بقبضتها، أو على المشي أو الجلوس بشكل طبيعي، وألقت شقيقي القوية المرنة باللوم على تكييف الهواء وحاولت طمأنة والدي أنها ستكون بخير”.

وأشارت “علياء” إلى أن والدها في زيارة أخرى بسجن دابان في ديسمبر، سئل “لجين” عن تعرضها للتعذيب بعد انتشار تقارير حقوقية دولية عما تتعرض له الناشطات بالداخل، فأكدت “لجين” أنها تعرضت للتعذيب بين مايو/ أيار، و أغسطس/ آب، حينما منعت عنها الزيارة.

وأوضحت “علياء” أنها – أي لجين – احتُجزت في الحبس الانفرادي ، وضُربت ، وغُمرت بالغطس ، وصُعقت بالصدمات الكهربائية، والتحرش الجنسي، والتهديد بالاغتصاب والقتل، ثم رأى والداي أن فخذيها قد أسودت بسبب الكدمات.

وعن دور “القحطاني” في تعذيبها، أكدت “علياء” أنه كان حاضراً عدة مرات عند تعرض “لجين” للتعذيب، وفي بعض الأحيان كان “القحطاني” يضحك عليها، وأحيانًا أخرى كان يهددها بالاغتصاب، وقتلها ورمي جثتها في نظام الصرف الصحي.

وأضافت أن”القحطاني و6 من رجاله قاموا بتعذيبها طوال الليل خلال شهر رمضان، وأجبروها على تناول الطعام معهم، حتى بعد شروق الشمس، وحين سألتهم لجين إذا كانوا سيستمرون في تناول الطعام طوال اليوم خلال شهر رمضان، أجاب أحد رجاله (لا أحد فوقنا، ولا حتى الله)”.

6 – تعذيب الداعية البارز “سلمان العودة”:

فقد كشف نجل الداعية السعودي البارز المعتقل “سلمان العودة”، عبدالله، عن تعرض والده إلى معاملة تصنف دوليًا على أنها “تعذيب”.، وخلال لقاء مع قناة “بي.بي.سي عربي”؛ أكد “عبدالله” أن والده محروم من أبسط حقوقه الإنسانية، كحقه في العلاج وحتى حقه في النوم، حيث كان يحقق معه لأيام طويلة متواصلة دون أن يغمض له جفن.

وتابع نجل “العودة” بقوله: “كما أنه كان يتم تقييد يديه وقدميه ويُلقى داخل زنزانة العزل الانفرادي مغمض العينين، ثم يُرمى له الطعام في أكياس صغيرة وهو ما زال مقيدا، فيضطر لفتحها بفمه حتى تجرحت أسنانه في فترة من الفترات”.

وأشار إلى أنه حينما يتم نقل والده من مكان لآخر، يأخذه الحراس ويقذفونه في السيارة دون أي احترام لسنه وتاريخه.

7 – “علي العمري” تعذيب مستمر:

أكد حساب “معتقلي الرأي”؛ يوليو الماضي، تعرض الداعية المعتقل في السجون السعودية، علي العمري، لواقعة تعذيب جديدة، نهاية مايو الماضي، بشكل أشد وحشية من المرة السابقة.

وأوضح الحساب في تغريداته التي رصدها الموقع، أن التعذيب تم في “سجن تابع للديوان الملكي (سبق وأشرنا لنقل العمري إليه)”.

وكشف الحساب أن سبب التعذيب هو افتضاح خبر المقابلة التي أرغمته السلطات على إجرائها مع قناة “24 السعودية”، ويقول بها “إنه إرهابي”.

8 – تعذيب “وليد فتيحي”:

نقلت صحيفة “نيويورك تايمز”، مارس الماضي، شهادة صديق لـ”فتيحي”، أكد فيها قيام الحراس بجره إلى غرفة أخرى، كما أخبره أنه تعرض للصفع، وجُرد من ملابسه الداخلية، كما تم صعقه بالكهرباء، في ما بدا أنه جلسة تعذيب واحدة استمرت لمدة ساعة تقريباً.

كما كشف صديقه الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتجنب الانتقام، أن معذبيه يجلدون ظهره بشدة لدرجة أنه لا يستطيع النوم عليه لعدة أيام، وقد قامت إدارة سجن ذهبان بمدينة جدة السعودية، بنقل “فتيحي” إلى مستشفى السجن بعد تردي حالته الصحية والنفسية بسبب الانتهاكات التي تعرض لها.

9- معتقلو “حماس”:

في أكتوبر الماضي؛ كشف القيادي في حركة المقاومة الاسلامية حماس بغزة سامي أبو زهري، عن معلومات صادمة بشأن معتقلين تابعين للحركة داخل السجون السعودية.

وقال “أبو زهري” إنه “بكل أسف هناك تحقيق قاسٍ بحق المعتقلين وبعضهم يتعرض للتعذيب بأشكال متعددة، ومحققون أجانب من جنسيات مختلفة يحققون معهم”، مؤكدا أن “هذا الأمر لا يليق في السعودية”، حسبما ذكر موقع “وطن”.

10 – “ضيف الله السريح” شلل بسبب التعذيب:

أكد حساب “معتقلي الرأي”، فبراير الماضي، إصابة المعتقل “ضيف الله زيد السريح العتيبي” بالشلل التام، نتيجة للإهمال الطبي المتعمد داخل سجون النظام السعودي.

وقال الحساب في تغريدة لها على “تويتر”: “تأكد لنا أن معتقل الرأي ضيف الله زيد السريح العتيبي أصيب بشلل تام أقعده تماماً عن الحركة، وذلك نتيجة الإهمال الصحي المتعمد، وظروف السَجْن اللاإنسانية والتي كان منها العزل الانفرادي والتعذيب الجسدي والنفسي”.

– قتل بسبب الإهمال الطبي:

كشفت جهات حقوقية عديدة حالات وفاة لمعتقلي رأي داخل السجون السعودية في عام 2019، بسبب الإهمال المتعمد، وفي تطبيق لسياسة الموت البطئ… ووثقت تلك الحالات:

1- الشيخ “أحمد العماري”:

في يناير 2019؛ تم الكشف عن وفاة عميد كلية القرآن الكريم بجامعة المدينة المنورة سابقًا؛ الشيخ “أحمد العماري”، جراء جلطة دماغية أصابته داخل السجن وتم إهمال علاجها؛ ما أدخله في غيبوبة ثم أدى للوفاة، وكان “العماري” قد اعتقلته السلطات السعودية في أغسطس/آب الماضي 2018، في سياق حملة ضد المقرّبين من الدكتور سفر الحوالي.

 

2- الداعية “صالح الضميري”:

في أغسطس 2019؛ أُعلنت وفاة الداعية المعتقل “صالح عبد العزيز الضميري” داخل سجن الطرفية السياسي بمنطقة القصيم، وأوضحت مصادر حقوقية سعودية أن “الضميري” اعتقل لسنوات طويلة، وكان يعاني من إهمال طبي داخل السجن منذ ما يزيد على السبع سنوات، وأفاد “معتقلي الرأي” أن “الضميري” كان يقبع في زنزانة انفرادية طيلة المدة الماضية، رغم معاناته من مرض القلب.

3- الشيخ المحتسب “فهد القاضي”:

في نوفمبر 2019؛ توفي الداعية المحتسب “فهد القاضي” داخل محبسه، وهو باحث شرعي ومحتسب بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتقلته السلطات السعودية في سبتمبر 2016، على خلفية خطاب نصيحة سري وجهه للديوان الملكي معترضًا، وتم احتجازه في سجن الملز السيئ السمعة. وكان الشيخ “القاضي” قد وجه رسالة مناصحة قبل ذلك في 2013 إلى وزير التربية السعودي آنذاك، معترضًا على سياسة الوزارة في تعليم الفتيات، وعنوانها “ذوات الخدور وصهوات الخيول”.

وكشف حساب “معتقلي الرأي” في أواخر شهر أكتوبر الماضي، عن صدور حكم ضد الشيخ بالسجن لمدة 6 سنوات، رغم مرور أكثر من عامين على تبرئته في يناير 2017 ورد محكمة سعودية لدعاوى المدعي العام، وتأكيد أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونوه الحساب على أن القاضي “نبيل الجبرين” هو من أصدر الحكم الجائر على الشيخ الراحل.

كما أكد حساب “ميزان العدالة” أنه بعد صدور الحكم الثاني ضد الشيخ تعرض للإهمال الطبي، رغم أنه دخل السجن وصحته ممتازة، مضيفًا أنه “في الشهر الأخير أصيب الشيخ بانتكاسة صحية مفاجئة، وقبل وفاة الشيخ بأسبوع جاء أهله إلى السجن لزيارته في الموعد المعتاد، فلم يُسمح لهم بالزيارة بحجة انشغال الشيخ!!”.

وأشار الحساب إلى أن ذلك السبب لمنع الزيارة دفع أهل الشيخ للقلق عليه، وعادوا من الغد للسؤال عنه وعن سبب منع الزيارة، ومع إصرارهم قيل لهم: الشيخ متعَب ويعاني من ارتفاع يسير في درجة الحرارة.

وأكد الحساب أن إدارة السجن لم تنقل الشيخ “القاضي” للمستشفى إلا بعد أن أغمي عليه مساء يوم الاثنين 11 نوفمبر، حيث فحصه الأطباء، وأفادوا بأن صحته تدهورت بشكل خطير، بل رفعوا أيديهم وقالوا: هو في عداد الأموات.

4- الصحفي تركي الجاسر:

مطلع الشهر الجاري كشفت صحيفة “مترو” البريطانية عن قيام السلطات السعودية بتعذيب الصحفي السعودي تركي الجاسر حتى الموت، بعد قيام مكتب “تويتر” الإقليمي بدبي في الإمارات بالكشف هويته للسلطات.

وبحسب تقرير للصحيفة؛ فإن الجاسر اعتقل في السعودية باعتباره صاحب حساب (كشكول)، والذي كان متخصصاً في نشر معلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أفراد العائلة المالكة ومسؤولين في السعودية.

وأكدت الصحيفة أن السلطات السعودية توصلت إلى “الجاسر” بعد أن حصلت على معلوماته الشخصية من مكتب “تويتر” في دبي، الذي تورط في التجسس على حسابات المنشقين السعوديين.

واعتقلت السلطات “الجاسر” في 15 مارس الماضي بتهمة إدارة حساب على تويتر تحت مسمى “كشكول”، والذي كشف عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السعودية وأفراد العائلة المالكة، ثم توفي أثناء تعرضه للتعذيب في الحجز، بعد أن أثار غضبًا بسبب تسرب مزعوم للمعلومات التي أدت إلى القبض عليه.

5- المعتقل “أحمد الشايع”:

في أغسطس 2019؛ كشفت حساب “معتقلي الرأي” على موقع التدوين المصغر “تويتر”، وفاة المعتقل “أحمد الشايع”، في سجن الطرفية، قبل وقفة عرفات، نتيجة للأهمال الصحي المتعمد من قبل السلطات.

وأوضح الحساب أن “الشايع تعرض خلال فترة سجنه لإهمال صحي متعمد وتعذيب جسدي ونفسي فاقم من معاناته”.

6- لاعب كمال الأجسام “حسين عبد العزيز الربح”:

في نوفمبر 2019، أفاد نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد، بوفاة لاعب كمال الأجسام المعتقل حسين عبدالعزيز الربح في محبسه، موضحًا أن “الربح” توفي داخل سجن المباحث السعودية، مؤكدًا أنه تعرض للتعذيب الوحشي منذ اعتقاله في أغسطس 2017، مشيرًا إلى أن “الربح” كان يعاني من شلل جزئي ومضاعفات أخرى نتيجة تعذيب السلطات السعودية له.

و”الربح” من معتقلي منطقة “القطيف”، اعتقل في 16 اغسطس/آب 2017، وتعرض للضرب المبرح منذ لحظة اعتقاله، ودمر باب منزله بطلقات نارية، وزج به في السجن الإنفرادي، وحرم من كافة حقوقة المكفولة ضمن الشرائع الحقوقية والقوانين الدولية.