خاص: أثار إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” قرب توقيع صفقة رعاية مع التطبيق الرسمي للهيئة السعودية للسياحة “Visit Saudi”، والـ”فيفا”؛ من أجل رعاية رسمية لهيئة السياحة السعودية – هيئة رسمية -، لكأس العالم للسيدات 2023، والمزمع عقده في كلاً من أستراليا ونيوزيلندا، في الفترة من 20 يوليو/ تموز إلى 20 أغسطس/ آب القادمان، الجدل الشديد بسبب السجل الحقوقي المتدهور للمملكة.

وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” توصل لاتفاق مع الحملة الحكومية لتنشيط السياحة في البلاد والمعروفة باسم “روح السعودية” (Visit Saudi) والتابعة لهيئة السياحة في البلد لرعايتها مونديال السيدات.

وتعد صفقة الرعاية، التي لم يُعلن عنها رسميًا حتى الآن، جزءًا من هيكل شراكة تجارية جديد أنشأها “فيفا” للسماح بدخول علامات تجارية لدعم لعبة كرة القدم للسيدات على وجه التحديد. وبينما لم يُكشف عن حجم الصفقة، يزعم مطلعون أنها ستتيح دفعة قوية لكرة قدم السيدات، وسيجري إعادة استثمار الأموال الناتجة عنها في كرة القدم.

ويشارك في هذه البطولة 32 منتخبًا للمرة الأولى، ما يجعل منها أكبر نهائيات كأس العالم للسيدات تنظم من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم.

 

– انتقادات دولية:

وفور إعلان “فيفا” نيتها توقيع تلك الصفقة، سارع اللاعبون والمشجعون والداعمون للبطولة – أكبر حدث رياضي نسائي على الإطلاق – في أستراليا ونيوزيلندا لفهم ما بدا لهم أنه “زواج مؤسسي غير مريح” بين السعودية والفيفا، بحسب صحيفة “ذا أتلانتيك” الأميركية.

ودخل على الخط بشكل فوري قادة الاتحادين الأسترالي والنيوزلندي لكرة القدم، و”كتبوا بشكل مشترك إلى الفيفا لتوضيح الموقف بشكل عاجل”.

وقالت متحدثة باسم الاتحاد الأسترالي لكرة القدم في بيان: “نشعر بخيبة أمل كبيرة لأن كرة القدم الأسترالية لم تتم استشارتهم بشأن هذا الأمر قبل اتخاذ أي قرار”.

كما صرح قائد منتخب أستراليا السابق، كريغ فوستر، “إن رعاية السعودية لحدث رياضي نسائي عالمي هو أشبه برعاية إكسون (شركة النفط) لمؤتمر المناخ كوب 28 أو رعاية ماكدونالدز لندوة عن الأكل الصحي أو مكافحة السمنة”.

وقال “فوستر” – الذي اشتهر بدفاعه عن قضايا حقوق الإنسان -، إن هذه الرعاية “تتماشى تمامًا مع تعطش الفيفا للمال بأي ثمن والتجاهل التام لسياسته في مجال حقوق الإنسان، ناهيك عن المبادئ”.

وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بالفيفا، فإن “مفاهيم مثل المساواة بين الجنسين تظل ثابتة بقدر الأموال التي يتم تلقيها من الشركات أو البلدان التي تنتهك حقوق الإنسان ومن المؤكد أن الأموال تفوز”.

أيضًا قالت مويا دود، اللاعبة الأسترالية السابقة والعضو السابقة في مجلس الفيفا عن قارة آسيا، “إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فهي محيرة للغاية”.

وأصدر اتحاد كرة القدم في نيوزيلندا بيانًا، قال فيه: “تم إبلاغ اتحاد كرة القدم النيوزيلندي بالتقارير الإعلامية التي تشير إلى أنه من المقرر الإعلان عن شركة Visit Saudi، هيئة السياحة السعودية الرسمية، كراع رسمي لكأس العالم لكرة القدم للسيدات 2023، أكبر حدث رياضي نسائي في العالم”.

وأضاف: “إذا ثبتت صحة هذه التقارير، فإننا نشعر بالصدمة وخيبة الأمل لسماع ذلك لأن الاتحاد النيوزيلندي والأسترالي لم يستشارا من قبل FIFA على الإطلاق في هذا الشأن، بصفتهما دولتين مضيفتين لكأس العالم للسيدات 2023”.

وأصدر الاتحاد الأسترالي بيانا مماثلا، أمس الخميس، لكنه لم يذكر اسم هيئة السياحة السعودية Visit Saudi بشكل مباشر.

وجاء في البيان الأسترالي: “يعلم الاتحاد الأسترالي أن الفيفا دخل في عقد رعاية لكأس العالم للسيدات 2023 في أستراليا ونيوزيلندا”.

وتابع: “نشعر بخيبة أمل كبيرة لعدم استشارة الاتحاد الأسترالي بهذه المسألة قبل اتخاذ أي قرار، لقد كتب الاتحادان الأسترالي والنيوزيلندي للفيفا سويا للحصول على توضيح فوري للموقف”.

 

– انتقادات حقوقية:

وجهت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان “آمنستي” انتقادات لرعاية السعودية لكأس العالم للسيدات 2023، واصفة ذلك بأنه محاولة جديدة لتلميع سجلها المروع في حقوق الإنسان.

وقالت المنظمة في تغريدات عبر حسابها بموقع التدوين المصغر “تويتر”: “لا يمكن أن تُطمس الحقيقة باستخدام الرياضة كأداة لتعزيز العلاقات العامة”.

وأضافت “آمنستي”: “على السلطات السعودية الاستثمار في إصلاحات حقوقية حقيقية، بما في ذلك إطلاق سراح جميع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات والنشطاء المسجونين بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم”.

كما عددت المنظمة عدد من الناشطات المعتقلات بسبب تعبيرهن عن أراءهن، مثل؛ طالبة الدكتوراة، سلمى الشهاب، المحتجزة خلف القضبان بعد أن حُكم عليها بالسجن لمدة 34 عامًا؛ بسبب استخدامها لتويتر من أجل دعم حقوق المرأة.

كذلك “لا تزال المدافعات عن حقوق الإنسان، مثل؛ عزيزة اليوسف، ولجين الهذلول، اللتين حوكمتا بسبب نشاطهن السلمي، قيد حظر السفر.

من ناحيتها، قالت نيكيتا وايت، الناشطة في منظمة العفو الدولية في أستراليا: “سيكون من المفارقات أن ترعى الهيئة السعودية للسياحة أكبر حدث رياضي نسائي في العالم، بينما لا تستطيع المرأة في السعودية الحصول على وظيفة بدون إذن ولي أمرها”.

كذلك أدانت مديرة المعهد الأسترالي لحقوق الإنسان، جوستين نولان، هذه الخطوة، وقالت إن ما يفعله “ابن سلمان” ليس أكثر من حملة دعائية لمحاولة تنويع الاقتصاد.

وأضافت أن رعاية السلطات السعودية لكأس العالم للسيدات “ستكون حالة نموذجية للغسيل الرياضي”.

وتابعت: “من الواضح أن (فيفا) تبنت على ما يبدو نهجًا مرنًا لتطبيق سياستها الخاصة بحقوق الإنسان، وأنها لا تتبع نهجًا صارمًا وشاملًا لاحترام الحقوق.. سياستها في احترام حقوق الإنسان العالمية لا تمتد على ما يبدو إلى ترتيبات رعايتها”.

وزادت: “قبول السعودية كراعٍ لبطولة كأس العالم للسيدات، وهي دولة تُقيد فيها حقوق المرأة بشكل صريح، يعني تراجع الحقوق مقابل المال والرعاية”.

 

– سياسة التلميع الرياضي منهج لدى السعودية:

وتتعرض المملكة العربية السعودية لانتقادات بشأن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وتطبيق عقوبة الإعدام لديها، كما لجأت المملكة إلى سجن ناشطات في مجال حقوق المرأة، على الرغم من بعض إصلاحات ولي العهد، محمد بن سلمان، مثل إنهاء الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة.

وعمدت السعودية إلى الاستثمار في الأحداث الرياضية خلال السنوات الأخيرة، بيد أنها تواجه اتهامات يُطلق عليها “التبييض الرياضي” لسمعتها.

وقال الباحث بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، جيمس دورسي، إن الرعاية السعودية لمونديال السيدات تعتبر “جزء من استراتيجية أكبر بكثير عبر مختلف الرياضات، والتي تأتي لجعل المملكة مركز الثقل الإقليمي”.

وأضاف: “نعم الأمر يتعلق بالصورة، لكنه يتعلق بوضع المملكة كقوة”.

كما قال الباحث المتخصص في الشؤون الخليجية بـ “كينغز كوليدج لندن”، ديفيد روبرتس، “هناك رغبة واضحة (في السعودية) مدفوعة بشدة من محمد بن سلمان لإحداث نوع هائل من الثورة الثقافية في إطار زمني قصير حقًا”.

وأضاف: “في الوقت نفسه، هناك تغييرات نوعية لم يظن أحد أنها معقولة أو ممكنة، مع التحرر النسبي المعني بالمرأة باعتبارها قوة فاعلة مستقلة في الاقتصاد”.