تقرير خاص

منذ بدء الإعلان عن نية الصندوق السيادي السعودي، الذي يخضع لإشراف مباشر من ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، شراء حصة كبيرة من نادي “نيوكاسل” الانجليزي الشهير، وبدأ القصف العنيف لسياسات “ابن سلمان” في استثمار أموال الشعب السعودي، في مغامرات لا طائل مادي من ورائها، وكذلك قصف من العديد من الجهات البريطانية والسعودية والدولية المهتمة بحقوق الإنسان، وذلك لسجل السعودية السيء في انتهاكات حقوق الإنسان.

– استثمارات “ابن سلمان” لا طائل من ورائها:

تعد الاستثمارات التي ينفذها الصندوق السيادي السعودي، الملاذ الوحيد تقريبًا حاليًا لإنقاذ رؤية “ابن سلمان” الاقتصادية، المعروفة باسم “السعودية 2030″، التي تقوم بالأساس على تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد الأحادي تاريخيًا على مورد النفط.

وباتت استثمارات الصندوق مصيرية مع تفاقم أزمة أسعار النفط والمؤشرات على استمرارها حتى نهاية العام الجاري، والتداعيات الكارثية لأزمة “كورونا”، بالإضافة للنتائج الكارثية لسياسات 3 سنوات من حكم ولي العهد منذ صعوده إلى منصبه الحالي منتصف عام 2017 ليصبح منذ ذلك الحين الحاكم الفعلي للمملكة.

وشهدت استثمارات الصندوق إخفاقات تمثلت بالأساس في خطأ الكثير من تقديرات “بن سلمان” حول الجدوى الاقتصادية لبعض المشروعات الاستثمارية، فإن الكثير من الاستثمارات الخارجية التي انخرط فيها الصندوق السيادي السعودي منيت بخسائر كبيرة، أبرزها استثماراته في صندوق “رؤية” التابع لمجموعة “سوفت بنك اليابانية”، الذي خسر 18 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي.

وتأتي صفقة “نيوكاسل” انعكاسًا طبيعيًا لسياسة “ابن سلمان” في التعامل مع أموال الصندوق، فالنادي متراكم عليه ديون كثيرة، كما أن العوائد المادية من ورائه قليلة، نظرًا لتراجع مستواه الفني الكروي في الدوري الإنجليزي، الذي يقبع في مؤخرته، وباقي البطولات المحلية التي يشارك فيها، لذا فإن الصندوق سوف يقوم بضخ الكثير من الأموال فيه دون انتظار عائد يذكر منه لسنوات طويلة، ما يضفي مزيدا من الشك في أوجه الاستفادة من تلك الصفقة.

– حملة حقوقية ضد الصفقة قد تفشلها:

بحسب صحيفة “تليجراف” البريطانية ، قام ثمانية نواب بمجلس العموم البريطاني بإرسال رسالة إلى الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، “ريتشارد ماسترز”، أكدوا فيها أنهم لن يسمحوا بمرور هذه الصفقة “ما لم تقم المملكة العربية السعودية بإصلاح نظام العدالة الجنائية وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين”.

وأضافت الرسالة أن النخبة في بريطانيا “يجب أن تبذل قصارى جهدها لمحاسبة الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات حقوق الإنسان” في مثل تلك الدول، وليس العكس بالقيام بتبييض وجوه هذه الأنظمة.

وأعرب المشرعون عن “القلق” من رئاسة ولي العهد السعودية “محمد بن سلمان” لصندوق الاستثمار، الذي يريد شراء حصة 80% من نادي نيوكاسل، مشددين في الرسالة على أن هناك مخاوف جدية بشأن ملائمة “ابن سلمان” لقواعد الصفقات المتعلقة بالدوري.

وطالب النواب باستبعاد السعودية على الفور من الصفقة، كما طالبوا بتوضيحات تفسر كيف يمكن اعتبار “أحد أكثر الأنظمة القمعية في العالم بأنه لائق”، لهذه الصفقة.

ووقع على الرسالة “جون نيكولسون، داميان كولينز، كارولين لوكاس، جون ماكدونيل، كريستين بلنت، أليستير كامايكل، اللورد غود، كريس لو بارونة هورنسي”.

كذلك أصدرت منظمتا “هيومن رايتس ووتش”، و”فيرسكوير بروجكتس” الحقوقيتان، بيانًا مشتركًا طالبتا فيه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بمراجعة صفقة بيع نادي نيوكاسل يونايتد، الذي تحاول السعودية شراءه.

كما أكدت المنظمتان في بيانهما على ضرورة أن يحترم الدوري الإنجليزي الممتاز حقوق الإنسان في جميع أعماله، بما في ذلك تقييمه لمحاولة صندوق سيادي سعودي (صندوق الاستثمارات العامة) شراء نيوكاسل.

كما ذكرتا أنهما راسلتا بشكل منفصل الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، ريتشارد ماسترز، بخصوص مخاوفهما من صفقة الشراء المحتملة.

من ناحية أخرى، قامت عدة عائلات من “معتقلي الرأي” في السعودية، بإرسال رسالة إلى الرئيس التنفيذي للدوري الممتاز لكرة القدم الانجليزية “بريميرليج”، ريتشارد ماسترز، لحثه على وقف صفقة بيع نادي “نيوكاسل” إلى الصندوق السيادي السعودي للاستثمارات.

وفي الرسالة التي جاءت تحت إشراف منظمة “جرانت ليبرتي” الخيرية المعنية بحقوق الإنسان، فقد حثت العائلات “ماسترز” على ضرورة عدم السماح لـ”صندوق الاستثمارات العامة” (حكومي ويشرف عليه ولي العهد ابن سلمان)، بالمضي قدمًا في عملية الاستحواذ على نادي نيوكاسل الإنجليزي، بينما يقبع أحبابهم في سجون بالمملكة، حسبما كرت صحيفة “اندبندنت”.

ولفتت عائلات معتقلي الرأي في رسالتها، إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم في بريطانيا، أمضى الأشهر الأربعة الماضية، في تقييم عملية الاستحواذ المثيرة للجدل من الصندوق الحكومي السعودي على نادي نيوكاسل والتي تبلغ قيمتها 300 مليون جنيه إسترليني.

وذكرت الرسالة أنه لكون السعودية ملكية مطلقة فإن صندوق الاستثمار العام لا يمكن فصله عن تصرفات ولي العهد “محمد بن سلمان”، والدولة السعودية، مشيرة إلى أن عملية الاستحواذ تعرض قضية أخلاقية واضحة في محل رفض.

وجاء في الرسالة: “باختصار نرجو منك أن تفعل الصواب، لا يجب السماح للسعودية بشق طريقها إلى الدوري الممتاز في حين أن أحبابنا يقبعون في السجن في أسوأ الظروف”.

وأضافت: “لقد تعرضوا للضرب والتعذيب والتهديد بالقتل والاغتصاب، وتم وضعهم قيد الحجز الانفرادي، ونخشى أنهم قد يموتون على أيدي خاطفيهم مثلما مات قبلهم الكثير، بما في ذلك جمال خاشقجي”.

وذكرت: “لم يفت الأوان لفعل الصواب، كرة القدم هي اللعبة الأولى في العالم، وأنت تدير الدوري الأكثر شعبية، لديك فرصة فريدة للمطالبة بالتغيير”.

وشارك في التوقيع على الرسالة، عائلة كل من الناشطة الحقوقية “لجين الهذلول”، والتي تبلغ من العمر 30 عامًا ولا تزال قيد الاعتقال في السعودية منذ 2018، و”عبدالرحمن السدحان” ( 36 عامًا)، وهو عامل في مجال المساعدة الإنسانية وموظف في الهلال الأحمر، محتجز منذ 2018.

كما حملت أيضًا توقيع عائلة كل من “عايدة الغامدي”، وابنيها “سلطان” و”عادل”، وهما محتجزان منذ مارس/آذار 2018، والدكتور “سلمان العودة” (63 عامًا) ومن المحتمل أن يواجه عقوبة الإعدام بعد دعوته للسلام على “تويتر” في 2017.

ويبقى السؤال، حتى متى يتصرف “ابن سلمان” في أموال السعوديين كيفما يشاء، دون أدنى رقابة أو تحمل للمسئولية؟! ألم يكفِ هذا الفتي المدلل المغامرات التي ساق لها البلاد والعباد، في اليمن، وحروبه النفطية، وأزمة “خاشقجي”، التي أفقدت المملكة سمعتها الاقتصادية، وجعلت رؤوس الأموال تفر منها هاربة، فحتى متى يبقى “ابن سلمان” يدمر أصول المملكة المالية؟!