خاص: بعد أشهر من سيطرة حركة متمردة متحالفة مع إيران على العاصمة اليمنية في عام 2014، شكلت المملكة العربية السعودية تحالفًا عسكريًا وأطلقت العنان لمطر من القنابل بهدف إعادة المتمردين إلى منازلهم في الجبال.
وبدلاً من ذلك، أدى ذلك إلى اندلاع دائرة متصاعدة من العنف ألحقت أضرارًا جسيمة بالمدن اليمنية وقتلت عددًا لا يحصى من المدنيين، بينما خلقت تهديدات جديدة لإمدادات النفط العالمية والحركة البحرية حول شبه الجزيرة العربية.
هذا ما قاله الكاتب بن هوبارد، في مقالة له بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، حيث أكد أنه بعد سبع سنوات، لا يزال انتصار المملكة العربية السعودية، التي تتلقى مساعدات عسكرية مكثفة من الولايات المتحدة، بعيد المنال. وحاليًا، تبحث المملكة عن مخرج من الحرب من خلال دعم وقف إطلاق النار ومجلس رئاسي جديد لقيادة الحكومة اليمنية، والذي تم الإعلان عنه يوم الخميس.
واستعرض الكاتب كيف استقرت الحرب في مأزق طاحن حطم المجتمعات، وأرسل الأطفال الجوعى إلى المستشفيات المستنفدة، ونشر الأمراض، مثل؛ الكوليرا، في جميع أنحاء اليمن، فيما اعتبره مسؤولو الأمم المتحدة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
– كيف بدأت حرب اليمن؟
وأشار التقرير إلى أن الصراع بدأ كحرب أهلية في عام 2014، عندما سيطر الحوثيون، الساعين للسيطرة على البلاد، على الشمال الغربي والعاصمة صنعاء، وأرسلوا الحكومة إلى المنفى في المملكة العربية السعودية.
وتابع التقرير بقوله: “سرعان ما تدخل التحالف الذي تقوده السعودية، لكن الحوثيين ظلوا في مكانهم بينما سقطت قنابل التحالف، ما أدى في كثير من الأحيان إلى قتل المدنيين وتدمير المصانع والبنية التحتية فيما كان بالفعل أفقر دولة في العالم العربي. كما دعمت المملكة العربية السعودية وشريكتها في التحالف، الإمارات العربية المتحدة، مجموعات قتالية يمنية مختلفة لمحاربة الحوثيين”.
– ماذا حصل؟
وأردف كاتب التقرير أنه في وقت مبكر، قصف التحالف محافظة صعدة، موطن أجداد الحوثيين، بشكل مكثف، ما أثار استياء سكانها وفتح الباب أمام اتهامات بارتكابها جرائم حرب من خلال عدم التفريق بين الأهداف المدنية والعسكرية. كذلك في أماكن أخرى، سقطت القنابل السعودية بشكل متكرر على تجمعات المدنيين، بما في ذلك حفلات الزفاف، حيث أسفر هجوم على جنازة رفيعة المستوى في صنعاء عام 2016 عن مقتل أكثر من 100 شخص، بمن فيهم شخصيات سياسية ربما ساعدت في سد الفجوات بين اليمنيين لإنهاء الحرب.
وأوضح التقرير أن هذه الضربات وغيرها جعلت الحرب لا تحظى بشعبية كبيرة في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى التي باعت حكوماتها للسعوديين العديد من الأسلحة التي تُستخدم لقتل المدنيين.
وسط تأكيدات من السعوديون وحلفاؤهم إنهم اعتمدوا بروتوكولات لضمان استهداف أفضل. لكن في 2018، قصفوا حافلة مدرسية، ما أسفر عن مقتل 44 شخصًا على الأقل، معظمهم من الفتيان الصغار في رحلة ميدانية، ما جدد ذلك التساؤلات حول ما إذا كان سلاح الجو السعودي لديه مهارات استهداف ضعيفة أو أنه لم يهتم بما يكفي لاتخاذ الاحتياطات اللازمة.
وذكر التقرير أن قسوة حملة القصف وفرض الحصار الذي عرقل الاقتصاد وترك المزيد من اليمنيين معتمدين على المساعدات الدولية المحدودة، جعلت السعوديين لا يحظون بشعبية كبيرة في أجزاء من البلاد، وزاد من دعمهم لفكرة الحوثيين بأنهم يحاربون العدوان الظالم.
قال الباحث الأول في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، عبد الغني الإرياني: “أولاً، منحهم مكانة أخلاقية عالية من خلال مهاجمة المدنيين، ثم مكّنوا الحوثيين من التجنيد من خلال تطبيق عقوبات اقتصادية أفقرت السكان وجعلت التجنيد في قوات الحوثيين خيار البقاء الوحيد”.
– تدخل إيران:
وتطرق التقرير إلى كيفية تدخل العدو الإقليمي للسعوديين (إيران) في الحرب، مشيرًا إلى علاقة إيران وثيقة الصلة بالحوثيين قبل الحرب، لكنها زادت بشكل كبير من المساعدات العسكرية للحركة بعد بدء القتال.
وقال كاتب التقرير إن الحوثيون احتاجوا إلى المساعدة للقتال ضد عدو أكثر ثراءً وأفضل تجهيزًا، ووجدت إيران طريقة جديدة لتهديد المملكة العربية السعودية وإضعاف دفاعاتها دون مهاجمة المملكة مباشرة.
وأضاف أنه “بمرور الوقت، تقدم الحوثيون من استهداف المواقع على طول الحدود السعودية بصواريخ قصيرة المدى إلى استهداف العاصمة السعودية، الرياض، بصواريخ باليستية كبيرة وكذلك استخدام طائرات بدون طيار لمهاجمة منشآت النفط السعودية في عمق المملكة”.
قالت كاثرين زيمرمان، الباحثة بمعهد أمريكان إنتربرايز: “عندما نتحدث عن جماعة الحوثيين، فإن أكبر انعطاف هو القدرة العسكرية، والتي سمحت لهم بالتأثير الهائل على المنطقة ووضعهم في موقع يكونون فيه بوابات السلام في اليمن”.
– هل هذا يعني أن الحرب ستنتهي؟
أوضح التقرير أن المسؤولون السعوديون جادلوا بأنه ليس لديهم خيار سوى محاربة الحوثيين، وكثيرًا ما يسألون عما ستفعله الولايات المتحدة إذا استولت ميليشيا عنيفة على الأراضي الواقعة عبر حدودها وبدأت في إطلاق الصواريخ على المدن الأمريكية. ألن تقصفهم أيضًا؟
وأضاف أنه كما أن الحوثيين متهمون بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك تجنيد الأطفال، وهم يحكمون مناطقهم بقبضة من حديد لا تترك مجالاً للاختلاف مع سياساتهم.
ولفت كاتب التقرير إلى أنه من المفترض أن يقود المجلس الرئاسي الجديد للحكومة اليمنية، الذي أُعلن عنه يوم الخميس وبدعم من السعوديين، محادثات سلام مع الحوثيين، وقد يوفر وقف إطلاق النار لمدة شهرين والذي دخل حيز التنفيذ يوم السبت أيضًا فرصة للمفاوضات. كلاهما مؤشر على أن المملكة العربية السعودية تكثف جهودها لإيجاد مخرج من الحرب.
لكن بعض المحللين يتساءلون عما إذا كان الحوثيون يريدون إنهاء الحرب التي وسعت قوتهم إلى حد كبير، والتي تكلف السعودية الكثير من متابعتها.
وقالت السيدة “زيمرمان”: “إنها باهظة الثمن بالنسبة للسعوديين، وهي بالتأكيد أغلى بالنسبة لهم منها بالنسبة لعدوهم، وهي مشكلة دائمًا، حتى لو كنت الرجل الثري”.