خاص: أثارت محاولة الاغتيال التي تعرض لها الناشط الحقوقي السعودي المعتقل، خالد العمير، داخل محبسه، ملف محاولة النظام السعودي قتل معتقلي الرأي بشتى الطرق أثناء فترة اعتقالهم، ما يجعل إثارة هذا الموضوع دوليًا عبر المنظمات الحقوقية والأممية الدولية أمرا لا بد منه.

وكانت مصادر حقوقية سعودية، كشفت في 18 أغسطس/ آب الماضي، عن تعرض الناشط الحقوقي البارز والمعتقل، خالد العمير، لمحاولة اغتيال، وسط تأكيدات بتورط السلطات السعودية في المحاولة.

وقال حساب “معتقلي الرأي” في تغريدة رصدها الموقع: “أنباء عن تعرض الناشط خالد العمير، لمحاولة اغتيال داخل محبسه”.

وأوضح الحساب أن المحاولة “قام بها مسجون ليس لديه معرفة سابقة بالعمير، ولم يره مجددًا بعد الحادثة”، ما يشير لتورط إدارة السجن في التدبير لتلك الحادثة.

من جانبها، قالت منظمة “القسط” الحقوقية في بيان لها، إن الحادث يأتي ضمن مسلسل المساعي الانتقامية الممنهجة من السلطات السعودية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السلميين.

وذكرت المنظمة أن “تعرض العمير لمحاولة قتل من سجين آخر رغم عدم احتكاكه أو معرفته بهذا السجين من قبل، وذلك في يوم 30 يوليو 2021 في الساعة الواحدة والنصف ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة، ليختفي ذاك السجين عن الأنظار ولم يرهُ مجددًا، وعليه تدعو القسط للتحقيق في الحادثة، خاصة وأن السجن به كاميرات مراقبة، تستطيع الجهات المسؤولة منها اكتشاف ملابسات الاعتداء”.

وأضافت “القسط” أن “الوضع الصحي للعمير ازداد سوءًا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، حيث تضاعفت لديه أعراض الضيق في التنفس وغيرها من الأمراض”.

وعلق المدير المكلف لمنظمة القسط، نبهان الحنشي، على المحاولة بقوله: “تعامل السلطات السعودية يدل على نية مبيتة في الانتقام من النشطاء في السجون، ونحن قلقون على صحة وسلامتهم، ونخاف من تكرر حالات الإهمال الطبي وغيرها من الممارسات التي قد تزيد من أوضاعهم سوءًا أو تهدد سلامتهم وحياتهم، وعلى السلطات التحقيق فورًا في محاولة قتل العمير، والكشف عن ملابسات وفاة زهير شريدة، وضمان سلامة السجناء وصحتهم”.

 

ليست الحالة الأولى:

حالة “العمير”، ليست الأولى من نوعها داخل السجون السعودية ضد معتقلي الرأي، ففي أغسطس 2020، كشفت الناشطة السعودية إنصاف حيدر، زوجة الناشط المعتقل، رائف بدوي، تعرّض زوجها لمحاولة اغتيال داخل السجن بالسعودية.

وبحسب “حيدر”، فإن نزيلاً من المتهمين بقضايا تتعلق بالإرهاب، حاول قتل زوجها، إلا أن الأخير نجا من ذلك، بحسب ما قاله موقع “عربي 21”.

وتابعت: “تم إحالة القضية إلى النيابة العامة، وزوجي دخل في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على الاستهتار بحياته”.

وحملت قضية رائف بدوي خلال السنوات الماضية ردود فعل دولية واسعة، لا سيما أنه ينتمي إلى التيار الليبرالي، الذي تزعم الرياض ترجيح كفته على حساب الإسلاميين في مشروعها المقبل.

وكان رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو، أعلن مطلع العام 2019، أنّ الإفراج عن بدوي المعتقل منذ العام 2012 هو “أولويّة” لجميع الكنديّين.

واعتُقل بدوي المؤسّس المشارك للشبكة الليبراليّة السعوديّة عام 2012 بتهمة الإساءة إلى الإسلام. وحكم عليه في أيّار/مايو 2014 بالسجن عشرة أعوام وبألف جلدة موزّعة على 20 أسبوعا، ما استدعى ردود فعل دوليّة مندّدة.

 

دعوة لرقابة دولية على السجون السعودية:

في تعليقها على محاولة اغتيال “العمير”، دعت منظمة “القسط” السلطات السعودية للسماح لمراقبين دوليين مستقلين بالوصول إلى منشآت الاحتجاز لديها؛ من أجل تقييم أوضاع السجون وضمان سلامة السجناء، دون قيود أو رقابةٍ منها على تقييمهم.

وأشارت المنظمة إلى أن تلك الدعوة تأتي لضمان ظروف احتجاز عادلة وإنسانية وفقًا لقواعد الأمم المتحدة الدنيا المعيارية لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، وضمان مبدأ عدم التمييز لجميع الأشخاص المحتجزين، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع حالات الوفاة أثناء الاحتجاز، والإفراج عن كافة المدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين على خلفية تعبيرهم السلمي عن الرأي.

لا شك أن تلك المحاولات لابد أن تدعمها محاولات مستميتة على أرض الواقع للدفاع عن حق معتقلي الرأي في الحق في الحياة، وذلك من خلال تقديم أدلة ملموسة على وقوع معتقلي الرأي تحت التعذيب والإهمال الطبي في محاولة لقتلهم بشكل بطيء وغير مباشر. وفي حالة فشل النظام في ذلك فإنه يعمد إلى الاغتيالات المباشرة للتخلص من معارضيه.

فالمهم الآن أن تتكاتف المنظمات الحقوقية السعودية والدولية لجمع الأدلة والوثائق التي تؤكد تلك الانتهاكات، وتقديمها للآليات الأممية والمجتمع الدولي، في محاولة منه لدعم الضغط على السعودية لوقفت تلك الانتهاكات.

ولكن بالتأكيد لن يتم ذلك إلا من خلال تعاون أهالي المعتقلين مع تلك المنظمات ودعمهم بالمعلومات نقلاً عن ذويهم المعتقلين، أما الصمت فلن يدفع ثمنه سوى ذاك المعتقل الذي يقبع خلف قضبان الظلم ينتظر الموت.