خاص: رغم أن الاستثمارات الأجنبية كان لها الحظ الأكبر في رؤية 2030، التي يتبناها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وذلك لاعتماده عليها كثقل استراتيجي في تحول المملكة من الاعتماد على النفط، فيما يسمى بـ”الاقتصاد الجديد”، إلا أن “ابن سلمان” فشل في جذب تلك الاستثمارات والأموال.

ففي افتتاحية رؤية 2030، يقول “ابن سلمان”: “سنفتح مجالاً أرحب للقطاع الخاص ليكون شريكًا، بتسهيل أعماله، وتشجيعه، لينمو ويكون واحدًا من أكبر اقتصادات العالم، ويصبح محركًا لتوظيف المواطنين، ومصدرًا لتحقق الازدهار للوطن والرفاه للجميع. هذا الوعد يقوم على التعاون والشراكة في تحمل المسؤولية”.

واعتمدت الرؤية على استراتيجية لتحقيق هذا الهدف، ألا وهو “جذب الاستثمارات الأجنبية”، وذلك من خلال زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ عبر تطوير الفرص الاستثمارية وتسويقها. وكذلك زيادة رضا المستثمرين؛ من خلال تسهيل إجراءات ممارسة الأعمال، وحماية المستثمرين. وأيضًا تحسين الأثر من الاستثمار الأجنبي؛ عن طريق تعظيم المساهمة الكمية في (الناتج المحلي الإجمالي/ التوظيف).

 

رؤية 2030 تشجيع للاستثمارات على الورق:

تضمنت رؤية 2030 التي اعتمد عليها “ابن سلمان” لترويج نفسه، من ضمن أهدافها المهمة أهداف لجذب الاستثمارات، مع وضع مبادرات لتنفيذ تلك الأهداف.

فالهدف الاستراتيجي رقم 3.1.6 في الرؤية كان (جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة) عالية الجودة والمتنوعة والمستدامة، وكسب ثقة المستثمر الأجنبي، ويتم ذلك من خلال (زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عبر تطوير الفرص الاستثمارية وتسويقها، زيادة رضا المستثمرين من خلال تسهيل إجراءات ممارسة الأعمال وحماية المستثمرين، تحسين الأثر من الاستثمار الأجنبي عن طريق تعظيم المساهمة الكمية في (الناتج المحلي الإجمالي / التوظيف).

ولتحقيق ذلك وضعت الرؤية عدة مبادرات، من ضمنها، مبادرة إنشاء (المركز الوطني للتنافسية)، والذي سيعمل على تحليل البيئة الاستثمارية، وتنفيذ التوصيات التي من شأنها تحسين تنافسية المملكة كوجهة استثمارية، والتحقق من فعالية تنفيذ التوصيات وتحديد التوجهات الجديدة.

كذلك مبادرة إنشاء (مركز المعلومات الموحد لمنظومة التجارة والاستثمار)، والذي يهدف إلى تنظيم جميع البيانات الخاصة بمنظومة التجارة والاستثمار، وتسهم في تطوير العمل في الوزارة والجهات التابعة لها، ورفع معايير الرقابة لضمان رضا المستهلك والتاجر وخلق فرص تجارية واستثمارية.

كذلك اشتملت الرؤية على مبادرة لتطوير أنظمة وزارة التجارة والاستثمار بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية وبما يتواءم مع الأنظمة التجارية الدولية والتجارب الرائدة، على النحو الذي يسهم في دعم نمو القطاع الخاص.

وأيضًا عملت الرؤية على بناء وتفعيل برنامج (استثمر في السعودية)، والذي يهدف إلى تعزيز المملكة كوجهة استثمارية رائدة وتحسين مكانتها في مجال الاستثمار، من خلال بناء وتفعيل هوية استثمارية موحدة للمملكة وتسويق فرصها الاستثمارية بكافة القطاعات الواعدة.

وبالطبع كل تلك المبادرات، إن كان تم تنفيذها، كانت ستنقل الاستثمارات في المملكة نقلة نوعية للأفضل، ولكن كل تلك المبادرات والمشاريع انتهت مع بداية أحداث مقتل “جمال خاشقجي”، وتوالي سقطات النظام السعودي في بئر الانتهاكات الحقوقية، التي أرعبت كل من كان ينتوي استثمار أمواله في المملكة، ودفعت الكثير من رؤوس الأموال الضخمة لإعلان انسحابها من مشاريع قومية كبرى في المملكة، مثل مشروع “نيوم”، و”القدية”.

 

تصريحات رائعة.. وسياسات مدمرة:

كان لسان حال المسؤولين السعوديين في تلك النقطة، كالقائل “أراني معسول الكلام، وسوء الأفعال”! فالتصريحات الرنانة التي ملئت أفواه المسؤولين السعوديين حول جذب الاستثمارات للمملكة، رافقها سياسات اقتصادية وتدخلات سياسية عملت على إفقاد المستثمر الأجنبي ثقته في المملكة، كبلاد مستقر وحكومة رشيدة، تضمن له أمواله.

ففي تصريحات يناقض بعضها البعض، جاءت مقابلة ولي العهد مع وكالة “بلومبرج” الاقتصادية، في أكتوبر 2018..

 

* بلومبيرغ: أحد الأمور هو أنك تريد أن يمثل القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب جزءًا كبيرًا من الرؤية المستقبلية والتغيير في الاقتصاد، من الواضح أن ثقة المستثمرين مهمة جدًا، لذا هل تعتقد أن اعتقالات الريتز كارلتون قد أثّرت على ثقة المستثمر؟ فبالتأكيد كانت هنالك أحاديث حول ذلك.

* الأمير محمد بن سلمان: لقد أدّت إلى انتشار الكثير من الشائعات، لكنني لا أرى أنها أثرت على ثقتهم. ففي نهاية الربع الثاني من عام 2018، ارتفع صافي الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم السعودية بنسبة 40.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.

 

* بلومبيرغ: لكن إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر قد انخفض بشكل كبير!

* الأمير محمد بن سلمان: نعم، لقد انخفض بنسبة 80% في عام 2017 مقارنة بعام 2016، ولكن في عام 2018 سيزيد بنسبة 90% مقارنة بعام 2017. هذا الرقم بالنسبة للنصف الأول وسوف تشمل جميع الاستثمارات. وبالنسبة للانخفاض بنسبة 80% في عام 2017، فنحن نعتقد أن الصفقة التي تمت، وهي عبارة عن استحواذ شركة المملكة على جزء من البنك السعودي الفرنسي، عبر شرائها أسهما من مستثمرين أجانب، قد أدى إلى ذهاب الكثير من المال إلى الخارج، مستطردًا: يجب الإشارة إلى أمر ما، وهو انخفاض الاستثمار المباشر حول العالم بنسبة تزيد عن 20% في عام 2017.

 

* بلومبيرغ: لكنه زاد في المنطقة، بشكل عام.

* الأمير محمد بن سلمان: لننظر إلى أرقام 2018، إنها أعلى من أرقام 2017 بنسبة 90% وهذا يعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح!

 

وبالطبع الواقع الحالي لاقتصاد المملكة هو خير دليل إلى أين وصلت تلك التصريحات، ومستويات الاستثمار الأجنبي في المملكة.

 

– انهيار الاستثمار بالمملكة:

ألقت مجلة “فوربس” الأميركية، في تقرير لها نشر يونيو 2018، الضوء على ما وصفته بانهيار الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية العام الماضي، بحسب بيانات نشرها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).

ووفقًا لما جاء في تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن “الأونكتاد”، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية العام الماضي 1.4 مليار دولار فقط، انخفاضًا من 7.5 مليارات دولار العام السابق، ومن 12.2 مليار دولار في عام 2012.

وتعني هذه الأرقام أن السعودية تأخرت عن اقتصادات أصغر منها بكثير من حيث القدرة على اجتذاب الاستثمارات الدولية، إذ إن سلطنة عمان مثلاً استقطبت استثمارًا أجنبيًا مباشرًا بقيمة 1.9 مليار دولار في عام 2017، كما اجتذب الأردن 1.7 مليار دولار.

وفي حين تخفق السعودية في اجتذاب المليارات، يتمكن آخرون من اقتطاع حصة أكبر من كعكة الاستثمارات الدولية. فقد تضاعفت حصة الإمارات من الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة غرب آسيا عموما خلال السنوات الست الأخيرة، إذ كانت نسبتها 19% في عام 2012 وصارت 41% في 2017.

ويعلق الكاتب، دومينيك دادلي، في مجلة “فوربس” على الأرقام التي سجلتها السعودية بالقول إنها ستكون مقلقة لصانعي السياسة في الرياض، إذ إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد جعل من مسألة اجتذاب المستثمرين الأجانب أحد عناصر خطته الطموحة للإصلاح الاقتصادي.

ويضيف “دادلي” أن كل أفكار “ابن سلمان” -من إنشاء مدن جديدة، وفتح أسواق للسياحة والترفيه، وتخفيف قيود الملكية الأجنبية للشركات المدرجة بالبورصة السعودية-، تعتمد على إقناع المستثمرين الأجانب بجلب أموالهم إلى المملكة.

وخلاصة هذا التقرير المهم، هو أن تخوفات المستثمرين بدأت في الظهور في عام 2017، الذي أطلقت فيه المشاريع الاقتصادية الضخمة بالتزامن مع حملة اعتقالات واسعة شملت العشرات من الدعاة، والمستثمرين السعوديين، وأفراد من الأسرة المالكة، ومسؤولين بارزين، بينهم وزير الاقتصاد السعودي، وازدادت حدتها في نهاية عام 2018، في أعقاب اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول وتوجيه أصابع الاتهام لولي العهد، والتي كانت بمثابة الضربة القاضية للاستثمارات الأجنبية بالمملكة.

كل هذه الأحداث أثرت على سمعة المملكة، التي سعت قبل نهاية النصف الأول من العام 2020 إلى تحسين صورتها أمام الرأي العام الدولي، من خلال شركات علاقات عامة أميركية. بالإضافة إلى توقيع عقد رعاية مع شركة Riot Games، التي تقف وراء لعبة “دوري الأساطير” League of Legends أكبر بطولات الرياضات الإلكترونية بالعالم، في مسعى منها لإعادة التركيز على المشروعات الضخمة وجذب المستثمرين الأجانب.

لكن فيما يبدو أن الحملة التي أطلقتها المملكة أتت بصورة عكسية، حيث أثار توقيع عقد رعاية بين شركة Riot Games ومشروع نيوم، انتقادات واسعة للشركة، واتهموها بالنفاق من أجل المال.

وأعلن العديد من الأشخاص المهتمين بالرياضات الإلكترونية، ومشجعي الدوري الأوروبي، والمحللين، وحتى موظفون ومصممون بالشركة عن غضبهم من الارتباط مع “نيوم”؛ بسبب موقف المملكة من العديد من الملفات بينها حقوق الإنسان.

وبسبب سيل الانتقادات التي انهالت عليها، لم تستطع الشركة الصمود أكثر، وبعد أقل من 24 ساعة من التوقيع على عقد الشراكة أعلنت في 29 يوليو/تموز 2020 إلغاء الشراكة مع “نيوم”.

من جهته، رجح ناثان هيث، الباحث في مركز “ذي فارس” لدراسات الشرق، بقاء آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر في مشاريع المملكة مرتفعة طالما أن الشركات والمؤسسات الكبرى المتحمسة للتكنولوجيا الخضراء الذكية للمدن العملاقة في السعودية تواصل دعمها لجهود الرياض لتنويع اقتصادها وتصبح رائدة عالميا في الحياة الحضرية المتجددة.

إلا أنه أشار إلى أن الخطر الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر في المدن الكبرى الثلاث نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، يتمثل في التصور السلبي للخلافات السعودية التي تؤدي إلى انسحاب المستثمرين الحاليين من التزاماتهم أو فقدان المستثمرين المحتملين اهتمامهم.

وأوضح “هيث” في منتصف فبراير/شباط 2020 أنه بعد مقتل خاشقجي، أنهى عدد من الشخصيات التجارية والسياسية البارزة مشاركتهم كمستثمرين أو مستشارين في المشروع. ومن بين هؤلاء ريتشارد برانسون من مجموعة فيرجن، ودان دوكتوروف من جوجل، ووزير الطاقة الأميركي السابق إرنست مونيز.

وأكد “هيث” أن العديد من الشركات التي تفكر في الاستثمار حددت مخاطر الصورة العامة السلبية للمملكة العربية السعودية كمؤشر على مناخ الأعمال غير المواتي.

كما أوضح تقرير لموقع “فاست كومباني” المتخصص في مستقبل الأعمال، أن رئيس قسم التصميم في شركة أبل، جوناثان إيف كان من بين أول من سحب اسمه بهدوء من مجلس إدارة نيوم، بعد أسبوع من ورود أنباء عن اختفاء خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وأشار تقرير للموقع تم إعداده بعد أقل من شهر على حادثة اغتيال خاشقجي إلى نأي العديد من شخصيات التصميم البارزة الأخرى عن مشاريع ابن سلمان، بما في ذلك المهندس المعماري نورمان فوستر، وكارلو راتي من مختبر المدن الحساسة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ورئيس Ideo والمدير التنفيذي تيم براون، والرئيس التنفيذي السابق لشركة أوبر، ترافيس كالانيك.

وبعد أسابيع من عملية الاغتيال وخلال اجتماعه مع قادة الشركات في جلسات خاصة لنقل التحديات التي يواجهونها اعترف ابن سلمان بأنه لن يستثمر أحد لسنوات في هذه المشاريع، بحسب ما نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز الأميركية منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2018.

 

واقع محبط.. وأمال تشاؤمية:

1- انسحاب صندوق الثروة السيادي النرويجي:

جاء إعلان صندوق الثروة السيادي النرويجي، في مارس 2020، وهو الصندوق الأضخم في العالم، سحب نحو ثلثي استثماراته من سوق المال السعودي، كضربة قاصمة لأحلام “ابن سلمان”.

وأرجعت صحيفة “E24” في تقرير نقله موقع “عربي21″، قرار الصندوق السيادي النرويجي بتقليص استثماراته في السعودية إلى تزايد الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان بالمملكة.

وحقق الصندوق، البالغ حجمه 1.1 تريليون دولار، عائدًا قياسيًا خلال عام 2019 قدره 1.69 تريليون كرونة نرويجية (180.49 مليار دولار)، بنسبة زيادة بلغت 19.9 بالمئة.

وثمنت المتحدثة باسم منظمة العفو الدولية، إينا تين، القرار النرويجي، قائلة: “يبدو أن السلطات النرويجية أدركت إشكالية السوق السعودي، بسبب الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان، والافتقار إلى حرية التعبير”.

وانتقدت منظمة العفو الدولية، العام الماضي، الحكومة النرويجية بعد زيادة استثمارات الصندوق السيادي في السعودية خلال العام 2018، وفقا للصحيفة.

وأشارت الصحيفة النرويجية، إلى أن الصندوق السيادي استثمر في الأسهم والسندات السعودية 9 مليارات كرونة نرويجية (967,3 مليون دولار) خلال العام 2018، لكنه قلص هذه الاستثمارات في العام 2019 إلى 3.65 مليار كرونة نرويجية (392,3 مليون دولار).

ووفقا للتقرير السنوي للصندوق السيادي النرويجي، ارتفعت استثمارات الصندوق في أسهم الشركات بدول الخليج والمنطقة بنسبة 15.2 بالمائة، لتصل إلى 3.33 مليارات دولار في نهاية 2019، مقابل 2.89 مليار دولار في نهاية 2018.

وتأسس الصندوق السيادي النرويجي في ستينيات القرن الماضي، بهدف تحصين الاقتصاد النرويجي من التقلبات في أسواق النفط، وتجاوزت القيمة السوقية للصندوق 10 تريليونات كرونة بعد 50 عاما من اكتشاف النرويج النفط الذي من شأنه تغذية ثروة البلاد.

وتتفوق القيمة السوقية للصندوق النرويجي على اقتصادات عدد من الدول القوية على غرار إندونيسيا، وهولندا والسعودية، وتركيا وسويسرا والسويد وبلجيكا، وتقترب هذه القيمة من الناتج المحلي لدول كبرى مثل المكسيك وأستراليا وإسبانيا وروسيا.

 

2- صناديق شرق أوسطية تنسحب:

من ناحية أخرى، أظهر استطلاع لوكالة “رويترز”، أغسطس 2019، أن صناديق الشرق الأوسط تخطط لزيادة استثماراتها في مصر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وخفضها في السعودية، بينما ستُبقي انكشافها على دول أخرى في المنطقة عند المستويات الحالية.

وبالفعل شهدت البورصة السعودية هبوطًا حادًا عقب إعلان هذا القرار، مع تراجع أسهم جميع البنوك المدرجة بفعل انحسار تدفقات الصناديق، وهو ما أضعف شهية المستثمرين في يوم تنفيذ المرحلة الثانية من إدراج أسهم سعودية في مؤشر إم.إس.سي.آي للأسواق الناشئة.

وقالت المجموعة المالية المصرية “هيرميس”، في مذكرة لها إن “الاستثمار في البنوك السعودية لم يعد مغريًا من وجهة نظرهم، مع انحسار التدفقات من الصناديق الخاملة، وأسعار الفائدة غير الملائمة، والقلق من جودة الائتمان”!

وأكد “60 بالمئة من مديري صناديق الشرق الأوسط في استطلاع لرويترز إنهم سيخفضون استثماراتهم في السعودية، في استمرار لحالة تشاؤم من الشهر الماضي”.

وقال معهد التمويل الدولي في مذكرة “اجتذبت السعودية تدفقات أموال أجنبية في الأسهم بنحو 18 مليار دولار منذ بداية العام، مع قيام المستثمرين الأجانب بزيادة تعرضهم بدرجة كبيرة للأسهم السعودية قبيل ترقيتها”.

وأضاف المعهد أن التدفقات إلى السعودية كان يمكن أن تكون أعلى من ذلك لو لم تكن هناك مخاوف بشأن التجارة العالمية، وتصاعد التوترات الإقليمية.

 

3- واقع مؤلم لصندوق الاستثمارات السيادي السعودي:

أما عن صندوق الاستثمارات السيادي السعودي نفسه، فنشرت “رويترز” في يوليو 2019، تقرير عن تعرض صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يرأسه “ابن سلمان” لخطر كبير محدق، ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة داخل الصندوق أن انغماس الصندوق في المشاريع المحلية لولي العهد، محمد بن سلمان؛ سيكبح طموحاته العالمية ويربط حظوظه بشكل أوثق بسوقه المحلية.

وأضافت المصادر أن هناك مخاوف من تأجيل المشاريع الخارجية أو تقليصها ما لم يتوفر التمويل الأجنبي، حيث لم ينفذ الصندوق أي استثمارات أجنبية، منذ بداية العام الحالي، رغم تعاقده على العديد من المشاريع الكبرى بالخارج.

وذكرت المصادر أن الصندوق فقد فرصة جني إيرادات تُقدر بنحو 100 مليار دولار؛ عندما تقرر تعليق الطرح العام الأولي لشركة النفط أرامكو، العام الماضي، وعمد إلى سد جزء من الفجوة عن طريق أدوات الدين وبيع حصة في شركة بتروكيميائيات محلية.

ومن أهم مشاريع الصندوق الداخلية -بوصفه مستثمراً أساسياً-، منطقة “نيوم” الاقتصادية التي ستتكلف 500 مليار دولار، ومن المقرر افتتاح المرحلة الأولى من مشروع “القدية” الترفيهي في المنطقة خلال عام 2022، واستكمال المرحلة الأولى من المشروع في 2025.

وتبلغ أصول صندوق الاستثمارات العامة نحو 300 مليار دولار، ويوزع استثماراته هيكلياً على ستة مجالات؛ وهي حيازات الأسهم السعودية، وتطوير القطاعات، والعقارات والبنية التحتية، والمشاريع العملاقة، والاستثمارات الخارجية، ومحفظة منوعة.

كما تبلغ نسبة الاستثمارات الأجنبية نحو 15% من أصوله، ويعمل لديه أكثر من 450 موظفاً، ويستهدف الوصول بالعدد إلى 700 بنهاية العام.

 

4- مستقبل مظلم:

أما عن آفاق المستقبل، فلنا أن نذكر رسالة مدير الأصول والخبير الاقتصادي العالمي، مارك موبيوس، للمستثمرين في المملكة، حيث أكد أنه لا يجب على أي شخص الاستثمار في المملكة العربية السعودية الآن، وأن جريمة قتل “خاشقجي” هي حالة سيئة للغاية.

وقال “موبيوس” في تصريحات لقناة “سي.ان.بي.سي” الاقتصادية الأمريكية، ترجمها موقع “ام.بي.اس مي توو”: “فيما يتعلق بي، لا أعتقد أننا يجب أن نستثمر في المملكة العربية السعودية لهذا السبب ما لم يكن هناك تغيير حقيقي كبير”.

وأشار “موبيوس” إلى أن قتل “خاشقجي” كان حالة سيئة للغاية، وأنه يرى أوقاتاً عصيبة تمر على المملكة وجيرانها.

كما أوضح “موبيوس” ان أسعار النفط تمثل كارثة للمملكة، قائلا: “كنا نتوقع 100 دولار (للبرميل) بحلول نهاية العام الماضي، والآن وصلنا إلى 57 دولاراً، إن هذا أمر لا يصدق، إنها كارثة”.