تقرير خاص

تزخر تقارير حقوق الإنسان الدولية والمحلية بأساليب وصنوف متعددة تفنن النظام السعودي وكل الأنظمة القمعية في ابتكارها واستخدامها ضد معارضيه من المعتقلين والمعتقلات، ويتميز النظام السعودي الحالي بأن إجرامه فاق كل الحدود، فلم يستثنِ فئة من التعذيب، النساء قبل الرجال، الشيوخ قبل الشباب، حتى الأطفال رأوا كان لهم من هذا الإجراء الوحشي نصيب كبير.

وهنا محاولة بسيطة لسبر أغوار الزنازين المغلقة على انتهاكات وفظائع ارتكبها ولا يزال يرتكبها النظام السعودي ضد “معتقلي الرأي”، للوقوف على أهم أساليب التعذيب غير الآدمية التي يمارسها ضد السجناء لإذلالهم وانتزاع الاعترافات الباطلة منهم، أو الضغط على ذويهم، أو حتى مجرد التلذذ بممارسة الوحشية معهم.

  • الحبس الانفرادي

يكاد لم يستثنَ أحد من معتقلي الرأي بالسعودية من التعرض لذلك النوع من التعذيب المخالف لأدنى معايير حقوق الإنسان العالمية، وهو سجن داخل سجن، وبمثابة ضربة قاضية لنفسية المعتقل، ولم يسلم صغير ولا كبير ذكر أو أنثى من المعتقلين من هذا النوع من التعذيب، بل إن البعض منهم أمضى سنوات طوال داخل الزنزانة الانفرادية.

ومن ضمن هؤلاء الذين قضوا عدة سنوات في العزل الانفرادي الإعلامي “علي العمري” الذي قضى فيه أكثر من سنتين حتى الآن، والعديد من معتقلي الرأي، ولن نكون مبالغين إذا قلنا إن الحبس الإنفرادي هو طريقة السلطات السعودية لاستقبال معتقلي الرأي داخل السجون!

  • الصعق بالكهرباء والضرب بالسياط:

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في مارس 2019، عن وثائق مسربة رفعت للملك “سلمان”، حول الوضع الصحي لمعتقلي الرأي داخل السجون السعودية وما تعرضوا له من تعذيب أدى لتردي وضعهم الصحي مع توصية بإطلاق سراح كبار السن منهم، وتحسين الوضع المعيشي والصحي للباقي.

وأجريت الفحوصات على 60 من معتقلي الرأي، وخلصت التقارير الطبية إلى أن السجناء يعانون من كدمات وحروق وجروح ونقص حاد في الوزن، وقد عرضت الصحيفة تفاصيل تظهر هول معاناتهم.

وكشفت أن بعض السجناء لا يستطيعون الحركة على الإطلاق بسبب جروح في السيقان والهزال الشديد نتيجة سوء التغذية ونقص السوائل في أجسامهم.

وكذلك ما ذكرته عائلة الناشطة المعتقلة “لجين الهذلول” حول وجود كدمات في رجليها جراء التعذيب، وما حدث مع المعتقلة “عزيزة اليوسف” من ضرب بالعقال والسياط.

وما تعرض له المعتقل المفرج عنه الدكتور “وليد فتيحي” من ضرب بالسياط على ظهره، وما تعرض له الإعلامي “علي العمري” كذلك.

  • التهديد بالتحرش والاغتصاب:

وهي وسيلة تعذيب ذات فعالية خصوصًا مع النساء منهم، فقد تعرضت العديد من الناشطات المعتقلات للتحرش، ومنهن من تم تهديدهن بالاغتصاب أمام ذويهن.

وتعرض العديد منهن للاحتضان والتقبيل القسري، كما تعرّضت واحدة – تحفظت منظمة القسط الحقوقية عن ذكر اسمها – منهن على الأقل لتحرش جسدي بواسطة حارِسات السجن، ومن ضمن هؤلاء الناشطات الذين تعرضوا لمثل هذا الصنف من التعذيب (لجين الهذلول – إيمان النفجان – عزيزة اليوسف).

  • الإيهام بالغرق، والإجبار على شرب الماء وحبس البول:

كشف حساب “معتقلي الرأي” على “تويتر”، في فبراير 2019، عن تعرض الداعية المعتقل “علي العمري” لمحاولة تعذيب وإيهام بالغرق.

وقال الحساب، في تغريدة عبر “تويتر”: “تأكد لنا أن من أساليب التعذيب التي خضع لها الدكتور علي العمري ما يسمى الإيهام بالغرق، حيث يتم تقييد المعتقل وتثبيته على الأرض بحيث لا يستطيع الحركة مع وضع قطعة قماش في فمه وتغطية وجهه بما يشبه الكيس البلاستيكي، ثم سكب الماء على وجهه بحيث يشعر أنه يغرق”، وهو ما كشفت عائلة “لجين الهذلول” عن تعرضها له هي الآخرى.

وكذلك أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” عن إصابة بعض معتقليها داخل السجون السعودية بفشل كلوي حاد بعد تعذيبهم بطريقة مهينة هي سقايتهم الماء بكثرة مع ربط الأعضاء.

  • أسلوب الـ”السرير الحديدي”:

وفيه يتم تقييد المعتقل من اليدين والساقين وهو مستلقٍ على سرير حديدي، ثم يتم جلده بالعقال أو السوط على أجزاء مختلفة من جسمه، خاصة القدمين. ويتم في أيام أخرى صعقه بالكهرباء وهو مقيد بالطريقة نفسها”.

ولم تسلم حتى النساء من تلك الطريقة القذرة في التعذيب، حيث أعلن حساب “سعوديات معتقلات” في مارس 2019، عن تعرض الناشطة المعتقلة “إيمان النفجان” لمثل تلك الطريقة المهينة من التعذيب.

  • أسلوب الضغط والإيهام النفسي:

ذكرت منظمة “القسط” في تقرير لها حول الانتهاكات بحق الناشطات المعتقلات، أن إحداهن أخبرت بأن “أفراد عائلتها فارقوا الحياة بسبب حادث مروري، وأنهم حريصون على إنهاء التحقيق معها لتتمكن من رؤية جثثهم قبل دفنها”.

ولجأت السلطات مع معتقلة أخرى إلى “تصوير مقاطع فيديو لتشويه سمعتها، فضلاً عن استخدام والد إحداهن للشهادة ضد ابنته، وإعلان انحيازه للسلطة رغم علمه بتعرضها للتعذيب”. وقالت إن مجموعة من المعتقلات، تم مداهمة منازلهن، وتسليط كشافات إضاءة على وجوههن وتوجيه الأسلحة عليهن.

  • تأجيل المحاكمات والوعود الكاذبة بإخلاء السبيل:

وهي وسيلة تعذيب نفسية أيضًا يجيد النظام السعودي استخدامها مع المعتقلين، وسط إدانات دولية لهذا الأسلوب الرخيص في التعامل مع المعارضين، ويظهر هذا من خلال ما تعرضت له الناشطات المعتقلات عقب نشر أنباء حول الإفراج عنهن على دفعات، ثم التراجع عن تلك الخطوة.

وكذلك ما نراه واقعًا الآن في جلسات محاكمة الدعاة السريعة، والتي يتم فيها تأجيل النطق بالحكم لأكثر من مرة، ما يضفي نوعا من القلق والتوتر على المعتقل وعائلته.

إن ما يعانيه المعتقلون في السجون السعودية أضعاف أضعاف ما يمكن للعقل البشري تصوره، ولا يتوقف أثره على اللحظة الراهنة للتعذيب، وإنما يمتد أثره النفسي لأعوام وأعوام بعد الإفراج عن المعتقل أو السجين، فيمتد أثره إلى أسرته والمحيطين به وربما إلى مجتمعه بالكامل؛ فأثر التعذيب ممتد زمانيًا ومكانيًا واجتماعيًا. وإن نظامًا يتخذ من هذه الوسيلة أسلوبًا للقهر والإسكات والضغط لهو نظام مريض. وعلى شرفاء العالم أخذ موقف حاسم تجاه هذه القضية المجرمة دوليًا.