خاص: جاء إعلان السعودية وإيران الجمعة، في بيان ثلاثي مع الصين، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، كحجر ألقي في ماء راكد.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” (رسمية) البيان، الذي قال إنه “جرت مباحثات في بكين، خلال الفترة من 6 إلى 10 مارس/آذار الجاري، بين وفدي السعودية وإيران برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزرا مستشار الأمن الوطني في السعودية مساعد بن محمد العيبان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي شمخاني”.

وأعرب الجانبان السعودي والإيراني وفق البيان، عن “تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021 و2022”.

 

– رغبة في التطبيع:

وتزامن ذلك الاتفاق مع ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن السعودية قدمت عرضًا بالحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، والمساعدة في تطوير برنامج نووي مدني، وتقليل القيود على مبيعات الأسلحة الأمريكية مقابل تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الصهيوني.

ونقلت الصحيفة عن شخصان مطلعان على الأمر، إن مفاوضات بهذا الخصوص تجري بين مسؤولين سعوديين وأمريكيين، بطلب من الرياض، لعب فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان دورًا رئيسيًا، لكن المحاور الأكثر نشاطا في المباحثات كانت السفيرة السعودية بواشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود.

أما الجانب الأمريكي، فقد مثله بريت ماكجورك، منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعاموس هوشستين، كبير مساعدي الرئيس الأمريكي جو بايدن لقضايا الطاقة العالمية.

وتقول الصحيفة إنه بعد إبداء رغباتهم للمسؤولين الأمريكيين والصهاينة حول الأمر، بدأ مسؤولون سعوديون في التواصل مجددا أواخر العام الماضي مع خبراء السياسة في الولايات المتحدة حول الصفقة، بما في ذلك أعضاء “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، وهو مركز أبحاث مؤيد للكيان الصهيوني، حيث زار مسؤولون به يترأسهم روبرت ساتلوف المدير التنفيذي للمعهد الرياض في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

– الاتفاق ضد مصلحة الصهاينة:

استقبل الكيان الصهيوني أنباء إعادة التقارب بين السعودية وإيران، الجمعة 10 مارس/آذار 2023، بمشاعر من “المفاجأة، والقلق، والتأمل” كما يقول تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية. كما ضاعفت الأنباء من مشاعر “الخطر القومي” التي أثارتها الانقسامات الصهيونية العميقة، وذلك نتيجة سياسات حكومة رئيس الوزراء المتطرف، بنيامين نتنياهو، الذي يبدو أن أنباء الاتفاق السعودي الإيراني قد فاجأته “على حين غرة أيضاً”، كما تقول الصحيفة.

وذكر مراقبون أنه لا شك أن الإعلان من العاصمة الصينية بكين عن عقد اتفاق كبير بين الرياض وطهران يعيد العلاقات لسابق عهدها، يقوض آمال الكيان الصهيوني في تكوين تحالف أمني إقليمي ضد إيران، بحسب الصحيفة الأمريكية، مما يُشير إلى أن بقية دول الشرق الأوسط تنظر إلى إيران كتهديد، لكنها لا ترى أي جدوى من عزل ومعارضة طهران بالدرجة التي يفعلها الكيان الصهيوني.

 

– إيران أم الكيان الصهيوني؟!

وهنا سيكون أمام “ابن سلمان” اختيار يجب أن ينحاز لأحدهما إما إيران أو الكيان الصهيوني، ولكن بعض المراقبين أكدوا أن تزامن الخطوتان مع بعضهما البعض يعطي رسالة بأن ولي العهد السعودي يحاول اللعب على كل الحبال، فهو يريد تأمين جبهته الداخلية من خلال منع أذرع إيران من الوصول للعمق السعودي، وفي الوقت ذاته لا يريد إغضاب الجانب الأمريكي والصهيوني.

لهذا هو يرسل بالرسائل تلك كلها في جميع الاتجاهات، ولكن النتيجة معروفة من الآن أن لا أحد سوق يثق فيه، وأنه سيكون الخاسر الأكبر من وراء ذلك الاتفاق.