خاص: ياسر الرميان، اسم أصبح صداه يتردد ليس في المحافل الاقتصادية الدولية وفقط، باعتباره الرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادي السعودي، ولكن أيضًا في أورقة المحاكم، وذلك بعد أن رفض قاض المحكمة الفيدرالية لشمال كاليفورنيا، طلب منح الحصانة لـ”الرميان”.

فبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فإن القاض الأمريكي طالب من “الرميان” تسليم المعلومات وكافة المستندات المتعلقة بالمعركة القضائية بين شركة LIV للغولف وشركة PGA.

وجاء في الأمر أن “المحكمة ترفض اقتراح صندوق الاستثمارات العامة بإلغاء أمر الاستدعاء الموجه إلى صندوق الاستثمارات العامة على أساس الحصانة السيادية لأنها وجدت أن سلوك الصندوق يقع ضمن استثناء النشاط التجاري لقانون حصانة السيادة الأجنبية”.

كما رفض القاض الأمريكي الحجج الأخرى التي قدمها صندوق الاستثمارات العامة والرميان لتجنب الإطاحة به، لكنه قال إن بإمكانهما طلب الجلوس في مكان تختاره الجولة في الرياض بالمملكة العربية السعودية.

 

– ياسر الرميان رأس حربة:

ياسر الرميان؛ هو ياسر بن عثمان الرميان، الرئيس التنفيذي ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ورئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، ورئيس مجلس إدارة معادن، والمستشار في الأمانة العامة لـمجلس الوزراء بمرتبة وزير، ورئيس الاتحاد السعودي للجولف منذ أكتوبر 2017، ورئيس مجلس إدارة مركز دعم اتخاذ القرار السعودي، يشغل كذلك منصب الرئيس غير التنفيذي لمجلس إدارة نادي نيوكاسل يونايتد منذ 7 أكتوبر 2021.

ولد “الرميان” في 20 فبراير 1970، وحصل على بكالوريوس في المحاسبة من جامعة الملك فيصل عام 1993، وشهادة برنامج الإدارة العامة من كلية “هارڤارد” للأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنه عضو في الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين.

أشرف “الرميان” على كافة الخطوات الاقتصادية الهامة للمملكة منذ اعتلاء “ابن سلمان” لولاية العرش في 2017، حيث أشرف على أهم مراحل رؤية ولي العهد 2030، وهي مشروع طرح عملاق النفط السعودي شركة “أرامكو”، للاكتتاب الذي هدفت من خلاله المملكة زيادة حجم الصندوق إلى تريليوني دولار والمساهمة في توسعة القطاعات غير النفطية في المملكة وتوطينها، وهو ما لم يتم.

كذلك كان لـ”الرميان” دور في عدد كبير من المشاريع الفاشلة التي شارك فيها صندوق الثروة، كان من أهمها “فضيحة أوبر”، والتي من خلالها يمكن فهم طبيعة “العقلية القيادية” لمؤسسات الدولة.

وتعود القضية لاستثمار الرميان في شركة “cloud kitchens” كلاود كيتشنز وهي شركة أمريكية متخصصة بالطبخ وتوصيل الأطعمة. وعلى إثر هذه الصفقة طلب “مارتن بوتا” رئيس المخاطر في الصندوق من “الرميان” العدول عنها لما تحويه من مخاطر وضعف جدواها، لكن “الرميان” رفض وأصر على عقد الصفقة؛ وهنا كانت الفضيحة!

وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن صفقة شركة الطبخ أبرمت لأجل منفعة “ترافيس كالانيك” وهو المدير السابق لشركة “أوبر”، والذي تمت في عهده صفقة استثمار الصندوق في “أوبر” مقابل 3.5 مليار دولار منها مقابل شراء الصندوق السعودي 10% من أسهم “أوبر”، وكذلك 2.5 مليار مقابل أن يحصل “الرميان” على مقعد في مجلس إدارة “أوبر”.

وهنا، تنبه “دارا خسرو شاهي” الرئيس التنفيذي الحالي لشركة “أوبر” لأطماع “الرميان” وفض الشراكة مع المملكة وسحب المقعد من “الرميان”.

ورغم تباهي “الرميان” بأن صفقة “أوبر” عالمية وناجحة إلا أنه في الحقيقة أهدر 3.5 مليار دولار من أموال الصندوق وخسر المقعد والأموال، وسبق أن أثارت تصريحات محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي حول المحادثات مع شركات عالمية لجذبها إلى المملكة، شكوكًا واسعًا بنجاح تلك الجهود.

 

– “الرميان” وعلاقاته المشبوهة:

فتح دور “كارلا ديبيلو”، المنتجة السابقة لبرامج تلفزيون الواقع وصديقة الممثلة وعارضة الأزياء الأمريكية “كيم كارديشيان”، البارز في إتمام صفقة شراء نادي “نيوكاسل يونايتد” الإنجليزي، العيون على طبيعة علاقتها بياسر الرميان.

وللاستدلال على قوة العلاقة بين “كارلا” و”الرميان”، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن أشخاص يعرفون كلاً منهما إن تلك العلاقة بلغت حد مشاهدتهما يتناولان الغداء سويًا، ويقضيان وقتا بمفردهما معًا على متن قارب في فعالية لليخوت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وعلى متن أحد تلك اليخوت، المملوكة لـ”بن سلمان”، استضاف “الرميان” و”كارلا” سيدة الأعمال البريطانية “أماندا ستافيلي”، لعشاء خاص، وبعد ذلك بفترة وجيزة، بدأت “كارلا” في إبلاغ الناس عن دورها المتزايد كـ”مستشار” في صندوق الاستثمارات العامة.

وتلك العلاقة الوثيقة بين الاثنين أثارت مخاوف بين بعض مسؤولي صندوق الاستثمار السعودي، الذين شعروا بالإحباط بسبب اهتمام “الرميان” الشديد بـ”كارلا” في وقت تعاني فيه استثمارات الصندوق الرئيسية.

ووفق تحقيق الصحيفة الأمريكية؛ فإن “كارلا” تقدم مساعدتها للشركات الراغبة في مشاركة الصندوق السعودي “بمقابل مادي”، ويقول الأشخاص المطلعون على تعاملاتها إنها تساعد الشركات الأجنبية في الوصول إلى كبار المسؤولين السعوديين، أحيانًا من خلال اجتماعات عمل رسمية وأحيانًا في أماكن غير رسمية.

ويذكر هؤلاء الأشخاص أن “كارلا” تحصل على مكافأة من الشركات عن دورها في الصفقات غالبًا من خلال شركتها الاستشارية CDB التي تتخذ من ساراسوتا مقرًّا لها.

ولأن رجال الأعمال الدوليين يحذرون من الوسطاء الذين يحصلون على مقابل لاستخدام العلاقات الشخصية لتسهيل الصفقات، فإن كثيرا منهم يخشون من مخاطرة أن تنتهك المدفوعات المقدمة لـ “كارلا” قوانين مكافحة الرشوة الأمريكية.

بل إن إحدى الشركات التي تأمل في التعامل مع صندوق الاستثمارات السعودي طلبت بالفعل المشورة القانونية بشأن ما إذا كانت المبالغ التي ستدفع لـ”كارلا” مقابل تقديم الشركة للصندوق تنتهك قانون مكافحة الرشوة الأمريكي من عدمه، حسبما أكدت المصادر.

وتشير المصادر في هذا الصدد؛ إلى أن الصندوق السعودي يدار بشكل مختلف عن العديد من مؤسسات إدارة الأموال الدولية الأخرى، التي تتخذ قرارات الاستثمار الكبرى في العادة عن طريق اللجان وتقييم الصفقات بالاستعانة بمديري المخاطر والمحامين الداخليين للتأكد من أنها تحقق أفضل مصلحة للصندوق وتمتثل للقوانين.

 

– حرب الجولف:

بسبب تصرفات “الرميان” واستثماراته الطائشة، اشتعلت في الولايات المتحدة حرب بين المؤسسات المسؤولة عن لعبة الجولف، حتى أنها وصلت لأروقة المحاكم.

واشتعلت تلك الحرب بعد أن حاول “الرميان” استغلال لعبة الجولف العالمية لتلميع صورة سيده “ابن سلمان”، حيث أسس دوري “لايف غولف”، وهذا الدوري الأخير يهدف لأن يكون موازيًا لمنافسات الغولف الأميركية “بي جي إيه” الاحترافية، والبطولات الأوروبية.

وجذب “الرميان” إلى “لايف غولف” العديد من نجوم اللعبة العالميين، مثل؛ داستن جونسون، وفيل ميكلسون، بمبالغ خيالية، وفرض عليهم ممارسات احتكارية؛ لتشتعل أزمة بين الدوري الجديد المدعوم سعوديا وبين روابط المحترفين الأميركيين التي لجأت إلى القضاء لمنع الممارسات الاحتكارية، وإظهار مزيد من الشفافية من قبل السعوديين.

وفي 20 يناير/ كانون الثاني 2022، ذكرت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، أن صداما حادا وقع بين “جمعية الغولف للمحترفين الأميركية” (PGA Tour)، و”الصندوق السيادي السعودي”.

وبينت أن الأمر بينهما وصل إلى طريق مسدود بعد مطالبة الجمعية الأميركية، الصندوق السعودي، بالحصول على معلومات في دعواها أمام القضاء الأميركي لمكافحة الاحتكار التي أقامتها ضد رابطة “لايف غولف” منافستها في أميركا الشمالية والمدعومة سعوديا.

وبحسب الوكالة فقد نقل محامو الصندوق في أوراق جرى تقديمها في القضية عن محافظ الصندوق السيادي السعودي “ياسر الرميان” قوله “إنه لا يمكن الموافقة على الإصدار المحتمل لأي مستندات أو معلومات من شأنها أن تتعارض مع القانون السعودي”.

وفي المقابل، أعلن محامو الجمعية أن ما اقترحه الصندوق السعودي ومحافظه، وإبداء عدم الرغبة في التنازل للإفصاح عن المعلومات المطلوبة، يخلق مأزقا ويضع الأمور في جانب معقد، ولا يمكن حلها.

ثم قامت محكمة نيويورك بإصدار مذكرة استدعاء لياسر الرميان، في نهاية أكتوبر الماضي، للامتثال للمحاكمة، وإبراز الوثائق المتعلقة بشركة LIV للجولف، لكن الرميان رفض المثول، وزعم بأن “المحاكم الأمريكية ليس لها اختصاص عليه أو على شركة  LIV.

 

ليأت في النهاية قاض المحكمة الفيدرالية ويرفض طلب منح الحصانة لـ”الرميان”، في تطور جديد قد يسفر عن فضائح جديدة لـ”ابن سلمان” ونظامه ككل، فمثول “الرميان” أمام المحكمة قد يفتح ملفات أخرى غير حرب الجولف، وفضائح جديدة قد تكشف تورط فيها الرميان والصندوق الذي يشرف عليه.