خاص: 22 فبراير/ شباط، كان إعلانًا لدولة “ابن سلمان”، هو ليس يوم التأسيس للمملكة السعودية؛ بل هو يوم تأسيس لحقبة جديدة للمملكة على يد “ابن سلمان”، هي محاولة لتغيير الهوية السعودية، وتخلص ولي عهدها من الدين كإطار جامع للمملكة، في محاولة لسلخ السعودية عن هويتها الإسلامية.

 

– البداية تزوير للتاريخ:

لم يكتف “ابن سلمان” بتزوير التاريخ، ولي عنق النص التاريخي من أجل إبعاد أي صلة بين الدولة السعودية والإمام “محمد بن عبد الوهاب”، حيث يرتبط يوم التأسيس بتأسيس “الدرعية” على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي، عام 850هـ / 1446م، والذي اخترعه القرار الجديد كاسم جديد لم يكن يعرفه المؤرخون، والذي قيل إنه جد العائلة الحاكمة؛ لأجل الزعم بأن تأسيس الدولة السعودية سابق لـ”ابن عبد الوهاب”.

حتى أن الأمر دعا بعض المؤرخين للتصدي له، حيث أكد الباحث السياسيّ والتأريخيّ، د. عبد الله الزوبعي الشمري الحنبلي، أن “مانع المريدي”؛ شخص مجهول في التاريخ الإسلامي، ولم يُذكر عند مؤرّخ من مؤرخي العرب في عصره بالقرن التاسع الهجري، مضيفًا أنه على الرغم من أنه كان معاصرًا للمؤرّخ السخاوي الذي ذكر جانبًا من أخبار نجد إلا أنه لم يذكره قط، ولو بحثنا عن أول ذكرٍ له لوجدناه في كتابات آل سعود المتأخرة عن زمنه بقرون.

وتابع: “على المزاعم السعودية يكون “الأمير” مانع معاصرًا لأجود بن زامل الجبري، ونجد أن المؤرخين يذكرون أجود واتساع ملكه، ولم يذكروا مانعًا هذا”.

واستطرد “الزوبعي”: “فخذ مثلًا السمهودي وصف الجبري برئيس أهل نجد ورأسها، ولم يذكر هذا المريدي، ومن الوصف نعرف أن إمرة نجد واحدة، وتتبع الجبري”.

 

– شرعنة لنظام “ابن سلمان”:

في حوار سابق على “تويتر” نظمه “صوت الناس”، الذراع الإعلامي الرسمي لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض، قالت المتحدثة باسم الحزب، مضاوي الرشيد، إن النظام السعودي يحاول إضفاء شرعية على شرعية غائبة أصلاً، في الوقت الذي كانت العديد من الدول العربية قبل عصر الاستعمار تتمتع بكيانات أصلاً.

وأشارت إلى أنه بالعودة إلى التاريخ قبل مئات السنين، رأت الدولة السعودية الأولى في عهد محمد عبد الوهاب أن سكان الجزيرة العربية كانوا أبعد ما يكونوا عن الإسلام، وأن “الدولة” في ذلك الوقت أخذت على عاتقها “إرجاع الناس عن ضلالهم نحو الصراط المستقيم”.

وعمدت “الدولة” في ذلك الوقت على محاربة بعض الأقليات ومنع بعض الطقوس، وفق نظرة محددة للإسلام تراها تلك الدولة وأنها تحمل فكرة الإسلام الصحيح.

وقالت “الرشيد” إن الدولة السعودية آنذاك عمدت إلى تخصيص دعاة مثل “علماء الدعوة النجدية” لنشر الإسلام في العالم، ليس حبًا في الإسلام، وإنما كان مشروعًا مرتبطًا بالحرب الباردة والولايات المتحدة التي طالبت أن تستعمل إسلامها لمحاربة التيارات المعارضة للإمبريالية الأمريكية وإخماد الثورات التي ناهضت المشروع الأمريكي.

ولفتت إلى أن جهود الراحل الملك فيصل كانت مركزة على “نزع العروبة” من مفهوم الدولة السعودية وأنها “إسلامية ومسلمون” بالدرجة الأولى، وأن مفهوم القومية العربية كان أكثر ارتباطًا بالراحلين صدام حسين وجمال عبد الناصر، مشيرةً إلى أن الملك فيصل كان يعتبر القومية العربية جزء من الحركة الماسونية والصهيونية وجاءت لتفكك أمة الإسلام”.

وهو ما أكد عليه أيضًا الأمين العام للحزب، عبد الله العودة، بأن احتفالات يوم التأسيس بقوله إن ما يجري حاليًا هو إعادة كتابة التاريخ بطريقة أشبه ما تكون باللعب في المنظومة التاريخية.

وأضاف “العودة” أن الدولة السعودية في ورطة شرعية لأنها قامت منذ تأسيسها على خطابٍ معين والآن تنقل ذلك الخطاب لإتاحة الاستبداد بالمجتمع وذلك ينم عن فقدان كامل للشرعية.

وقال إن “يوم التأسيس” يخالف خطاب محمد بن سلمان حول تأسيس السعودية للإعلام الأجنبي والذي لا يختلف كليًا عن تاريخ تأسيس الدولة، وأنه يؤسس لتاريخ جديد لإعطاء نفسه ضمانات للتوازن في المجتمع لملكيته المطلقة.

وذكر أن ما يحدث هو تجييش لصناعة الهوية الجديدة بشكل غير مدروس وعفوي، وأن الخطاب الديني يتعرض لقمع شرس وسيدفع النظام ثمنًا باهظًا مقابل ذلك القمع الذي تبنّته الدولة السعودية سابقًا.