سجلت المملكة العربية السعودية زيادة في عمليات تسريح العمالة اليمنية المقيمة على أراضيها، وفقا لعدة منظمات دولية غير حكومية.

وتقول صحيفة لاكروا الفرنسية، إنه بعد قرار السعودية (غير المعلن)، حكم على هؤلاء العمال بالعودة إلى بلادهم في خضم حرب لا نهاية لها ووضع إنساني مأساوي.

ووجدت السلطات السعودية حلا اعتمدته قبل سنوات لوقف التوافد، عبر منع الأطفال اليمنيين من التعليم في المملكة، ولتشجيع تلك العائلات المتلهفة لتعليم أبنائها على المغادرة.

 

“مخاطر جسيمة”

تشرح جولييت هونفولت الباحثة في معهد الأبحاث والدراسات حول العالمين العربي والإسلامي (IREMAM-CNRS) ما يحدث بالقول: “هذا الإجراء ليس تافها، إذ قررت العديد من العائلات الثرية مغادرة السعودية لتعليم أطفالها في أماكن أخرى، ولا سيما في مصر”.

وتضيف بأن “أولئك الذين بقوا أو تمكنوا من الدخول للمملكة منذ ذلك الحين جاؤوا من خلفيات أكثر حرمانا للبحث عن عمل، ووضعياتهم الآن محفوفة بالمخاطر وغير مرحب بهم في السعودية”.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في بيان صدر بالأول من سبتمبر/أيلول 2021: إن المملكة العربية السعودية قررت “إنهاء أو عدم تجديد” عقود العمل الخاصة بـ”المئات، إن لم يكن الآلاف من الموظفين اليمنيين” بهدف طردهم.

يتموقع هؤلاء الذين لم يعش بعضهم في بلده، بشكل رئيس في جنوب البلاد، بمنطقتي جازان ونجران، على الحدود مع اليمن.

وتقول أفراح ناصر وهي باحثة رئيسة في هيومن رايتس ووتش بملف اليمن: إن “المملكة العربية السعودية لا تزال تسعى إلى الثناء على مساهماتها الإنسانية (في البلد المدمر)، لكن هذه الخطوة تشكل مخاطر جسيمة لكثير من اليمنيين”.

وبحسب المنظمة غير الحكومية، فإن المملكة تضع قيودا على توظيف الشركات السعودية للمواطنين القادمين من اليمن.

وقالت المنظمة الحقوقية الدولية: “السلطات السعودية بدأت منذ يوليو/تموز 2021 بإنهاء أو عدم تجديد عقود الموظفين اليمنيين، ما قد يجبرهم على العودة إلى الأزمة الإنسانية في اليمن”.

وأودت حرب مستمرة في اليمن، منذ نحو 7 سنوات، بحياة أكثر من 230 ألفا، وبات 80 بالمئة من سكانه، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

وأضافت المنظمة: أنه على الرياض “تعليق هذا القرار والسماح لليمنيين بالبقاء في السعودية والعمل هناك”.

 

شكاوى للأمم المتحدة

بدورها، قدمت 13 منظمة غير حكومية يمنية ودولية تعمل في مجال حقوق الإنسان التماسات إلى هيئات دولية وشكوى إلى الأمم المتحدة.

وطالبت السلطات السعودية بحماية “إقامة العمال اليمنيين من أجل وضع حد لخوفهم من الترحيل”، مشيرة إلى أن عددا لا يحصى من العائلات اليمنية تعتمد على تحويلات أقاربهم من الرياض.

بلغت التحويلات المالية من المملكة العربية السعودية إلى اليمن 3 مليارات دولار (حوالي 2.53 مليار يورو) سنويا في عام 2017، وفقا للبنك الدولي.

ووفقا للحكومة اليمنية، فإن حوالي مليوني يمني، يمكن أن يتأثروا في نهاية المطاف بهذا الإجراء.

وقدر مركز صنعاء للدراسات (غير حكومي) عدد المغتربين اليمنيين في السعودية، في أغسطس/آب 2021، بحوالي مليونين.

وهي معادلة واقعية بحسب ما أكدته المؤرخة جولييت هونفولت التي تقول: إن “الذهاب إلى المملكة العربية السعودية هو السبيل الوحيد للخروج من بؤس الشعب اليمني بالنظر إلى ما كان يحدث في السنوات الأخيرة”.

وبينت أن المملكة أصبحت في السنوات الأخيرة بصيص الأمل الوحيد والصغير بالنسبة لليمنيين القادمين من شتات الهجرة.

وتقول: “يستعد أفراد الشعب اليمني، وخاصة اللاجئون في القاهرة، لإعادة إعمار بلد دمرته الحرب التي قادتها السعودية منذ عام 2015 والتي خلفت ما لا يقل عن 130 ألف قتيل وتسببت في أزمة إنسانية غير مسبوقة”.

ويعاني حاليا 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفقا للمنظمات غير الحكومية المحلية في اليمن.