أصدرت مؤسسة ذوينا لحقوق الإنسان توثيقا حقوقيا لاستمرار الاعتقالات التعسفية في السعودية على خلفية الرأي خلال شهر تموز/يوليو المنصرم.

وذكرت المؤسسة أنها رصدت جملة من المستجدات التي طرأت على الملف الحقوقي داخل المملكة، حيث تنوعت ما بين الاعتقال والإفراج أو الانتهاكات، أو الكشف عن قضايا تتعلق بمعتقلين ومختفين في المعتقلات الحكومية.

وتأتي هذه الجهود ضمن مساعي المؤسسة المستمرة في ترسيخ مبدأ العدالة والضغط على النظام لوقف الانتهاكات بحق معتقلي الرأي والإفراج عن الأبرياء وإنهاء الاعتقالات والأحكام التعسفية والتضييق والحرمان الذي يطال المعتقلين وذويهم.

 

اعتقالات متجددة

شهد شهر يوليو المنصرم حملة اعتقالات طالت عدد من الأشخاص بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، في ظل غياب الضمانات الحقوقية التي تحمي الأشخاص من الانتهاكات، وسط قلق على مصيرهم المجهول داخل المعتقلات الحكومية.

إذ تعرض الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي أبو بجاد الهارف مشهور السناب للاعتقال على يد عناصر أمن الدولة، وسط مخاوف على مصير يشابه مصير معتقلي الرأي المنسيين.

ولم تتعرف عائلته على الأسباب التي دفعت النظام لاعتقاله، في ظل الاعتقالات التعسفية التي تطال أبناء البلد على خلفية تهم تتعلق بالتعبير عن الرأي.

وفي ظل الإخفاء القسري الذي يمارسه النظام، فقد كشفت مصادر حقوقية عن تعرض رجل الأعمال د. عبد الله محمد أحمد باعبود للاعتقال التعسفي قبل أكثر من 3 أعوام؛ بعد اختفاء استمر منذ في أبريل 2019م.

إذ تعرض الدكتور عبد الله للإخفاء القسري منذ اعتقاله في أبريل 2019م، وذلك ضمن مسلسل الاعتقالات التعسفية التي ينتهجها النظام ضد أبناء البلاد.

كما كشفت مصادر حقوقية عن تعرض رجل الأعمال السعودي أحمد علي الشيخي للاعتقال التعسفي على يد عناصر الأمن السعودي منذ 3 سنوات.

وجاء اعتقال الشيخي من قبل قوات النظام في أبريل 2019م بعد مداهمة منزله بمدينة جدة واقتياده لجهة مجهولة.

ولاتزال أخبار الشيخي مقطوعة تماما، وتغيب المعلومات اللازمة على أهله حول مصيره ومكان احتجازه، حيث أن العديد من المعتقلين من رجال الأعمال في السجون الحكومية يواجهون الإخفاء القسري.

 

نسائم الحرية

ومع استمرار النظام في احتجاز المئات من معتقلي الرأي بتهم فضفاضة وحرمانهم من أبسط الحقوق، فقد شهد شهر يوليو الإفراج عن بعض معتقلي الرأي الذين قاسوا ألم الحرمان من الأهل والأحباب والعيش الكريم، ومنهم.

إذ أفرج النظام السعودي مؤخرا عن الشاب المعتقل موسى جعفر الشيخ أحمد، بعد اعتقال دام لأكثر من 9 أعوام، حيث انتشر مقطعًا مصورًا يبيّن الاستقبال الحار الذي نظمه ذووه بعد الإفراج عنه وحصوله على الحرية.

وتعد قضية موسى من بين مئات القضايا العالقة التي ينتظر ذويهم الحرية المطلقة، في ظل المماطلة الصريحة التي تعاني منها معظم قضايا معتقلي الرأي الأبرياء.

كما أفرج النظام خلال يوليو المنصرم أيضا عن المعتقلة الناشطة عائشة البلوشي، بعد مماطلة متعمدة استمرت لسنوات عدة بلا مبرر قانوني.

وكانت البلوشي قد تعرضت للاعتقال قبل 6 أعوام مع زوجها وحرمت من أولادها خلال فترة الاعتقال، على خلفية تعبيرها عن رأيها ونشاطها مع شقيقتها التي كانت معتقلة وأفرج عنها مطلع العام الجاري فاطمة البلوشي.

وجاء شهر يوليو ليدخل الفرح على ذوي المعتقل الكاتب نذير ماجد بالإفراج عنه، بعد اعتقال دام لأكثر من 5 أعوام خلف المعتقلات الحكومية، لكن الفرحة لم تكمل، فقد جاء الإفراج مقيداً بمنع السفر مدة 7 سنوات.

 

انتهاكات مستمرة

لم يتوقف النظام عن الانتهاكات المستمرة بحق معتقلي الرأي وذويهم، حيث جاء شهر يوليو لتتكشف إلينا بعض القضايا الإنسانية التي تتطلب تدخل دولي لإنهاء معاناة معتقلي الرأي داخل المعتقلات.

فقد نقل النظام الناشط والإعلامي المعروف منصور الرقيبة إلى السجن الجماعي، بعد معاناة طويلة كابدها في العزل الانفرادي بعيدا عن أحبابه وأهله، حيث كان قد واجه الحرمان من التواصل المستمر مع ذويه وكذلك زياراتهم اللازمة، وهو ما جعل حقوقه منتهكة بحكم القيود والتضييق.

وفي ظل قيود السفر التي يفرضها النظام بحق المعتقلين المفرج عنهم وذويهم والناشطين؛ دعت العفو الدولية الجهات الحكومية المعنية في المملكة بإنهاء هذه القيود التي تنتهك الحقوق والحريات.

كما تدهورت صحة الشيخ البالغ من العمر 70 عاما، المعتقل ناصر العمر داخل المعتقلات الحكومية، في ظل بعده عن ذويه وحرمانه من رعاية أبنائه له، بعد اعتقال على خلفية مواقفه السياسية عام 2018.

وتعرض الدكتور المعتقل سعود السرحان في الشهر ذاته لتدهور في حالته الصحية والنفسية، بعد معاناة قاساها داخل المعتقلات الحكومية وإخفاءه عن ذويه، حيث نُقل للسجن بعد أشهر من احتجازه في أحد المقرات الأمنية.

وضمن مساعي النظام في التنكيل بمعتقلي الرأي، فقد أقدمت المحكمة العليا في الرياض على نقض قرار الإفراج عن الشيخ المعتقل منذ نحو 5 أعوام محمد صالح المنجد، وإعادة محاكمته مجدداً.

ونقضت المحكمة العليا أيضا قرار الإفراج عن الشيخ د. عبد العزيز العبد اللطيف، وإعادة محاكمته مجدداً، بعد انتهاء مدة حكمه.

 

جهود حقوقية مستمرة

وضمن مساعي مؤسسة ذوينا في دعم المعتقلين الأبرياء وذويهم، فقد أعلنت عن تكفلها بتقديم المعونة والمشورة والتسهيلات المعنية في إجراءات اللجوء خارج المملكة، لأهالي معتقلي الرأي وأقاربهم.

وقال رئيس المؤسسة عبد الحكيم الدخيّل في تصريح له، إن مؤسسة ذوينا تعلن لأهالي المعتقلين وأقاربهم عن تكفُّل المؤسسة بتقديم طلبات لجوئهم في الخارج، وتوفير الاستشارات القانونية بشكل مجاني للراغبين في نصرة ذويهم من الخارج.

وتزامنا مع إعلان الدعم لذوي المعتقلين والمفرج عنهم والمتضررين من سياسة النظام، فقد نظّمت لقاءً مهماً يناقش قضايا اللجوء واللاجئين في الخارج، حيث جاء هذا اللقاء، في ظل تزايد الهجرة من السعودية؛ هرباً من المضايقات والاعتقالات التي تطال أصحاب الرأي وكذلك أقارب معتقلي الرأي والمقربين منهم والداعمين لقضاياهم.

ومع استمرار تدهور واقع حقوق الإنسان في المملكة، لاسيما ملف المعتقلين الأبرياء في المعتقلات الحكومية؛ فقد تواصلت جهود الناشطين والمنظمات والمؤسسات الحقوقية في سعيها لإيصال صوت المظلومين بغية الإفراج عنهم ومنحهم الحرية، وترسيخ مبدأ العدالة التي تلاشت في البلاد.

ودعت مؤسسة ذوينا النظام السعودي بالتراجع عن قراراتها المجحفة وسياساتها الظالمة بحق معتقلي الرأي وذويهم، وإنهاء الظلم والانتهاكات، فيما توجه نداءاتها للجهات الدولية المعنية بالتدخل والضغط على النظام لنصرة قضايا معتقلي الرأي الأبرياء.