تكشف الحقائق والشواهد أن ملف توطين التصنيع العسكري السعودي يمثل الكذبة الكبرى لولي العهد محمد بن سلمان ضمن ما يروجه من خطط ومشاريع لبيع الوهم في المملكة.

وبعد مرور أكثر من 5 سنوات على إعلان محمد بن سلمان عن توطين 50% من التصنيع العسكري في المملكة، يبرز المراقبون أن رؤيته لم تحقق أي جزءً من أهدافها وظلت في إطار الوعود الكاذبة وبيع الوهم للشعب مستمر.

إذ ضمن مشاريع رؤية 2030، تم تأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية في أغسطس 2017؛ وأعلن محمد بن سلمان أن الهدف هو توطين 50% من قطاع الصناعات العسكرية في المملكة.

وكعادته، ترأس محمد بن سلمان مجلس إدارة الهيئة، وعيّن أخاه خالدًا نائبًا له، فيما ضم مجلس إدارتها 12 عضوًا، نصفهم من غير المتخصصين، منهم وزير السياحة أحمد الخطيب (رئيس هيئة الترفيه سابقًا) وهو خريج إدارة أعمال، وعبد الله العيسى، مساعد رئيس أمن الدولة، لديه ماجستير سياسة شرعية.

واللافت للنظر، أنّ إدارة وأعضاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية كلّهم “غير متفرّغين” لهذه المهمة ويشغلون مناصب أخرى في الدولة، فابن سلمان يشغل أكثر من 35 منصبًا، وأحمد الخطيب 15 منصبًا والباقون لديهم عدة مناصب، وهنا يثار تساؤل كيف سيتسنّى لهم متابعة أمور الهيئة وتطورات العمل فيها؟.

ولدى متابعة موقع الهيئة الرسمي وحسابها على تويتر، غلب على فعّالياتها تنظيم المعارض العسكرية والمؤتمرات والاستقبالات والزيارات.

وكان الحدث الأبرز للهيئة هو تنظيمها معرض الدفاع العالمي في آذار/مارس 2022، والذي لا يُعدُّ من صميم عملها في تطوير الصناعات العسكرية.

وعلى مدار أعوام من العمل ومليارات الدولارات التي تمّ صرفها، استعرضت الهيئة العامة للصناعات العسكرية أبرز انجازاتها بعد مرور 5 سنوات على إطلاق الرؤية، فكانت أغلبها لقاءات وندوات وفعاليات وإقامة معارض وإطلاق مشاريع على الورق ووعودٌ بتنفيذها مع غياب الإنجاز الفعلي واقعيًا.

وما أعلنت الهيئة عن إنجازه خلال 5 سنوات كان مجرّد مشاريع تصنيع تم الإعلان عنها لكن أغلبها لم تدخل خط الإنتاج وتزويد القوات المسلحة، وأبرزها:

*البد ببناء قدرات لصناعة الطائرات بدون طيار

*توطين صناعة الزوارق السريعة (Avatw- 2200)

*بناء القدرات لصناعة الذخائر الموجّهة (أرض- جو)

* إنتاج نظام الرؤية الكهرو-بصري، زرقاء اليمامة “زالي”

* إنتاج عربة “الدهناء” لمهمات الاستطلاع والمراقبة والإسناد

* الموافقة على مشروع توطين نظام الدفاع الجوي

* البدء ببناء قدرات لصناعة أجهزة الراديو المعرّفة برمجيًا

* ملابس وقبعات الجنود وملابس ومعدّات الغواصين!

لكن…ورغم ضعف هذه الإنجازات، مقارنة بالتخصيصات التي رُصدت لها والمدة الزمنية، هناك سؤالٌ يطرح نفسه: هل ما تمّ تصنيعه تمّ استخدامه في ساحات الحرب أم هو للدعاية الإعلامية فقط؟

وهل يستخدم الجنود السعوديين “زالي” للمراقبة و”الدهناء” للاستطلاع والإسناد، وهل يرتدون ملابس من الصناعات المحلية؟.

عربة “الدهناء” مثلًا، تم عرضها للمرة الأولى في جناح المملكة بمعرض الدفاع الدولي (آيدكس 2019) في أبو ظبي، وأكّد مصدر في مصنع المدرعات والمعدات الثقيلة أن توريد الدفعة الأولى من العربة للقطاعات الأمنية بالمملكة سيكون خلال النصف الأول من 2021. ولم يتم الإعلان عن تصنيعها بعد ذلك.

في قصة أخرى للدعاية الحكومية تم التفاخر بتصنيع الطائرات المسيّرة بدءً من صقر، فصقر1، صقر2، صقر4، سكايفارد، لونا، النورس، سيكير400، عقاب1، عقاب2، حارسة الأجواء.

إلا أنه لم يُصنع سوى القليل منها ولم تدخل الخدمة الفعلية، ولا نزال نعتمد على الطائرات المستوردة في الحرب السعودية مع جماعة الحوثي في اليمن.

وبعد 5 سنوات من إطلاق مشروع توطين الصناعات العسكرية في المملكة، لا يبدو في الأفق تحقيق إنجازات ملموسة على أرض الواقع، وإنما يتم التسويق لإنجازات ومشاريع أغلبها دعائية.

السبب لا يكمن في عجز أبناء المملكة ولا في قصور همتهم عن الإنجاز والطموح، ولا في نقص التمويل والميزانية المخصصة.

إذ حقّقت العديد من الدول نقلات نوعية في مجال التصنيع العسكري، عندما أوكلت المهمة للمتخصصين ووُفرت لهم البيئة المناسبة للأبحاث والتصنيع، والمرونة الكافية لاتخاذ القرارات بعيدًا عن تدخّلات الحكومة المباشرة.

أما في المملكة فأحد أسباب التلكؤ هو عدم اختيار المتخصصين وتوفير حرية العمل، وما حدث عكس ذلك، فنصف مجلس الإدارة من غير المتخصصين، والأهم، هو ترأٌس ابن سلمان (المعروف بعدم قبوله الانتقاد أو الاعتراض) لمجلس الإدارة.