“إن أمان وخصوصية الأشخاص على منصة تويتر، يمثلان أولوية قصوى لدى الشركة”. تصريح للمتحدث باسم شركة تويتر براندون بورمان، أدلى به لصحيفة ميدل إيست آي البريطانية مؤخرا.

بورمان قال: “الشركة، ومن أجل تطوير آلية الاتصال بين الأشخاص الذين يستخدمون خدمات تويتر، قامت بتطوير سياسات السلامة، وفرضت إجراءات أكثر صرامة، كما أطلقت هذا الأسبوع مركز خصوصية لتوفير المزيد من الوضوح بشأن ما يقومون به لحماية المعلومات التي يتشاركها الناس معهم”.

تصريح بورمان جاء ردا على بيان أصدره ناشطون وفنانون عرب وأكاديميون بارزون، الثلاثاء 3 ديسمبر/كانون الثاني الجاري، قالوا فيه: “إن تويتر وفيسبوك لم تعد منصات آمنة بالنسبة لهم، وإن سياسات شركات التواصل الاجتماعي كانت لها عواقب فعلية على حياتهم، وعلى حرية التعبير في الوطن العربي، على وجه الخصوص”.

وأوضح البيان الذي وقع عليه نحو 40 شخصية عربية، أن “استخدام المنصتين أدى إلى القبض والاختفاء القسري وفي بعض الأحيان القتل خارج نطاق القضاء لمدنيين أبرياء في العالم العربي، مثل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”.

وأضاف البيان: “لم يعد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي يثقون في أن هذه الشركات تبذل جهدا في حماية بياناتهم الشخصية، بعد أن تمكنت أنظمة استبدادية من الاستفادة من التواطؤ والتهاون في حماية الخصوصية من قبل إدارتي تويتر وفيسبوك”.

وحسب البيان، فإن الموقعين عليه “يعتزمون حماية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وتقديم الدعم القانوني لضحايا خرق البيانات، والمساعدة التقنية لحماية الخصوصية على الإنترنت”.

 

صاحب “كشكول”

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كشفت صحيفة مترو البريطانية أن صحفيا سعوديا قتل تحت التعذيب في المعتقلات السعودية، بعد قيام مكتب تويتر في دبي، بكشف هويته الحقيقية للسلطات السعودية.

وقالت الصحيفة إن “الصحفي تركي الجاسر اعتقل في السعودية في مارس/آذار 2018 باعتباره صاحب حساب (كشكول)، والذي كان متخصصا في نشر معلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أفراد العائلة المالكة ومسؤولين في السعودية، ثم توفي أثناء تعرضه للتعذيب في المعتقل”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هوية الجاسر الحقيقية سربت من قبل موظفين بمكتب “تويتر” في دبي، وتم القبض عليه على أثرها من قبل  السلطات السعودية التي تمكنت من الوصول إليه بعد حصولها على تلك المعلومات من مكتب تويتر دبي الذي تورط في التجسس على حسابات منشقين سعوديين، بحسب الصحفية.

وكان الصحفي السعودي جمال خاشقجي قد قتل في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد أن تمكنت السلطات السعودية من اختراق هاتفه والوصول إلى حساباته الشخصية، قبل أن تقوم بتصفيته في عملية يشتبه بوقوف ولي العهد الأمير محمد ابن سلمان وراءها.

 

متهمون بالتجسس

مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عبر صفحته الخاصة على تويتر، صور مواطنين سعوديين من الموظفين السابقين في موقع تويتر، متهمين بالتجسس لصالح السعودية.

وكشفت FBI عن صورة الموظف في شركة تويتر “علي الزبارة” وهو مواطن سعودي يعرف بـ “أحمد الجبرين” (و يعمل في الديوان الملكي السعودي)، واتهم بالتجسس لصالح السلطات السعودية، أثناء عمله كمهندس تدقيق في مكتب تويتر الرئيسي بكاليفورنيا خلال الفترة من أغسطس 2013 وحتى ديسمبر 2015.

وتمكن الزبارة من الوصول لحسابات أكثر من 6 آلاف حساب على تويتر في عام 2015، بينها حساب المعارض السعودي المقيم في كندا عمر عبدالعزيز، المقرب من الراحل خاشقجي.

وحسب المعلومات المنشورة، تمكن الزبارة من الفرار في 3 ديسمبر/كانون الأول 2015 من الولايات المتحدة باتجاه السعودية، في عملية رتبها له السعودي أحمد المطيري، بالتنسيق مع القنصل السعودي في لوس أنجلوس، وذلك بعد أن تم رصد أنشطة تجسسية من مكتبه في تويتر على معارضين سعوديين.

أما المطلوب الثاني، فهو المواطن السعودي أحمد المطيري المتهم بالتجسس لصالح الرياض، والذي كان وسيطا بين المسؤولين السعوديين وموظفي تويتر، ويرجح أن يكون الزبارة والمطيري متواجدين في السعودية في الوقت الحالي، حسب صحيفة واشنطن بوست.

تضيف الصحيفة نقلا عن وزارة العدل الأمريكية أن “حلقة الوصل مع عملاء التجسس في تويتر كان مواطنا سعوديا يدعى بدر العساكر، وهو مدير المكتب الخاص لمحمد ابن سلمان، وأحد أبرز المقربين منه، في حين لم تنشر FBI  صورة أحمد أبو عمو، وهو الموظف الثالث المتهم بالتجسس، والذي تم اعتقاله في وقت سابق في الولايات المتحدة.

 

حرب المعلومات

في سبتمبر/أيلول الماضي، كشفت صحيفة ميدل إيست آي أن رئيس التحرير والمسؤول التنفيذي لتويتر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو ضابط بريطاني يعمل بدوام جزئي في اللواء 77 في الجيش البريطاني، بفرقة العمليات السيكولوجية، وهي وحدة مختصة في “حرب المعلومات” التي عملت على مشاريع “تغيير السلوك” في المنطقة.

وأكد موقع ميدل إست آي أن الضابط غوردون ماكميلان انضم إلى مكتب شركة التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة منذ 6 سنوات، ويعمل في ذات الوقت، منذ سنوات، لصالح اللواء 77، وهي وحدة تم إنشاؤها من أجل تطوير طرق “غير فتاكة” لشن الحرب.

تجدر الإشارة إلى أن اللواء 77 يستخدم منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وإنستجرام وفيسبوك، فضلا عن تحليل البيانات والتدوينات الصوتية ونتائج بحث المستخدمين لشن ما يصفه قائد الجيش البريطاني الجنرال نيك كارتر بأنه “حرب المعلومات”.

وامتنع الضابط البريطاني ماكميلان من التعليق أو الرد على هذه المعلومات، بينما رفض  كل من تويتر ووزارة الدفاع البريطانية الإدلاء بأي توضيح أو معلومات عن الضابط ماكميلان، حسب ميدل إيست آي.

وعقب نشر المعلومات عن دور الضابط في تويتر، قام ماكميلان بإزالة المعلومات التي تشير إلى خدمته في صفوف اللواء 77، من على صفتحه في موقع “لينكد إن”.

وأجرى الضابط تعديلات على صفحته الشخصية التي كان قد كتب فيها بطاقة تعريفية عن نفسه قال فيها: “أنا ضابط احتياطي في الجيش البريطاني أعمل في صفوف اللواء 77، المخصص في الانخراط غير الفتاك”.

وأبقى ماكميلان على البيانات التي تتحدث عن وظيفته في تويتر حيث كتب فيها: “أنا صحفي أعمل على تويتر، انضممت لهذا الموقع في سنة 2013 وأبدي اهتماما شديدا بالسياسة والشؤون الدولية”.

في أغسطس/آب الماضي أعلنت فيسبوك أنها أغلقت العديد من الحسابات، تديرها شركتان، أحدهما تدعى “نيو ويفز” وتتخذ من القاهرة مقرا لها، والثانية تدعى “بنيو ويف”، وتعمل من مجمع إعلامي حكومي في أبوظبي.

عملت الشركتان بالتنسيق فيما بينهما، وأدارتا حسابات تعمل لصالح مصر والسعودية والإمارات، وكانت تطلقان حملات مؤيدة للواء خليفة حفتر في ليبيا، وأنفقت الشركتان لترويج وتسويق المنشورات التي تخدم تلك الأهداف نحو 167 ألف دولار، مستخدمة هويات زائفة، لإخفاء الدور الذي كانتا تؤديانه.

في أعقاب ذلك، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن شركة نيو ويفز التي تعمل من القاهرة، كانت تحت إشراف ضابط عسكري متقاعد يصف نفسه بأنه “باحث في حروب الإنترنت”، بينما تعمل الشركة الإماراتية من مجمع إعلامي حكومي في أبوظبي.

 

“دبي تويتر”

نقلت صحيفة مترو البريطانية عن مصادر خاصة بها أن سعود القحطاني، المستشار السابق للديوان الملكي، يقود “وحدة تجسس إلكترونية” ولديه اتصالات داخل مكتب “دبي تويتر”. وتضيف الصحيفة أن اعتقادا يسود بين الكثيرين في أن “تويتر” أصبح غير آمن بالنسبة لهم للتعبير عن آرائهم حول السلطات السعودية.

وحسب تقرير نشرته مجلة “فانيتي فير” الأمريكية، عمل القحطاني مع شركة “هاكينغ تيم” الإيطالية، التي تقوم ببيع أنظمة للقيام بالهجمات الإلكترونية، فيما تتبعت تقارير أخرى علاقة السعودية بمجموعة “NSO” الإسرائيلية، التي طورت برمجية باسم “بيجاسوس” الذي أدى دورا في ملاحقة وتتبع معارضين سعوديين.

كان تحقيق سابق نشره موقع “بيلينج كات” البريطاني المختص في الاستقصاء الإلكتروني، كشف توصيف القحطاني الوظيفي، بأنه “أمير الذباب الإلكتروني” ويتركّز عمله في القرصنة ومراقبة وتتبع منتقدي النظام السعودي وابن سلمان.