الموت للعرب.. اليهودي روح طيبة والعربي ابن زنا.. احرقوا قراهم..“ هذا غيض من فيض هتافات وشعارات رددها مستوطنون إسرائيليون أثناء اقتحامهم باحات المسجد الأقصى خلال مسيرة الأعلام التي نفذوها بالتزامن مع استقبال النظام السعودي رؤساء أنظمة ديكتاتورية للمشاركة في الدورة الـ32 لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية المنعقدة بجدة.

وصل إلى جدة في 18 مايو/أيار 2023، عدد من قادة الدول العربية ورؤساء الوفود المشاركة في القمة المنعقدة اليوم الجمعة، بينهم رئيس النظام السوري بشار الأسد المقرر عودته إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضويته في 2011، وملك البحرين حمد بن عيسى، ورئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وأثارت القمة العربية موجة غضب واسعة بين الإعلاميين والسياسيين والكتاب والناشطين على تويتر، إذ وصفوها بتوصيفات عدة أبرزها أنها “قمة العار” و”قمة الأنظمة الاستبدادية” وغيرها من النعوت الأخرى التي أعربوا بها عن رفضهم لانعقادها وامتعاضهم من بسط السعودية أرضها لرؤساء أنظمة متورطين في سفك دماء شعوبهم.

وسلطوا تركيزهم على ثلاث قضايا رئيسية، وهي الاستنكار الواسع للتطبيع مع رئيس النظام السوري وإعادته إلى الجامعة العربية رغم جرائمه المستمرة بحق السوريين، ورفض مشاركة رئيس السلطة الفلسطينية في ظل الأحداث المتوترة في القدس ومسيرة الأعلام الإسرائيلية وتصعيد جيش الاحتلال لعملياته، والسخرية من طريقة استقبال رئيس النظام المصري.

فعلى وقع وصول الزعماء العرب إلى جدة للمشاركة في “قمة عربية”، تواصل قوات الأمن العسكري التابعة للنظام السوري وفق تقارير حقوقية معلنة، اعتقال السوريين، وممارسة الانتهاكات التي تصل حد الجرائم ضد الإنسانية، ويجبر اللاجئون على العودة إلى سوريا مما يعرض حياتهم للخطر، وتتحكم الأجهزة الأمنية بمصير المقيمين والعائدين.

وفي فلسطين، تعالت أصوت الهتافات العنصرية ضد العرب، التي رددها آلاف المستوطنين والمتطرفين اليهود ووزراء في الحكومة الإسرائيلية اليمينية خلال مشاركتهم فيما تعرف بـ”مسيرة الأعلام” الاستفزازية في القدس المحتلة، فيما تصاعد قمع قوات الأمن الإسرائيلي للفلسطينيين الذين خرجوا في مسيرات مناهضة رافعين العلم الفلسطيني.

أما مصر، فتشهد تدهورا على كافة الأصعدة السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، فمازال آلاف المعتقلين في السجون لرفضهم انقلاب السيسي، ويواصل النظام جرائم الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري والتعذيب في مقار الاحتجاز، والعملة المحلية خفض البنك المركزي قيمتها 3 مرات في عام واحد، فيما بلغت معدلات التضخم أعلى مستوياتها.

كل ذلك وغيره كان دافعا للناشطين على تويتر، لإعلان رفضهم عقد القمة العربية واستنكارها، وإعلان يقينهم أنها لن تغيير من الأوضاع المزرية من البلدان العربية شيئا، وإنما ستمنح مزيدا من الشرعية لرؤساء الأنظمة الحاكمة.

 

تعويم الأسد

حث عضو حزب التجمع الوطني السعودي عمر عبدالعزيز، على الاستبشار، وأقسم قائلا: “والله ما دخل ابن سلمان في حلف أو معركة إلا وخسرها وقد اقترب وقت سقوط الأسد وزواله”.

وأشار إلى أنه دخل معركة باليمن وخسرها، وحصار قطر وخسره، ودخل مع حفتر وخسر، ودعم السيسي وخسر، ودعم نتنياهو فذل في غزة، ودخل ضد إيران فعاد معتذرا، وفرض مقاطعة تركيا فعاد ودعمها بـ٥ مليارات”.

السياسي المصري أسامة رشدي، استنكر تحول الجامعة العربية لجامعة الأنظمة الاستبدادية، متسائلا: “أية رسالة يريدون إرسالها للشعوب العربية وللعالم في قمتهم في جدة وهم يستخفون بكل المحرمات ويطبعون العلاقات مع أكثر المجرمين وحشية وظلم لشعبه؟ أم أن ارتكاب المذابح ضد الشعوب باتت من مؤهلات الانضمام لنادي المستبدين الذي لا علاقة له بالشعوب العربية؟”.

وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن حضور بشار الأسد للقمة العربية هو إعلان انتصار لـ”الثورة المضادّة”؛ وكذلك لإيران، مؤكدا أنهما اتفقتا رغم التناقض على وأد “ربيع العرب” الذي له فصل قادم بلا شك.

وعّد الناشط السوري ماجد عبدالنور، المبالغة في الحفاوة والاستقبال الرسمي والإعلامي لبشار الأسد الذي وصفه بـ”المعتوه” وتجاهل باقي الرؤساء العرب ممن هم أهم منه ومن تاريخه، بمثابة “رسالة تشفي دنيئة من الدب الداشر -في إشارة إلى بن سلمان- بالشعب السوري، ورسالة دنيئة للشعوب المؤمنة بالحرية والربيع العربي بأن أحلامكم قد دُفنت.”

وأعرب الصحفي والمعلق السياسي المختص بالشأن السوري غسان ياسين، عن امتعاضه من استقبال الأسد في المملكة، ساخرا بالقول: “هذا هو الانتصار الوحيد لابن سلمان، هزم في اليمن شر هزيمة على يد ميلشيات الحوثي، وها هو الحوثي اليوم أقوى من قبل، وهزم في محاولته هو وابن زايد لإقصاء قطر وإضعافها بعد حصارها لسنوات، وها هي قطر اليوم أقوى”.

وأوضح أن انتصار بن سلمان أنه استطاع أن يعقد قمة عربية استثنائية بحسب نظره بعد أن فشلت الجزائر قبل عام، متهكما: “طبعاً استثنائية لأنه نجح بدعوة الخسيس.. بالفعل عظمى جداً”.

وأكد أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر الدكتور محمد مختار الشنقيطي، أن رجوع السفاح الأسد إلى جامعة أبي الغيط وأم الغيط ليس قرارا عربيا، بل قرار أميركي إسرائيلي، غايته سد الطريق أمام أي تفاهم بين تركيا وروسيا في سوريا، يُخرج الأميركيين من المعادلة السورية.

وأوضح أن الجامعة العربية مجرد قفاز لليد الأميركية المستترة، إذ قال الأمريكان “حارِبوا الأسد” فحارَبوه، ثم قالوا: “صالِحوا الأسد” فصالَحوه، مشيرا إلى أن الأميركان أذكى من أن يتحملوا العبء المعنوي لتأهيل هذا السفاح، ولذلك تركوا الأمر لوكلائهم العرب.

وأضاف الشنقيطي، أن أميركا حركت قرارا في الكونغرس (بلا ثمرة تنفيذية) يحظر التطبيع مع الأسد، ذرا للرماد في العيون، وصونا لسمعتهم من خطيئة العلاقة بالأسد، خالصا إلى أن الشعوب العربية لا مستقبل لها ما دام قرار دولها الاستراتيجي رهنا بيد الأميركيين، ولا أمل لها في حياة كريمة ما دام قادتها يخدمون الأمريكان إيمانا واحتسابا.

وكتب الصحفي السوري هادي العبدالله: “بدي ذكّر كل رئيس وملك و أمير رح يصافح  بشار الأسد بالقمة العربية.. طلّع على إيديك منيح بعدها .. رح تلاقي عليهن دمّنا!، بعزّ علينا كتير إن مهبط الوحي وأرض الرسالات تستقبل مجرم قتل مليون سوري!”.

 

مسيرة الأعلام

وعّد استاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله الشايجي، من المفارقات تزامن عقد القمة العربية 32 في مدينة جدة في السعودية مع مسيرة الأعلام واقتحام اليمين الصهيوني المتطرف وأنصاره باحات المسجد الأقصى بقيادة أحزاب أقصى اليمين الديني ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، متسائلا عما يجب أن يحفز القادة العرب لفرملة التطبيع؟

وأكد أن التطرف الصهيوني أنتج أكثر حكومة متطرفة فاشية ما يحتم على العرب التمسك بقرار القمة العربية في بيروت عام 2002 الذي قضى بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والضفة الغربية والجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية مقابل التطبيع العربي الكامل!

وسخر الصحفي صلاح بديوي، من عقد القمة العربية بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي، قائلا: “تلغراف لأصحاب الفخامة والجلالة والسمو في قمة جدة العربية، نحن الشعب العربي ليس لدينا قضية أهم من قضية بيت المقدس وأنتم تجتمعون الآن”.

وأضاف: “من اغتصبوا مقدساتنا وأرضنا وأعراضنا وزراء وبرلمانيين ورجال دين يرفعون أعلامهم ويرقصون في باحات المسجد الأقصى، فماذا أنتم فاعلون؟ عقدتم القمة مخصوص لإعادة سفاح دمشق لصفوفكم لا تعطوا ظهوركم للأقصى”.

ولعن الخبير الاستراتيجي العسكري عبدالباسط محمد القحوم، صهاينة العرب، مستنكرا خروج المستوطنين في مسيرة الأعلام عند باب العامود بالقدس المحتلة، بحماية مشددة وانتشار واسع لقوات الاحتلال.

 

قزم مصر

ورأى ناشطون أن السيسي ذهب بمصر إلى القاع، حتى أن السعودية لم تعط له أي نوعا من أنواع التقدير والاهتمام والترحيب، وأرسلت له نائب أمير مكة لاستقباله، بعكس ما كان يحدث مع رؤساء مصر السابقين، حتى وإن كان ما حدث ضمن بروتوكول القمم.

ونشر الصحفي المصري أحمد حسن الشرقاوي، صورة من استقبال السيسي في جدة، متسائلا: “هل رأيتم مصر أم الدنيا التي صارت قد الدنيا؟”.

وسخر بالقول: “جاء نائب أمير مكة ليستقبل زعيمها الفزيع وكائدها المذيع عبفتاح السيسي في مطار جدة خلال زيارته للمملكة لحضور القمة العربية؟!!!!!!!”، مضيفا: “لا تعليق، لكن ما يمكن قوله هو أنني على يقين أن أجيالا مصرية وعربية فاهمة ومتعلمة كويس ستأتي بعد موتنا”.

ونشر الناشط السياسي الدكتور يحيى غنيم، صورة تجمع قادة الأنظمة المشاركين في القمة العربية، قائلا: “إذا سألوك عن الجامعة العربية، فقل:تحوى هؤلاء! ولا خير في جراب تسكنه الأفاعى!”.

وتهكم على استقبال السيسي في جدة، بالقول: “نائب أمير مكة المكرمة بشحمه ولحمه فى استقبال الزعيم الشيصى !!! هذا من دواعى تعظيم وتوقير وتقدير وعلو منزلة الزعيم عبده بلحة!!!!”