حوادث سيارات مخططة.. حرائق منازل.. حقن بمواد سامة”.. هكذا رصدت صحف غربية أساليب الاغتيال التي اتبعتها قوة خاصة تتبع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” مباشرة، تسمى “التدخل السريع”، ووضعت وزارة الخزانة الأمريكية أفرادها على قائمة العقوبات قبل يومين.

وكشفت قائمة الوزارة الأمريكية أن “كوماندوز بن سلمان” ليس مقصورا على القوة التي نفذت جريمة اغتيال الكاتب الصحفي “جمال خاشقجي” (فرقة النمر)، بل شملت قوة أخرى تسمى “السيف الأجرب”.

اسم “فرقة النمر” تردد في أغسطس/آب 2020، داخل موسوعة ويكيبيديا العربية، عبر صفحة كانت تحوي معلومات وروابط حول فرقة اغتيالات تتبع ولي العهد السعودي مباشرة، وهي من تولت مهمة اغتيال “خاشقجي” في تركيا، ولأن الموسوعة مفتوحة المصدر، أي أن كل المحررين المسجلين قادرين على إجراء التعديلات فيها، فقد اعترض البعض على وجود هذه الصفحة من الأساس، زاعمين بأن “فرقة النمر” هذه من وحي خيال وسائل إعلام معروفة بانحيازها ضد المملكة.

وبعد نقاشات طويلة، عجز فيها محررو الصفحة على إثبات وجود ما يسمى بـ”فرقة النمر” من مصادر موثوقة، تقرر حذف الصفحة نهائيا.

لكن قائمة “الخزانة الأمريكية” أكدت وجود الفرقة، بينما لم توردها المواقع الرسمية للشرطة والقوات المسلحة السعودية رغم تفصيلها للوحدات العسكرية المختلفة.

 

جرائم متعددة

من جانبها، أكدت صحيفة “فزغلياد” الروسية عام 2018، أن جرائم قوة “التدخل السريع” بالسعودية لم تقتصر على اغتيال “خاشقجي”، بل شملت أمراء بينهم “منصور بن مقرن” وقضاة بينهم رئيس المحكمة العامة بمكة المكرمة “سليمان الثنيان”.

وأوردت الصحيفة أن قوة التدخل السريع حقنت “الثنيان” بفيروس مجهول أثناء زيارة اعتيادية له إلى المستشفى، ليلقى مصرعه قبل يوم واحد فقط من مقتل “خاشقجي” (1 أكتوبر/تشرين الأول 2018). وأفادت وسائل إعلام محلية آنذاك أن “الثنيان” قضى بعد “صراع قصير مع المرض”.

واتهمت الصحيفة ذاتها قوة التدخل السريع باغتيال الأمير “منصور بن مقرن”، الذي توفي في حادث تحطم طائرة عمودية، فيما رجحت الصحيفة الروسية أن يكون الأمير السعودي قد حاول الفرار من البلاد على متن طائرته قبل إطلاق النار عليها.

والأمير “منصور” هو نجل ولي العهد الأسبق، الأمير “مقرن بن عبدالعزيز”، الأخ غير الشقيق للعاهل السعودي “سلمان بن عبدالعزيز”، والذي أعفي من منصبه بعد أقل من 3 شهور على صعود الملك “سلمان” للعرش مطلع عام 2015.

ووفقا لشبكة “بي بي سي” البريطانية، فإن “فرقة الموت” المكونة من 15 عنصرا، والتي قتلت “خاشقجي”، كانت جزءا من قوة التدخل السريع، التي يقدر عددها بـ 50 عضوا.

 

السيف الأجرب

أما فرقة “السيف الأجرب”، فكشفت عنها صحيفة “سبق” الإلكترونية، في يناير/كانون الثاني 2018، وذكرت أنها ترتبط مباشرة بولي العهد، ليبرز اسمها لاحقا خلال عملية القبض على الأمراء الذين خالفوا التعليمات بالتجمهر أمام قصر الحكم بالرياض.

وأشارت الصحيفة السعودية إلى أن “السيف الأجرب” تابعة لإحدى كتائب الحرس الملكي، الذي يعتبر قوة عسكرية منفصلة يبلغ قوامها أكثر من 50 ألف فرد، ولها نظام تجنيد خاص وميزانية منفصلة عن وزارة الدفاع، وتضطلع بمهمة حماية الملك وولي العهد.

وطبقا للصحيفة، فإن “السيف الأجرب” تأسست عندما تولى الملك “سلمان بن عبدالعزيز” مقاليد الحكم، ويبلغ عدد أفرادها أكثر من 5 آلاف عنصر من مختلف الرتب العسكرية.

و”السيف الأجرب” رمز تاريخي سعودي يعود لمؤسس الدولة الثانية “تركي بن عبدالله آل سعود”، قبل ما يقرب من 200 سنة خلال معاركه ضد الدولة العثمانية، لكن السيف أهدي للبحرين في وقت لاحق.

وعاد السيف إلى السعودية مرة أخرى لدى زيارة الملك “عبدالله بن عبدالعزيز” للمنامة في عام 2010، فيما قدم أبناء الملك السعودي الراحل السيف الأجرب هدية للعاهل الحالي “سلمان بن عبدالعزيز”.

وتمت إزالة موقع الحرس الملكي بالكامل من على شبكة الإنترنت في أواخر 2019، ولا تحتوي الصفحات المؤرشفة المتبقية منه أي إشارة لـ “بن سلمان” أو قوات التدخل السريع أو وجود قوة أسسها بنفسه تحت أي مسمى.

 

تشكيل غير تقليدي

وتشير المعلومات المتاحة عن فرقة النمر أن تشكيلها كان غير تقليدي على الإطلاق، ولا يتبع أي ترتيب عسكري متعارف عليه، وأن أحد مسؤوليها هو “سعود القحطاني”، المستشار السابق بالديوان الملكي، والمسؤول الأول عما يعرف بـ “الذباب الإلكتروني” أو اللجان الإلكترونية المسؤولة عن نشر أخبار إيجابية في وقت معين، أو مهاجمة شخص أو جهة بعينها عبر الإنترنت، خاصة عبر منصة “تويتر”، وفقا لما أوردته صحيفة “نيورورك تايمز”.

أما المسؤول الميداني للقوة، فهو “ماهر عبدالعزيز مطرب”، وهو ضابط مخابرات مقرب من ولي العهد. وفي موقع القيادة أيضا “ثائر غالب الحربي”، الذي كان ضابطا في الحرس الملكي السعودي.

وبحسب مسؤولين أمريكيين، فقد نفذت المجموعة عشرات العمليات داخل المملكة وخارجها، بما في ذلك الإعادة القسرية للسعوديين من دول عربية أخرى، واعتقال وتعذيب نشطاء حقوق المرأة البارزين، مثل “لجين الهذلول”.

ووصفت “نيويورك تايمز” هذه القوة بأنها “وحدة القتل السعودي”، وأكدت أنها نفذت حملة وحشية لسحق المعارضة داخل المملكة وخارجها، بما فيها عملية اغتيال “خاشقجي”.

ومن خلال دعوة قضائية رفعها ضد “بن سلمان” أمام محكمة أمريكية، سبق لمسؤول المخابرات الرفيع “سعد الجبري”، الذي يعيش في منفاه بكندا، أن اتهم السلطات السعودية بمحاولة اغتياله في عام 2018، مستشهدا بمنع السلطات الكندية لأفراد يعتقد أنهم جزء من قوة التدخل السريع، من دخول البلاد باستثناء شخص واحد يحمل الجواز الدبلوماسي.

كما فشلت مهمة استدراج المعارض السعودي المقيم في كندا “عمر عبدالعزيز”، الذي رفض الذهاب إلى سفارة بلاده في أوتاوا.