“سنوفر مليون وظيفة لبنات وأبناء المملكة، ومشروع نيوم سيضمن تشغيل 450 ألف سعودي، ومشروع القدية الترفيهي سيشهد توظيف 300 ألف، ووجود السينما سيوفر 100 ألف وظيفة”، هكذا أوهم المسؤولون السعوديين عشرات الآلاف من الخريجين بتشغيلهم وتخفيف البطالة بين صفوفهم.

وبلغة الأرقام ووفق معطيات رسمية، لم تحقق هذه المشاريع الأهداف المرجوة منها في مجال الوظائف وتشغيل السعوديين، حيث ازدادت وظائف الأجانب بأكثر من 100 ألف وظيفة خلال الربع الثاني لعام 2019، وفق تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية.

وخسر السعوديون، وفق التقرير، أكثر من 20 ألف وظيفة خلال الفترة نفسها، وهو ما يعطي مؤشراً على “فشل جديد لرؤية 2030″، التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان، وكانت تهدف إلى توطين السعوديين في كثير من الوظائف الجديدة، خاصة في قطاع السياحة.

ووفق التقرير، فقد بلغ إجمالي المشتغلين من السعوديين وغير السعوديين 12 مليوناً و857 ألفاً، بينهم مليونان و300 ألف فتاة، ووصل عدد السعوديين الذين يشغلون عملاً 3 ملايين، بينهم مليون فتاة، ومليونا شاب، خلال الربع الثاني من 2019.

وحسب تقرير هيئة الإحصاء السعودية، فقد وصل عدد غير السعوديين الذين يعملون إلى 9 ملايين و653 ألفاً، منهم مليون و195 فتاة، وهو ما يعد رقماً كبيراً وضربة جديدة لمخططات السلطات في “سعودة كثير من الوظائف”.

وكان تقرير صادر عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية، نُشر في مارس 2016، أكد أنها تتوقع أن تبلغ فرص العمل في قطاع السياحة بالمملكة 1.7 مليون وظيفة في عام 2020، بمعدل زيادة 10% سنوياً، ولكن الأرقام الرسمية الأخيرة تُظهر فشل السلطات في الوصول إلى نصف هذا الرقم.

ولم تتوقف الهيئة العامة للسياحة عن إطلاق الوعود للسعوديين، حيث أطلقت خلال الأيام الماضية تصريحاً تؤكد فيه أن استراتيجية المملكة تعمل على توفير مليون وظيفة للفتيات والشباب من أبناء المملكة، للعمل بقطاعات السياحة بحلول 2030.

وأوضحت الهيئة في بيان، أن الوظائف ستعمل على تقليص نسب البطالة إلى 6% بحلول 2030، إضافة إلى زيادة مساهمة السياحة في الدخل القومي إلى 10% بدلاً من 3% حالياً، ولكن الأرقام تُظهر إرهاصات على فشل تلك الاستراتيجية، في ظل تفوق عدد الأجانب بالوظائف على السعوديين.

وارتفع معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الأول من 2018، إلى 12.9%، في حين كان 12.8% في الربع الرابع لعام 2017.

وكشفت هيئة الإحصاء السعودية، في تقرير لها نُشر مؤخراً، خروج 234.2 ألف عامل من سوق العمل خلال 2018.

وبحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأمريكية (أكتوبر 2018)، فإن نموّ الاقتصاد غير النفطي في المملكة لم يتخطَّ أكثر من 0.6%، وهو رقم ضئيل جداً بالنسبة إلى خطط الحكومة الطموحة.

ورغم الأرقام الصادمة التي تخرج عن مؤسسات رسمية سعودية، خرج وزير التجارة والاستثمار السعودي، ماجد القصبي، بتصريح لقناة “العربية”، الأسبوع الماضي، أكد فيه أن توقعات إيجاد مليون وظيفة للسعوديين من قطاعات السياحة “ليست بالأمر المستبعد وليست بالمُبالَغ فيها”.

وقال القصبي: إن “المملكة تستهدف أن تصبح واحدة من ضمن كبرى 5 دول سياحية في العالم، وأن ترتفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 3% إلى 10% بحلول عام 2030″، ولكن الأرقام على الأرض تُظهر تراجعاً ملحوظاً في النمو ونسبة العمل بين السعوديين.

وأطلقت السعودية خلال الفترة الماضية، ما يسمى “السعودة”، وهي مصطلح يطلق على عملية إحلال المواطنين السعوديين مكان العمالة الوافدة في وظائف القطاع الخاص، لحماية السعوديين الذين يواجهون تحدياً حقيقياً في التوظيف.

وخلال العام الماضي، سجلت الأسواق السعودية خروج أكثر من 8268 عاملاً وعاملة سعوديين من أعمالهم في الأسواق، ودخول 3488 عاملاً أجنبياً بدلاً منهم، خلال الربع الأخير من 2018، وهو ما يعد ضربة قوية لبرنامج “السعودة”.

وأكدت إحصائية صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية، ونُشرت في مارس الماضي بصحيفة “الوطن” المحلية، أن عدد العاملين غير السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية بالربع الثالث، بلغ 7.157 ملايين عامل، في حين تجاوَز عددهم بالربع الثاني 7.421 ملايين.

وبينت الإحصائية أن عدد السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية خلال الربع الثالثبلغ ، 1.936 مليون عامل، مقابل 1.946 مليون عامل في الربع الثاني من العام 2018.

وتكشف الإحصائية أن السعوديين الذكور أكثر المغادرين للأسواق في الربع الثالث من العام الماضي، بعدد 8405. أما الإناث المغادرات من السوق فيبلغ عددهن 268 مواطنة.

وتُظهر أن النساء غير السعوديات دخلن السوق بشكل ملحوظ خلال الربع الثالث من العام الماضي بخلاف الذكور، حيث بلغ عدد الإناث 220.348، مقابل 216.860 عاملة في الربع الثاني.

وبلغ عدد الذكور غير السعوديين في الربع الثالث 6.936 ملايين عامل، في حين وصل عددهم في الربع الثاني إلى 7.204 ملايين.

ومؤخراً، أعلنت السلطات السعودية تفعيل “التأشيرة السياحية”، للمرة الأولى، حيث سيتمكن مواطنو 49 دولة من الحصول عليها إلكترونياً، وأغلبهم من دول أوروبا وشرقي آسيا؛ في محاولة لتحقيق أي أرباح بهذا القطاع الذي سجَّل تراجعاً في الوظائف.

ونقلت صحيفة “عكاظ” السعودية عن مصادر وصفتها بـ”موثوق بها”، أن رسوم الحصول على “التأشيرة السياحية” 440 ريالاً سعودياً (117.30 دولاراً) للعام الواحد، شاملةً التأمين الطبي والضريبة ورسوم المعاملة.

وقالت المصادر: إن “ديانة المتقدم للتأشيرة لا تؤثر في الطلب، لكن غير مسموح لغير المسلمين بدخول مكة المكرمة والمدينة المنورة، إذ يُسمح للسائح بالإقامة داخل المملكة مدةً أقصاها 90 يوماً خلال العام الواحد”.

وتراجعت إيرادات السياحة الخارجية إلى السعودية بنسبة 23.2% إلى 75.2 مليار ريال (20.05 مليار دولار) في 2018، مقابل 26.1 مليار دولار في 2017، وفق بيانات رسمية سعودية.