MBS metoo

خاص.. البطالة في السعودية.. واقع مؤلم ورؤية وهمية       

خاص: مشهد المواطن السعودي الحاصل على درجة الماجستير من أحد الجامعات الأمريكية وهو يقف ليبيع الشاي على أحد الطرق السريعة بالمملكة، تلخص واقع الحال الذي وصل له الشباب السعودي، والبطالة التي أوجعت هذا الجيل، جراء سياسات وخطوات فاشلة الواحدة تلو الأخرة كانت كفيلة بإنهاء حلم الشباب في وظيفة تناسب مؤهلاتهم وإمكاناتهم، وحياة مستقرة في بلد مستقر.

عصف ذلك المشهد بكل التصريحات التي طالما طنطن بها المسؤولون في السعودية، بدءًا من “ابن سلمان” نفسه، وحتى أصغر مسؤول في وزارة العمل، فالسيطرة على نسب البطالة المتنامية في المجتمع السعودي، أحد أهم أهداف رؤية السعودية 2030 الاستراتيجية، والتي نالت دعم ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حيث كان من المفترض خفض معدل البطالة من 11.6% إلى 7%.

 

– ضجيج بلا عمل:

شغلت معدلات البطالة، والعمل على تخفيضها، مساحة كبيرة من تصريحات المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم “ابن سلمان”، باعتبارها من أهم نقاط رؤية 2030.

ففي 2016، أكد “ابن سلمان” الذي كان لا يزال وليًا لولي العهد السعودي، ووزير الدفاع، أن الخطط التي تتبناها «رؤية السعودية 2030» ستوفر التهيئة للعامل أو الموظف السعودي لدخول إلى سوق العمل.

كما أكد أن الحكومة السعودية تخطط لبناء شراكات مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى الشركات التي ستنشأ بناء على الرؤية والتي ستكون ملكيتها حكومية بنسبة عالية، حيث سيكون لكل الخطط مجتمعة دور واضح في توفير فرص العمل.

كما تحدث “ابن سلمان” عن 90 ألف فرصة عمل سيوفرها قطاع التعدين فقط، وأكد أن الرؤية تستهدف توفير مليون فرصة عمل ستعمل على استيعاب الشباب المتدرب والمؤهل وفق الخطط التي تضعها رؤية السعودية 2030.

بينما على الصعيد الوزاري، قال وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أحمد الراجحي، في حديث تلفزيوني له، إن مشروع التوطين يشرف عليه شخصيًا سمو ولي العهد محمد بن سلمان، ويسعى إلى أن تصل البطالة إلى نسبة ٧% عام ٢٠٣٠، مؤكدًا أن نسبة البطالة حاليًا هي ١٢،٩%.

وأكد “الراجحي” أن قطاعات الوزارة معنية بالتوطين وهو مشروع دولة وليس مشروع وزارة، متوقعًا أن تصل نسبة البطالة بعد أربع سنوات ٢٠٢٢ إلى ١٠،٥% بعد أن تم تحديد مواطن الخلل ووضع الآليات المناسبة لتلافيها.

 

– حبر على ورق:

كما خصصت مخطوطات رؤية 2030 لتلك النقطة مساحة كبيرة من استراتيجياتها وأهدافها، وكذلك مبادرتها، التي كانت بالطبع مجرد حبر على ورق لم تخرج للواقع حتى الآن.

فالهدف الاستراتيجي رقم ٤،٢،٢ في الرؤية، كان زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وذلك من خلال زيادة مساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال زيادة مشاركتها في سوق العمل في مختلف المجالات والمستويات الوظيفية، وفي جميع القطاعات المتاحة لعمل المرأة، وإزالة الحواجز التي تحول دون انضمامها لسوق العمل.

وأيضًا الهدف الاستراتيجي رقم 4.2.3، والقائم على تمكين اندماج ذوي الإعاقة في سوق العمل، من خلال إزالة الحواجز التي تعيق الأشخاص ذوي الإعاقة من الاندماج في سوق العمل، وذلك من خلال توفير الفرص، وتهيئة البنية التحتية لهم، وتطوير مهاراتهم المهنية والاجتماعية.

أما عن المبادرات التي اعتمدتها رؤية 2030 لتحقيق تلك المستهدفات، فكان من ضمنها (رفع الوعي بأهمية مشاركة المرأة في سوق العمل)، وذلك عن طريق تغيير الفكر العام حول عمل المرأة وتحويل المجتمع نحو دعمها عبر حملات إعلامية تسلط الضوء على قدوات وقصص نجاح ومهن مختلفة يحتذى بها من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

وأيضًا مبادرة (تشجيع العمل المرن)، وذلك عن طريق تطوير قوانين شاملة بالعمل المرن لمنح أصحاب العمل قناة عصرية لإدارة وتفعيل القوى البشرية بطريقة أكثر كفاءة ومرونة، وكذلك مبادرة لتشجيع (العمل عن بعد)، وذلك لخلق أسلوب مَرِن في التوظيف مما يتيح المجال الوظيفي أمام المزيد من القوى العاملة الوطنية في المملكة ممن يصعب عليهم الالتزام بالحضور إلى مقرات العمل.

وكذلك تضمنت الرؤية مبادرة لـ(التدريب الموازي لمتطلبات سوق العمل)، وذلك من خلال تطوير برامج تدريب مدعومة منتهية بالتوظيف بالشراكة مع القطاع الخاص تستهدف العاطلات عن العمل، ويتكون البرنامج من تدريب على رأس العمل من قبل الشركة الموظِّفة بالتوازي مع برنامج تدريبي (مهارات فنية وشخصية) من قبل جهات تدريبية متخصصة.

كما شملت مبادرات الرؤية (تحسين آليات التوظيف)، عن طريق رفع كفاءة البوابة الوطنية للعمل لضمان أولوية حصول المواطنين على الشواغر الوظيفية، وتطوير آليات الاستقدام.

ومن ضمن المبادرات أيضًا في رؤية 2030 (تأسيس شركة إدارة الرواتب والأجور)، وذلك لتنفيذ نظام فعال لإدارة الأجور لزيادة الشفافية والحماية الآمنة للوافدين وتأسيس شركة لمراقبة كشوف الرواتب وحماية حقوق الموظفين وأصحاب العمل.

وكذلك (تأسيس شركة امتثال للتفتيش)، وذلك لرفع مستوى سلامة بيئة العمل وتقليل الخلافات التي قد تنشأ بين العاملين وأصحاب العمل عبر إنشاء شركة تعنى بتنفيذ وتطوير نظام خدمات التفتيش، ورفع الوعي بالقوانين العمالية.

كما تضمنت الرؤية مبادرة (تحسين العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل)، والتي كانت تهدف لرفع إنتاجية وتنافسية سوق العمل وتعزيز جاذبيته للعمالة الوافدة ذوي المهارات العالية من خلال تعديل لوائح وأنظمة العمل لتسمح بالتنقل الوظيفي للوافدين بعد نهاية العقد.

ومبادرات أخرى عديدة كانت وستظل مجرد حبر على ورق، وطموحات لا ترقى لأن تكون حقائق دون إرادة سياسية جادة، تعمل على إيجادها حقيقة وواقعًا يستفيد بها المواطن، وظلت مجرد حروف على مخطوطات، ورؤية ليس لها أصل واقعي.

 

– البطالة في المملكة بالأرقام:

وفقًا لإحصاءات قوة العمل وفقًا للهيئة العامة للإحصاء السعودية (رسمية)، فإن معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الثاني من 2020 بلغ 15.4%، حيث بلغ معدل بطالة السعوديين 8.1% للذكور، بارتفاع 2.5%، و31.4% للإناث، بارتفاع 3.2%.

بينما بلغ معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الأول من 2020: 11.8%، وبلغ معدل بطالة السعوديين 5.6% للذكور، بارتفاع 0.7%، و28.8% للإناث، بانخفاض 2.6%.

وبالنسبة للسنوات السابقة، فإن معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الرابع من 2019 بلغ 12%، وفي الربع الرابع من 2018، بلغت نسبة البطالة 12.9%، في حين بلغ معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الرابع من 2017 12.8%.

وذكرت الإحصاءات أن نسبة 56.6٪، أي أكثر من نصف السعوديين العاطلين عن العمل، حاصلين على درجة البكالوريوس، كما أن نسبة 24.6٪ من السعوديين العاطلين عن العمل، من الحاصلين على شهادة الدبلوم فأعلى لديهم تخصصات في العلوم الإنسانية.

كما بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديين 48.8٪ في الربع الثاني من عام 2020م، وهو ما يعكس بشكل أساسي زيادة مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة من 25.9٪ في الربع الأول من عام 2020م إلى 31.4٪ في الربع الثاني من نفس العام.

بينما بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديين الذكور 65.6٪ في الربع الثاني من عام 2020م، محققا انخفاضًا قدره -0.1 نقطة مئوية مقارنة بالربع السابق.

 

 

 

– اعتراف رسمي بنسب البطالة الحقيقية:

قال عضو مجلس الشورى السعودي، فهد بن جمعة، إن معدل البطالة الحقيقي هو 34 %، وإن الهيئة العامة للإحصاء تروج أن نسبة البطالة 5.8%.

وأوضح “ابن جمعة” أن عدد السعوديين الباحثين عن عمل أكثر من 1.23 مليون، منهم 84.5% من الإناث، مشيرًا إلى أنهم سيصبحون عاطلين بعد مضي 4 أسابيع على بحثهم، ليصبح معدل البطالة 34%.

وبين أن الهيئة العامة للإحصاء تروج على المواقع الاجتماعية بأن معدل البطالة للسكان 5.8%، مؤكدًا أنه تشويه للإحصاء، وصرف النظر عن ارتفاع البطالة بين السعوديين، متسائلاً: “كيف يكون ذلك والأجانب المشتغلون يمثلون 78% من سوق العمل، ويتم استقدامهم للعمل برواتب ومدد محددة في عقودهم؟”.

وأشار “ابن جمعة” إلى أن وزارة العمل حاولت تفادي الأمر عندما أخذت بالتعريف الدولي للبطالة وحذفت المدة الزمنية لذلك وهي أربعة أسابيع حتى يصبح الباحث عن العمل عاطلاً.

 

– الأسباب الحقيقة لارتفاع معدل البطالة:

أولاً: زيادة معدل تشغيل الأجانب على حساب المواطنين:

ازدادت وظائف الأجانب بالمملكة لأكثر من 100 ألف وظيفة، خلال الربع الثاني لعام 2019، وفق تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية (رسمية).

وخسر السعوديون، وفق التقرير، أكثر من 20 ألف وظيفة خلال الفترة نفسها، وهو ما يعطي مؤشرًا على “فشل جديد لرؤية 2030″، التي أطلقها ولي العهد “ابن سلمان”، وكانت تهدف إلى توطين السعوديين في كثير من الوظائف الجديدة، خاصة في قطاع السياحة.

ووفق التقرير، فقد بلغ إجمالي المشتغلين من السعوديين وغير السعوديين 12 مليونًا و857 ألفًا، بينهم مليونان و300 ألف فتاة، ووصل عدد السعوديين الذين يشغلون عملاً 3 ملايين، بينهم مليون فتاة، ومليونا شاب، خلال الربع الثاني من 2019.

وحسب تقرير هيئة الإحصاء السعودية، فقد وصل عدد غير السعوديين الذين يعملون إلى 9 ملايين و653 ألفًا، منهم مليون و195 فتاة، وهو ما يعد رقمًا كبيرًا وضربة جديدة لمخططات السلطات في “سعودة كثير من الوظائف”.

 

ثانيًا: خروج السعوديين من سوق العمال:

ففي خلال العام 2018، سجلت الأسواق السعودية خروج أكثر من 8268 عاملاً وعاملة سعوديين من أعمالهم في الأسواق، ودخول 3488 عاملاً أجنبياً بدلاً منهم، خلال الربع الأخير من 2018، وهو ما يعد ضربة قوية لبرنامج “السعودة”.

وأكدت إحصائية صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية، ونُشرت في مارس 2019 بصحيفة “الوطن” المحلية، أن عدد العاملين غير السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية بالربع الثالث، بلغ 7.157 ملايين عامل، في حين تجاوَز عددهم بالربع الثاني 7.421 ملايين.

وبينت الإحصائية أن عدد السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية خلال الربع الثالث بلغ 1.936 مليون عامل، مقابل 1.946 مليون عامل في الربع الثاني من العام 2018.

وتكشف الإحصائية أن السعوديين الذكور أكثر المغادرين للأسواق في الربع الثالث من العام 2018، بعدد 8405. أما الإناث المغادرات من السوق فيبلغ عددهن 268 مواطنة.

وتُظهر أن النساء غير السعوديات دخلن السوق بشكل ملحوظ خلال الربع الثالث من العام 2018 بخلاف الذكور، حيث بلغ عدد الإناث 220.348، مقابل 216.860 عاملة في الربع الثاني.

وبلغ عدد الذكور غير السعوديين في الربع الثالث 6.936 ملايين عامل، في حين وصل عددهم في الربع الثاني إلى 7.204 ملايين.

 

ثالثًا: فشل المشروعات الكبرى:

ففي ديسمبر 2018، وبعد حادثة مقتل “خاشقجي” اعترف “ابن سلمان” بفشل مشروع مدينة “نيوم”، وبحسب ما أوردته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في تقرير لها، إنه حينما التقى “ابن سلمان” وفد من رجال الأعمال الغربيين، أصيبوا بالدهشة لاعترافه بفشل مشروع “مدينة نيوم” الذي قال عنه حين أطلقه في العام الماضي، بأنه سيكون منصة تحديث الاقتصاد السعودي.

وحسب “فاينانشيال تايمز”، قال “ابن سلمان” لوفد الأعمال الأجنبي: “لا أحد سيستثمر في مشروع نيوم لسنوات”، وأضاف أحد مستشاري المشروع من القطاع الخاص السعودي للصحيفة البريطانية: “بالتأكيد هنالك شكوك حول مشروع نيوم”.

وحول مشروع القدية الترفيهي، نقلت صحيفة «سبق» السعودية عن مصادر مطلعة، بأن “ابن سلمان” أعاد تشكيل مجلس إدارة شركة القدية للاستثمار، في أعقاب ما عرضه مجلس الإدارة السابق في الاجتماع الأخير للمجلس، الذي ترأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث اتضح أن إجراءات سير العمل لا تسير وفق المطلوب، وأن افتتاح المرحلة الأولى من المشروع في عام 2022، ربما تتأخر إلى 2023.

 

 

Exit mobile version