خاص: رغم العنف الذي تواجهه المعارضة السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها من قبل النظام الغاشم، والذي استعرت مواجهته بعد اعتلاء “محمد بن سلمان” لمقعد ولاية العهد، إلا أنه لا يزال للحق صوت، يستحق أن يُبرز أمام سيل التزييف والاتهامات الملفقة التي يتقن النظام السعودي لصقها بكل من يعارضه.

وسنحاول في هذه الزاوية استعراض أهم وأبرز الأنشطة المناهضة لاستبداد النظام السعودي، والقضايا التي يتبناها النشطاء والأكاديميون والمثقفون السعوديون في مختلف دول العالم، في محاولة لإطلاع القارئ على جهودهم في التصدي لمشروع “ابن سلمان” السلطوي الاستبدادي.

الحكم ضد الدكتور “وليد فتيحي”:

كشف صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الثلاثاء، عن إصدار محكمة سعودية حكمًا بالسجن لمدة 6 سنوات، على الطبيب السعودي الأمريكي وليد فتيحي.

وقالت الصحيفة إنه من ضمن التهم التي حُكم على “فتيحي” بالسجن بسببها، الحصول على الجنسية الأمريكية دون إذن، وانتقاد دول عربية أخرى في تغريدات على تويتر.

كما أدين “فتيحي” بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، بينما أسقطت المحكمة تهمة واحدة تتعلق بتمويل الإرهاب لعدم كفاية الأدلة، بحسب الصحيفة.

وخفف القاضي عقوبة “فتيحي” لمدة عامين، وقال إنه سيُنسب إليه أيضًا 21 شهرًا قضاها بالفعل، مما يترك له عامين وثلاثة أشهر من مدة العقوبة، مضيفة أنه أمامه 30 يومًا فقط للاستئناف.

بينما ذكر الأكاديمي السعودي المعارض، عبد الله العودة، في تغريدة له رصدها الموقع أن الحكم تضمن المنع من السفر لمدة 6 سنوات أيضًا، قائلاً: “اليوم حكموا في السعودية على الدكتور الفاضل وليد فتيحي بـ ٦ سنوات سجن، وبعدها ٦ سنوات منع من السفر”.

وتابع “العودة” معلقًا: “أهكذا تعامل النخبة من المفكرين والعلماء والأطباء في بلادي؟! مالكم كيف تحكمون”.

في حين قال خالد الجبري، نجل المسؤول الاستخباراتي السعودي السابق، سعد الجبري، تعليقًا على الحكم: “لذا حكم عليه بالسجن ست سنوات؛ لكونه يحمل جنسية مزدوجة أميركية سعودية، شيء تفاخر به محمد بن سلمان قبل عامين في العاصمة (بعد اعتقال فتيحي)”، مستطردًا: “هذا الرجل لا يستطيع التمسك بكلام واحد”.

كما علقت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي، بذات المعنى، قائلة: “حكم على د. وليد فتيحي بالسجن ست سنوات لكونه يحمل جنسية مزدوجة أميركية سعودية، هذا الاتهام شيء تفاخر به ابن سلمان قبل عامين بعدد حاملي الجنسية الأمريكية من السعوديين”.

في حين وجه الناشط السعودي البارز، سعيد بن ناصر الغامدي، رسالة لـ”فتيحي”، وباقي معتقلي الرأي، داعيًا الله فيها بأن يسلمهم من القضاء السعودي الفاسد، قائلاً: “اللهم سلّم الدكتور وليد فتيحي من أحكامهم الجائرة، وخلّصه من قضائهم الفاسد، وجميع المعتقلين يا حي يا قيوم”.

“ابن سلمان” أمام محكمة أمريكية:

في أولى جلسات محاكمة “ابن سلمان” في الولايات المتحدة، على ذمة الدعوى التي رفعها المسؤول الاستخباراتي السعودي السابق، سعد الجبري، ضده بعد محاولة الأول اغتياله بإرسال فريق لقتله في الولايات المتحدة وقبلها بكندا حيث كان يقيم “الجبري”.

وفي حديث لمحاميي “ابن سلمان”، أمام المحكمة في واشنطن، قال المحامون إن رواية الجبري “مغرقة في الدراما، وتضمنت مقدمة أظهرت ولي العهد كأحد أشرار (روايات الكاتب وليام) شكسبير”، مضيفين أنه “بغضّ النظر عن مزاياها كعمل أدبي، فإن الشكوى فاشلة كدعوى قانونية”.

ولفت المحامون إلى أنه ليس من حق “الجبري” ادعاء أنه كان ضحية مخطط للقتل خارج نطاق القضاء لأنه مازال حيًا، حسب قولهم.

وتعجب المحامون من عدم مقاضاة “الجبري” لـ”بن سلمان”، في السعودية أو كندا، لافتين إلى أنه لم يستنفد سبله القضائية في البلدين، ليأتي إلى الولايات المتحدة.

وتسببت تلك الدفوع من محاميي “ابن سلمان” في حالة من السخرية انتابت مواقع التواصل، حيث علق الصحفي السعودي المعارض بالخارج، تركي الشلهوب، على ادعاءات المحامين فساد “الجبري” وتهريبه 11 مليار دولار بمساعدة أبنائه عبر حسابات بنكية خارجية، وكونه مطلوبا في تحقيق فساد، بقوله: “وغدًا سيرد سعد الجبري بكشف ملفات عن فساد ابن سلمان أو الملك سلمان، وهكذا عندما يختلف اللصوص، يفضح بعضهم بعضًا”.

وتابع “الشلهوب” بقوله إن “محمد بن سلمان، آخر من يتكلم عن الفساد والسرقات، وهو الذي اشترى يخت بنحو 2 مليار ريال، ولوحة بأكثر من مليار ونصف المليار ريال، وقصر بأكثر من مليار ريال”.

في حين علقت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي، على ما قاله المحامون حول أنه لا يجوز “للجبري” الادعاء بأنه كان ضحية مخطط للقتل خارج نطاق القضاء لأنه مازال حيًا، بقولها ساخرة: “لازم يقدم الدعوة من قبره بعد نجاح عملية الاغتيال”.

هجوم “الفيصل” المزعوم على الكيان الصهيوني:

أثار هجوم رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير “تركي الفيصل” على الكيان الصهيوني، على هامش حوار المنامة 2020 في البحرين، تفاعلاً واسًعا عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”.

وقال “الفيصل” قال في تصريحاته إن “الحكومة الصهيونية تصور نفسها كمُحبة للسلام وحاملة للقيم السامية، زعموا أنهم حماة لحقوق الإنسان، وادعوا أنهم الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، صوروا أنفسهم كدولة صغيرة تعاني من تهديد وجودي محاطة بقتلة متعطشين للدماء يرغبون في القضاء عليها”.

وأضاف: “أعلنوا الحرب ضد حماس باعتبارها حركة إرهابية، أعربوا عن رغبتهم في أن يكونوا أصدقاء للسعودية.. جميع الحكومات الصهيونية تعتبر آخر قوى العالم الغربي الاستعمارية”.

ورد المعارض السعودي البارز، سعد الفقيه، على تلك التصريحات متسائلاً بقوله: “تركي الفيصل من أكثر آل سعود حماسًا للتطبيع، ويستحيل أن يتحدث خارج إرادة “ابن سلمان”، فماذا الذي دعاه في تلك الندوة لأن يشن هجومًا عنيفًا على الكيان الصهيوني ينسف فيه كل محاولات التطبيع من أصلها؟”.

في حين قال الناشط السعودي المعارض بالخارج، عبد الله الغامدي: “تركي الفيصل بياع كلام كبير، يتهم الكيان الصهيوني بانتهاكات لحقوق الإنسان وبسجن الفلسطينيين، وباحتلال الأراضي! أليس هذا ما فعله ويفعله ابن سعود أيضًا مع شعب الحرمين، ومع البدون، ومع سفراء حماس في السعودية، وفي الثورة المضادة التي خدمت الكسان الصهيوني”، مختتمًا تصريحاته بقوله: “يخدمون الصهاينة بالسر، ويهاجمونهم في العلن”.

تغريدة الإمارات المسيئة للسعودية:

أثارت تغريدة للأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله،مستشار محمد بن زايد، بشأن المصالحة الخليجية المرتقبة، حالة من الغضب في السعودية، ما دفعه لحذفها لاحقًا.

وكان عبد الخالق عبد الله، غرّد: “لن يتحرك قطار المصالحة الخليجية مليمترًا واحدًا بدون علم وبدون موافقة وبدون مباركة الإمارات المسبقة”.

وبعد سخط سعودي واسع ضده، حذف الأكاديمي الإماراتي التغريدة، وعلق: “لأنها أثارت الكثير من الجدل واللغط فقط تم حذف التغريدة”.

وحول تلك التغريدة وتوابعها، قال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، في سلسلة تغريدات عبر حسابه بـ”تويتر”: “مستشار ابن زايد عبد الخالق عبد الله يحذف تغريدته، ويقول مكابرًا حذفتها لأنها أثارت اللغط والجدل، يعني هو مصر على موقفه أن الإمارات تتحكم بقرارات السعودية!”.

وتابع “الشلهوب” قائلاً: “لو لم يكن ابن سلمان ضعيفًا منبطحًا لما تجرأ الإماراتي “عبد الخالق عبد الله”، ولا غيره على التطاول على السعودية”، مضيفًا: “ابن سلمان سلم مفاتيح القرار السعودي بيد الإمارات، فاستغلت ذلك حتى وصلت لمرحلة أنها تملي على السعودية قراراتها!”.

وبشان موقف الذباب الإلكتروني السعودي الباهت من الرد على التغريدة المسيئة تلك، تساءل “الشلهوب” قائلاً: “ما رأي ذباب الديوان بكلام مستشار ابن زايد؟ يقول بأن السعودية أصغر من أن تتخذ قرارًا “سياديًا” دون موافقة الإمارات! هل يستطيعون الرد؟ هل يستطيعون المناداة بمقاطعة الإمارات؟”.

في حين قال فهد الغفيلي، الباحث والخبير بالشئون الخليجية: “لم يعد أمر “قيادة الإمارات للسعودية” يخفى على أحد، ابن سلمان المراهق الضعيف سمح لهم وفتح لهم المجال، مؤسفٌ أن السعودية تفعل ما تمليها عليها دويلة الإمارات”.

بينما قالت الصحفية السعودية اللاجئة بهولندا، ريم سليمان: “الإمارات صغيرة جدًا جدًا جدًا، وستبقى كذلك مهما ضعفت السعودية”، وتابعت بقولها: “السعودية دولة عظمى، مترامية المساحة وفيرة الخيرات، من المؤسف أن تتحكم بها (إمارة) أبو ظبي”.

تطورات المصالحة الخليجية المرتقبة:

توالت ردود فعل المعارضة السعودية على قرب إعلان قرار المصالحة الخليجية، فالكل تناوله ولكن بزاويته الخاصة، فقال الصحفي المعارض، تركي الشلهوب: “المصالحة الخليجية باختصار: 13 مطلبًا تبخرت خلال ثلاث سنوات ونصف!”

ولفت “الشلهوب” إلى أن معظم الحسابات الإخبارية السعودية لا تنقل أي تصريح عن قرب انتهاء الأزمة الخليجية، حتى لو كانت صادرة عن المسؤولين السعوديين، لافتًا إلى أن هذا دليل على أن معظم هذه الحسابات يديرها سعوديو الإمارات”.

بينما قالت الصحفية، ريم سليمان: “القطيعة الخليجية ستنتهي، لكن الانحدار الأخلاقي الذي تورط فيه الإعلام السعودي والإماراتي ماذا سيكون مصيره؟”.

وطرحت الصحفية السعودية اللاجئة عدة تساؤلات حول المصالحة المرتقبة، داعية متابعيها للرد عليها، حيث قالت متسائلة: “أسئلة لا تحتاج أجوبة: كيف ستبدو أشكال حكّام أبو ظبي بعد إتمام المصالحة الخليجية التي لطالما وضعوا العصي في دواليبها؟ وكيف ستخط الأقلام المأجورة حروف الترحيب بالمصالحة التي طالما سعت لشرخها؟ وكيف سيتهم الذباب الإلكتروني الأصوات الوطنية الحرة بالعمالة بعد إتمام المصالحة؟”.

وتساءلت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي، عن مصير المعتقلين على ذمة التعاون مع قطر، قائلة: “ماذا عن معتقلي الأزمة الخليجية؟ هل السلطات تتجاهل الإفراج عنهم، وتتركهم في ظلمات السجون؟”.

في حين قال الناشط السعودي المعارض بالخارج، عبد الله الغامدي: “الأزمة الخليجية كشفت عن الأهمية الكبيرة لوجود إعلام حر يكشف كل الملفات بدون ضغوط”.

وتابع “الغامدي” بقوله: “سعيدون بعودة العوائل لبعضها وانتهاء قطيعة الرحم التي تسببت بها دول الحصار، ولكن من المحزن أن أصوات الحرية ستنخفض من جديد، ولا ينكر أحد أن الأزمة الخليجية كان المستفيد الأكبر منها هم الشعوب سياسيًا وإعلاميًا، والخاسر الأكبر حكام السعودية، والإمارات، والبحرين”.

وعلق المعارض البارز، سعيد بن ناصر الغامدي، على اللعبة التي مارستها الحكومات على شعوبها في تلك الأزمة قائلاً: “إدخال الشعوب في النزاعات السياسية خطيئة حمل وزرها من جعل دليل الوطنية هي شتمك للبلد الفلاني والأمير الفلاني”.