الخبير السياسي د. سعيد شداد الأسمري

خاص: بعيداً عن العواطف والآمال، دعونا نحلل المشهد بموضوعية.

انقلاب السيسي بدأ بمظلّة عريضة ودائرة واسعة، في داخلها: (قيادات الجيش، الأزهر، الكنيسة، تيار ياسر برهامي، التيار الليبرالي بطرفه القومي ممثلاً بصباحي، وبطرفه الغربي ممثلاً بالبرادعي، والأحزاب العلمانية).

هذه هي المظلة والدائرة العريضة في البداية، ولكنها اليوم وبعد ستّ سنوات تقلّصت إلى دائرة ضيقة جدًا، ليس فيها إلا: (السيسي وأبناؤه، وعدد قليل جدًا من أقاربه وأصدقائه الخلّص). وهذه هي النقطة المحورية في التحليل.

فكلّ الذين دخلوا في البداية في دائرة السيسي ظناً منهم بأنهم سيقتسمون معه الكعكة بدأوا يتراجعون ويتحسسون؛ لأنهم ليسوا من أقارب السيسي، وبالتالي علموا أنهم سيأتيهم الدور في الإبعاد يومًا ما.

وكما أُبعد مقاول القصور محمد علي سيُبعد غيره من سياسيين وعسكريين وغيرهم.

وهذا الاستبعاد قد بدأ فعليًا ومنذ فترة طويلة، ولذا فقد كثر المتضررون من أولئك الذين كانوا في دائرة السيسي العريضة التي بدأت معه الانقلاب.

ولذا أُبرز المقاول محمد علي من داخل النظام نفسه ومن داخل الدائرة التي كانت يومًا ما مع السيسي.

وإذا كان حسني مبارك -ذو الإنجازات والقوة- لما أراد فقط توريث ابنه تخلّت عنه المؤسسة العسكرية، فكيف بعديم الإنجازات والخبرة -أعني السيسي- فهو لم يُرد توريث أبنائه فقط، بل أراد عزل المؤسسة العسكرية بأكملها عن دائرة القرار، وحصر القرار في يده هو والعصابة القريبة منه فقط.

ولذا فإن ما يحصل الآن هو انقلاب داخلي، من داخل المؤسسة العسكرية نفسها، فالسيسي يراد إزاحته الآن، خصوصًا أنه قام بكل الأدوار القذرة، ويُراد الآن أن يأتي عسكري جديد، غير متورط بتلك الأعمال القذرة، ليبدأ مرحلة جديدة، مع المحافظة على مصالح المؤسسة العسكرية وقياداتها بلا شك.

ولذا نستطيع القول: إن السيسي انتهى تمامًا بإذن الله.