وافق هذا الشهر الذكرى الثالثة لاغتيال الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة والمعارض جمال خاشقجي، لكن مضى وقت طويل على محاسبة المسؤولين عن اغتياله والدفاع عن ضحايا الجرائم السعودية الآخرين، وفق مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية ويليام هارتونغ.

وقال هارتونغ إنه بناءً على تصريحاته كمرشح وأفعاله المبكرة، بدا أن جو بايدن سيفعل ذلك تمامًا، لكن حتى الآن، لم توافق أفعال الرئيس خطاب الرئيس.

وذكر أنه “كمرشح للرئاسة، ندد جو بايدن بالحكومة السعودية ووصفها بأنها “منبوذة” وتعهد بتغيير العلاقات الأمريكية السعودية وفقًا لذلك”.

وأضاف أن بايدن “استخدم خطابه الأول في السياسة الخارجية للإعلان عن إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن، إلى جانب مبيعات الأسلحة ذات الصلة”.

وتبع ذلك قرار بنشر نتائج استخباراتية أمريكية أكدت أن الزعيم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان، كان على علم بالمؤامرة لقتل جمال خاشقجي ووجهها، وفق هارتونغ.

ووفق الخبير، فإن هذه العلامات الواعدة المبكرة تلاشت، حيث فشلت الإدارة في المتابعة بشكل هادف، إذ أوقفت بيع قنبلتين للسعودية مؤقتًا، لكن سُمح للمليارات من مبيعات الأسلحة الأمريكية بالمضي قدمًا، وفي الشهر الماضي فقط اقترحت الإدارة اتفاقية صيانة بقيمة 500 مليون دولار ستمكن السعودية من المضي قدمًا في حربها الوحشية في اليمن، بما في ذلك الحصار الذي عرّض الملايين لخطر المجاعة.

ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية سمحت للزعيم السعودي الفعلي محمد بن سلمان بالتخلص من دوره في مقتل خاشقجي، حتى مع معاقبة عملاء من المستوى الأدنى المتورطين في القضية.

وقال: “في يوليو/ تموز، قام مسؤولو الإدارة بفتح السجادة الحمراء لنائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان – شقيق ولي العهد السعودي – خلال رحلته إلى واشنطن”.

وأضاف “بحسب ما ورد أثار مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان مقتل جمال خاشقجي في اجتماعاته الأخيرة مع محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين، لكن لا يوجد ما يشير إلى أنه أعلن عن عواقب إضافية للدور السعودي في وفاة الصحفي”.

ولا يشير أي مما سبق إلى أن إدارة بايدن مستعدة لمحاسبة السعودية بشكل كامل على مقتل جمال خاشقجي أو جرائمها الأخرى في الداخل والخارج، لكن لا يزال هناك وقت لتغيير المسار، وفق مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية.

وأكد هارتونغ ضرورة أن تحذو الإدارة الأمريكية حذو قادة الكونجرس مثل النائب رو خانا (الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا)، الذي رعى تعديلًا ناجحًا لنسخة مجلس النواب من قانون تفويض الدفاع الوطني من شأنه قطع مبيعات الأسلحة والصيانة وقطع الغيار عن الجيش السعودي ردا على تحركاته في اليمن، مشيرًا إلى حديث بروس ريدل من معهد بروكينجز الذي قال إن من شأن ذلك أن يرسل رسالة واضحة إلى محمد بن سلمان أن سلوك نظامه في اليمن أمر غير مقبول.

وشدد هارتونغ على ضرورة تبنى فريق بايدن أيضًا بنود قانون حماية المعارضين السعوديين، الذي يرعاه النائب جيري كونولي.

ويدعو مشروع القانون، الذي أقره مجلس النواب في أبريل/ نيسان، لكنه ظل حتى الآن في مجلس الشيوخ، إلى وقف مبيعات الأسلحة للشرطة السعودية والأمن الداخلي وأجهزة المخابرات إذا قام النظام بتخويف أو إيذاء المعارضين السعوديين في الخارج أو تعذيب مواطنيه أو يشارك في سلسلة من الإجراءات القمعية الأخرى.

وقال هارتونغ: “إن اتباع نهج مشروع القانون المقترح سيعوض جزئيًا عن فشل الإدارة في معاقبة محمد بن سلمان، فضلاً عن توفير حوافز لنظامه للامتناع عن اتخاذ إجراءات مماثلة في المستقبل”.

وأضاف “لا يمكن أن تكون الحاجة إلى تغيير العلاقات الأمريكية السعودية أكثر إلحاحًا، فيما تواصل الرياض استخدام سلاحها الجوي والبحري لفرض حصار أدى إلى تقليص شحنات الوقود إلى اليمن إلى جزء ضئيل من احتياجاتها، مع عواقب إنسانية وخيمة”.

وتابع “في مارس من هذا العام، صرح مدير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي، أنه إذا لم يتم رفع العوائق التي تحول دون إمداد المساعدات الغذائية، فإن ما يصل إلى 400 ألف طفل معرضون لخطر الموت جوعا أو المرض، كما فرض السعوديون قيودًا على الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء، الأمر الذي ترك آلاف الأفراد الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة عالقين بحسب منظمة كير والمجلس النرويجي للاجئين”.

وأشار إلى أن “المبعوث الخاص لإدارة بايدن إلى اليمن تيم ليندركينغ، ندد بالجهود المبذولة لتقييد دخول الإمدادات إلى اليمن، لكن الإدارة فشلت في استخدام كل النفوذ المتاح لها لتصحيح الوضع، وأبرزها قطع الدعم العسكري الآخر للأسلحة على النحو الذي دعا إليه التعديل الأخير للنائب خانا”.

ولفت هارتونغ إلى أنه “لا يزال هناك متسع من الوقت لإدارة بايدن للوفاء بوعودها بمحاسبة السعودية على مقتل خاشقجي وسلوكها البغيض في اليمن، ويجب أن تتصرف على الفور لصالح إنهاء معاناة الشعب اليمني وتعزيز اتفاق سلام شامل لإنهاء حرب اليمن”.