حمل صعود محمد بن سلمان، إلى ولاية العهد في الذكرى الثالثة، إطلاق حرب، على ما وصفه بـ”التطرف” في البلاد، وظهر لاحقا أنه استهداف لكافة التيارات الدينية في البلاد، عبر تصريحه الشهير قبل أعوام، “سوف ندمرهم اليوم، وفورا”.

ولم يكتف ابن سلمان بتنفيذ حملة ضد ما يسمى في السعودية بـ”تيار الصحوة”، بل طال حتى عددا من الدعاة السعوديين، الذي كان لهم مواقف مؤيدة للنظام الرسمي، وزج بهم في السجون، في مؤشر على رغبة بتحجيم التيار الديني ككل، مقابل إطلاق شكل جديد للمملكة، لم تكن عهدته من قبل، على يد هيئة الترفيه.

ومن أبرز الدعاة الذين اعتقلهم ابن سلمان، كان الدكتور سلمان العودة، على خلفية تغريدة تدعو للم الشمل الخليجي، بعد حصار قطر، بالإضافة إلى سفر الحوالي، وعوض القرني، وعلي العمري، ومحمد موسى الشريف، وأحمد الصويان، وكثير منهم لا يحملون مواقف معارضة للنظام السعودي، وينشطون في مجالات إعلامية أكثر منها سياسية.

بن سلمان عمل منذ اغتصابه للحكم على هدم الحصون التي تمنع انتشار التصهين،عبر اعتقال الدعاة والعلماء المعروفين بمواقفهم الثابتة من #فلسطين

وفي المقابل عزز خطاب التصهين وأتاح له مساحات واسعة،وترك أربابه يسرحون ويمرحون في بلاد الحرمين ومهبط النبوة.#فلسطينيون_وأردنيون_بسجون_السعودية.

لكن في المقابل كانت أبرز المؤسسات المستهدفة، في حملة “التدمير” التي وعد بها ابن سلمان، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي تأسست في العام 1940، وكانت بمثابة شرطة دينية، تنفذ حملات دهم وملاحقة، وتوقيف، لمن يشتبه في مخالفتهم القواعد الدينية السائدة في المملكة، وامتلكت خلال العقود الماضية سلطة وصلاحيات كبيرة موازية قريبة من الأمن.

وفي العام 2016، اتخذ مجلس الوزراء السعودي، قرارا هاما بشأن الهيئة، منعها من استجواب المخالفين، أو إيقاف الأشخاص، أو التحفظ عليهم، أو مطاردتهم، أو طلب وثائقهم، أو حتى التثبت من هويتهم ومتابعتهم.

بل إن القرار، حاول إبعاد الهيئة عن التدخل في الشؤون الدينية، وقصر الأمر على “الدعوة بالرفق واللين” والمساهمة في مكافحة المخدرات، وبيان أضرارها على المجتمع. بحسب قرار الحكومة.

كما شدد القرار في حينه، على أن تقوم الهيئة بإبلاغ الشرطة بأي مخالفة ترصدها الهيئة، وتترك بقية الإجراءات للجهات الرسمية دون أن يكون لها تدخل بأي شكل من الأشكال، بعد أن كانت تمارس هذه الصلاحيات من تلقاء نفسها دون حتى إبلاغ الأمن.

وتلا تلك الخطوة قرار من العاهل السعودي، عام 2016، بقصر أعمال الهيئة، على المكاتب الإدارية، ومنعها من التحرك في الشوارع، وهو ما لوحظ في موسم الحج لذلك العام، الذي غابت عنه جولات عناصر الهيئة، والمتطوعون المعاونون لهم، في مرافق الحج، بمكة والمدينة المنورة.

وفي العام 2017 ذكرت وسائل إعلام سعودية أن مجلس الشورى السعودي، سيصوت على مقترح بضم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لوزارة الشؤون الإسلامية، وهي خطوة لاحقة لخطوات ضبطها وتقييد حركتها. بحسب نشطاء سعوديين.

ونقلت وسائل الإعلام السعودية في حينه، عن مؤيدي هذا المقترح، في مجلس الشورى قولهم، إن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم، ولم تشر النصوص الشرعية إلى تكوين جهاز أو هيئة لهذه الشعيرة. فضلا عن إشارتهم إلى تقليل الخطوة من عجز الميزانية السعودية.

وفي العام 2017، أصدر العاهل السعودي، قرارا تاريخيا، كان “محرما” بفتاوى هيئة كبار العلماء، بحسب موقعها الرسمي، وهو السماح للمرأة بقيادة السيارة، وتنظيم العملية واستصدار رخص رسمية للقيادة.

وأصدرت هيئة كبار العلماء في حينه، بعد القرار، بيانا أعربت فيه عن تأييدها له، رغم رفضها السابق على مدار عقود.

وتلت تلك الخطوات، قرار الحكومة السعودية، العام الماضي، السماح للأنشطة التجارية، بالعمل 24 ساعة يوميا، وهو قرار ضمني بإلغاء تقليد ساد في المملكة منذ بداياتها بإغلاق المحال وقت الصلاة.

وكانت مهمة مراقبة الأسواق، والتزام المحال بالإغلاق وقت الصلاة، من صلب عمل هيئة الأمر بالمعروف، وجاء بعد سلسلة إجراءات قيدتها.

وعلى الطرف المقابل، فتحت السلطات السعودية الباب، لكل الفعاليات والأنشطة، التي كانت تعد من “المحرمات” في المملكة، مثل الحفلات الغنائية وحفلات الرقص، والمهرجانات الفنية.

وأشرفت هيئة الترفيه، على كافة الفعاليات التي أقيمت في المملكة، واستقطبت فرقا فنية وغنائية من كافة أنحاء العالم، وعلى الرغم من وجود انتقادات مجتمعية للكثير من المظاهر التي حصلت بها، إلا أن السلطات واصلت دعمها.

وأعلنت السلطات السعودية، في شباط/فبراير الماضي، إنشاء 11 هيئة جديدة، من بينها، الأدب والنشر والترجمة، والمتاحف، والتراث، والأفلام، والمكتبات، وفنون العمارة والتصميم، والموسيقى، والمسرح والفنون الأدائية، والفنون البصرية، وفنون الطهي، والأزياء.