أعد موقع “تايلور آند فرانسيس” البحثي، دراسة استقصائية بعنوان “تأطير جريمة قتل: مؤثرون على تويتر وحادث جمال خاشقجي” رصدت التفاعل مع حادثة اغتيال الصحفي والكاتب السعودي، جمال خاشقجي، على منصة تويتر، وكيف ضخ شكل عدد قليل من الحسابات السعودية دعاية ضخمة عبر المنصة.
وقال معدو الدراسة، إنه على مدى العقد الماضي، لعبت وسائل التواصل دورا مهما في الخطاب السياسي، سواء في الاحتجاج على التقشف واسع النطاق في اليونان، أو المطالبة بتغيير النظام في مصر، أو الدعوة إلى استقلال كتالونيا عن إسبانيا، أو التعبير عن التضامن مع قطاع غزة المحاصر.
وأشاروا إلى أن كلا من المواطنين والحكومات لجأت على حد سواء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن وجهة نظرهم السياسية، ومن المنصات الرائدة كان موقع “تويتر”.
ولفتوا إلى أن ثورات الربيع العربي أطلق البعض عليها “ثورات تويتر”، إذ كانت هذه المنصة هامة للغاية للتنسيق بين القوى الاجتماعية.
وعلى وجه الخصوص، ركزت هذه الدراسة الاستقصائية على موقع تويتر باللغة العربية، في الأسابيع التي تلت اغتيال الكاتب والصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية.
وكان لمقتل خاشقجي ردود فعل واسعة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط على وجه الخصوص، فكان على الدول الأوروبية أن تضع مبيعات السعودية من السلاح في كفة، ومقتل خاشقجي وحقوق الإنسان في كفة أخرى.
وتقول الدراسة الاستقصائية عن الفترة بين الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر إلى 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، بأن التغريدات التي نشرت في تلك الفترة جاءت من قرابة 369 ألف مستخدم، ما يبدو للوهلة الأولى أنه كبيرا جدا، لكن بخطوات بسيطة يمكننا أن نخفف من الانطباع الكبير حول هذا الرقم.
في البداية، وبالنظر إلى البيانات وراء هذه الأرقام، نجد أن 91.3% من 2.4 مليون تغريدة نشرت، كانت عبارة عن “إعادة تغريد” أي بكلمات أخرى كانت أصداء تغريدات كتبها أشخاص آخرون، وليست تغريدات أصلية كتبها أصحابها.
وبالعودة إلى الأرقام، 208 آلاف تغريدة تقريبا كانت أصلية كتبها أصحابها، وهم عبارة عن 70 ألف مستخدم تقريبا، أي ما نسبته 18.9% من جميع المستخدمين.
أي أن أقل من واحد من بين كل خمسة مشاركين في المحتوى المنشور باللغة العربية على تويتر حول مقتل جمال خاشقجي نشر محتوى أصليًا؛ أما 81% المتبقين من المشاركين فقد رددوا فقط ما قاله الآخرون.
وهذا يقودنا إلى خلاصة هي أن أقلية من المشاركين علقت على الحدث، بينما 81% فقط رددوا ببساطة آراء الأقلية.
وبلغة الأرقام أيضا، كان المستخدم (@monther72) أكثر مستخدم تمت إعادة نشر ما غرده شخصيا، ويمثل ما كتبه قرابة 8% من الزيارات على وسم (#جمال_خاشقجي)، كما شكل المستخدمون العشرة الأوائل الذين أعيد نشر تغريداتهم 28.5% من الزيارات على الوسم ذاته، فيما شكل المستخدمون الخمسون الأوائل الذين أعيد نشر تغريداتهم 53.4% من الزيارات على الوسم.
والخلاصة هنا أيضا تقول إن 281 حسابا على تويتر، أنتجت 80% من الزيارات على الوسم، والمحادثات التي أجريت على تويتر باللغة العربية في الأسابيع التي تلت اغتيال خاشقجي تم توجيهها بشكل عبر هذه الحسابات الـ 281، وخمسون منها فقط قادت أكثر من 50% من المحادثات.
ويمثل هؤلاء المؤثرون 0.4% فقط من 70 ألف مغرد نشروا محتوى أصليا، و0.076% من إجمالي 369 ألف مغرد الذين شاركوا بإعادة التغريد وترديد ما قاله 281 حسابا.
بكلمات أخرى، قرر هذا العدد من المغردين، في أذهان الجماهير في الداخل والخارج، ما حدث، ومن هو المسؤول، وما هو الدافع، وكيف ستكون العواقب على السياسات الإقليمية، وكيف يجب أن تكون.
ومن بين 50 حسابا سلطت الدراسة الضوء عليها، ظهر عدد قليل في غير محله، فعلى سبيل المثال كان حساب “سي أن أن العربية” مصطفا في معسكر “الدفاع عن السعودية”، وهو أمر عادي بحسب منفذي الدراسة، لكن المبرر واضح وهو أن الشبكة بنسختها العربية مقرها في إمارة دبي، إلى جانب قناة العربية الإخبارية السعودية، وقناة سكاي نيوز الإماراتية.
وتكمن المفارقة في أن شبكة “سي أن أن العربية” كان صوتها منخفضا بشأن التغطية لحادثة اغتيال خاشقجي، على عكس الشبكة الأم الناطقة باللغة الإنجليزية.
وفي حين عملت النسخة الإنجليزية مثلا على تحليل ما وصف بأنه “منافسة كوميدية بين كتاب المقالات السعوديين” في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2018، كانت النسخة العربية أقل اهتماما بالحدث وتحليله.
وبالمقارنة بين المحتوى على النسخة الإنجليزية، والعربية، من شبكة “سي أن أن”، نجد الفرق بين تغطية النسخة الإنجليزية التي نشرت مقالات من قبيل “كيف تغطي وسائل الإعلام السعودية اختفاء جمال خاشقجي؟” في 19 تشرين الأول/ أكتوبر.
أما النسخة العربية فقد نشرت “بعد إعفائه بأمر ملكي ضمن التحقيق بقضية جمال خاشقجي.. من هو سعود القحطاني؟” بتاريخ 20 تشرين الثاني/ أكتوبر 2018، ونشرت أيضا “إليكم ما نعرفه عن 3 من الذين تشتبه بهم تركيا في قضية خاشقجي” بتاريخ 18 تشرين الثاني/ أكتوبر 2018.