قالت مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية إن التحالف الأمريكي السعودي الذي يمتد لسبعة عقود خلت بات على حافة الهاوية، وإن هناك جهوداً تبذل من أجل إجراء إصلاحات جذرية على هذا التحالف.

وتابعت المجلة في تقرير موسع لها، أن الكونغرس الأمريكي سئم من التكلفة الإنسانية المأساوية للتدخل العسكري السعودي في الحرب الأهلية باليمن، وأيضاً مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول، وهو ما دفعه إلى محاولة فرض إجراءات رقابية أسبوعية على السعودية.

ولكن رغم ذلك ومع كل منعطف تتحايل الإدارة الأمريكية على إجراءات الكونغرس؛ حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب، وقوفه بقوة مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

المراجعات المتوقعة في التحالف السعودي الأمريكي يمكن أن تأتي في حال وصول ديمقراطي إلى البيت الأبيض، في انتخابات 2020، حيث إن هناك العديد من علامات الإنذار الواضحة، فجميع المشرعين الديمقراطيين تقريباً، إلى جانب العديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين، والعديد من جماعات الضغط والمحللين والمسؤولين السابقين، يعتبرون أن هذا التحالف بهذا الشكل ما عاد ممكناً، ومن ثم فإنه لا يمكن الآن تصور أن يقوم بن سلمان بزيارة إلى الولايات المتحدة كما قام بذلك سابقاً.

وتستعيد المجلة تفاصيل أول لقاء قمة جمع بين الرئيس الأمريكي آنداك، فرانكلين روزفلت، والملك عبد العزيز آل سعود، على متن السفينة الأمريكية كوينس، في العام 1945، وقتها لم يكن أي منهما يتوقع أن تحصل تصدعات في تحالفهما المبني على المنفعة المتبادلة؛ نفط سعودي مقابل حماية عسكرية أمريكية.

فحتى مع هجمات 11 سبتمبر 2001، التي نفذتها مجموعة من عناصر القاعدة غالبيتهم من السعودية، لم يكن هناك تهديد حقيقي لطبيعة التحالف السعودي الأمريكي، أما اليوم، وفي ظل محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، فإن العديد من المشرعين الأمريكيين يتجهون لفرض قيود على مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية، ويدعون لمحاسبة ولي العهد بسبب جريمة مقتل خاشقجي.

يعتمد السعوديون اليوم على ترامب وإدارته، ولكنهم يعترفون في ذات الوقت بأن الأمور قد لا تكون مستقرة دائماً، حيث تنقل المجلة عن مسؤول سعودي كبير، لم تكشف عن اسمه، قوله إن العلاقة السعودية الأمريكية تعرضت مؤخراً لهزات عنيفة، والرياض تعمل بجد من أجل استعادة طبيعة العلاقة؛ “ندرك أن الأمر يستغرق وقتاً أطول”.

تقول المجلة إن الرياض ضخت ما يقارب 40 مليون دولار لجماعات الضغط ومراكز الفكر والأبحاث من أجل تحسين صورتها في واشنطن.

وتنقل عن السيناتور كريس مور قوله إن السعوديين اعتادوا الحصول على دعم قوي من الحزبين في واشنطن، أما الآن فإنهم يتشبثون بتحالفهم مع أمريكا من خلال شخص واحد وهو دونالد ترامب.

تقول المجلة: “على مر تاريخ العلاقة السعودية الأمريكية أجبر الرؤساء الأمريكيون؛ ديمقراطيين وجمهوريين على حد سواء، على منح السعودية معاملة تفضيلية والسكوت عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان؛ بالنظر لما تتمتع به المملكة من وزن جغرافي سياسي في الشرق الأوسط”.

لكن العديد من المرشحين لانتخابات 2020 أبدوا استياءهم من هذه السياسة؛ فهذا جو بايدن، أحد المنافسين المحتملين من الديمقراطيين، يريد الخروج من الحرب في اليمن، وكثيراً ما اعتبر التحالف السعودي الأمريكي بأنه غير جيد.

المسؤول السعودي الذي تحدثت معه المجلة، ولدى سؤاله عن مدى قلق الرياض على مستقبل تحالفها مع واشنطن في حال وصل ديمقراطي إلى البيت الأبيض في انتخابات 2020، قال إن العلاقة بين الدولتين مؤسسية، وإن المرشحين، ديمقراطيين وجمهوريين، يميلون إلى تغيير موقفهم عما كان إبان حملاتهم الانتخابية؛ “عندما يكونون في مناصبهم فإنهم يفهمون معنى أن يتعاونوا مع السعودية في المجال الاقتصادي وتنسيق سياسات النفط والشراكة في الحرب على الإرهاب وإيران”.

لكن يبدو أن الأمر مختلف هذه المرة، تقول المجلة، فالحملات الانتخابية لن تتمكن من تجاوز حرب اليمن وتورط ولي العهد السعودي في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، فحتى الزواج، كما يقول رو خانا، وهو ديمقراطي وعضو عن كاليفورنيا في مجلس النواب، يمكن أن يستمر، ولكن يجب أن يتعافى حتى يواصل الاستمرار، ومن ثم فإن السعوديين ربما لن يكونوا أعداء للولايات المتحدة، ولكنهم بالتأكيد لن يعودوا ذلك الحليف المفضل؛ فلقد فقدوا مكانتهم كدولة حليف.