لا شك أن إصلاحات نظام الكفالة في السعودية ستزيد من المرونة في سوق العمل الأجنبي في المملكة، لكن تحقيق خطط رؤية السعودية 2030 لاقتصاد ما بعد النفط سيتطلب تحسين الكفاءات داخل القوى العاملة السعودية من خلال إصلاحات أوسع وبرامج تنمية المهارات.

وقال نائب وزير الموارد البشرية السعودي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، إن البلاد ستبدأ في تغيير نظام الكفالة في مارس/آذار 2021 من خلال تخفيف القيود التي تربط العمال الأجانب بأصحاب عمل وعقود محددة.

وستمكّن التغييرات الموظفين الأجانب من تبديل الوظائف والعقود دون الحاجة إلى مغادرة البلاد وتجديد تأشيراتهم.

واعتبارًا من شهر مارس/آذار، سيتمكن العمال الأجانب أيضًا من مغادرة البلاد دون الحصول على تأشيرة خروج من صاحب العمل.

ويسعى المسؤولون السعوديون من خلال القضاء على السياسات الحالية التي تجبر هؤلاء العمال في كثير من الأحيان على مغادرة البلاد قبل إعادة توظيفهم، إلى دعم الشركات التي تحاول الاستفادة من العمال الأجانب في المملكة والذين يتم تسريحهم بسبب تداعيات وباء “كورونا”.

وقد أعطت القيود السابقة المفروضة على العمالة الأجنبية أصحاب العمل السعوديين نفوذاً اجتماعياً وقانونياً على العمال الأجانب مما ساهم في تقويض حقوق العمال في ظل وجود القليل من الحماية ضد ظروف العمل المعاكسة، وفي نفس الوقت قوضت هذه القيود أيضًا جاذبية السعودية للعمال الأجانب، لا سيما عند مقارنتها مع أسواق العمل الأكثر ليبرالية في قطر والإمارات.

وفي وقت سابق من هذا العام، وصل معدل البطالة بين المواطنين السعوديين منذ بداية أزمة “كورونا” إلى أعلى مستوى له في 20 عامًا عند 15.4%.

وقد تقلص القطاع الخاص غير النفطي في المملكة بنسبة 10% في الربع الثاني من عام 2020، كما انكمش قطاع النفط في المملكة بنسبة 5.2% خلال نفس الفترة بسبب انخفاض الطلب وحرب الأسعار الروسية السعودية التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط.

وفي حين أن هذه الانكماشات الاقتصادية قد أضرت بالعديد من الصناعات الرئيسية، بما في ذلك السياحة والبناء، فإن بعض مجالات التنمية تستمر في التقدم، مدعومة في كثير من الأحيان بالإنفاق أو التحفيز الحكومي.

وقد ترك هذا بعض الشركات في وضع يمكّنها من الحفاظ على التوظيف أو الاستفادة من المواهب التي اختفت وظائفها في أماكن أخرى.

وبالرغم من الإصلاحات المقررة، سيواصل المواطنون السعوديون استفادتهم من المزايا الاجتماعية والسياسية مع احتفاظهم بالمناصب الرئيسية في اقتصاد المملكة، لكن ذلك سيقوض خطط الإصلاح العمالي الأوسع والتي تعتبر لازمة لتحسين الأداء الاقتصادي العام للمملكة.

وتظل “السعودة” أولوية وطنية، وقد أصبحت ضرورة أكبر مع الانكماش الاقتصادي.

وارتفع معدل البطالة بين السعوديات من 3.2% في الربع الأول من 2020 إلى 31.4% في الربع الثاني، وذلك بحسب إحصائيات سعودية، ويمثل هذا انتكاسة ملحوظة لسياسات “السعودة” في المملكة والتي كانت مصممة لجلب المزيد من النساء إلى القوى العاملة.

تعمل العديد من النساء السعوديات في خدمات تنافس في بعض الأحيان العمالة الأجنبية الرخيصة، وقد تأثرت هذه القطاعات بانخفاض الاستهلاك الناجم عن الوباء وما تلاه من عمليات إغلاق.

ويُدار قطاع العمل في المملكة في الغالب من قبل مواطنين سعوديين، مما يجعله عرضة للتأثيرات العشائرية والعائلية والثقافية غير الرسمية التي يمكن أن تؤثر على مدى صرامة تطبيق الإصلاحات العمالية الجديدة وتنفيذها.

قامت دول الخليج العربي الأخرى بإصلاح أو إلغاء نظام الكفالة، بما في ذلك قطر والإمارات.

لكن مخاوف تطبيق ذلك تركت بعض العمال الأجانب في هذه البلدان معرضين لإساءة أصحاب العمل، حيث يستخدم المواطنون الأصليون نفوذهم مع الدولة لمنع عمليات التفتيش أو إنفاذ القوانين القائمة.

سيتطلب تحقيق الأهداف الإنتاجية لرؤية السعودية 2030 تدريباً أعمق وإصلاحات تعليمية وهيكلية لسوق العمل في المملكة.

وقد بدأ النظام التعليمي في السعودية في تنفيذ تدريب أعمق قائم على المهارات، وهي عملية ستستغرق سنوات عديدة قبل أن ينخرط الطلاب في الاقتصاد المعد للقطاع غير النفطي.

وسوف تستغرق الإصلاحات الهيكلية الضرورية الأخرى وقتا، بما في ذلك الحد من توافر العمالة الأجنبية الرخيصة وزيادة الحوافز للقطاع الخاص لتوظيف المواطنين السعوديين مع إلغاء عدد من وظائف القطاع العام في نفس الوقت. وسيتطلب ذلك دعما سياسيا أعمق بين نخب المملكة.

وبعبارة أخرى، يخضع نظام التعليم في السعودية لإصلاحات، لكن الأمر سيستغرق سنوات لرؤية نتائج هذه التغييرات.

على سبيل المثال، بدأت الإمارات مشروع إصلاح التعليم في عام 2009 في أبوظبي.

لكن المواطنين الإماراتيين الذين نشأوا بشكل كامل في هذا النظام التعليمي المحدث ما زالوا بحاجة إلى العمل.

ومقارنة بالإمارات، يجب أن تشمل إصلاحات التعليم في السعودية أيضًا عددًا أكبر من الطلاب، حيث تقل أعمار أكثر من 40% من السكان السعوديين عن 24 عامًا.

وتفضل شركات القطاع الخاص في كثير من الأحيان العمالة الأجنبية الأرخص والأكثر مهارة في بعض الأحيان، في حين لا يفضل المواطنون السعوديون الدخول إلى القطاع الخاص ويفضلون انتظار وظائف حكومية موثوقة وآمنة مع معاشات ومزايا تقاعدية سخية.

وقد قوبلت المحاولات السابقة لانهاء اعتماد السعوديين على الرواتب الحكومية بالمقاومة، وستظل الرياض حذرة من استبعاد عدد كبير جدًا من العمال السعوديين من القطاع العام في مثل هذا الوقت المضطرب خوفًا من رد الفعل الاجتماعي والسياسي.