قالت وكالة “فرانس برس” إن شواطئ المملكة العربية السعودية، وخصوصًا شواطئ جدة على البحر الحمر بدت على غير عادتها منذ أن أطلق ولي العهد محمد بن سلمان رؤيته لانفتاح المملكة.

وذكر تقرير للوكالة في مقابلاتٍ أجرتها مع عددٍ من مرتادي الشاطئ الغربي للمملكة، أن “أسماء” قضت يومًا على شاطئ بحر جدة مع صديقتها وهو ما كان ليتحقق حتى قبل 4 سنواتٍ فقط.

ولفتت إلى أن الفتاة (32 عامًا) وصديقتها تمكنتا من الرقص مع شريكتها على الرمال البيضاء المطلة على البحر الأحمر، على أنغام الموسيقى التي تنطلق من مكبرات الصوت.

وقالت الوكالة الفرنسية إن ذلك مشهدٌ صغير يذكر بالتغييرات الجارية في المملكة الخليجية، التي تحاول تخفيف بعض قيودها الاجتماعية الصارمة في حملة تحديث في نفس الوقت مع قمع المعارضة.

وتم حظر الموسيقى في الأماكن العامة في المملكة حتى عام 2017، وهو إجراء فرضته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يُسمح للنساء بالقيادة إلا بعد عام واحد من ذلك، فيما لا تزال الشواطئ تفصل بين الرجال والنساء.

ولكن مقابل 300 ريال سعودي لكل من الصديقتين، يمكنهما الدخول إلى “بيور بيتش” بالقرب من جدة، بموسيقاها ورقصها وملاهي مائية تعمل بالنفخ.

وقالت “أسماء” لـ”فرانس برس” وهي ترتدي فستانًا أزرق فوق ثوب السباحة “أنا سعيدة لأنني أستطيع الآن القدوم إلى شاطئ قريب لأستمتع بوقتي، كما أنه مثال للمتعة وكان حلمنا أن نأتي إلى هنا ونقضي عطلة نهاية أسبوع جميلة.”

وبحسب الوكالة الإخبارية، “يسبح مرتادو الشواطئ في المياه الفيروزية، فيما ترتدي النساء البكيني وبعضهن يدخنون الأرجيلة. ومع غروب الشمس، يرقص فنانون استعراضيون على أنغام الموسيقى الغربية على خشبة مسرح مضاءة بينما يتعانق الزوجان في مكان قريب”.

وفي العديد من البلدان، لن تكون هذه مشاهد غير عادية لكنها مختلفة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، التي تضم أقدس المواقع الإسلامية.

كما أنها لا تُرى خارج منطقة جدة، والتي تُعرف بأنها المنطقة الأكثر انفتاحًا في البلاد.

ويقع “بيور بيتش” في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، على بعد حوالي 125 كيلومترًا شمال وسط جدة.

وقالت المصرية هديل عمر: “نشأت هنا، ومنذ بضع سنوات لم يكن مسموحًا لنا حتى بالاستماع إلى الموسيقى، فهذا أشبه بالجنة”.

وتشهد البلاد تغييرًا في عهد ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، الذي تولى السلطة في عام 2017.

في المقابل، شن ولي العهد أيضًا حملة قمع كاسحة على المعارضين، واعتقل نشطاء حقوق المرأة ورجال الدعوة والصحفيين، فيما اتهمه تقرير استخباراتي أمريكي بالموافقة على القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي عام 2018 في القنصلية السعودية في اسطنبول.

يُذكر أن الإصلاحات الاجتماعية في المملكة الخليجية مدفوعة بالرغبة في تنويع اقتصادها المعتمد على النفط، بما في ذلك من خلال تحفيز السياحة والإنفاق المحلي.

وقال بلال السعودي، رئيس الفعاليات في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، إن الشاطئ يستهدف “الزوار المحليين والسياح الأجانب”.

فيما نقلت “فرانس برس” عن “ديما”، سيدة أعمال سعودية شابة، بينما كانت تتمايل على الموسيقى: “أشعر أنني لم أعد مضطرةً للسفر للخارج لقضاء وقت ممتع لأن كل شيء هنا”.

وقال العاملون على الشاطئ إنهم لا يعرفون ما إذا كان الرجال والنساء هنا متزوجين أم لا. فقبل عامين فقط، سُمح لأول مرة للأزواج الأجانب غير المتزوجين بالاشتراك في غرف الفنادق.

وأوضح العاملون في الشواطئ أنه من أجل “الخصوصية”، تتم مصادرة الهواتف المحمولة وحفظها في أكياس بلاستيكية.

وقال محمد صالح، أحد رواد الشاطئ، “لقد فوجئت بالانفتاح على الشاطئ، وهو أمر يمكن رؤيته في الولايات المتحدة”.

ووفقًا لـ”فرانس برس”، كانت هذه الحياة الليلية حتى وقت قريب متعة مخصصة للأجانب، وحتى ذلك الحين فقط بشكل غير رسمي.

ونقلت عن سياح أجانب أن الشيء الوحيد الذي ما زال مفقودًا هو “المشروبات الكحولية”.