MBS metoo

صحة الملك سلمان.. كيف يتجهز الوريث لحكم السعودية؟

تثير صحة العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبدالعزيز” اهتماما كبيرا داخل وخارج السعودية، وترقبا إقليميا ودوليا لمستقبل الحكم في الدولة الأكبر والأغنى خليجيا.

وتولى الملك “سلمان” (86 عاما) الحكم لأكبر بلد مصدر للنفط في العالم، عام 2015، بعد أن ظل وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء لمدة عامين ونصف العام.

وفي يوليو/تموز 2017، أعفى العاهل السعودي، ابن شقيقه الأمير “محمد بن نايف بن عبدالعزيز” من منصبه وليا للعهد، وعين نجله “محمد بن سلمان” خلفا له.

وعين الملك ابنه ولي العهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره توليه حقيبة وزير الدفاع.

 

منظار القولون

الملفت تناول صحة الملك بشكل رسمي وعلني في بيانات ملكية، كان آخرها، إعلان الديوان الملكي السعودي، الأحد الماضي، أن الملك  “سلمان” أجرى في مستشفى الملك “فيصل” التخصصي بجدة، منظاراً للقولون، مؤكداً أن النتيجة سليمة.

وهذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها الديوان الملكي السعودي، دخول خادم الحرمين الشريفين المستشفى، حيث أجرى في منتصف مارس/آذار الماضي فحوصات طبية وغير بطارية منظم ضربات القلب.

وحينها، بثت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”، أن عملية تغيير بطارية منظم ضربات القلب للملك “سلمان” تكللت بالنجاح، في أول إعلان ملكي علني عن طبيعة الحالة الصحية للملك، مقارنة بما كان يفرض في السابق من سرية وتكتم شديديين حول ذلك.

ومن النادر جدا أن تنشر المملكة بيانات تتعلق بالحالة الصحية للملك البالغ من العمر 86 عاما، الذي أجريت له عام 2010 عملية لمعالجة انزلاق غضروفي في العمود الفقري.

وقبل شهور، كشف موقع “تاكتيكال ريبورت” المتخصص في نشر معلومات الاستخبارات بالشرق الأوسط، عن معاناة الملك “سلمان” من آلام في البطن.

وخضع العاهل السعودي لجراحة في المرارة، في يوليو/تموز 2020، دون أن يستبعد الفريق المعالج أن تكون هناك أسباب أكثر خطورة مثل إصابته بـ”ورم”، وهو ربما ما استدعى إجراء عملية المنظار الأخيرة.

لكن صحيفة “بيزنيس إنسايدر”، تزعم أن الملك “سلمان” مصاب بأعراض ما قبل الخرف، وأنه يخضع لرعاية طبية فائقة.

 

ظهور نادر

التطورات المتعلقة بحالة “سلمان” صحيا، صاحبها لقطات متلفزة، بثها التلفزيون السعودي، في وقت سابق، يظهر خلالها الملك، البالغ من العمر 86 عاما، وهو يسير مستخدما عكازا، مع ابنه ولي العهد (34 عاما)، الذي يصغره بأكثر من 50 عاما.

وظهر الملك “سلمان”، 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في خطاب مقتضب، استغرق 3 دقائق و40 ثانية، وجرى عبر الاتصال المرئي، أعلن بعد اختفاء عن الأنظار دام شهورا خلاله افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى (البرلمان).

وكان الاجتماع مع وزير الخارجية البريطاني السابق “دومينيك راب”، في يونيو/حزيران 2021، آخر لقاء للعاهل السعودي مع مسؤول غربي.

وغاب “سلمان” عن قمة المصالحة الخليجية التي عقدت في مدينة العلا السعودية، ينيير/كانون الثاني 2021، كما غاب عن قمة مجلس التعاون الخليجي الـ42، التي استضافتها بلاده، ديسمبر/كانون الأول 2021.

وعلى مدار قرابة عامين، كانت زيارة الملك “سلمان” الأخيرة الوحيدة للعاصمة الرياض في أغسطس/آب 2020.

ويقيم خادم الحرمين الشريفين منذ أكثر من 600 يوما في قصره بمدينة نيوم الصحراوية (غربي المملكة)، في عزلة عن أفراد الأسرة المالكة، وسط مخاوف من تعرضه لفيروس “كورونا”، بحسب صحيفة “بيزينيس إنسايدر”.

 

الحاكم الفعلي

يصف مراقبون “بن سلمان” بأنه “الملك غير المتوّج” في إشارة إلى كونه الحاكم الفعلي للسعودية، إذ انفرد باستقبال الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، ديسمبر/كانون الأول 2021.

واصطحب “بن سلمان” الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” في جولة بسيارته في الدرعية، مارس/آذار الماضي.

والشهر الماضي، ظهر الملك “سلمان” في استقبال الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، ربما لإظهار الحفاوة به، لكن المباحثات الجدية كانت محور لقاء مغلق بين “أردوغان”، وولي العهد السعودي في قصر السلام الملكي.

ويدير الأمير الشاب الذي لم يسبق له أن تولى أي مسؤولية وزارية أو حكومية في السابق، ملفات حساسة، أبرزها الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والعلاقات المتأزمة مع الولايات المتحدة، وملف النفط، وتوازنات “أوبك”، وخطط إعداد الاقتصاد السعودي لفترة ما بعد فورة النفط.

 

انتقال الحكم

يعد “بن سلمان” الحاكم الفعلي للسعودية، خلفا لملك مسن لا يسعفه عمره المتقدم وحالته الصحية العليلة لمتابعة القضايا السياسية الداخلية والخارجية والتحديات الكبرى التي تواجه المملكة في الوقت الراهن، بحسب وكالة “فرانس برس”.

ووفق دبلوماسي غربي في الرياض، فإن الترتيبات مع الديوان الملكي باتت تتم من خلال مكتب الأمير محمد، الملك لا يظهر في الصورة منذ فترة طويلة قاربت على السنتين”، مؤكدا أن ولي العهد “تجاوز فكرة أنه ملك قيد الإعداد إلى فكرة أنه ملك (غير متوج بعد) في القصر”.

ويرى مراقبون لـ”الجارديان” البريطانية، أن عملية انتقال الحكم من الأب إلى الابن قد حدثت بالفعل، بعد إزاحته لمنافسيه الواحد تلو الآخر من طريقه خلال السنوات الماضية.

وخلال السنوات الماضية، استهدف “بن سلمان” ولي العهد السابق “محمد بن نايف”،  وشقيقه الأمير “نواف بن نايف”، كذلك استهدف عمه الأمير “أحمد بن عبدالعزيز” شقيق الملك “سلمان”، وآخرين من الأمراء والمسؤولين، ضمن اعتقالات فندق الريتز كارلتون، لإخماد أي حراك من داخل العائلة الحاكمة للتخلص منه.

ويمكن القول، إن “بن سلمان” يحصل على كثير من نفوذه من خلال التصرف باسم والده، بحسب كبير الباحثين في معهد واشنطن “حسين إيبيش”.

ربما عطلت جريمة مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، بقنصلية المملكة بإسطنبول 2018، خطوات انتقال العرش له، لكن التقارب مع قطر وتركيا، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتوظيف ورقة النفط، والتطبيع المحتمل مع إسرائيل، والانفتاح الذي أحدثه داخل المملكة، وتخلصه من منافسيه، تعد بمثابة تحولات مهمة أعادته بقوة للمشهد، وربما تحتم على الغرب القبول به ملكا للسعودية.

 

المادة الخامسة

يوفر تعديل المادة الخامسة للنظام الأساسي للحكم في السعودية الصادر عام 1992 في عهد الملك “فهد بن عبدالعزيز”، حصانة لـ”بن سلمان” في ترتيب انتقال آمن للحكم إليه، حال وفاة والده، أو تنحي الملك “سلمان” وتتويج نجله خلال ما تبقى من حياته؛ لضمان ولاء الأسرة المالكة له.

وكانت تلك المادة التي تم تعديلها مع تنحية ولي العهد السابق “محمد بن نايف”، يونيو/حزيران 2017، تنص على التالي: “يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”.

وعدلت هذه الفقرة لتكون على الشكل التالي: “يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكاً وولياً للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس”، ما يعني أن التعديل جرى بإضافة الشرط التالي: “ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكاً وولياً للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس”.

ويعني هذا التعديل أن ملك السعودية القادم إذا لم يكن من أبناء الملك المؤسس “عبدالعزيز”، وكان من أحفاده، فإن ولي عهده يجب أن يكون من فرع آخر من ذرية الملك “عبدالعزيز”، وأن الملك لو كان من أحفاد الملك “عبدالعزيز” لا يستطيع تعيين نجله وليا للعهد.

وبناء عليه، وبموجب هذا التعديل فإن “محمد بن سلمان” حال توليه حكم المملكة مستقبلا لن يستطيع أن يورث الحكم لأحد أنجاله، حيث لا بد أن يكون ولي العهد من فرع آخر (أحد أبناء عمومته على سبيل المثال).

وتنص المادة السادسة من نظام هيئة البيعة على أنه “عند وفاة الملك تقوم الهيئة بالدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكا على البلاد وفقا لهذا النظام والنظام الأساسي للحكم”. وانطلاقا من هذا النص، انتقلت السلطة إلى الأمير “سلمان” ليكون ملكا للبلاد، وبموجبها سينتقل الحكم للأمير الشاب.

ومن المؤكد أن “بن سلمان” يتخوف من رفض أمراء كبار داخل الأسرة المالكة توليه الحكم بعد غياب أبيه، لكن مرض الملك، وتمدد نفوذ الإبن، وتوسيع سلطاته، وتخلصه من منافسيه، وإمساكه بأوراق اللعبة بقبضة حديدية، قد يؤمن له اعتلاء العرش قريبا.

Exit mobile version