أكدت صحيفة هندية أن الحياد السعودي فيما يتعلق بقضية كشمير، أسعد نيودلهي كثيرا، لكنه كان “إسفينا” آخرا في نعش علاقات الرياض مع باكستان، رغم الجهود التي بذلتها الأخيرة لإصلاح علاقاتها مع المملكة وحثها على تغيير موقفها.

وأوضحت “ذا تايمز أوف إينديا” أنه “منذ وصول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى السلطة عام 2014، أقامت حكومته علاقات جيدة مع السعودية، فيما حافظت المملكة على حيادها بشأن قضية كشمير، الأمر الذي أثار استياء باكستان وإسعاد الهند”.

ومنذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، بدأ النزاع على إقليم كشمير، بين باكستان والهند، حيث نشبت 3 حروب بينهما، أسفرت عن مقتل قرابة 70 ألف شخص من الطرفين.

 

“يوم أسود”

وفي السياق، قال المحلل الإستراتيجي والرئيس التنفيذي لمؤسسة “Usanas” (فكرية مقرها الهند)، أبيناف بانديا: إن “السعودية حافظت بعد زيارة مودي إلى الرياض في أكتوبر/تشرين الأول 2019، على حيادها بشأن كشمير ودعمت الهند في حربها ضد الإرهاب”.

وأضاف أنه “كان للسعوديين مواقف غامضة بشأن كشمير في مختلف المنتديات الدبلوماسية العالمية، فقد دعموا مرات عديدة موقف باكستان قبل أن يتخذوا مؤخرا موقفا محايدا يصبح في مصلحة الهند”.

وتابع بانديا: “3 أحداث شهدها عام 1979 كان لها تأثير مباشر على كشمير، وهي الاستيلاء على المسجد الحرام في مكة، والثورة الإسلامية في إيران، والغزو السوفيتي لأفغانستان”.

وأوضح أنه “بعد عام 1979، رعى السعوديون الوهابية في جميع أنحاء العالم، وأصبحت كشمير ذات الأغلبية المسلمة، خيارا طبيعيا للتبشير الوهابي بسبب التغلغل العميق لباكستان، التي كانت تربطها تاريخيا علاقات وثيقة مع السعودية”.

وبدأ الخلاف بين باكستان والسعودية عندما لم تستجب الرياض لمطلب باكستان بالدعوة إلى اجتماع لمنظمة “التعاون الإسلامي” التي تقودها المملكة؛ لمناقشة إلغاء الوضع السياسي الأصلي لجامو وكشمير من قبل حكومة مودي.

وأوضح تحليل لموقع “بروكينغر”، أن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي طلب من السعوديين “إظهار الدعم”، وهدد بأنه إذا لم تدع السعودية إلى اجتماع لوزراء خارجية “التعاون الإسلامي” بشأن كشمير، فستضطر باكستان للذهاب إلى إيران وماليزيا وتركيا من أجل حشد دعم قوي لموقفها.

وفي غضون ذلك، رفض السعوديون السماح للسفارة الباكستانية بالرياض والقنصلية في جدة بتنظيم برامج “اليوم الأسود” لكشمير في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وكانت الهند قد ضمت “جامو وكشمير” في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1947، وتحتفل باكستان بهذا التاريخ باعتباره يوم كشمير الأسود كل عام.

 

تهديد خطير

وفي السنوات الأخيرة، تحسنت علاقات الهند مع الدول العربية بشكل ملحوظ، خاصة مع السعودية باعتبار “اقتصادها الناشئ ولأنها تمثل سوقا عالمية رئيسة”.

وفي هذا السياق، قال نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون بواشنطن، مايكل كوجلمان: “السعودية مثل العديد من البلدان، ترى الهند كلاعب مهم، وسوق رئيس ودولة لا تريد استعداءها، ومن الواضح أن امتناع الرياض عن دعم قضية كشمير علنا سيساعد في تحسين علاقتها مع الهند”.

وأضاف كوجلمان “هناك عدة أسباب جيوسياسية أثرت في الموقف السعودي بشأن كشمير، السعوديين لم يتقبلوا الضغط العلني المسلط عليهم من قبل باكستان العام الماضي وسحبوا على الفور منها قرضا قيمته مليار دولار أعلن عنه عام 2018 كجزء من قرض قيمته 3 مليارات دولار”.

وفي ذات السياق، قال المحلل السياسي، حميد بهرامي، لصحيفة “The Epoch Times” إن “كتلا جديدة وغير متماثلة تظهر في الساحة الجيوسياسية، وأن السعوديين فقدوا بعض الاهتمام بعلاقتهم مع باكستان، وهو ما يؤثر على الموقف السعودي من كشمير أيضا”.

وأضاف: “منذ أن أحبطت باكستان آمال السعودية فيما يتعلق بالحرب في اليمن، واتخذت باكستان الحياد بين الرياض وطهران، وهو نهج لم يستسغه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.

ولفت بهرامي إلى أن “العلاقات الوثيقة للسعوديين مع الولايات المتحدة وعلاقات باكستان الوثيقة مع الصين المنافسة للولايات المتحدة أثرت أيضا على السياسة الخارجية السعودية فيما يتعلق بكشمير”.

وأوضح أن “التهديد الرئيس هو الصين، وللأسف باكستان تمهد طريق بكين للوصول إلى الشرق الأوسط عبر ميناء جوادر، وهذا تهديد خطير للمعسكر السعودي الأميركي، واعتبر إيران، وباكستان، وتركيا، والصين وروسيا معسكرا غير متكافئ له اهتمامات مختلفة، ولكن له في المقابل نفس الخصوم”.

وأشار إلى أن “الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من الهند أكثر من باكستان للسيطرة على الصين والمعسكر غير المتكافئ الناشئ”.

وختم بهرامي تصريحه بالقول: “إذا أردنا التعمق، فإن وجهة نظر ابن سلمان حول الجغرافيا السياسية وحماية مصالح المملكة لا تستند إلى أجندة دينية لدعم الوهابية، بل يسعى للتنمية الاقتصادية في إطار رؤية 2030، ولا تملك باكستان القدرة الكافية لعلاقة ثنائية مربحة مع السعودية”.