من بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وضعت الرياض وأبوظبي نفسيهما في طليعة التحول العالمي للطاقة، وستشهد خططهما الطموحة للطاقة البديلة المزيد من التحولات الجيوسياسية.

ما سبق كان خلاصة تقرير نشره “منتدى الخليج الدولي”، مسلطا خلاله الضوء على التنافس بين الإمارات والسعودية بشكل خاص في جذب الاستثمارات الخضراء، وتأمين شراكات دولية فعالة لتعزيز وصولهما إلى الطاقة النظيفة وإنتاجها.

وبحسب التقرير، الذي ترجمه “الخليج الجديد”، فإنه بالإضافة إلى تغيرات المناخ التي تهدد منطقة شبه الجزيرة العربية، والتسخين المستمر هناك، علاوة على الانخفاض المتوقع في الطلب على الوقود الأحفوري مستقبلا (النفط والغاز) بدأت دول الخليج في تبني استراتيجية طموحة لتسريع تحولها نحو الطاقة الخضراء.

تهدف كل من السعودية والكويت والبحرين إلى تحقيق هدف “صفر انبعاثات” بحلول عام 2060 ، بينما حددت الإمارات وسلطنة عمان هدفًا أكثر طموحًا بحلول عام 2050.

وبسبب خطوط إمداد الهيدروكربونات الجديدة التي تقوم ببنائها لربط نفسها والاتحاد الأوروبي، لم تحدد قطر هدفًا صافيًا للصفر، لكنها تشير إلى أنها ستخفض الانبعاثات بنسبة 25% بحلول عام 2030.

ودفعت الظروف العالمية دول الخليج للتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، لا سيما السعودية والإمارات اللتان راجعتا خططهما الاقتصادية بشكل أكبر، وبدءا المعركة من أجل الوصول الأفضل إلى أسواق الطاقة النظيفة، لا سيما في مجالات الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأزرق، والأمونيا.

 

السعودية

وقال التقرير إن السعودية تهدف لتقليل اعتمادها الكبير على النفط من خلال أن تصبح مُصدرًا رائدًا للهيدروجين.

ومن أجل هذا الهدف، تم دمج خطة إنتاج وتصدير الهيدروجين في مشروع “نيوم” العملاق في السعودية.

ستستضيف المدينة المستقبلية أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، بقيمة 8 مليارات دولار ، وتهدف إلى إنتاج 600 طن من الهيدروجين الأخضر يوميًا.

وهناك مساع لإنشاء محطتين إضافيتين للهيدروجين الأخضر داخل المملكة.

تهدف السعودية أيضًا إلى افتتاح أكبر محطة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط في الشعيبة بمحافظة مكة بحلول عام 2025.

وتأمل السلطات أن توفر المحطة، التي تمولها “أكوا باور” وصندوق الاستثمارات العامة في المملكة، 50% من طاقة المملكة بحلول عام 2030 من خلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

بالإضافة إلى ذلك، تأمل “أرامكو” في إنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأزرق بحلول عام 2030.

 

الإمارات

وبالنسبة للإمارات، جاءت تحركاتها للوصول إلى أسواق الطاقة النظية حول العالم أكثر زخما، وبذلت جهودًا لتنويع علاقاتها في مجال الطاقة مع دول شرق آسيا، حيث حصلت على استثمار بقيمة مليار دولار من كوريا الجنوبية في مصنع للهيدروجين والأمونيا في منطقة كيزاد الصناعية بالقرب من أبوظبي.

سعت الإمارات أيضًا إلى التعاون مع اليابان، بعد أن اتفقت كل من أبوظبي وطوكيو في يناير/كانون الثاني 2023 على التعاون في مجال الطاقة الخضراء، في الغالب من خلال شراكات حول فرص البحث عن الهيدروجين الأخضر، بهدف معلن يتمثل في دعم تحولات الطاقة لدى بعضهما البعض.

وأبرمت شركة “مصدر” الإماراتية للطاقة المتجددة اتفاقية مبدئية في يناير أيضا مع أربع شركات هولندية للتحقيق في إنشاء شبكة إمداد هيدروجين خضراء تربط أبوظبي وأمستردام.

كما أبرمت الإمارات اتفاقيات للطاقة النظيفة مع ألمانيا، وسلسلة من الاتفاقيات مع دول أوروبية أخرى مثل المملكة المتحدة، وشراكة الهيدروجين الأخضر مع إيطاليا في يونيو/حزيران 2022.

 

التعاون مع أمريكا والصين

وسعت كل من الرياض وأبوظبي إلى تحقيق التوازن في علاقاتهما في مجال الطاقة مع الولايات المتحدة والصين، والتي تتناسب مع نمطهما الأوسع في السعي إلى الحياد في الصراع الجيوسياسي المتخمر بين الجانبين.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اتفقت أبوظبي وواشنطن على المضي قدمًا في الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة (PACE)، حيث قدمت استثمارات ثنائية بقيمة 100 مليار دولار لتعزيز الوصول إلى الطاقة النظيفة وتطوير مشاريع الطاقة النظيفة.

كما ضمنت السعودية شراكتها الخاصة في مجال الطاقة النظيفة مع الولايات المتحدة.

وبرزت الصين كشريك جذاب، نظرًا لبصمتها الاقتصادية العالمية المتنامية وهيمنتها على سلاسل إمداد الطاقة الشمسية.

لكن من بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي، ظلت بكين قريبة بشكل خاص من أبوظبي في هذا الصدد.

وفي فبراير/شباط 2022، وافقت على استثمار مليار دولار في مشروع الظفرة للطاقة الشمسية في الإمارات العربية المتحدة.