خلص الكاتب الأميركي المخضرم بن هابرد مدير مكتب صحيفة “نيويورك تايمز” بالعاصمة اللبنانية بيروت، إلى أن صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة يمثل المرحلة الأكثر استبدادية في السعودية.
ويقدم “سعودي ليكس” ترجمة لمقدمة كتاب “صعود محمد بن سلمان” الذي كتبه بن هابرد مستعرضا فيه سياسات التهور والقمع التي اتسم بها اعتلاء ولي العهد للحكم في المملكة.
وجاء في مقدمة الكتاب: بحلول الوقت الذي كان من المقرر أن يتحدث فيه الأمير الشاب الذي كان يدير أغنى بلد في العالم العربي، كان عدد من المستثمرين الدوليين ورجال الأعمال والمليونيرات والمليارديرات يحتشدون في قاعة فاخرة تحت ثريات كريستالية ضخمة بانتظار ظهوره.
كان ذلك في خريف عام 2017، وقد جاء الجميع إلى العاصمة السعودية الرياض لحضور مؤتمر استثماري حمل اسم ”دافوس في الصحراء“ وهو الاسم غير الرسمي للمؤتمر، وكان يهدف الى منحه نفس المميزات والانطباع التي يحظى بها الاجتماع السنوي الذي يجمع سماسرة الطاقة العالميين في دافوس بقلب جبال الألب السويسرية.
لكن كان لهذا المؤتمر هدف مختلف يتمثل في إقناع الموالين المجتمعين بأن الوقت قد حان الآن للمراهنة بشكل كبير على السعودية.
على مدى الأيام السابقة، عملت المملكة بجد على اقناع الآلاف من ضيوفها بأن أي تصورات مسبقة في اذهانهم بشأن المملكة لم تكن صحيحة، أو ان المملكة كانت في الطريق الى اثبات عدم صحتها، حيثُ قيل لهم إن البلاد كانت تتغير، وانها انفتحت وتخلصت من ماضيها كمملكة إسلامية معزولة للغاية.
لطالما عُرفت المملكة بشيئين: النفط والإسلام
تجمع الأول – النفط – بكميات كبيرة تحت رمال المملكة لدرجة انه حول عائلة البلاد المالكة، آل سعود، إلى واحدة من أغنى العائلات الملكية في العالم، مما أعطى البلد الذي يحمل اسمها أهمية جغرافية استراتيجية كان سيفتقر إليها لولا ذلك.
لقد شكلت الثروة النفطية الهائلة الاقتصاد السعودي، مما أعطى طبقة النخبة من الأمراء ورجال الأعمال ثروة هائلة، في حين كان على بقية المواطنين اما التزام منازلهم او الالتحاق بوظائف حكومية لتلقي اجور جيدة مع قليل من العمل.
أما الشيء الثاني الذي عُرفت به المملكة فقد كان الاسلام، ولم يكن الإسلام الرسمي للمملكة إسلاما اعتياديا، بل كان يُعرف بالوهابية، وهو التفسير المحافظ للغاية وغير المتسامح الذي تم نسجه في تاريخ المملكة.
لقد وجهت هذه النسخة من الاسلام (المؤمنين) كي يكونوا حذرين من “الكفار” غير المسلمين، ودفعت الى قطع رؤوس القتلة وتجار المخدرات في الساحات العامة، وحرمت النساء من الحقوق الأساسية.
كانت المملكة أكثر صرامة بكثير من معظم المجتمعات الإسلامية الأخرى، ولكن وضعها كحارس لأقدس المواقع الإسلامية، في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ساهم في اعطائها نفوذا فريدا بين مسلمي العالم البالغ عددهم مليارًا وثمانمائة مليون نسمة.
كان القادة السعوديون يعلمون جيدًا سمعة مملكتهم المثيرة للقلق، لذلك تم التخطيط للمؤتمر بعناية لتحدي رؤية الحاضرين لبلادهم. لقد تناول الضيوف العشاء المكون من لحم الضأن المشوي خلال امسيات استضافها الأمراء والمسؤولون في منازلهم الفخمة التي تضم حمامات السباحة ومعارض فنية وخزائن الخمور المخفية.
ظهرت النساء بشكل بارز في البرنامج واختلطن بحرية مع الرجال في مقهى ريتز كارلتون، دون أي التزام بتغطية شعورهن، كما كان الحال عادة في أماكن أخرى داخل المملكة.
حاولت العروض التقديمية المستثمرين المنفذة بدقة استمالة المستمرين من اجل اشراكهم في مبادرات كبرى.
ستصبح المملكة مركزا عالميا للشحن والنقل وستعمل على نشر خيارات الترفيه لمواطنيها البالغ عددهم اثنين وعشرين مليون نسمة، باقامة المتنزهات ودور السينما وأماكن الحفلات الموسيقية، وكلها كانت محظورة منذ فترة طويلة لأسباب دينية.
كما ستزدهر السياحة، مع تطوير المواقع التاريخية المهملة منذ فترة طويلة، وإنشاء منتجع بيئي عالمي المستوى في البحر الأحمر.
وفي حال اشتبه أي شخص في أن التغييرات كانت حقيقية، فإن المملكة قررت أخيرا الغاء القواعد التي ظلت منذ فترة طويلة دليلًا على اضطهادها للمرأة، والمتمثلة في حرمانها من قيادة السيارة، وبناء على ذلك ستتمكن النساء السعوديات من قيادة السيارات اعتبارًا من يونيو (حزيران) 2018.
كانت الرسالة واضحة مفادها كانت تغييرات هائلة تجري على قدم وساق في المملكة، وكان الرجل الذي يقودها هو ابن الملك الغامض والمدمن على العمل، والذي يدعى محمد بن سلمان.
كان يبلغ من العمر اثنين وثلاثين عاما وقد قرر تولي مهمة اعادة تشكيل المملكة، والشرق الأوسط الأوسع، وبأسرع ما يمكن.
كان الحاضرون في المؤتمر قد حضروا للتعرف على الامير الشاب، هل كان صادقًا، وهل كان زعيمًا صاحب رؤية يريد جر المملكة بعيدًا عن ماضيها المحافظ أم مبتدئا متهورًا سيدفعها نحو الركوع على الأرض.
بدأ الصخب يتصاعد عبر القاعة عندما فتح باب جانبي وظهر الامير.
كان يرتدي الزي التقليدي للرجال السعوديين المكون من ثوب أبيض طويل، يعرف باسم الثوب؛ غطاء رأس أحمر وأبيض يتم تثبيته على الرأس بحبل أسود (العقال)؛ ويرتدي صندلًا اسودًا. لقد كان سمينا، بسبب ولعه بالوجبات السريعة، وكانت لحيته قد امتدت الى خديه، في اشارة الى انه كان مشغولا جدا في العمل، وليس لديه وقتًا ليضيعه على العناية الشديدة بمظهره.
صعد إلى المسرح، وهو محاط بالمساعدين ومتبوع بالمصورين وكاميرات التلفزيون، وجلس في كرسي بذراعين ابيضين.
كان هذا الأمير قد تقدم من الصفوف الخلفية المكونة من الاف الامراء الى الخط الامامي قبل اقل من ثلاث سنوات، بعد ان خطط لصعوده الى قمة هيكل السلطة في المملكة.
عندما صعد والده المسن، الملك سلمان، إلى العرش في عام 2015، أعطى ابنه الإشراف على أهم الملفات في المملكة والتي تتمثل في الدفاع والاقتصاد والدين والنفط.
بعد ذلك، دفع الامير الأقارب الأكبر سنًا جانبًا، وأصبح وليًا للعهد، والتالي في خط العرش.
ظل والده رئيس الدولة، ولكن كان من الواضح أن الأمير محمد كان الحاكم العملي والمشرف والرئيس التنفيذي للمملكة.
لتمييزه عن كتلة أقاربه الملكيين، أشار إليه السعوديون والمراقبون بالأحرف الأولى من اسمه، MBS، كان رجلا طويلًا يملئ المكان الذي يقف فيه.
في الأماكن العامة والخاصة، استغنى عن اللغة العربية المعتادة الرسمية بين القادة العرب وتحدث بسرعة وبصوته العميق باللهجة السعودية، مستخدمًا الايماءات بيديه الكبيرتين.
غالبا ما يفيض بالطاقة، وتأتي أفكاره بسرعة كبيرة لدرجة أنه يقاطع نفسه في منتصف الجملة.
خلال الحديث مع المسؤولين الأجانب، كان محمد بن سلمان يسترسل أحيانا بشأن رؤيته للمستقبل لمدة ساعة أو أكثر دون التوقف لتلقي الأسئلة، ويذكر أحد المسؤولين الأجانب أن ساق الأمير لم تتوقف أبدا عن الاهتزاز أثناء اجتماعهم، مما جعله يتساءل عما إذا كان الأمير متوترا او يتناول نوعًا من المنشطات.
على خشبة المسرح في ذلك اليوم، خاطب محمد بن سلمان المحاورة الرئيسية للجلسة باللغة الإنجليزية ليظهر لضيوفه الأجانب أنه يستطيع الحديث بلغتهم، ثم تحول إلى اللغة العربية للكشف عن مشروع آخر مفرط في الطموح يسمى نيوم، وهي مدينة سترتفع على قطعة أرض معزولة في الصحراء الممتدة بالقرب من البحر الأحمر، حيث سيكتب رجال الأعمال قوانينها وسيشجعون كبار العقول في العالم للمجيء والابتكار فيها.
ستعتمد المدينة على الطاقة الكهربائية التي تولدها الطاقة الشمسية، من اجل اعدادها لمستقبل ما بعد الكربون والاستفادة من الشمس السعودية، كما ستتواجد فيها الكثير من الروبوتات بحيث قد يفوق عددهم عدد السكان البشريين.
قال MBS إن نيوم ستكلف نصف ترليون دولار وستكون مكانا ”للحالمين“، انها ليست مشروع تنمية اقتصادية، بل ”قفزة حضارية للبشرية“.
خفتت الأضواء وشاهد الجمهورُ مقطع فيديو مبهرجا عن المدينة المقترحة، ثم سألت المحاورة الرئيسية في الندوة، وهي صحفية أجنبية، عما إذا كانت الطبيعة الدينية المحافظة للمملكة ستعيق مشروعا يركز على المستقبل، ليرد MBS بالقول إنه يرفض فكرة أن التعصب كان جزءا من التاريخ السعودي، ويصر على أن المملكة سعت إلى التعامل مع بقية العالم لصالح الجميع:
”لم نكن هكذا في الماضي، نحن نعود إلى ما كنا عليه في السابق، الى الاسلام المعتدل والمتوازن والمنفتح على العالم، وعلى جميع الأديان، وجميع التقاليد والشعوب. إن سبعين في المائة من الشعب السعودي تقل أعمارهم عن ثلاثين عامًا، وبكل صدق، لن نضيع ثلاثين عاما اخرى من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة، سندمرها اليوم وعلى الفور. نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا إلى تسامح والى عاداتنا وتقاليدنا الجيدة، وسنعيش مع العالم ونساهم في تنمية العالم بأسره“.
لم يتم تقديم مثل هذا التعهد علنا من قبل اي زعيم سعودي اخر من قبل، لذلك انفجر الجمهور بالتصفيق.
بعد أسبوعين، ظهر واقع أكثر قسوة.
على مدى بضعة أيام، جمع مسؤولون من الديوان الملكي والشرطة السرية المئات من أغنى وأقوى الرجال في المملكة، بما في ذلك عدد من الأقارب الملكيين لـ MBS، وحتى بعض الذين حضروا حفل زفافه، وتم تجريدهم من هواتفهم المحمولة وحراسهم وسائقيهم وحبسهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض، مما حول المكان الفاخر الذي استضاف المؤتمر الاستثماري إلى سجن من فئة الخمس نجوم.
كان هناك مستقبل جديد في الطريق إلى المملكة، وسيشمل أكثر من قيادة الروبوتات والنساء.
قالت الحكومة إن الاعتقالات كانت حملة على الفساد، ورحب العديد من السعوديين بالفكرة. لقد شاهدوا الأمراء ورجال الأعمال يشقون طريقهم إلى عقود مربحة أو يديرون مخططات أخرى لسحب الثروات من خزائن الحكومة منذ فترة طويلة، وكان بعض المحتجزين في فندق ريتز من بين أسوأ المجرمين، لكن الجناة المعروفين الآخرين ظلوا أحرارا، بما في ذلك بعض أقرب أبناء أخت الملك سلمان، مما أثار الشكوك حول الأهداف الحقيقية للحملة.
كانت الجوانب الأخرى لهذه العملية غريبة أيضا، فأثناء حدوث الاعتقالات، جرى الإعلان عن اللجنة التي تقود التحقيقات التي قادها محمد بن سلمان، وهو الشخص الذي لم يتم التدقيق في ثروته أبدا.
ألم ينفق الأمير نفسه ما يقرب من نصف مليار دولار على يخت؟ ماذا عن قصره الفرنسي، الذي أشادت به المجلات بأنه “أغلى منزل في العالم”؟
في وقت لاحق، قال مشتر بالوكالة إنه يعمل لصالح MBS وان الاخير قرر شراء للوحة ليوناردو دافنشي بمبلغ 450.3 مليون دولار، فمن أين أتت كل هذه الأموال؟
قيل للمحتجزين في فندق ريتز إنهم ضيوف الملك، لكن معاملتهم كانت بعيدة كل البعد عن الحميمية التي يتطلبها مثل هذه المكانة من الضيافة.
مع استمرار محنتهم، تواصل احبائهم معي بحذر وهو يلعنون محمد بن سلمان، وكانت احدى الاتصالات من سيدة من عائلة أعمال سعودية معروفة قالت إنها لم تسمع شيئا من قريبها المحتجز لأسابيع حتى اتصل فجأة وقال لهم: “أنا بخير”، وكانت العائلة مقتنعة بأن هذه لم تكن الحقيقة. انتهت المكالمة منه في غضون ثلاث دقائق.
كانت هذه السيدة ترى ان الحملة ضد الفساد حيلة من قبل محمد بن سلمان للاستيلاء على عاصمة المملكة لأغراضه الخاصة مع تشويه سمعة جميع الذين قد يتحدونه، وقالت ”انه مختل عقليًا، انه يريد كسر الناس، ولا يريد لاحد ان يحمل اسمًا محترمًا غيره، انه شيطان والشيطان يتعلم منه“.
في غضون سنوات قليلة فقط، أصبح محمد بن سلمان القوة المهيمنة في المملكة وأحد أكثر القادة ديناميكية ومعرضًا للملاحقة والتدقيق في العالم.
لم يكن صعوده مقدرًا قبل ذلك. لقد تاه خلال اغلب سنوات حياته، في حشد من الأمراء الأكثر ثراء وخبرة وكان في اخر الطابور في عائلة سادت فيها القدمية، اذن كيف تمكن من البروز؟
يحكي هذا الكتاب هذه القصة. يمكن أن يثبت محمد بن سلمان أنه أهم حاكم للمملكة العربية السعودية منذ أن أسس جده المملكة قبل ثمانية عقود وجعلها شريكا رئيسيا للولايات المتحدة.
جاء صعود محمد بن سلمان بعد ستة عقود من وفاة جده، خلال فترة من التهديدات الخطيرة التي واجهتها اغنى البلدان في العالم العربي.
كان سعر النفط ينهار، مما أدى إلى تحطيم اقتصادها، وكان ثلثا مواطنيها دون سن الثلاثين، يتدافعون للحصول على وظائف ويشعرون بالغضب الشديد جراء فرض قيود اجتماعية صارمة.
في الشرق الأوسط الأوسع، كان جهاديو تنظيم الدولة يهتفون عبر العراق وسوريا ضد المملكة، وكانت إيران، عدو المملكة العربية السعودية اللدود، تستغل اضطرابات المنطقة لتوسيع نفوذها.
ما فاقم هذه التحديات كانت الشكوك بشأن التزام أهم حليف للمملكة المتمثل في الولايات المتحدة الاميركية.
لم يكن لدى الرئيس باراك أوباما سوى القليل من الولع بهذه المنطقة، وقبل أن يصبح رئيسا، رفض السعودية مستخدمًا وصف ”ما يسمى حليفًا” وانتقد تصديرها للوهابية لتأجيج التعصب في العالم الإسلامي.
ستعقد إدارته فيما بعد صفقة نووية مع إيران بينما سيقر الكونغرس تشريعا يسمح للأمريكيين بمقاضاة المملكة بسبب الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001؛ بعد ان شارك خمسة عشر سعوديًا فيها، بالإضافة الى زعيمهم اسامة بن لادن.
كانت كلا التحركين بمثابة صفعة لاذعة لمملكة تعتمد على الولايات المتحدة للحماية، وأنفقت مليارات الدولارات على الأسلحة الأمريكية، وتوقعت ردًا معينا في المقابل.
سيتعامل محمد بن سلمان مع كل هذه المشاكل وأكثر من ذلك، حيثُ سيغرق المملكة في حرب في اليمن؛ ويطلق خطة لإصلاح الاقتصاد؛ ويحاول جذب المدراء التنفيذيين من وول ستريت وهوليوود ووادي السيليكون الى الاستثمار في بلاده؛ ويختطف رئيس وزراء بلد آخر؛ ويقيم علاقة قوية وغير محتملة مع الرئيس دونالد ترامب وصهره، جاريد كوشنر.
داخل المملكة، كان محمد بن سلمان ينزع اسنان رجال الدين، ويفتتح دور السينما وأماكن الحفلات الموسيقية، ويحطم التقاليد، ويحبس أفراد العائلة المالكة الاخرين، بما في ذلك والدته، ويقيم الة استبداد تكنولوجي هائلة من شأنها أن تضع جواسيس له في هواتف الناس، وتتلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، وتؤدي إلى جريمة قتل شنيع من شأنها أن تصدم العالم.
تزامن صعود محمد بن سلمان مع الموجات الرائجة للصعود على مستوى العالم، فبسبب تركيز الثروات في اياد اناس قليلين بشكل أكبر، استخدم الاستبداديون الشعبويون الخطاب القومي لحشد شعوبهم أثناء إغلاق منافذ المعارضة.
لم ير محمد بن سلمان ان هناك حاجة من اجل تقييد سلطته، كما هو الحال مع الحزب الشيوعي في الصين والديكتاتوريين الصاعدين من مصر إلى المجر، وبالتالي سحق جميع التهديدات التي تعرض لها، سواءٌ الحقيقية ام المتصورة.
كان يجب ان يكون عهده قائمة على ”المملكة اولًا“ وبالتالي لن يتوقف عن ”جعل المملكة عظيمة مرة اخرى“ بشروطه الخاصة.
تزامن ذلك، مع ارتفاع المد القومية الشعبوية في الدول الغربية ايضًا. لقد حول تصويت بريطانيا بالموافقة على مغادرة الاتحاد الأوروبي وانتخاب الرئيس ترامب رئيسًا في الولايات المتحدة مواطني وحكومتي البلدين إلى الداخل، مما أدى إلى قطع حلفائهم الاستبداديين من الركود إلى حد كبير.
أظهر هذان الحدثان أيضا أنه في السياسة، غالبا ما تكون الحقيقة أقل أهمية من المشاعر التي يمكن للمرء أن يثيرها على وسائل التواصل الاجتماعي. كان هذا درسا تعلمه MBS جيدا، واستخدمه في مملكته.
MBS شخصية مثيرة للانقسام بشكل كبير، أشاد بها المؤيدون باعتباره حامل مشعل التغيير طال انتظاره في منطقة تتوق للتغيير ورفضه اعدائه باعتباره ديكتاتورا وحشيا قيد الإعداد.
داخل المملكة، يبدو عملاقًا ووجهه في كل مكان تقريبًا – مطبوع على أغطية الهواتف المحمولة، ومعلق على مداخل مراكز التسوق – ويتم الترويج عن كل مبادرة صادرة منها كـ ”ضربة معلم“ من قبل فريق من الموالين والصحفيين المخلصين، لكنه مازال غامضًا.
تسببت موجات الاعتقالات في قمع المناقشة العامة لمدى خبرته أو حكمة خططه أو قدرته على تنفيذها. في بعض القطاعات، يزخر الحماس، حيث تهدأ الحياة الاجتماعية وتحصل النساء على وظائف لم تحلم بها أمهاتهن أبدا، لكن الخوف واسع الانتشار لدرجة أن منشورًا طائشًا على وسائل التواصل الاجتماعي أو تعليقًا خاصًا يمكن أن يؤدي إلى الاعتقال أو السجن بحيث يتجنب العديد من السعوديين التحدث على الهاتف أو وضع أجهزتهم في الثلاجة عندما يجتمعون.
عندما سحر المشاركين في مؤتمر الاستثمار عام 2017، وحبس المقربين منه في فندق الريتز، اظهر انه مصمم على اعطاء السعوديين مستقبلًا ساطعًا وزاهرًا كما اظهر استعداده الواضح لسحق خصومه.
من المرجح أن توجه هذه السمات افعاله الى مدى بعيد زمنيًا، وان كان ذلك بجرعات مختلفة.
قد يعتبر البعض أنه من غير الحكمة – إن لم يكن سلوكًا ينم عن تهور – كتابة كتاب عن مثل هذا الزعيم الشاب الذي يمكن أن يحكم بلاده لعقود.
لا يسعى هذا الكتاب إلى سرد قصة MBS الكاملة، ولكن للحديث عن صعوده الملحوظ وأثر ذلك على المملكة وعلاقاتها مع الولايات المتحدة والشرق الأوسط الأوسع.