لم تشهد العلاقات السعودية العراقية استقراراً أو تناغماً دائماً على مدار سنوات طويلة، حيث كانت تشهد محطات خلاف وسحب للسفراء وأزمات دبلوماسية، ثم تعود المياه إلى مجاريها، بقرارات رسمية من البلدين.

وخلال عهد صدام حسين (1979-2003)، كانت العلاقات السعودية العراقية في أحسن أحوالها، حيث دعمت الرياض بغداد في حربها ضد إيران، وأمدَّتها بالسلاح والمال، ولكن سرعان ما تدهورت تلك العلاقة مع اجتياح العراق للكويت عام 1990.

وشهدت تلك الفترة أسوأ أشكال العلاقة بين البلدين، حيث قصف صدام حسين الأراضي السعودية بأسلحة قيل إنها كيماوية، وصواريخ سكود نجح الجيش السعودي في صدها.

وعملت السعودية على مواجهة الرئيس العراقي في ذلك الوقت، بسبب غزو الكويت، حيث أرسلت جنوداً لتحرير جارتها الخليجية، إضافة إلى فتح حدودها لقوات التحالف المكونة من 34 دولة حينها؛ وهو ما تسبب في إلحاق الهزيمة بالجيش العراقي.

 

تحسُّن واتهامات

بعد التدهور الكبير في العلاقات السعودية العراقية، زار رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، عام 2006، الرياض والتقى الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، واتفقا على إعادة العلاقات.

ولم يمضِ على تلك الزيارة الكثير حتى تدهورت العلاقات، بسبب اتهام بغداد للسعودية بإرسال مقاتلين إليها لتغذية الصراع الطائفي، وهو ما كانت تنفيه الرياض دائماً.

مع وصول حيدر العبادي إلى رئاسة الوزراء في العراق نهاية عام 2014، عادت العلاقات إلى التحسن، حيث حاول الأخير التخفيف من التوتر بين بلاده والسعودية.

وفي ديسمبر 2015، أعادت السعودية فتح سفارتها رسمياً في العراق بعد نحو 25 عاماً على إغلاقها بسبب اجتياح الكويت.

ورغم إعادة فتح السفارة وإرسال سفيرها ثامر السبهان، فإن العلاقات لم تشهد استقراراً، بفعل الهجوم الإعلامي الإيراني، واتهام السفير بالتدخل في الشؤون الداخلية من خلال مهاجمته لقوات “الحشد الشعبي” التي كانت متهمة بالولاء لإيران وارتكاب انتهاكات.

وعادت العلاقات للتراجع من جديد في عام 2016؛ بعد طلب الخارجية العراقية من السعودية سحب سفيرها من بغداد، وإرسال سفير جديد.

واستقرت العلاقات مجدداً تزامناً مع زيارات للسعودية أجرتها عدة شخصيات عراقية معروفة بالقرب من إيران، أبرزها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ووزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي (يوليو 2017).

وكان لحكومة عادل عبد المهدي توجه لافت للسعودية أيضاً، حيث زار الرياض برفقة وفد اقتصادي كبير في أبريل 2019، ووقَّع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم.

 

صفحة جديدة

بعد التذبذب الطويل في العلاقات بين السعودية والعراق على مدار السنوات الماضية، أوفد رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، الخميس (21 مايو)، نائبه ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة علي عبد الأمير علاوي إلى الرياض لبحث الملف الاقتصادي بين البلدين.

وتوجه علاوي إلى المملكة مبعوثاً من رئيس مجلس الوزراء لمناقشة العلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتشجيع الاستثمار.

وأثمرت الزيارة المفاجئة عن قرار سعودي بإعادة سفيرها إلى العراق لمزاولة عمله في أقرب وقت، وذلك لترجمة رغبة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها.

السعودية وعلى لسان وزير خارجيتها، الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، أكد أن بلاده تدعم العراق بما يحقق أمنه واستقراره والتصدي للإرهاب، إضافة إلى أنها تحترم سيادته ووحدة أراضيه بعيداً عن التدخلات الأجنبية، وحرص المملكة على وحدة الشعب العراقي.

 

تدخل أمريكي

بعد التذبذب الطويل في العلاقات بين السعودية والعراق على مدار السنوات الماضية، أوفد رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، الخميس (21 مايو)، نائبه ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة، علي عبد الأمير علاوي، إلى الرياض؛ لبحث الملف الاقتصادي بين البلدين.

وتوجه علاوي إلى المملكة مبعوثاً من رئيس مجلس الوزراء؛ لمناقشة العلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتشجيع الاستثمار.

وأثمرت الزيارة المفاجئة قراراً سعودياً قضى بإعادة سفيرها إلى العراق لمزاولة عمله في أقرب وقت؛ وذلك لترجمة رغبة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها.

السعودية وعلى لسان وزير خارجيتها، الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، أكد أن بلاده تدعم العراق بما يحقق أمنه واستقراره والتصدي للإرهاب، إضافة إلى أنها تحترم سيادته ووحدة أراضيه بعيداً عن التدخلات الأجنبية، وحرص المملكة على وحدة الشعب العراقي.

وعن إرجاع السعودية سفيرها إلى العراق، يرى الكندوري أن تلك الخطوة “مُكمِّلة للتوافق السياسي الجديد بين البلدين وحتى دول الخليج، خاصةً أن هناك مصالح مشتركة بين البلدين، حيث يمكن أن تستفيد الرياض من بغداد في الموضوع اليمني”، في إشارة إلى التأثير الإيراني ووقف دعم جماعة الحوثي في اليمن.

وستعمل السعودية، وفق الكندوري، على الاستفادة من العراق ليكون وسيطاً جيداً مع الإيرانيين، خاصة في الملف اليمني، إضافة إلى مناقشة قضايا النفط، في ظل انخفاض صادراته عالمياً.

وستشهد الفترة القادمة، كما يؤكد المحلل السياسي العراقي، تقارباً سعودياً عراقياً وخليجياً، دون أي رفض إيراني؛ لكون طهران تريد تخليص العراق من أزمته المالية، وتجنب خطر انهيار النظام فيه في ظل المظاهرات المتصاعدة، وحدوث أي فوضى في البلاد.

واستدرك بالقول: “الكاظمى في اليوم نفسه الذي أرسل فيه نائبه إلى السعودية، أجرى اتصالاً مع نائب الرئيس الإيراني إسحق جهانغيري، واتفقا على تفعيل لجنة الصداقة الإيرانية السعودية وتفعيل المشاريع المندرجة”.

ويعمل رئيس الوزراء العراقي، حسب الكندوري، على تطمين الجانب الإيراني بأن “العلاقة الجديدة مع السعودية ليست ضدهم، ولكن سيكون العراق منطقة وسطاً بين البلدين”.

ويستبعد المحلل السياسي العراقي وجود أي تصعيد من المليشيات العراقية ضد خطوة التقارب العراقي السعودي، “بل إن بعض النواب والوزراء اعتبروا تلك الخطوة ذكية لتخليص العراق من أزماته”.