كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن السلطات السعودية حاولت إغراء ضابط الاستخبارات السابق “سعد الجبري” بالسفر إلى تركيا، عبر شريك سابق له زامله في مجالس إدارات شركات تابعة للداخلية السعودية، اتضح فيما بعد، أنه كان يتحرك بأوامر من السلطات في الرياض.
وأضافت الصحيفة، في تقرير ترجمه “الخليج الجديد”، أن هذا “الشريك السابق” ذهب إلى “الجبري” في مقر إقامته بكندا وحاول إقناعه بالسفر والإقامة في تركيا، ليكون أقرب إلى عائلته، ثم ذهب هذا “الشريك” إلى “خالد” نجل “الجبري”، والذي يعيش في بوسطن الأمريكية وحاول إقناعه أيضا.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن “الجبري” ونجله فكرا في الأمر، ثم توصا إلى قناعة بأن هذا “الشريك” كان يدير الأمر لصالح الحكومة السعودية؛ ما فجر مخاوف لديهما من أن تكون تلك محاولة لاستدراجه وقتله، على غرار الصحفي الراحل “جمال خاشقجي”.
ولم تحدد الصحيفة توقيت حدوث تلك الواقعة، وهل كانت قبل مقتل “خاشقجي” أم بعده، علما بأن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” بدأ الانتباه إلى “الجبري” بعد فراره من المملكة عام 2017، قبل حملة “بن سلمان” ضد أمراء ومسؤولين ورجال أعمال عرفت باسم “قضية الريتز كارلتون”.
احتجاز أبناء “الجبري”
وروت الصحيفة تفاصيل جديدة حول نجلا “الجبري”، اللذين تحتجزهما السلطات السعودية لمساومته على العودة إلى المملكة، حيث قالت إن “عمر” و”سارة الجبري” يقبعان داخل فيلا مخصصة لاحتجاز كبار الشخصيات داخل مجمع سجون الحائر بالرياض.
وأوضحت أنهما كانا يتلقان راتبا شهريا من الديوان الملكي لتغطية نفقات معيشتهما؛ لأن السلطات جمدت أرصدة والدهما في المملكة، ولم يتبين هل استمر ذلك الراتب في الوصول إليهما أو لا، خاصة بعد تصاعد الأزمة بين “بن سلمان” و”الجبري”، وانقطاع الاتصال بين نجلي الجبري والعائلة تماما.
وقالت الصحيفة إن مسؤولين سعوديين قبضوا على “عمر الجبري” بعد أن اتضح لهم أنه قابل مسؤولا استخباراتيا غربيا سابقا في الرياض، وأن “عمر” اعترف بأن هذا المسؤول أطلعه على خطة لمساعدته وشقيقته على الهرب من البلاد، لكن مصدرا آخر مطلعا على التحقيقات أكد عدم صحة تلك الرواية، مشيرا إلى أن المسؤول الاستخباراتي التقى “عمر” لتمرير هدية له من والديه.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن شخص مقرب من “سعد الجبري”، قوله إن الأخير طلب من “بن سلمان” السماح لأطفاله بالمغادرة، لكن ولي العهد أخبره أن القضية برمتها ستحل إذا عاد، وهو ما يرفضه “الجبري”، حيث بات على يقين من أن عودته ستشكل خطرا على حريته وحياته.
وأوضحت الصحيفة أن ولي العهد السعودي يتهم “الجبري” وعائلته ومقربين منه بتبديد 11 مليار دولار، منها مليار دولار انتهت في جيوبهم الخاصة، وأن “الجبري” ونجله “خالد” اشتريا شققا ومنازل بملايين الدولار في الولايات المتحدة وكندا وتركيا.
نشاطات “الجبري”
وألقت الصحيفة الضوء على النشاطات الكبيرة التي أدارها “الجبري” عبر صندوق خاص يضم مليارات الدولارات، تم إنشاؤه بأمر سري مباشر من العاهل السعودي السابق “عبدالله بن عبدالعزيز” لمحاربة الإرهاب، وأن أموال الصندوق جاءت من مخصصات وزارة الداخلية وإيراداتها من المخالفات المرورية وتجديد التراخيص واستخراج المستندات الرسمية وغيرها.
وقالت إن هذا الصندوق أرسل جزءا من تلك الأموال لتمويل أنشطة في السودان وإندونيسا والعراق، لم يحددها، لكنه قال إن الاستخبارات الأمريكية كانت على علم بتدفق تلك الأموال، خاصة إلى الرئيس السوداني السابق “عمر البشير” وقبائل في غربي العراق.
و”الجبري” كان لسنوات واحدًا من كبار ضباط المخابرات السعودية ومستشارا لوزير الداخلية وولي العهد السابق “محمد بن نايف” الذي يعتقله “بن سلمان” حاليا، ويستعد لتوجيه اتهامات له بالفساد واختلاس 15 مليار دولار، بحسب ما كشفته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
كما كان “الجبري” لسنوات خبيرًا في الذكاء الاصطناعي، الذي لعب أدوارًا رئيسية في معركة المملكة ضد “القاعدة” وفي تنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة.
وحسب وسائل إعلام غربية، يمتلك “الجبري”، بحكم عمله في جهاز الاستخبارات السعودي، مستندات مهمة وشديدة الحساسية والسرية عن طريق “بن نايف”، قد تمس سمعة العاهل السعودي، الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، ونجله ولي العهد، بالإضافة إلى امتلاكه مستندات أخرى عن أرصدة “بن نايف” خارج المملكة، ومنها أرصدة سرية يريد “بن سلمان” الوصول إليها، واستغلال بعض تلك المستندات ضد ابن عمه المعتقل.
وكان “الجبري” قد أعفي من منصبه في 10 سبتمبر/أيلول 2015، بناء على رغبة “بن سلمان”، ووشاية من ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” بأنه على علاقة بجماعة “الإخوان” ورموز “الصحوة الإسلامية” بالمملكة، لكنه بقي لمدة عامين مستشارا لولي العهد “محمد بن نايف”.
وقبل أسبوع، أرسل 4 نواب من مجلس الشيوخ الأمريكي، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، رسالة إلى الرئيس “دونالد ترامب” طالبوه فيها بالضغط على السعودية للإفراج عن “عمر” و”سارة الجبري”، واصفين القبض عليهما بأنه “عملية قذرة لاحتجاز رهائن”.