اعتبر جريجوري غوز، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، أن الصين لا تنحاز إلى دول مجلس التعاون الخليجي العربي ولا إلى إيران، فهي تنظر إلى المنطقة بعين الخبير الاقتصادي وتعتبر نفسها “عميلا للجميع”.

وبوساطة صينية في 10 مارس/ آذار الجاري، اتفقت السعودية وإيران على استئلاف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال شهرين؛ ما ينهي قطعية استمرت 7 سنوات، وكان التنافس بين البلدين يُستخدم كرمز للتوترات الأوسع بين السُنة والشيعة، بحسب الصحفي إسحاق شوتينر في مجلة “النيويوركر” (The New Yorker) الأمريكية.

وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران (ذات غالبية شيعية)، في يناير/ كانون الثاني 2016، حين اقتحم محتجون إيرانيون سفارة المملكة في طهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر إثر إدانته مع آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

وفي حوار مع شوتينر، ترجمه “الخليج الجديد”، قال غوز: “لا أريد أن أقول إن إيران لديها تقارب أيديولوجي مع الصين”.

وتابع: “ولكن على الأقل هناك فكرة أن الولايات المتحدة هي عدوهم وعليهم إيجاد قوى عظمى بديلة لأسباب استراتيجية واقتصادية. أعتقد أن هذا محرك حقيقي لسياسة إيران تجاه كل من الصين وروسيا الآن. إنه اقتصادي جزئيا، حيث إن الصين عميل كبير لإيران أيضا”.

واستدرك: “لكني أعتقد أن إيران أصيبت بخيبة أمل إلى حد ما؛ لأن الصين لا تريد الانحياز لأي جانب في الشرق الأوسط. تبيع إيران الكثير من النفط إلى الصين، لكن السعودية تبيع المزيد، ولذا كانت الصين دائما تنظر إلى منطقة الخليج مثل أي خبير اقتصادي وليس مثل عالم السياسة. تريد أن تكون عميلا للجميع”.

 

اختبار اليمن

وبالنسبة للاتفاق على استئناف العلاقات، أعرب غوز عن اعتقاده بأنه “لا  ينهي التوترات بين السعودية وإيران في اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان أو الملف النووي”.

واعتبر أن “العلامة الحقيقية للتقارب السعودي الإيراني ستكون تسوية قضية اليمن، وليس إعادة فتح السفارات في البلدين”.

وتابع: “إيران هي القوة الخارجية الوحيدة التي لها تأثير حقيقي على حركة الحوثيين. هذه المسألة مهمة حقا للسعودية، وهي تبحث عن مخرج”.

ويشهد اليمن منذ أكثر من 8 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومية الشرعية، مدعومة بتحالف عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/ أيلول 2014.

ورأى غوز أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تقدر مدى أهمية الهجوم من اليمن بطائرات مسيّرة في سبتمبر/ أيلول 2019 على منشآت نفط في السعودية، فقد كانت المرة الأولى التي تهاجم فيها إيران أراضي المملكة.

وأوضح أن عدم قيام الولايات المتحدة، حليف المملكة، بأي شيء ردا على الهجوم الذي تبناه الحوثيون كان أمرا صادما للسعوديين، و”أعتقد أن بعض التواصل مع إيران بدأ في تلك المرحلة”.

واستطرد: “أدرك (ولي العهد السعودي محمد) بن سلمان أنه قد لا يحصل على دعم من الولايات المتحدة ضد إيران”، مشيرا إلى أن واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون اكتفوا باتهام إيران بمساعدة المتمردين الحوثيين.

وأضاف غوز أنه يرى “سياسة خارجية سعودية مبنية على فكرة أن السلام الأمريكي قد انتهى وأننا في عالم أكثر تعددا للأقطاب. ومن أجل مصلحة السعودية، تعتبر الرياض العلاقات مع الصين وروسيا مهمة؛ لأنه لا توجد قوة عظمى واحدة حصرية للتعامل معها بعد الآن”.

 

منع التطبيع

وبالنسبة لأبرز دوافع إيران من توقيع اتفاق استئناف العلاقات مع السعودية، قال غوز إن “طهران ترى أنه إذا وقّعت السعودية على صفقة مع إسرائيل، فإن ذلك سيزيد من عزلة إيران في المنطقة”. وتعتبر كل من إيران وإسرائيل بعضهما البعض العدو الأول لها.

وجاء اتفاق الرياض وطهران بعد أيام من تقارير صحفية عن أن السعودية اقترحت على واشنطن إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل مقابل التزام أمريكي ملزم قانونا بأمن الخليج، ودعم أمريكي لبرنامج نووي سعودي سلمي، ومبيعات أسلحة أمريكية موسعة إلى المملكة.

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية مع إسرائيل، وتشترط أولا حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، ولاسيما إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة.

ومن أصل 22 دولة عربية تقيم 6 دول فقط، هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب، علاقات معلنة مع إسرائيل التي لا تزال تحتل أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.