MBS metoo

فشل في تأمين الحد الجنوبي.. النظام السعودي يستعين بآلاف الجنود التشاديين

أثارت الحفاوة التي استقبل بها رئيس المجلس العسكري الانتقالي في دولة تشاد، محمد إدريس ديبي، في الرياض تساؤلات عن أسباب هذه الزيارة، وسط حديث عن صفقة عسكرية.

ووصل ديبي إلى العاصمة السعودية، في 26 أبريل/نيسان 2022، ليستقبله ولي العهد محمد بن سلمان، داخل القصر الملكي.

وتحدثت مواقع إخبارية محلية تشادية، عن صفقة مرتقبة بين ابن سلمان، والمجلس العسكري التشادي، تتضمن استعانة المملكة بآلاف الجنود التشاديين، لحماية حدودها المضطربة من هجمات الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

وعلى مدار سنوات منذ اندلاع عمليات عاصفة الحزم في 25 مارس/آذار 2015، تعرضت الأراضي السعودية في عمقها لهجمات حوثية متعددة، تسببت في خسائر وحرج كبير لأكبر دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما حدا بابن سلمان إلى محاولة تطوير ترسانته العسكرية، إضافة إلى استعانته الحالية بفرق عسكرية خارجية.

 

اتفاق مرتقب

في 6 مايو/أيار 2022، كشفت صحيفة “تشاد ريليتي”، عن صفقة مريبة بين المجلس العسكري التشادي (CMT)، والمملكة لنشر جنود تشاديين على الحدود اليمنية السعودية.

وقالت الصحيفة إنه “بحسب مصادر أمنية مقربة من النظام، فإن المجلس العسكري التشادي يتفاوض حاليا مع قادة المملكة لإرسال آلاف الجنود التشاديين كمرتزقة إلى الأراضي السعودية”.

وذكرت أن “المهمة الأساسية لهؤلاء المرتزقة، تتمثل في حماية الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية التي تعاني من الهجمات المضادة الشرسة التي يشنها الحوثيون في اليمن”.

وأضافت: “سارت المفاوضات بشكل جيد بين المسؤولين السعوديين، والسكرتير الخاص لزعيم المجلس العسكري، الجنرال إدريس يوسف بوي”.

وأشارت إلى أنه “جرى تقديم تقدير أولي، بإرسال 3 آلاف جندي من وحدة مكافحة الإرهاب مقابل مليار دولار، أو 650 مليار فرنك إفريقي، دون احتساب العمولات التي سيحصل عليها وسيط المفاوضات”.

وأوضحت: “كل هؤلاء الجنود سيحصلون على راتب قدره ألف دولار شهريا، لكن المجلس العسكري سيدفع لهم ما بين 200 و500 دولار فقط، والباقي سيذهب إلى قادة الأخير”.

وأوردت الصحيفة المحلية التشادية، أن “وصول المجلس العسكري وجيل جديد من رجال المافيا غير الأوضاع، وأن السبب الرئيس لموافقته على هذه الاتفاقية هو وجود أزمة مالية كبيرة تواجههم، وصعوبات في شراء الأسلحة تزامنا مع اشتعال الحرب في أوكرانيا وتوتر العلاقات مع الروس (صوتت تشاد ضد روسيا مرتين)، في مجلس الأمن”.

وتطرقت إلى أن المشروع في صيغته قديم، وتعود فكرته الأولى منذ حياة الديكتاتور السابق العقيد الفقيد إدريس ديبي، لكنه كان يعارض طلب السعوديين آنذاك.

وذكرت أن تعزيز هذا المشروع لمسار آخر أيضا هو محاولة إضعاف قائد قوات الدعم السريع الجنرال السوداني محمد حمدان دقلو “حميدتي” الذي كان حتى ذلك الحين رجل السعوديين في المنطقة والمرتزقة في اليمن.

لكنه انزوى إلى الإمارات وروسيا، وسحب كثيرا من قواته من اليمن، ما وضع السعودية في مأزق، إضافة إلى مأزقها بتعرضها المستمر لهجمات الحوثيين.

 

استعانة سابقة

قضية استعانة الرياض بجنود مرتزقة تشاديين، ليست رهينة الوضع الحالي، أو مستجدة في دولاب السياسة السعودية.

ففي 17 أبريل 2018، كشفت صحيفة القدس العربي أن الرئيس التشادي (آنذاك) إدريس ديبي، كان برفقته فرقة عسكرية خاصة خلال زيارته قاعدة الملك عبد العزيز الجوية في منطقة الظهران السعودية، إثر مشاركة بلاده في تمرين درع الخليج، وذلك وسط أنباء متواترة تحدثت عن استئجار الرياض آلاف الجنود التشاديين للعمل في المملكة كمرتزقة.

وقالت الصحيفة “إن الرياض أقدمت على توقيع عقود سرية لاستئجار آلاف الجنود التشاديين ككتائب تخضع لإدارة محمد بن سلمان قبل تسلمه ولاية العهد”.

وأرجعت لجوء السعودية إلى تلك الفكرة وهذه الاتفاقيات إلى نصائح دعت ابن سلمان إلى تعميق علاقات بلاده مع دول إفريقية ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، ومن أبرزها تشاد.

وجاء هذا في وقت ذكرت فيه صحيفة “عرب نيوز” بنسختها الفرنسية، في 21 مارس 2019، أن “ابن سلمان استعان بنحو 10 آلاف من المرتزقة الأفارقة من منتسبي الجيوش النظامية لبعض الدول الإفريقية”.

وهذا بهدف “تلبية حاجاته إلى قوات مؤهلة لحماية الحدود الجنوبية (المهترئة) للسعودية، بعدما أدت تداعيات الجبهة الحدودية إلى تكبد قوات الجيش السعودي خسائر فادحة في المعدات والأرواح”.

وتعيش المملكة حالة قلق بسبب تعرضها لهجمات متعددة وفشل أنظمة حمايتها، خاصة في 14 سبتمبر/ أيلول 2019، عندما وقعت هجمات منشآت أرامكو أو الهجمات على منشأتي “بقيق وهجرة خريص”.

وهي مجموعة هجمات شنتها مليشيا الحوثي من خلال طائرات مسيرة إيرانية وصواريخ كروز استهدفت معملين تابعين لشركة أرامكو السعودية، وأحدهما أكبر معمل لتكرير النفط في العالم.

هذه الهجمات المتكررة أكدت عجز القوات المسلحة السعودية عن حماية حدود المملكة ومجالها الجوي أمام كثافة غارات الطائرات المسيرة الحوثية.

بحسب ما نشر موقع “الخليج أونلاين” في 25 أبريل 2021، وصل عدد ضحايا المسيرات والضربات داخل أراضي المملكة، ما يقرب من 100 مواطن، إما بسبب الهجمات المباشرة، أو شظايا صواريخ الاعتراض الأميركية عند محاولة إصابتها الهدف.

 

الحدود الجنوبية

وتأتي استعانة السعودية بآلاف المرتزقة التشاديين، في ظل الهجمات الحوثية، وأزمة الحدود الجنوبية المزمنة، وسعي الرياض الدائم إلى عسكرة الحدود.

ففي  10 يناير/ كانون الثاني 2020، نشر مركز “مالكوم كير _ كارنيغي” ورقة بحثية عن المقاربة التي تنتهجها السعودية في التعاطي مع حدودها القابلة للاختراق مع اليمن، وقالت إن الوضع تحول في العقد الأخير من التعاون مع القبائل المحلية ومحاباتها إلى العسكرة التدريجية من كل حدب وصوب.

وذكرت أنه “بالفعل نشرت السعودية، خلال عام 2019، فرقة الأفواج، وهي قوة أمنية جديدة تابعة لوزارة الداخلية وتقدم الدعم للحرس الحدودي السعودي. ومهمتها الأساسية منع المتسللين من عبور الحدود، ومكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية”.

وعن الاستعانة بالأجانب لتأمين الحدود، كما حدث مع التشاديين مؤخرا، فإن الورقة البحثية أشارت أيضا إلى أنه “قبل عامين وصل فريق من القبعات الخضراء التابعة للقوات الخاصة الأميركية إلى المملكة لتدريب القوات البرية السعودية المسؤولة عن ضبط الأمن عند الحدود”.

وأضافت أنه “يتعاون محللون استخباريون أميركيون مع السعوديين في نجران لتحديد مواقع الصواريخ الحوثية في اليمن”.

وتاريخيا كانت الحدود الجنوبية السعودية ثغرة مقلقة للأمن القومي السعودي، مثلما حدث قبل أعوام في “حرب صعدة السادسة” في أغسطس/آب 2009، ومثلت نقطة تحول مركزية حينما اندلعت مواجهات بين الحوثيين والقوى الأمنية التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وخلال المعارك فتحت السعودية أراضيها للجيش اليمني من أجل التصدي للغارات التي يشنها الحوثيون المدعومون إيرانيا عبر الحدود.

وفيما بدأت الرياض تنفيذ هجمات جوية، نشرت قوات برية لمعالجة ضعف الحرس الحدودي السعودي، الذي لم يكن قادرا على مواجهة الحوثيين، الذين توغلوا بالفعل داخل أراضي المملكة آنذاك.

ووصل الأمر أن فرضت السعودية حينها حصارا بحريا على شمال اليمن، وجرت الاستعانة أيضا بآلاف الجنود من القوات الخاصة الأردنية لمساعدة السعوديين على نزع فتيل التهديد الحدودي.

لذلك فإن وجود التشاديين أو غيرهم على خط المواجهة أمر دارج ومألوف، فقد تتغير الوجوه والجنسيات، لكن يبقى الوضع على ما هو عليه.

Exit mobile version