كتب جون بيتر هانا، المستشار والباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، مقالاً مطولاً في مجلة فورين بوليسي، داعياً إلى ضرورة أن يعمل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على إنقاذ العلاقات الأمريكية السعودية، الذي وصفها بأنها “تمر بمنعطف خطير بسبب السياسات المتهورة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان”.

وقال جون بيتر هانا، إن محمد بن سلمان ومن خلفه الحكومة السعودية، لا يدركون حجم الغضب المتصاعد على السعودية داخل الكونغرس الأمريكي.

وبين هانا أن “الأغلبية الحزبية في الكونغرس أوضحت رغبتها في معاقبة ولي العهد السعودي؛ بسبب سلسلة طويلة من الانتهاكات والسياسات السيئة، من بينها دور السعودية في الحرب الكارثية في اليمن، وقتل الصحفي جمال خاشقجي، ويبدو أن هذه الجهود سوف تتصاعد مع اقتراب دورة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020”.

وتابع الباحث الأمريكي: “لقد مرت العلاقات الأمريكية السعودية بفترات من الركود وعدم التوافق؛ مثلما حصل عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، وقبلها قرار وقف بيع النفط عام 1973″، مشيراً إلى أن “علاقة السبعين عاماً بين واشنطن والرياض كانت متفاوتة، وتخللها الكثير من حالات التصادم بين ثقافات وقيم مختلفة”.

واستدرك قائلاً: “المصالح الوطنية ظلت تربط بينهما، غير أن هناك متغيراً آخر دخل على هذه المعادلة يمكن أن يذهب بهذه العلاقات الراسخة بين البلدين؛ ألا وهو ولي العهد محمد بن سلمان”.

أحدث بن سلمان تغييراً واسعاً في طبيعة السعودية، يقول الكاتب، وأجرى تغييرات واسعة في بنية المجتمع السعودي، وخاصة فئة الشباب، الذين يعتقدون أن بلادهم تتعرض لضغوط أمريكية بسبب مقتل خاشقجي، وهي فئة مؤيدة لبن سلمان وداعمة له، ومن ثم قد تدفعه للإصرار على مواقفه بسبب حجم التأييد الشعبي الكبير.

ويطرح هانا تحدياً آخر أمام السياسة الأمريكية في السعودية؛ تتمثل بدخول الصين كشريك تجاري للرياض، وذلك ما يحتم على واشنطن سرعة التحرك لحماية علاقاتها مع الرياض.

وبين أن “الكثير من مراكز القوى داخل العائلة السعودية الحاكمة ترى ضرورة الذهاب شرقاً باتجاه الصين بدلاً من الإصرار على العلاقة مع الولايات المتحدة”.

ويرى الباحث جون هانا أن “الافتراضات التي دامت عقوداً طويلة وحكمت العلاقات الأمريكية السعودية، التي وإن كانت ما تزال صالحة إلى حد كبير، فإنه يجب الانتباه إلى أنها الآن تقف على أرض هشة وبشكل متزايد”.

حتى قبل 30 عاماً، يضيف هانا، كانت السعودية تقوم ببعض المفاجآت المزعجة؛ مثل شرائها صواريخ باليستية متوسطة المدى من الصين قادرة على ضرب إسرائيل، وقبل شهرين فقط أظهرت تقارير موثوقة قيام السعوديين ببناء منشأة لإنتاج واختبار الصواريخ الباليستية ذات الوقود الصلب غرب الرياض، التي لها ميزات تحمل أوجه تشابه لافت مع نظيراتها بالصين.

وتابع يقول: “سعت إدارة ترامب لحماية العلاقة السعودية الأمريكية من الهجمات التي كانت تتعرض لها الرياض في الكونغرس الأمريكي، وأنفقت في سبيل ذلك الكثير من رأسمالها السياسي، لكن القضية كانت كبيرة، وفي كثير من الأحيان ظهر دفاع الإدارة عن العلاقة الاستراتيجية على أنه أمر غير مبرر”.

وأضاف: “الحقيقة أن محمد بن سلمان انخرط على مدى الأشهر الـ18 الماضية في سلسلة من السلوكيات المتهورة والمزعزعة للاستقرار، التي كان ينبغي أن تقرع أجراس الإنذار في جميع أنحاء البلاد، ولكن بدلاً من ذلك قوبلت تلك الأعمال المتهورة بمكافأة دبلوماسية من خلال عدم المبالاة”.

الباحث الأمريكي قال: إن “محمد بن سلمان احتجز رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، واعتقل العشرات من الأثرياء ورجال الأعمال وقايض حريتهم بمليارات الدولارات، وعمد إلى تعذيب واعتقال نشطاء وناشطات في حقوق الإنسان، وفرض الحصار على قطر، وقطع العلاقات مع كندا”.

وأشار إلى أن “بن سلمان كان يعتقد أن كل ذلك يمكن أن يمر من خلال بضعة مليارات لشراء السلاح من أمريكا، وخفض أسعار النفط”.

وبحسب قوله: إن “ترامب منح السعودية ومحمد بن سلمان شراكة في مشروع السلام بالشرق الأوسط الذي يقوده صهره ومستشاره جاريد كوشنر؛ وهو ما يجعلها مقايضة غير حكيمة وغير مستدامة”.

وذكر أنه “بفضل تهور محمد بن سلمان دخلت العلاقة الأمريكية السعودية مرحلة غادرة، وهي الأكثر صعوبة منذ 11 سبتمبر”.

وختم قائلاً: إن “على إدارة ترامب أن تعيد تقييم الوضع، وأن تضع أمام محمد بن سلمان محددات لسياسته الخارجية؛ منها عدم الدخول بمغامرات جديدة أو فرض حصار على دول خليجية أخرى كما فعل مع قطر، وأيضاً أن يسارع بالإفراج عن نشطاء حقوق الإنسان في السعودية، وأن تتم معاقبة فعلية للمتورطين بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي (قتل بقنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية في أكتوبر الماضي)”.