منذ 4 أعوام ونصف العام، قاد ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” تحالفا عسكريا ضد التمرد الحوثي في ​​اليمن، ما دفع المملكة إلى الحرب الأكثر كارثية في تاريخها الحديث. والآن، يتطلع إلى شقيقه الصغير، “خالد بن سلمان”، لإخراج شقيقه وبلاده من هذه الحرب.

وفي الأسبوع الماضي، سافر “خالد بن سلمان” إلى مسقط، بسلطنة عمان، لعقد اجتماع مع السلطان العماني “قابوس بن سعيد” لوضع الأساس لمحادثات رفيعة المستوى مع الحوثيين المدعومين من إيران، الذين سيطروا على القصر الرئاسي اليمني في يناير/كانون الثاني 2015، مما اضطر الرئيس المدعوم من السعودية، “عبدربه منصور هادي”، إلى الهرب من العاصمة صنعاء. ويمثل الاجتماع تتويجا لأكثر من 3 أعوام من المحادثات غير المباشرة خلف الأبواب المغلقة، التي كانت سرية في معظمها، بين المسؤولين السعوديين والحوثيين.

وقال وزير الخارجية اليمني السابق “أبو بكر القربي”، إن البعثة الدبلوماسية التي قادها الأمير الشاب إلى عمان ترسل “إشارة قوية” حول وجود تحول في سياسة المملكة، وتعكس “التزامها بتحقيق سلام شامل نهائي، وإدراكها أنه لا يوجد حل عسكري للصراع”.

وأضاف: “نأمل أن يأتي الأمير خالد برؤية جديدة لوضع حد لحرب مكلفة أدت إلى زعزعة كبيرة للاستقرار الإقليمي”.

وتم تكليف “خالد بن سلمان” من قبل شقيقه ولي العهد بالتفاوض على إنهاء الحرب، التي بدأت قبل نحو 5 أعوام، في وقت أصبحت فيه التكاليف السياسية والعسكرية والإنسانية للنزاع غير قابلة للاستمرار بشكل متزايد، حيث تصعد إيران من تعاونها العسكري مع الحوثيين، حتى في الوقت الذي تكافح فيه الرياض في صراعها الإقليمي على النفوذ مع طهران.

وتصاعدت الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن في أعقاب سلسلة من الهجمات على الأراضي السعودية، بما في ذلك هجمات بالطائرات دون طيار وقصف صاروخي على منشأتين نفطيتين سعوديتين، مما قلل مؤقتا إنتاج المملكة من النفط الخام إلى النصف وفضح هشاشة دفاعاتها.

وتبنى الحوثيون هذه الهجمات، لكن السعودية والولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى تقول إن إيران إما نفذت الضربات أو زودت الحوثيين بالأسلحة ودربتهم على استخدامها.

وأغرقت الحرب اليمن، الذي بالفعل أفقر بلد في الشرق الأوسط في بداية الصراع، في مستنقع من المرض والجوع، مع أكثر من 10 ملايين شخص معرضون لخطر المجاعة، وأكثر من 80% من سكان البلاد، أي نحو 21 مليون شخص، في حاجة للمساعدة الإنسانية.

وأدى الصراع، إلى جانب حادثة قتل الصحفي “جمال خاشقجي” العام الماضي، إلى تقويض علاقة الرياض بالكونجرس، وتقويض جهود ولي العهد في تصوير المملكة الخليجية باعتبارها دولة حيوية حديثة قادرة على مواكبة ثقافة العصر، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والدينية التي تصورها رؤية 2030.

وألقى ذلك بظلاله على خطط ولي العهد لإطلاق اكتتاب عام أولي لشركة “أرامكو” المملوكة للدولة، وهي شركة النفط الأكثر ربحية في العالم، وعرّض للخطر أحداثا دبلوماسية خاصة ذات مستوى عالي كانت المملكة الحديثة تسعى إليها، مثل قمة مجموعة العشرين، التي ستستضيفها الرياض لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

 

جديد في اللعبة

وتشكل هذه المبادرة الدبلوماسية اختبارا لـ “خالد بن سلمان”، صانع السلام الشاب الذي يفتقر إلى الخبرة نسبيا، والذي تم تعيينه سفيرا سعوديا في الولايات المتحدة في أبريل/نيسان 2017، عندما كان لا يزال في أواخر العشرينات من عمره، لكن فترة خدمته في واشنطن طغى عليها محاولات التعامل مع تداعيات مقتل “خاشقجي”. ووصفت صحيفة “واشنطن بوست” نفيه المتكرر لمسؤولية السعودية عن القتل بأنه “حملة أكاذيب ملحمية”.

وقال “جيرالد فيرشتاين”، السفير الأمريكي السابق في اليمن: “إنه جديد نسبيا في اللعبة. هو ذكي بما يكفي، ومن الواضح أنه قريب جدا من شقيقه، وأعتقد أن ذلك سبب وجوده الحقيقي، وأنه جاء ليتحدث نيابة عن والده وشقيقه”.

وفي فبراير/شباط، تم تعيين “خالد بن سلمان” نائبا لوزير الدفاع، حيث تولى مسؤولية إدارة حرب اليمن.

ويجب عليه الآن إتمام صفقة لإخراج المملكة العربية من حرب مدمرة، مع تصوير أي اتفاق على أنه انتصار سياسي لأخيه الأكبر، وفقا لأكثر من 10 مراقبين دبلوماسيين ومسؤولين أمريكيين وأجانب وخبراء تحدثوا إلى “فورين بوليسي” حول هذه القصة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، حقق “خالد بن سلمان” أول إنجاز دبلوماسي رئيسي له، حيث أشرف على ترتيب لتقاسم السلطة في اليمن يهدف إلى إنهاء القتال بين حكومة “هادي”، المدعومة من المملكة، والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة. ويراهن السعوديون على أن الصفقة يمكنها أن تقوي علاقات السعودية مع الإمارات، حتى يتمكن البلدان من تركيز اهتمامهما على مواجهة الحوثيين.

ويُنظر إلى “خالد بن سلمان”، الذي تدرب كطيار مقاتل في الولايات المتحدة، بين بعض المسؤولين الأمريكيين على أنه رجل سياسي مثقف يدرك تماما المعايير الغربية.

وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية في إشارة إلى “خالد بن سلمان”: “إنه يستمع بالفعل. ففي حين يستمع بعض الأشخاص دون اهتمام، يبدو أنه يأخذ ما يتم اقتراحه عليه بعين الاهتمام، وفي بعض النواحي يستخدمه، وربما حتى يعدل تفكيره بسبب اقتراح ما”.

ويرى آخرون أنه من الشخصيات السياسية التي يمكنها التأثير بشكل جيد داخل العائلة المالكة السعودية.

وقارن أحد كبار المسؤولين في الخليج العربي “خالد بن سلمان” مع مجموعات من أبناء العائلات الملكية في الأردن والمغرب، الذين اعتبرهم أكثر ذكاءً في الحكم والدبلوماسية الدولية.

لكن سمعة “خالد بن سلمان” في واشنطن تشوهت بسبب اتصالاته مع “خاشقجي” في الفترة التي سبقت اغتياله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.

وفي الأسابيع التي تلت اختفاء “خاشقجي”، شن “خالد بن سلمان” حملة من الإنكار المحموم نفى خلالها أن يكون للحكومة السعودية أي علاقة باختفاء “خاشقجي”، لكت كل ذلك تم تقويضه عندما ظهرت تفاصيل مقتله بشكل وحشي في القنصلية في وقت لاحق.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في ذلك الوقت، السيناتور الجمهوري “بوب كوركر”، إن السفير السعودي الشاب “لم يعد لديه أي مصداقية” بعد هذه الحادثة. وقد ترك “خالد بن سلمان” منصبه في فبراير/شباط، وسط غضب في “الكابيتول هيل” لم ينته بعد.

لكن دوره الأمير الشاب في تبرير مقتل “خاشقجي” لم يقلل من سمعته في السعودية، أو حتى في أجزاء من واشنطن؛ حيث واصل كبار مسؤولي إدارة “ترامب”، بمن فيهم وزير الخارجية “مايك بومبيو”، مقابلة “خالد بن سلمان” هذا العام.

 

استعداد للقيادة

ونشأ “خالد بن سلمان” في ظل شقيقه الأكبر، الذي تم تعيينه وليا للعهد من قبل والده الملك “سلمان” في يونيو/حزيران 2017، لكنه اتبع مسارا مختلفا تماما عن شقيقه الأكبر، فقد حصل على درجة البكالوريوس في علوم الطيران من أكاديمية الملك فيصل الجوية، قبل انضمامه إلى القوات الجوية الملكية السعودية. لاحقا، تدرب على قيادة الطائرات المقاتلة العسكرية في الولايات المتحدة، وقاد في نهاية المطاف طائرات أمريكية من طراز “إف-15” ضد تنظيم الدولة الإسلامية وفي الحرب في اليمن، قبل أن تُجبره إصابة في الظهر على التخلي عن قمرة القيادة.

ومنذ صعود أخيه، تم إعداد “خالد بن سلمان” للعب دور قيادي. وبعد إنهاء مسيرته الجوية، تم تعيينه مستشارا مدنيا كبيرا في وزارة الدفاع السعودية. وفي عام 2016، انتقل إلى واشنطن للعمل في السفارة الملكية والدراسة في جامعة “جورج تاون”. وبعد أن تم تعيينه سفيرا للمملكة في الولايات المتحدة، وهو أحد أهم المناصب الدبلوماسية في البلاد، أحضر معه الترف الذي تعود عليه في صغره إلى واشنطن، وانتقل للإقامة إلى قصر فخم بقيمة 12 مليون دولار خارج المدينة. وبحسب ما ورد، فقد أنفق 8 ملايين دولار خلال عامه الأول في العمل.

وبصفته سفيرا في واشنطن، كان “خالد بن سلمان” مسؤولا عن كل تفاعلات السعودية مع الولايات المتحدة، لكنه كان يركز بشكل خاص على سياسة الرياض في اليمن. وعندما تولى منصب نائب وزير الدفاع في وقت سابق من هذا العام، أصبحت الحرب أولويته الأولى.

وفي مناقشاته مع المسؤولين الأمريكيين بشأن الحرب المثيرة للجدل، كان الأمير الشاب “متقبلا” للمخاوف التي أثارها المشرعون الأمريكيون بشأن التدخل العسكري في اليمن، على حد قول مسؤول كبير في إدارة “ترامب”. لكنه قال إن وجود تنظيم على شاكلة “حزب الله” على حدود المملكة يعد “تهديدا وجوديا”، وهو الأولوية الأولى والثانية والثالثة بالنسبة للمملكة.

وأثار الكونجرس على مدار الأعوام الماضية عدة اعتراضات على تورط الولايات المتحدة في الحرب في اليمن، بما في ذلك بيع صواريخ موجهة بدقة للسعوديين والإماراتيين ودعم مهام التزود بالوقود.

وأدى ذلك إلى سلسلة من المواجهات رفيعة المستوى بين البيت الأبيض، غير الراغب في التنازل عن أي صورة من صور دعم المملكة ومواجهة إيران، وبين مجموعة من المشرعين من الحزبين الذين انتقدوا دور السعودية في اليمن وفي مقتل “خاشقجي”.

وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إن واشنطن أوقفت المساعدة في إعادة التزود بالوقود للتحالف الذي تقوده السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لكنها لا تزال تقدم دعما استخباراتيا محدودا ومشورة حول كيفية منع وقوع إصابات بين المدنيين.

وقال مسؤول كبير في إدارة “ترامب” إن “خالد بن سلمان” أقل اهتماما بالتأثير على تصويت الكونجرس حول سحب الدعم الأمريكي المتبقي، وهو الدعم الذي  لا يعد مهما في حد ذاته بقدر الرسالة السياسية التي سيرسلها قرار استمراره أو إيقافه.

وقال المسؤول: “هناك أغلبية من الحزبين، تملك القدرة على تجاوز حق الفيتو، تسعى لقطع الدعم الأمريكي للسعوديين، الأمر الذي يبعث برسالة سياسية مفادها أن هناك أخطاء واضحة”.

لكن “خالد بن سلمان” أوضح دائما للمسؤولين الأمريكيين أنه حتى إذا سحبت واشنطن دعمها للحرب في اليمن، فلن توقف الرياض حملتها، لأن “هذا هو أكبر تهديد لها”، على حد وصفه.

 

ضعف السعودية

ولأعوام، نجحت المملكة في تحمل موجات من النقد الدولي بسبب تعاملها مع الحرب في اليمن، بما في ذلك حملتها الجوية، وقصفها العشوائي للأهداف المدنية، والحصار المفروض على البلاد، وهي الأمور التي غذت الأزمة الإنسانية. لكن المراقبين الدبلوماسيين يقولون إن المملكة لم تبدأ التخلي عن إصرارها على الحرب حتى الهجوم الأخير على احتياطيات النفط السعودية.

وكشف الهجوم عن ضعف المملكة المتزايد جراء الحرب الجوية التي فرضت حتى وقت قريب تكاليف بشرية محدودة على المواطنين السعوديين. لكن موقف الرياض أصبح غير مقبول على نحو متزايد بعد قرار شريكها العسكري الرئيسي، الإمارات، سحب قواتها والسعي لإقامة سلام مع الحوثيين ومؤيديهم الإيرانيين. وقام السودان، الذي قدم نحو 40 ألف جندي إلى الحملة اليمنية، بسحب عدة آلاف من الجنود، معظمهم من قوات الدعم السريع شبه العسكرية، من اليمن. وسحب عضو آخر في التحالف، وهو المغرب، قواته بالفعل من اليمن في وقت سابق من هذا العام.

وأظهر الحوثيون، بدعم من إيران، قدرة متزايدة على النجاح في نقل الحرب إلى العاصمة السعودية وحقولها النفطية، وشنوا هجوما صاروخيا على مطار دولي في الرياض في مارس/آذار 2018. وفي سبتمبر/أيلول، استخدموا الطائرات بدون طيار لضرب منشآت النفط في “بقيق” و”خريص” وإخراجها من الخدمة، ما بعث صدمة في أسواق النفط العالمية، وخفض إنتاج المملكة من النفط إلى النصف. وادعى الحوثيون المسؤولية عن الهجوم، على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين والسعوديين يعتقدون أن الهجوم جاء من شمال المملكة، وتحديدا من إيران نفسها.

وبعد الهجوم، اختارت إدارة “ترامب” عدم استخدام القوة العسكرية للرد على التهديدات الإيرانية ضد حلفائها الخليجيين. وقد فاجأ هذا القرار بعض المسؤولين السعوديين، وفقا لبعض الخبراء. وكان هذا التردد الأمريكي بمثابة رسالة واضحة إلى السعوديين والإماراتيين بأنهم لا يستطيعون حقا الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان أمنهم، وبالتالي، فإن عليهم إيجاد طريقة لخفض تصعيد التوترات.

وقال مسؤول كبير في إدارة “ترامب” إن عدم استجابة الولايات المتحدة لهجوم “أرامكو”، مع استمرار جانب حملة “أقصى ضغط” من قبل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، زادت من الضغط على الرياض لإنهاء الحرب بالوكالة في اليمن.

وقال المسؤول إن المسؤولين السعوديين اتخذوا خطوات في الأسابيع الأخيرة للتواصل مع الإيرانيين مباشرة لمحاولة تخفيف التوترات.

وقال المسؤول إن “هدف السعودية الرئيسي الآن هو تقليص مشاركتها في اليمن، وتحييد الحوثيين، حتى تتمكن من التعامل مباشرة مع إيران”.

وبعد هجمات أرامكو – بحسب ما قال المسؤول – أدرك السعوديون أن الرياض، وليس واشنطن، هي من سيتحمل العبء الأكبر لحملة “ترامب” الاقتصادية ضد طهران.

 

القنوات الخلفية

ومنذ بداية الحرب، كانت السعودية مترددة في الانخراط مباشرة في محادثات مع الحوثيين، تاركة الأمر لوسطاء الأمم المتحدة لمواصلة المحادثات بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين.

ودعم السعوديون إلى حد كبير قرار مجلس الأمن الصادر في أبريل/نيسان 2015، الذي اعترف بالرئيس “هادي” كزعيم شرعي لليمن، وطالب الحوثيين بتسليم الأراضي التي سيطروا عليها، وتسليم أي أسلحة استولوا عليها خلال اجتياحهم العسكري لصنعاء.

ومع ذلك، مع مرور الوقت، أصبح “واضحا، ليس للسعوديين فقط، بل وحتى للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، أن القرار رقم 2216 لم يكن واقعيا، وكان غير قابل للتنفيذ”.

وفي الوقت نفسه، أنشأ السعوديون بهدوء قناة خلفية سرية للوصول مباشرة إلى الحوثيين عند الحاجة.

وافتتح “محمد الجابر”، سفير المملكة لدى اليمن، مناقشات مع كبير مفاوضي الحوثيين، “محمد عبدالسلام”، على هامش محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في الكويت عام 2016.

وأسفرت هذه المحادثات عن اتفاق لوقف الأعمال العدائية وإنشاء لجنة للتخفيف من حدة التصعيد والتنسيق اجتمعت مدينة الظهران الجنوبية بجنوب المملكة، حيث كان على المسؤولين الحوثيين واليمنيين مراقبة الالتزام بوقف الأعمال القتالية.

لكن هذا الترتيب سرعان ما تلاشى بعد أن شن الحوثيون هجوما صاروخيا على المنشآت السعودية في يناير/كانون الثاني 2017، مما وضع القناة الدبلوماسية في وضع “التجميد”.

وفي الوقت نفسه، استمرت الولايات المتحدة وبريطانيا في الضغط على السعوديين والحوثيين لإعادة فتح المحادثات، مع استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية. وقام سفير المملكة المتحدة في اليمن، “مايكل آرون”، بتمرير الرسائل ذهابا وإيابا بين السعوديين والحوثيين، وفقا لـ 3 مصادر دبلوماسية اطلعت على الاتصالات.

وواصل “خالد بن علي الحميدان”، المدير العام للمديرية العامة للمخابرات السعودية، تبادل رسائل “الواتساب” مع “عبدالسلام”.

وفي سبتمبر/أيلول، سافر “حسين العزي”، نائب وزير الخارجية الحوثي بحكم الواقع، برا إلى العاصمة العمانية مسقط، التي كانت بمثابة قاعدة دبلوماسية غير رسمية للحوثيين، وفقا لمصدر دبلوماسي.

وأضاف المصدر أن الحكومة البريطانية، في الوقت نفسه، ساعدت في ترتيب رحلة له إلى عمّان بالأردن حيث التقى مع نائب “الحميدان”.

وبعد وقت قصير من اجتماع عمّان، وتحديدا في 20 سبتمبر/أيلول، أعلن الحوثيون إيقاف جميع الهجمات عبر الحدود ضد المملكة، وتعهدوا بجعله وقفا دائما إذا وعد السعوديون بوقف الضربات الجوية.

ولم يوافق السعوديون على وقف الضربات الجوية، لكنهم قللوا من عدد الهجمات الجوية على أهداف الحوثيين. ومن جانبهم، استمر الحوثيون في شن الهجمات ضد المصالح السعودية. على سبيل المثال، استولت قوات الحوثي مؤخرا على سفينة سعودية، إلى جانب سفينتين أخريين، في البحر الأحمر.

وكان الحوثيون والسعوديون على اتصال دائم عبر الفيديو “فيديو كونفرانس” خلال الشهرين الماضيين، وفقا لتقرير صادر عن وكالة “أسوشيتيد برس”.

وقال التقرير إن الجانبين يناقشان إمكانية إعادة فتح مطار اليمن الرئيسي في صنعاء، وإنشاء مناطق عازلة بين الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن والحدود السعودية، والسعي لإلزام الحوثيين بالنأي بأنفسهم عن إيران.

وقال مصدران دبلوماسيان إن مسؤولين سعوديين وحوثيين كبارا عقدوا محادثات مباشرة في مسقط، على هامش اجتماع “خالد بن سلمان” مع السلطان “قابوس”.

واستقبل المراقبون الخارجيون للشأن السعودي اليمني، الذين سأموا من خوض حرب بلا نهاية، هذه الأخبار بإيجابية.

وقال “فيليب نصيف”، من منظمة العفو الدولية: “لقد وصلنا إلى هذه النقطة لأن السعوديين والإماراتيين يواجهون سلسلة من العقبات غير المتوقعة في التدخل اليمني، بما في ذلك الحقيقة البسيطة المتمثلة في عدم وجود تقدم عسكري يمكنه تغيير الوضع الراهن لصالحهم”.

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات “أنور قرقاش”: “يجب أن يأخذ الاتفاق في الاعتبار التطلعات المشروعة لجميع أجزاء المجتمع اليمني. ويشمل هذا الحوثيين. لقد ألحقت ميليشيات الحوثيين الدمار بالبلاد، لكنهم جزء من المجتمع اليمني، وسيكون لهم دور في مستقبله”.

وأغضبت تلك القناة الخلفية بعض المسؤولين في الحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية، والذين تم تجاهلهم إلى حد كبير في تلك المحادثات.

كما همشت تلك القناة وسيط الأمم المتحدة، “مارتن غريفيث”، على الرغم من أن “غريفيث” قد دعم العملية إلى حد كبير، على أساس أنها قد تساعد في إعطاء زخم لجهود الوساطة التي يبذلها.

وقال مصدر يمني رفيع المستوى: “لقد تم إخراج الحكومة اليمنية من الصورة. وفي رأيي يعد هذا أمرا خطيرا للغاية”، مضيفا أنه من الأهمية بمكان الحفاظ على دور الأمم المتحدة كوسيط رئيسي.

وأكد: “إذا لم يتم كل شيء بالشراكة مع الحكومة اليمنية، فسوف ينتهي الأمر بانزلاق اليمن إلى صراع أشد عمقا”.

ويظل المسؤولون الأمريكيون أكثر تفاؤلا بشأن احتمالات السلام. لكنهم غير مستعدين للجزم بالأمر.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: “لا أحد يريد أن يكون متفائلا للغاية، لكنني أعتقد أن كل شخص أعرفه يقول إن الأمر يسير في الاتجاه الصحيح”.