أعلن المركز الوطني للتخصيص والمؤسسة العامة للحبوب انتهاء المرحلة الثانية والأخيرة من عملية تخصيص قطاع مطاحن إنتاج الدقيق، وذلك بعد إعلان الخصخصة الكاملة لخطوط أنابيب أرامكو.

وصرحت المؤسسة أن العملية شملت “طرح كامل الحصص في شركتين من شركات المطاحن الأربعة”، وهما شركة المطاحن الثانية وشركة المطاحن الرابعة، “لمستثمرين استراتيجيين من القطاع الخاص”، انتهت بتقديم العروض المالية بتاريخ 19 أبريل 2021.

وأعلنت بأن تحالفًا لشركة أبناء عبدالعزيز العجلان للإستثمار التجاري والعقاري وشركة الراجحي الدولية للإستثمار وشركة نادك وشركة اولام العالمية قدم أعلى عرض لشراء الشركة الثانية، بحوالي ملياراي ريال سعودي.

وأما الشركة الرابعة فقد اشتراها تحالف بين آلانا الدولية وشركة أسواق عبد الله العثيم والشركة المتحدة لصناعة الأعلاف، بمبلغ قدره 859 مليون ريال سعودي.

وهذا بعد أن أتمت المؤسسة المرحلة الأولى من عملية التخصيص في ديسمبر 2020، حيث بيعت شركة المطاحن الأولى بمقدار ملياري ريال سعودي والشركة الثالثة بمبلغ 750 مليون ريال سعودي، ليصل المبلغ الكلي المستحصل من بيع الشركات الأربع إلى قرابة ستة مليار ريال سعودي.

ومن الجدير بالذكر أن عملية الخصخصة هذه بدأت في 2009 مع دراسة تخصيص قطاع الصوامع والمطاحن، وأوصى المجلس الاقتصادي الأعلى (سابقًا) باستراتيجية التخصيص في عام 2011 عبر جمع كافة عملياتها تحت أربع شركات طحن، وتفعيلها كمنظم لقطاع القمح والدقيق، لتبدأ العملية في 2017 بتأسيس الشركات الأربع.

وقد أعلن مجلس الوزراء عن تصديقه على نظام التخصيص الذي من المفترض له تسريع عملية الخصخصة لحوالي 16 قطاعًا حكوميًّا، بدعوى أنه سيساهم في زيادة حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص الملكية بأسلوب شفاف وعادل.

وجاور هذه الإعلانات المزايدة عن الالتزام بالشفافية، غموضٌ في طبيعة الكيفية التي أدخل بها القطاع الخاص المحلي في عملية الخصخصة مع شكوكٍ بأن الشركات المحلية أقحمت فيها إما بالقوة أو بالضغط والتهديد.

وما يبعث بهذه الشكوك هو ما مارسته السلطات السعودية سابقًا من احتجاز لرجال الأعمال بدعوى مكافحة الفساد، حيث تعرضوا للتعذيب الشديد، ومن ثم إجبارهم على تحويل أصول شركاتهم للدولة تحت تصرف ولي العهد محمد بن سلمان، دون أن يتضح مقدار هذه الأموال وكيف دخلت في ميزانية الدولة أو كيف تم صرفها أو حتى ادعاءات الفساد الموجهة إليهم.

 

خصخصة أرامكو بعد اعتقال المنتقدين

بدورها أعلنت شركة أرامكو السعودية إبرام صفقة مع ائتلاف بقيادة إي آي جي غلوبال إنرجي بارتنرز (إي آي جي)، أحد أبرز المستثمرين العالميين في البنى التحتية في قطاع الطاقة، لاستئجار وإعادة تأجير متعلقة بشبكة خطوط أنابيب أرامكو السعودية للزيت الخام المركّب.

وبحصولها على مبلغ يُقدّر بحوالي 12.4 مليار دولار (45 مليار ريال سعودي)، ستحصل”شركة أرامكو لإمداد الزيت الخام”، التي أنشئت مؤخرًا، على حقوق استخدام شبكة خطوط أنابيب الزيت الخام المركّز من أرامكو السعودية لمدة 25 سنة، مع احتفاظ أرامكو السعودية بحصة الأغلبية في الشركة الجديدة (51%)، وللائتلاف حصة 49% فيها.

وأضافت أرامكو السعودية أن الصفقة تقتصر على التأجير ولن تمس بملكية شبكة خطوط الأنابيب ولن تغير من التحكم بالسيطرة التشغيلية التي ستظل في يدها.

وهذه هي الصفقة الأولى منذ الطرح الأولي لاكتتاب أرامكو في عام 2019 بعد أن تكرر تأجيله، وجمعت فيه الشركة حوالي 96 مليار ريال سعودي، ورغم أنها كانت أكبر حصيلة أولية لاكتتاب في العالم، إلا أنه لم يدنو التوقعات الأولية للسلطات السعودية.

وبعد انهيار سعر أسهم أرامكو مع بداية الجائحة العام الماضي من 32 إلى 26 ريال سعودي للسهم، عاود الارتفاع مرةً أخرى مع نهاية العام ليبلغ 35 ريال.

ولم يأتي قرار خصخصة أرامكو دون أن يتعرض للنقد العلني رغم أجواء الخوف والترهيب التي سادت في المملكة.

وأبرزها كان نقد الاقتصادي ورجل الأعمال عصام الزامل: “بعيداً عن المجاملات والكلام المبهم: النفط ملك كل الشعب. وقرار بيع النفط تحت الأرض يفترض ألا يتم إلا بموافقة الجميع، وفي ظل غياب إعلام حرّ قادر على التعبير عن الناس بشكل حقيقي. فحتى الاستفتاء العام لأخذ موافقة الشعب لبيع النفط لن يكون مجدياً”.

وأتبع قائلًا: “لذلك، لا أعتقد أنه من العدل ولا المنطق أن يتم بيع نفطنا تحت الأرض في صفقة تجارية في الوقت الحالي، لو تم بيع النفط كله الآن وأخذنا فلوسه كاش، وفشلنا في تنويع الاقتصاد مرة أخرى وهذا محتمل، فبعد عشرين سنة لن يكون لدينا تنويع اقتصاد ولا نفط”.

واعتقل الزامل على خلفية هذه الانتقادات ووجهت إليه عدد من الدعاوى منها “الطعن والتشكيك في سياسات وقرارات الدولة” و”وصف الدولة بالظلم” و”السعي لإثارة الفتنة في المملكة عبر حسابه في تويتر”، حسب ما أفادت منظمة القسط لحقوق الإنسان.

وعلى خلفية ذلك علق حزب التجمع الوطني في إعلان موقفه من الوضع الاقتصادي في البلاد بأن السلطات تحرم “كل كلمة حرة تقترح حلًّا اقتصاديًّا، أو تضع رؤية لمواجهة الأزمات التي صنعها سياسي جاهل”.