سيتعين على السعودية إعادة ضبط علاقتها الثنائية مع الولايات المتحدة تحت إدارة “بايدن”.

على مدى السنوات الأربع الماضية، بنى ولي العهد “محمد بن سلمان”، و”جاريد كوشنر”، علاقة خالية من القيمة الإستراتيجية طويلة المدى.

كان هذا الالتقاء بين واشنطن والرياض في صالح “محمد بن سلمان”.

على سبيل المثال، تجاهلت إدارة “ترامب” إلى حد كبير مقتل الصحفي “جمال خاشقجي”، وحرب اليمن والكارثة الإنسانية التي أعقبت ذلك، والانتهاكات الممنهجة لناشطات حقوق المرأة من أجل زيادة مبيعات الأسلحة، ولبناء حاجز ضد إيران.

من المتوقع أن تقوم إدارة “بايدن” بمراجعة أساسيات العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية من خلال عدسة حقوق الإنسان والحكم الرشيد والأسواق المفتوحة والقلق المشترك بشأن استقرار الشرق الأوسط.

بينما يجب على الرياض أن توازن بين المصالح الروسية والصينية، يبقى المستقبل الاقتصادي والسياسي للمملكة مع واشنطن إذا كانت العائلة المالكة السعودية تأمل في تلبية تطلعات سكانها الشباب.

 

فيما يلي 3 فرص لإعادة تنظيم العلاقات الأمريكية السعودية.

أولاً، يجب على السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، من خلال اتباع نهج الإمارات والبحرين والسودان.

يحرص مجتمع الأعمال السعودي بشكل خاص على إقامة علاقات تجارية مع إسرائيل في قطاعات الزراعة والرعاية الصحية والمياه والتكنولوجيا.

ومن شأن التطبيع السعودي الإسرائيلي أن يعطي دفعة اقتصادية وسياسية هائلة لكلا البلدين ويقلب فصل العلاقات العربية الإسرائيلية في القرن العشرين.

يمكن لمثل هذا الاختراق الدبلوماسي أن يزعج الديناميكيات السياسية الفلسطينية بطريقة تفتح الطريق نحو تسوية عادلة للصراع بين جميع الأطراف.

من الواضح أن التطبيع السعودي الإسرائيلي في وقت مبكر من إدارة “بايدن” سيقطع شوطًا طويلاً في التخفيف من شكوك الحزبين في الكونجرس وبين صانعي سياسات الأمن القومي ذوي الميول الديمقراطية.

ثانيًا، تمنح إدارة “بايدن” القادمة السعودية فرصة للخروج من حرب اليمن، وهو صراع أتي بنتائج عكسية وكان مكلفا.

وبالطبع يوجد للمملكة مخاوف أمنية مشروعة في اليمن، بما في ذلك الاستقرار على طول جناحها الجنوبي وما يتعلق بالشحن دون عوائق عبر مضيق باب المندب.

لكن بعد سنوات من الحرب، لم تحقق الرياض أهدافها الاستراتيجية. وبدلاً من ذلك، تسيطر ميليشيا الحوثي المتمردة على 80% من السكان – بما في ذلك العاصمة صنعاء – وتحتفظ بالقدرة العسكرية لشن ضربات في عمق الأراضي السعودية.

لقد دفع الحوثيون الاقتصاد إلى الانهيار، وفشلوا في الحكم، وهم مسؤولون إلى حد كبير عن الكثير من المعاناة المروعة للشعب اليمني.

لكن مشكلة اليمن، في جوهرها، حرب أهلية داخلية سيحلها اليمنيون أنفسهم.

من خلال حث “بايدن”، يمكن للمملكة إعادة ضبط سياستها في اليمن للتخفيف من تهديدات الحوثيين من خلال الانسحاب من الصراع وفتح قنوات اقتصادية أعمق مع جارتها الجنوبية.

لسوء الحظ، في الأيام الأخيرة لرئاسة “ترامب”، دفع السعوديون الإدارة لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.

كما لاحظت “مجموعة الأزمات”، فقد ورد أن وزير الخارجية “مايك بومبيو”، على وجه الخصوص، يرى في التصنيف وسيلة أخرى للضغط ضمن حملة “الضغط الأقصى” الأمريكية ضد إيران.

إن تصنيف “بومبيو” خطأ، فهو لا يضعف الحوثيين بل يمنع الاتصال الدبلوماسي الضروري للتفاوض، ويخاطر بتقديم المساعدات المنقذة للحياة للفئات الأكثر ضعفاً.

إذا أراد السعوديون الخروج من اليمن، فستحتاج الرياض إلى كل المساعدة التي يمكن أن تحصل عليها من المجتمع الدولي.

إن مسرحيات اللحظة الأخيرة لإدارة “ترامب” المغادرة غير مفيدة إذا كانت إدارة “بايدن” القادمة على استعداد لاتخاذ قرار بشأن المزيد من مبيعات الأسلحة إلى المملكة، سواء فيما يتعلق بحرب اليمن أو على نطاق أوسع.

تعطي نتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني السعودية مبرراً قوياً للخروج من الحرب التي خسرتها بالفعل.

أخيرًا، بينما تجاهلت إدارة “ترامب” سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، سيطالب الرئيس المنتخب “بايدن” بمعايير أعلى.

من الواضح أن السعودية لديها مجال لتسريع إصلاحاتها الداخلية، بالرغم من أن النقاد يجب أن يعترفوا بالسرعة المذهلة لسياسات التحرر الأخيرة للمملكة.

لقد تحولت الحياة في الرياض وجدة في غضون سنوات قليلة. التغيير مذهل. ومع ذلك، لا يزال هناك المزيد للقيام به.

يمكن للسعوديين البدء بالإفراج عن السجناء السياسيين المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحرية التعبير وتكوينهم للجمعيات.

يمكن للمملكة أيضًا اتخاذ مزيد من الخطوات لبناء قضاء مستقل خالٍ من التدخل السياسي.

إن تعزيز سيادة القانون سيؤذن ببزوغ فجر جديد لمواطني دول الخليج والمنطقة والمستثمرين.

من المرجح أن تتبنى إدارة “بايدن” سياسة خارجية قائمة على القيم.

تعد السعودية حليفًا مهمًا – وكانت موجودة منذ أجيال – لكن العلاقات الدبلوماسية تعثرت لصالح رسائل “كوشنر” و”محمد بن سلمان” على “واتساب” في عهد الرئيس “ترامب”، ويجب إحداث تغيير في هذه العلاقة الاستراتيجية.

يجب على إدارة “بايدن” أن تحث المملكة لعقد صفقة تطبيع مع إسرائيل، وعلى إنهاء مشاركتها في حرب اليمن، وتسريع إصلاحاتها الداخلية لصالح السعوديين والأمريكيين والعالم.