كشف الصحفي الأمريكي “جرايم وود” بمجلة “ذا أتلانتك” التي أجرت مقابلة الأسبوع الماضي مع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، عن تعرض مقاله لعمليات تحريف واسعة في وسائل الإعلام السعودية الرسمية.

وقال عن ذلك: “صباح الخميس، بعد نشر ملفي الشخصي عن محمد بن سلمان في عدد أبريل/نيسان من مجلة ذي أتلانتيك، بدأت آلة الدعاية السعودية في العمل”.

وأضاف: “بالنسبة لبقية اليوم، كانت هناك محاولة إخفاء الأجزاء غير المريحة (في مقالتي، قدمت ملاحظات عديدة من شأنها أن تسجن صحفيًا سعوديًا أو ما هو أسوأ)، وتضخيم الأجزاء التي أحبتها الحكومة، والكذب بشكل مباشر”.

وتابع: “أخبرني اثنان من المطلعين السعوديين أن وصولي إلى المملكة انتهى بعد نشر القصة، وأن ولي العهد لن يراني أبدا مرة أخرى”.

كما سربت الحكومة إلى قناة “العربية” الإخبارية السعودية نسخة محررة – ومنسقة – من المقابلة التي أجريتها مع “بن سلمان” جنبًا إلى جنب مع رئيس تحرير “ذي أتلانتك” “جيفري جولدبرج”.

وأوضح أن التعديلات السعودية الرسمية كانت مفيدة؛ “لأن المقارنات الوثيقة بين نسخهم وما قيل في الواقع ستوجهك إلى ما يرغب الفريق الإعلامي لولي العهد في حظره؛ وهو دليل برعاية الحكومة على الأجزاء المثيرة للمقابلة”، بحد قوله.

اختلافات في المقابلة

وفيما يلي بعض الاختلافات:

“لقد ضغطنا على محمد بن سلمان بشأن مقتل كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي، وقدم بن سلمان عددًا من المزاعم الغريبة والغريبة – بما في ذلك فكرة أنه لم يأمر بقتل خاشقجي ولكن إذا أرسل فرقة اغتيال، سيرسل مجموعة من الدرجة الأولى، وليس بهلوانات في إسطنبول”.

وقال “بن سلمان” حرفيا: “إذا كنت ستجري عملية أخرى من هذا القبيل، بالنسبة لشخص آخر، يجب أن تكون محترفة، ويجب أن تكون واحدة من أفضل 1000 عملية”.

واكتشف السعوديون ملاحظات “لو فعلت ذلك” وقاموا بتغييرها إلى “إذا افترضنا من أجل الجدل أننا سنذهب لعملية من هذا القبيل، لكان من الممكن أن يكون شخصًا محترفًا أعلى القائمة”، النسخة العربية تضيف: “لا قدر الله” (لا سمح الله).

خلال المقابلة، ادعى “بن سلمان” أنه لم يقرأ أبدًا مقالًا عن خاشقجي، الذي كان معارضًا بارزًا للغاية، وقد التقيا شخصيًا. وهنا يتراجع النص السعودي عن هذا الادعاء غير المعقول، ويقول إنه لم يقرأ مطلقًا مقالا كاملا لـ”خاشقجي”.

سألنا كيف يمكن لـ”بن سلمان” أن يبرر سجن أولئك الذين خالفوا الحصار شبه الكامل لقطر بعد أن عكس هو نفسه سياسته تجاه الدوحة، لكن بقي السؤال دون تفسير.

وقال إن قطر وبلاده الآن “قريبون جدًا جدا” ، لكنه أخبرنا أن السعوديين الذين دعموا قطر أثناء المقاطعة كانوا مثل الأمريكيين الذين ربما دعموا النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.

وعن سؤال “ماذا تعتقد (كان سيحدث) إذا كان شخص ما يمتدح ويحاول الدفع من أجل هتلر في الحرب العالمية الثانية؟”، يمحو النص السعودي المقارنة بين نظيره القطري، الضيف الأخير في قصر “بن سلمان” على البحر الأحمر.

وتوسع “بن سلمان” في مسألة الشريعة الإسلامية، وأخبرنا أنه حتى الجرائم التي تكون عقوبتها فرضًا إلهيًا لن تتم ملاحقتها بشدة.

وقال: “حتى لو كان هناك عقاب إلهي على الزنا، فإن الطريقة التي يجب أن نحاكم بها هي كما فعل النبي. يجب ألا نحاول البحث عن أشخاص وإثبات التهم الموجهة إليهم. عليك أن تفعل ذلك بالطريقة التي علمنا بها النبي كيف نفعل ذلك”.

يمحو النص الرسمي هذا التعليق، الذي من شأنه أن يثير حنق الإسلاميين؛ لأنه يدعو إلى التساؤل عن وجهة نظر تجريم الجرائم العتيقة مثل الزنا على الإطلاق، بحسب الصحفي.

وقال: “سألت عما إذا كان سيتم بيع الكحول بشكل قانوني في المملكة العربية السعودية، ولم أتلق أي رد. في هذه الحالة، تم حذف كلماتي من النص، على الأرجح لأن رفضه الإجابة على هذا السؤال يوحي بأن مثل هذا التغيير ممكن”.

وأضاف: “قام العديد من السعوديين البارزين بالتغريد بشكل إيجابي حول المقال وبالتالي أظهروا أنهم لم يقرأوه”.

وختم الصحفي الأمريكي بقوله: “لا يمكن للكاتب أن يمنع المستبد من إدارة عمله من خلال آلة الدعاية. لكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي أبدًا الكتابة عن المستبدين أو طرح الأسئلة عليهم. إن حقيقة محاولتهم استعادة الاقتباسات واختراع القصص غير الموجودة تظهر أنهم يخشون القصة الموجودة بالفعل، وهذا يُظهر أوهام قائدهم واحترامه لذاته بكلماته الخاصة”.

وأجرى “بن سلمان”، حوارا نشر الخميس، مع مجلة “ذا أتلانتك”، تطرق خلاله إلى قضايا عدة تتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية للمملكة ورؤيته تجاه الدين والاقتصاد والحكم وغيرها من الموضوعات التي أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الإعلامية والاجتماعية السعودية.