عندما تحدث السعودي “سلطان” (اسم مستعار لدواع أمنية)، عن صديقه الصحفي “جمال خاشقجي” الذي قُتل بوحشية في القنصلية السعودية باسطنبول عام 2018، وطريقة تفكير ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وطموحه في السلطة، بدا عليه التوتر والقلق.

“سلطان”، الذي يعيش الآن في منفاه بأستراليا، نقل عنه موقع “إي بي سي” الأسترالي في تقرير يتناول كيفية صعود “بن سلمان” إلى قمة السلطة في السعودية، تبريره لهذا التوتر، وهو خوفه على عائلته التي لا تزال في المملكة، وكذلك تخوفه من أن يكون “جمال” آخر (في إشارة إلى جمال خاشقجي).

التقرير نقل عن الصحفية والمحررة السابقة في وول ستريت جورنال “كارين إليوت هاوس” قولها إن “صعود بن سلمان إلى القمة لم يكن مضمونًا على الإطلاق فقد كان هناك 5 إخوة أكبر منه”.

إلا أن “كارين” والتي كتبت عن السعودية لأكثر من 4 عقود وأجرت مقابلات مع ولي العهد عدة مرات، لفتت إلى أن بقاء “بن سلمان” بجوار والده في ظل انشغال البقية، عمّق رابطته به وفتح الطريق أمامه لولاية العهد والحكم الفعلي للمملكة. وقالت “لقد كان يذهب معه إلى كل مكان تقريبا”.

يتحدث التقرير عن نشأة “بن سلمان” ويذكر أنه بعد دراسته القانون أصبح مستشارا لوالده، الذي كان متوليا إمارة العاصمة الرياض حينها.

يعود التقرير للنقل عن “سلطان” الذي أشار إلى أنه في عهد الملك السابق “عبدالله” كان بن سلمان “معزولا ومطرودا من الديوان لسوء سلوكه كأمير شاب، ولذلك عندما عاد بدا مشحونا وكأنه يقول أنا المسؤول الآن”.

وعندما تم تعيينه وزير للدفاع أطلق الحرب في اليمن، حيث لقي أكثر من 300 ألف شخص حتفهم في هذه الحرب، سواء بشكل مباشر من الضربات الجوية أو بشكل غير مباشر بسبب الجوع أو المرض.

وفي عام 2017، حصل “محمد بن سلمان” على الترقية التي كان يتوق إليها، حيث أعلن الملك “سلمان” عن تعديل وزاري كبير، ليصبح “محمد بن سلمان” ولي عهد السعودية.

وعندها قام بشيء استثنائي، حيث احتجز مئات من أقوى الشخصيات في السعودية – بما في ذلك أفراد الأسرة – في فندق ريتز كارلتون، وكان يريد من هذه الخطوة، حسب التقرير، أن يقول إنه “القائد الفعلي للبلاد”.

ويرى “سلطان” أن الحدث الأكبر في مسيرة ولي العهد، هو مقتل “خاشقجي” بهذه الطريقة البشعة، لكن “محمد بن سلمان” ادعى في المقابلات أنه ضحية في القضية برمتها، فيما يقول سلطان في حديثه للموقع إنه يتمنى لو نصح “خاشقجي” بعدم الذهاب للقنصلية.

يحكي سلطان جانبا مما تعرضه له بدوره، حيث ورده استدعاء من أمن الدولة بشكل فجائي، وحينها أدرك أن عليه مغادرة البلاد في الحال، وخلال 24 ساعة، غادر دون أن يودع أسرته، ومع ذلك لا زال يتملكه الخوف حتى بعد وصوله إلى أستراليا.

ومع ذلك، يذهب التقرير إلى أن “بن سلمان” يملك شعبية محلية رغم كل ما سبق، خاصة بين الشباب السعودي، ويرجع ذلك لما قام به من تغييرات وإصلاحات في المملكة المحافظة، وهو ما يؤكده “سلطان” بقوله إن العديد من الشباب السعودي “يحبون محمد بن سلمان”.

يشير التقرير إلى أن هذه الإصلاحات التي عززت شعبيته لدى شريحة من الشباب السعودي، جاءت متزامنة مع قمع شديد للمعارضة، وهو بذلك “يريد السيطرة الكاملة على المجتمع، لخشيته من إحداث أي نوع من الاضطرابات الداخلية”.

طموح “بن سلمان” هائل، وهو يسعى لتحقيقه دون مواجهة بعض الحقائق التي تحول دون تنفيذ تلك الطموحات، وهو يأمل أن يكون ملكا لخمسين أو ستين عاما.

يضيف “سلطان” في ختام التقرير “محمد بن سلمان يريد أن يُذكر في التاريخ بأنه الرجل الذي تخلص من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وباعتباره الرجل الذي أخرج البلاد من العصور المظلمة (..) لكن في السعودية، لا يوجد شيء مؤكد وهو يعرف ذلك، ولذا أحاط نفسه بالمرتزقة لحمايته”.